أخوتي أعضاء منتدى بلي الكرام بعد اللقاء السابق مع الشاعر العذب ابن زيدون يتشرف منتدانا بأنه أجرى آخر لقاء مع الشاعر الكبير وفيلسوف العربية أبو العلاء المعري قبل وفاته بأيام ليسجل سبقا صحفيا بين جميع المنتديات , كان اللقاء من إخراج المتألق دائما أبو أسامة وأجراه زميلنا ( المبدع )
نترككم مع اللقاء والذي كان في منزله .
أبوالعلاء أهلا بك في هذ االلقاء وبداية نسألك عن بطاقتك الشخصية
أشكركم , اسمي أحمد بن عبدالله بن سليمان القضاعي التنوخي
مولدك ونشأتك
ولدت في قرية المعرة بالشام عام 363هـ وبذلك نسبت إليها
حدثنا عن الظروف التي أثرت بحياتك منذ الصغر
أصابني مرض الجدري في سن الثالثة فقدت على أثره بصري وعمري
أربع سنوات ثم توفى والدي وعمري أربع عشرة سنة
متى كان عمرك عند بداية كتابتك للشعر
أحد عشر عاما
أين كانت رحلاتك في طلب العلم
في بلاد الشام قاطبة وبغداد حيث تعد وجهة أساسية لمن يطلب العلم
نريد أن تحدثنا عن الألقاب التي لقبت بها
( شاعر الفلاسفة وفيلسوف الشعراء) , كما لقبت بـ(رهين المحبسين )
حيث عدت من بغداد عام 400هـ إلى المعرة فوجدت أمي قد توفت ضاقت علي الأرض فالتزمت داري ولم أغادره إلامرة واحدة قبل أشهر
من الآن , فلذلك سموني رهين المحبسين لأني حبست نفسي في داري
والثانية حبس بصري بالعمى ,
وما هي المناسبة التي جعلتك تخرج من منزلك قبل أشهر
حدث تمرد في قريتنا هذه ضد صاحب حلب أسد الدولة صالح بن مرداس
فخرج بجيشه لمهاجمتنا فطلب الناس مني الوساطة فخرجت وقلت ...
قضيت في منزلي برهة ستير العيوب فقيد البصر ... فلما مضى العمر إلا الأقل وهم لروحي فراق الجسد
بعثت شفيعا إلى صالح وذاك من القوم رأي فسد ... فيسمع مني سجع الحمام وأسمع منه زئير الأسد
فقال أسد الدولة صالح بل نحن الذين يسمع منا سجع الحمام ونسمع
منه زئير الأسد ثم أمر بخيامه فوضعت ورحل عن المعرة وله شكري .
لك كتبا خالدة تعد تحفة فنية رائعة حدثنا عنها
سقط الزند :جمعت فيه شعري في شبابي
رسالة الغفران : التي تأثر بها دانتي في الكوميديا الإلهية
لزوم مالايلزم : وجمعت فيه شعري في كهولتي بلغ13 ألف بيت
الفصول والغايات : تمجيد الله عز وجل
لك قصة شهيرة مع الشاعر المرتضى في بغداد حدثنا عنها
المرتضى شاعروأحد وجهاء بغداد يجتمع في مجلسه الأدباء ولكن يعاب عليه انتقاصه دائما لشعر المتنبي فكلما ذكر المتنبي أخذ ينتقد شعره وهو يعلم تعصبي للمتنبي فقلت ( لك يامنازل في القلب منازل )
لو لم يقل المتنبي إلا هذه لكفته , فغضب وأمر غلمانه بطردي فعندما
لامه من في المجلس قال إنه يقصد قول المتنبي
إذا أتتك مذمتي من ناقص .... فهي الشهادة لي بأني كامل
عرف عنك كرهك للخمر رغم انتشاره في عصرك اذكر لنا بيتا في ذلك
لم أتناول الخمر في حياتي وقد قلت فيه
إياك والخمر فهي خالية .... غالبة خاب ذلك الغلب
يقولون من نبل أخلاقك أنك لاتكتسب المال بشعرك رغم حاجتك
( لا أطلب الأرزاق والمولى يغيض علي رزقي إن أعطى بعض القوت
أعلم أن ذلك فوق حقي )
أبو العلاء أنت أشهر النباتيين ولكن بعضهم استغل ذلك وطعن بك
بالفعل أنا لا أتناول اللحم والبيض واللبن وأكتفي بالفواكه والخضار
ثم إن دخلي السنوي قليل جدا يأتيني من الوقف لا يكفي لي ولخادمي
وكما تفضلتي استغله الحاقدين للطعن بي
بصراحة أبو العلاء اتهمت بالزندقة فما قولك
أصدقكم القول كان ذلك في بداية شبابي ويوجد في كتاب سقط الزند
ما يدل على ذلك ولكن تبت والدليل ماذكرت في كتاب الفصول والغايات
أنت فيلسوف العربية اذكر لنا بعض حكمك وفلسفتك
* أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر
* ما سافرت استكثر من النشب ولا أتكثر بلقاء الرجال ولكن آثرت الإقامة بدار العلم فشاهدت أنفس مكان لم يسمع الزمن بإقامتي فيه .
قصيدتك في رثاء فقيه وعالم تعد من روائع الأدب العالمي ترجمت
لأكثر من ست لغات اذكر لنا بعض أبياتها أبا العلاء
على الرحب والسعة
غير مجد في ملتي واعتقادي .... نوح باك ولا ترنم شادِ
وشبيه صوت النعي إذاقيس ... بصوت البشير في كل نادِ
أبكت تلكم الحمامة أم غنت ... على فرع غصنها الميادِ
صاح هذه قبورنا تملأ الرحب... فأين القبور من عهد عادِ
خفف الوطءماأظن أديم الأرض .. إلا من هذه الأجساد
في ختام هذا اللقاء لايسعنا إلا شكرك على رحابة صدرك وكرم ضيافتك
أنا الذي أشكركم وأشكر منتداكم الطيب والراقي بمحتواه ومضمونه
وأعضائه فلم يأتي إلى منزلي منذ زمن إلا طلابي وأنتم وخادمي الذي
يقيم معي .
أخوتي لم يطل المقام كثيرا بشاعرنا بعد اللقاء فقد وافته المنية عام 449هـ وكان عمره 86 ودفن في منزله رحمه الله فقد كان أكثر الشخصيات الأدبية
في التاريخ العربي إثارة وثراء وعمقا في اللفظ والمعنى , ترك بصمات
من الحزن لازمته طوال حياته .
