بدايت الجهاد بالسيف :
بدأ الجهاد بالسيف ، وبالكلام والبيان ، والحجة ، والبرهان ، ثم استمرت الدعوة مع الجهاد بالسيف ، ومعلوم أن الداعي إلى الله عز وجل إذا لم يكن لديه قوة تنصر الحق وتنفذه فسرعان ما تخبو دعوته وتنطفي شهرته ، ثم يقل أنصاره .
ومعلوم ما للسلاح والقوة من الأثر العظيم في نشر الدعوة ، وقمع المعارضين ونصر الحق ، وقمع الباطل ولقد صدق الله العظيم في قوله عز وجل وهو الصادق سبحانه في كل ما يقول : لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ فبين سبحانه وتعالى أنه أرسل الرسل بالبينات ، وهي الحجج والبراهين الساطعة التي يوضح الله بها الحق ، ويدفع بها الباطل ، وأنزل مع الرسل الكتاب الذي فيه البيان ، والهدى والإيضاح ، وأنزل معهم الميزان ، وهو العدل الذي ينصف به المظلوم من الظالم ، ويقام به الحق وينشر به الهدى ويعامل الناس على ضوئه بالحق والقسط ، وأنزل الحديد فيه بأس شديد ، فيه قوة وردع وزجر لمن خالف الحق ، فالحديد لمن لم تنفع فيه الحجة وتؤثر فيه البينة ، فهو الملزم بالحق ، وهو القامع للباطل ، ولقد أحسن من قال في مثل هذا :
وما هو إلا الوحي أوحد مرهف *** تزيل ظباه اخدعي كل مائل
فهذا دواء الداء من كل جاهل ** وهذا دواء الداء من كل عادل
فالعاقل ذو الفطرة السليمة ، ينتفع بالبينة ، ويقبل الحق بدليله ، أما الظالم التابع لهواه فلا يردعه إلا السيف ، فجد الشيخ رحمه الله في الدعوة والجهاد ، وساعده أنصاره من آل سعود ، طيب الله ثراهم على ذلك ، واستمروا في الجهاد والدعوة من عام 1158هـ إلى أن توفي الشيخ في عام 1206هـ فاستمر الجهاد والدعوة قريبا من خمسين عاما . جهاد ، ودعوة ، ونضال ، وجدال في الحق ، وإيضاح لما قاله الله ورسوله ، ودعوة إلى دين الله ، وإرشاد إلى ما شرعه رسول الله عليه الصلاة والسلام .
حتى التزم الناس بالطاعة ، ودخلوا في دين الله ، وهدموا ما عندهم من القباب ، وأزالوا ما لديهم من المساجد المبنية على القبور ، وحكموا الشريعة ، ودانوا بها ، وتركوا ما كانوا عليه من تحكيم سوالف الآباء والأجداد ، وقوانينهم ، ورجعوا إلى الحق .
وعمرت المساجد بالصلوات ، وحلقات العلم ، وأديت الزكوات ، وصام الناس رمضان ، كما شرع الله عز وجل ، وأمر بالمعروف ، ونهي عن المنكر ، وساد الأمن في الأمصار ، والقرى ، والطرق ، والبوادي ، ووقف البادية عند حدهم ، ودخلوا في دين الله وقبلوا الحق ، ونشر الشيخ فيهم الدعوة .
وأرسل الشيخ إليهم المرشدين ، والدعاة في الصحراء والبوادي ، كما أرسل المعلمين ، والمرشدين ، والقضاة إلى البلدان والقرى ، وعم هذا الخير العظيم والهدى المستبين نجدا كلها وانتشر فيها الحق ، وظهر فيها دين الله عز وجل .
عمل أبناء الشيخ بعده :
ثم بعد وفاة الشيخ رحمة الله عليه استمر أبناؤه ، وأحفاده ، وتلاميذه ، وأنصاره في الدعوة والجهاد ، وعلى رأس أبنائه الشيخ الإمام عبد الله بن محمد ، والشيخ حسين بن محمد ، والشيخ علي بن محمد ، والشيخ إبراهيم بن محمد ، ومن أحفاده الشيخ عبد الرحمن بن حسن ، والشيخ علي بن حسين ، والشيخ سليمان بن عبد الله بن محمد وجماعة آخرون ومن تلاميذه أيضا الشيخ حمد بن ناصر بن معمر ، وجمع غفير من علماء الدرعية ، وغيرهم استمروا في الدعوة والجهاد ونشر دين الله تعالى وكتابة الرسائل وتأليفات المؤلفات ، وجهاد أعداء الدين ، وليس بين هؤلاء الدعاة وخصومهم شيء إلا أن هؤلاء دعوا إلى توحيد الله وإخلاص العبادة لله عز وجل ، والاستقامة على ذلك ، وهدم المساجد والقباب التي على القبور ، ودعوا إلى تحكيم الشريعة والاستقامة عليها ودعوا إلى الأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، وإقامة الحدود الشرعية . هذه أسباب النزاع بينهم وبين الناس .
والخلاصة : أنهم أرشدوا الناس إلى توحيد الله ، وأمروهم بذلك وحذروا الناس من الشرك بالله ومن وسائله وذرائعه ، وألزموا الناس بالشريعة الإسلامية ، ومن أبى واستمر على الشرك بعد الدعوة والبيان ، والإيضاح والحجة ، جاهدوه في الله عز وجل وقصدوه في بلاده حتى يخضع للحق ، وينيب إليه ويلزموه به بالقوة والسيف ، حتى يخضع هو وأهل بلده إلى ذلك .
وكذلك حذروا الناس من البدع والخرافات ، التي ما أنزل الله بها من سلطان ، كالبناء على القبور ، واتخاذ القباب عليها والتحاكم إلى الطواغيت ، وسؤال السحرة والكهنة ، وتصديقهم وغير ذلك ، فأزال الله ذلك على يدي الشيخ وأنصاره رحمة الله عليهم جميعا . وعمرت المساجد بتدريس الكتاب العظيم والسنة المطهرة ، والتاريخ الإسلامي ، والعلوم العربية النافعة ، وصار الناس في مذاكرة ، وعلم ، وهدى ، ودعوة ، وإرشاد ، وآخرون منهم فيما يتعلق بدنياهم من الزراعة والصناعة وغير ذلك ، علم وعمل ، ودعوة وإرشاد ، ودنيا ودين ، فهو يتعلم ويذاكر ، ومع ذلك يعمل في حقله الزراعي ، أو في صناعته أو تجارته وغير ذلك . فتارة لدينه ، وتارة لدنياه دعاة إلى الله وموجهون
إلى سبيله ، ومع ذلك يشتغلون بأنواع الصناعة الرائجة في بلادهم ، ويحصلون من ذلك على ما يغنيهم عن خارج بلادهم ، وبعد فراغ الدعاة وآل سعود من نجد امتدت دعوتهم إلى الحرمين ، وجنوب الجزيرة.
دخول الحرمين :
كاتبوا علماء الحرمين سابقا ، ولاحقا فلما لم تجد الدعوة واستمر أهل الحرمين على ما هم عليه من تعظيم القباب ، واتخاذها على القبور ، ووجود الشرك عندها ، والسؤال لأربابها ، سار الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد بعد وفاة الشيخ بإحدى عشرة سنة توجه إلى الحجاز ، ونازل أهل الطائف ثم قصد أهل مكة وكان أهل الطائف قد توجه إليهم قبل سعود الأمير عثمان بن عبد الرحمن المضايفي ، ونازلهم بقوة أرسلها إليها الإمام سعود بن عبد العزيز بن محمد أمير الدرعية بقوة عظيمة من أهل نجد وغيرهم ، ساعدوه حتى استولى على الطائف ، وأخرج منها أمراء الشريف ، وأظهر فيه الدعوة إلى الله ، وأرشد إلى الحق ، ونهى فيها عن الشرك ، وعبادة ابن عباس ، وغيره مما كان يعبده هناك الجهال ، والسفهاء من أهل الطائف ، ثم توجه الأمير سعود عن أمر أبيه عبد العزيز إلى جهة الحجاز ، وجمعت الجيوش حول مكة .
فلما عرف شريفها أنه لا بد من التسليم أو الفرار فر إلى جدة . ودخل سعود ومن معه من المسلمين البلاد من غير قتال واستولوا على مكة في فجر 1 من شهر محرم من عام 1218هـ وأظهروا فيها الدعوة إلى دين الله ، وهدموا ما فيها
من القباب التي بنيت علي قبر خديجة وغيره ، فأزالوا القباب كلها ، وأظهروا فيها الدعوة إلى توحيد الله عز وجل ، وعينوا فيها العلماء والمدرسين ، والموجهين والمرشدين ، والقضاة الحاكمين بالشريعة
ثم بعد مدة وجيزة فتحت المدينة ، واستولى آل سعود على المدينة في عام 1220هـ بعد مكة بنحو سنتين ، واستمر الحرمان في ولاية آل سعود ، وعينوا فيها الموجهين والمرشدين ، وأظهروا في البلاد العدل وتحكيم الشريعة ، والإحسان إلى أهلها ولا سيما فقرائهم ومحاويجهم فأحسنوا إليهم بالأموال ، وواسوهم ، وعلموهم كتاب الله ، وأرشدوهم إلى الخير ، وعظموا العلماء ، وشجعوهم على التعليم ، والإرشاد ولم ينزل الحرمان الشريفان تحت ولاية آل سعود إلى عام 1226هـ ثم بدأت الجيوش المصرية والتركية تتوجه إلى الحجاز لقتال آل سعود وإخراجهم من الحرمين ، لأسباب كثيرة تقدم بعضها ، وهذه الأسباب كما تقدم هي أن أعداءهم ، وحسادهم ، والمخرفين الذين ليس لهم بصيرة ، وبعض السياسيين الذين أرادوا إخماد هذه الدعوة وخافوا منها أن تزيل مراكزهم ، وأن تقضي على أطماعهم ، كذبوا على الشيخ ، وأتباعه ، وأنصاره ، وقالوا إنهم يبغضون الرسول عليه الصلاة والسلام ، لأنهم يبغضون الأولياء ، وينكرون كراماتهم ، وقالوا
إنهم أيضا يقولون كيت وكيت مما يزعمون أنهم ينتقصون به الرسل عليهم الصلاة والسلام ، وصدق هذا بعض الجهال ، وبعض المغرضين ، وجعلوه سلما للنيل منهم والقتال لهم ، وتشجيع الأتراك والمصريين على حربهم ، فجرى ما جرى من الفتن والقتال - وصار القتال بين الجنود المصرية والتركية ومن معهم وبين آل سعود في نجد ، والحجاز ، سجالا مدة طويلة من عام 1226 هـ إلى عام 1233 هـ سبع سنين كلها قتال ونضال بين قوى الحق وقوى الباطل .
والخلاصة : أن هذا الإمام الذي هو الشيخ محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه إنما قام لإظهار دين الله ، وإرشاد الناس إلى توحيد الله ، وإنكار ما أدخل الناس فيه من البدع والخرافات ، وقام أيضا لإلزام الناس بالحق ، وزجرهم عن الباطل ، وأمرهم بالمعروف ، ونهيهم عن المنكر .
هذه خلاصة دعوته رحمة الله تعالى عليه ، وهو في العقيدة على طريقة السلف الصالح يؤمن بالله وبأسمائه ، وصفاته ، ويؤمن بملائكته ، ورسله وكتبه ، وباليوم الآخر ، وبالقدر خيره وشره ، وهو على طريقة أئمة الإسلام في توحيد الله ، وإخلاص العبادة له جل وعلا . وفي الإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله سبحانه ، لا يعطل صفات الله ، ولا يشبه الله بخلقه . وفي الإيمان بالبعث ، والنشور ، والجزاء والحساب ، والجنة والنار ، وغير ذلك .
خلاصة فكر الشيخ محمد بن عبدالوهاب :
يقول في الإيمان ما قاله السلف أنه قول وعمل يزيد وينقص . يزيد بالطاعة ، وينقص بالمعصية ، كل هذا من عقيدته رحمه الله ، فهو على طريقتهم وعلى عقيدتهم قولا وعملا ، لم يخرج عن طريقتهم البتة ، وليس له في ذلك مذهب خاص ، ولا طريقة خاصة ، بل هو على طريق السلف الصالح من الصحابة وأتباعهم بإحسان . رضي الله عن الجميع . وإنما أظهر ذلك في نجد ، وما حولها ودعا إلى ذلك ثم جاهد عليه من أباه ، وعانده ، وقاتلهم ، حتى ظهر دين الله وانتصر الحق ، وكذلك هو على ما عليه المسلمون من الدعوة إلى الله ، وإنكار الباطل ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ولكن الشيخ وأنصاره يدعون الناس إلى الحق ، ويلزمونهم به ، وينهونهم عن الباطل ، وينكرونه عليهم ، ويزجرونهم عنه حتى يتركوه .
وكذلك جد في إنكار البدع والخرافات حتى أزالها الله سبحانه بسبب دعوته . فالأسباب الثلاثة المتقدمة آنفا هي أسباب العداوة ، والنزل بينه وبين الناس . وهي :
أولا : إنكار الشرك والدعوة إلى التوحيد الخالص .
ثانيا : إنكار البدع ، والخرافات ، كالبناء على القبور واتخاذها مساجد ونحو ذلك كالموالد والطرق التي أحدثتها طوائف المتصوفة .
ثالثا : أنه يأمر الناس بالمعروف ، ويلزمهم به بالقوة فمن أبى المعروف الذي أوجبه الله عليه ، ألزم به وعزر عليه إذا تركه وينهى الناس عن المنكرات ، ويزجرهم عنها ، ويقيم حدودها ، ويلزم الناس الحق ، ويزجرهم عن الباطل ، وبذلك ظهر الحق ، وانتشر ، وكبت الباطل ، وانقمع ، وسار الناس في سيرة حسنة ، ومنهج قويم في أسواقهم ، وفي مساجدهم ، وفي سائر أحوالهم .
لا تعرف البدع بينهم ولا يوجد في بلادهم الشرك ، ولا تظهر المنكرات بينهم . بل من شاهد بلادهم وشاهد أحوالهم وما هم عليه ذكر حال السلف الصالح وما كانوا عليه زمن النبي عليه الصلاة والسلام ، وزمن أصحابه ، وزمن أتباعه بإحسان في القرون المفضلة رحمة الله عليهم .
فالقوم ساروا سيرتهم ، ونهجوا منهجهم ، وصبروا على ذلك ، وجدوا فيه ، وجاهدوا عليه ، فلما حصل بعض التغيير في آخر الزمان بعد وفاة الشيخ محمد بمدة طويلة ووفاة كثير من أبنائه رحمة الله عليهم وكثير من أنصاره حصل بعض التغيير جاء الابتلاء وجاء الامتحان بالدولة التركية ، والدولة المصرية ، مصداق قوله عز وجل : إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ
نسأل الله عز وجل أن يجعل ما أصابهم تكفيرا وتمحيصا من الذنوب ، رفعة وشهادة لمن قتل منهم رضي الله عنهم ورحمهم
انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب
انتشرت دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب خارج نجد عندما استولت الدولة السعودية على مكة المكرمة سنة 1219 هجري واصبح حجاج البلاد المسلمة يفدون إلى مكة المكرمة ويشاهدون علماء هذه الدعوة الحقا , ويسمعون خطبهم وإرشاداتهم , كما شاهدوا سيرة الدولة إن ذاك , وما هي علية من الاعتصام بكتاب الله والسنة , فتأثر بعض الحجاج بالدعوة وأخذوا ينشرون مبادئ الدعوة ويحاربون الخرافات والبدع في بلادهم .
وكان لانتشار الدعوة في العالم الاسلامي عدة آثار من أهمها :
1- قيام يقظة فكرية إسلامية كان العالم الاسلامي والمسلمين في اشد الحاجة لها .
2- كانت الدعوة عاملا مهما من عوامل نمو الوعي الوطني في كثير من البلاد الإسلامية التى ابتليت بالاستعمار .
3- كان من أثر الدعوة السلفية في كثير من الدول الإسلامية تجميد وإضعاف كل الأفكار المعادية لهذه الدعوة المباركة .
4- تأييد شامل لهذه الدعوة الإصلاحية من العلماء المسلمين الغيورين على دينهم وعقيدتهم في البلاد الاسلامية , والمنبع الذي اعتمد عليه كثير من رجال الإصلاح المسلمين .
تعليقات بعض الكتاب والمؤرخين على انتشار دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب ببعض البلدان
العقاد :
يقول العقاد (( ولم تذهب صيحة ابن عبدالوهاب عبثا في الجزيرة العربية ولا في أرجاء العالم الإسلامي من مشرقة إلى مغربه , فقد تبعه كثير من الحجاج وزوار الحجاز , وسرت تعاليمه إلى الهند والعراق والسودان وغيرها من الأقطار النائية ,و أدرك المسلمين أن علة الهزائم التى تعاقبت عليهم إنما هي في ترك الدين لا في الدين نفسه . وأنهم خلفاء أن يستردوا ما فاتهم من القوة والمنعة باجتناب البدع , والعودة إلى دين السلف الصالح في جوهره ولبابه )) (8)
ويقول العقاد أيضا :
(( سرعان ما ظهرت دعوة ابن عبدالوهاب بجزيرة العرب حتى تردد صداها في البنغال سنة 1804 م واتبعها طائفة الفرائضية بنصوصها الحرفية , فاعتبرت الهند دار حرب إلى أن تدين بحكم الشريعة , ثم تردد صدى الدعوة الوهابية بعد ذلك بزعامة السيد أحمد الباريلي في البنجاب , وأوجب على اتباعه حمل السلاح لمحاربة السيخين وتقدمهم في القتال حتى الموت .)) (9)
أرنولد :
يقول في كتابه ( الدعوة إلى الإسلام)
(( وفي القرن العشرين نشطت حركة الدعوة إلى الإسلام في البنغال نشاطا ملحوظا , و أرسلت طوائف كثيرة ينتمي أهلها إلى تأثير الحركة الوهابية الإصلاحية , دعاتهم يتنقلون في هذه المناطق , ويطهرون البلاد من بقايا العقائد الهندوكية بين الكفار (10)
في اليمن :
ظهر في اليمن الشيخ على الشوكاني المتوفي سنة 1250 هجري , ودعا بما يشب دعوة الشيخ بن الوهاب وتقلد ببن تيمية وألف كتاب (نبيل الأوطان ) لشرح كتاب شيخ الإسلام ( منتقى الأخبار ) (11)
في العراق :
نجد أسرة (الألوسي ) التي بذلت حياتهم لتعميق التربية الإسلامية في العراق وقد كتبوا عن الشيخ ودعوته ونافحوا عنها ز (12)
في الجزائر :
إن من أول من حمل راية الدعوة السلفية هو المؤرخ الجزائري
( أبو رواس الناصري ) الذي قدر له أن يجتمع بتلاميذ الشيخ محمد بن عبدالوهاب في الحج . و ذاكرهم في أمور إلى أن انتهى به الأمر بالاقتناع , وكان ذلك بحضور وفد حجيج كان يرأسه ولي عهد المغرب آنذاك . (13)
1كذلك تأسست ( جمعية العلماء المسلمين الجزائريين ) الوجه السلفي بزعامة عبدالحميد بن باديس (1305-1359) الذي أطلع على مبادئ الدعوة السلفية عندما ذهب للحج في مكة المكرمة . و دعا إلى إصلاح عقائد الجزائريين من البدع والخرافات , ودعا إلى الاجتهاد ومحاربة التقليد الأعمى والجمود الفكري وذلك بالتعمق بدراسة القرآن الكريم والسنة النبوية . (14)
السودان :
يقول السير أرنولد : (( وحول نهاية القرن الثامن عشر ظهر من بين جماعة الفلبي رجل معروف يدعى الشيخ عثمان دانفودو , عرف انه مصلح ديني وداع ومحارب , وقد ذهب من السودان إلى مكة لأداء فريضة الحج , فعاد من هناك مليئا بالحماس والغيرة من أجل الإصلاح والدعوة للإسلام,
وتأثر بالوهابية الذين كانت قوتهم أخذة في النماء , فأنكر الصلاة على روح الميت , تعظيم من مات من الأولياء , وأستنكر من بالغ في تمجيد محمد نفسه , وهاجم شرب الخمر وفساد الأخلاق اللتين كانتا منتشرتين ))(15)
مصر :
نجد الشيخ محمد عبده ومحمد رشيد رضا تبنيا مبادئ دعوة محمد بن عبدالوهاب , ودافعا عنها في مؤلفاتهم , وكذلك عبدالرحمن الجبرتي مؤرخ مصر , وهو من اشد المتأثرين بدعوة بن عبدالوهاب , وكان يرى أن الأتراك قد ارتكبوا خطأ كبير عندما حاربوا دعوة الشيخ و أنصارها مما دفع محمد علي باشا لقتله . (16)
المغرب :
تأثر بها (سيدي محمد بن عبدالله ) الذي حارب الصوفية متأثر بكتب وأراء الشيخ محمد بن عبد الوهاب وكذلك (مولاي سليمان ) الذي قام ضد الزوايا ودعا إلى التوحيد . (17)
1ومما سبق نلاحظ أن انتشار الدعوة السلفية الإصلاحية المباركة في العالم الإسلامي تنتشر بشدة وتقوم بالمجتمعات التى تصلها حركات إصلاحية هدفها نشر الإسلام وتطهيره من البدع والشوائب والخرافات
وتصحيح أوضاع الحياة الفاسدة , ثم محاولة تأسيس دولة إسلامية وتكوين حكومة إسلامية صالحة . (18)
أقوال بعض المنصفين عن دعوة الشيخ
محمد بن عبدالوهاب
أحمد القطان :
(( استطاعت حركة الموحدين نشر العلم والمعرفة بين طبقات الشعب المختلفة , واستطاعت تكوين طبقة ممتازة من علماء الدين ورجال المعرفة فنشرت الحركة في الناس علوم الشريعة المطهرة وألاتها , من التفسير والحديث , والتوحيد والفقه , والسيرة والتاريخ , وغير ذلك وأصبحت الدرعية قبلة العلوم والمعارف يفد إليها الطلاب من سائر النواحي والأرجاء , و انتشر العلم في جميع الطبقات. )) (19)
محمد كرد:
كتب علامة الشام محمد كرد علي بحثا بعنوان ( اصل الوهابية )
اختتمه بقوله (( وما ابن عبدالوهاب إلا داعية هداهم من الضلال وساقهم إلى الدين السمح , وإذا بدت من بعضهم فهي ناشئة من نشأة البادية , وقلما رأينا شعبا من أهل الإسلام يغلب عليه التدين والصدق والإخلاص مثل هؤلاء القوم , وقد اختبرنا عامتهم وخاصتهم سنين طويلة فلم نرهم حادوا عن الإسلام قيد غلوة ...إلخ )) (20)
طه حسين:
قال يصف دعوة محمد بن عبدالوهاب (( قلت أن هذا مذهب جديد قديم معا , والواقع أنه ليس بجديد بالنسبة للمعاصرين , ولكنه قديم في حقيقة الامر , لأنه ليس إلا الدعوة القوية إلى الإسلام الخالص النقي المطهر من شوائب الشرك والوثنية , وهو دعوة إلى الإسلام كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم خالصا له , ملغيا كل واسطة بين الله وبين الناس ))(21)
حافظ وهبة
قال في كتابه (جزيرة العرب ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( مصلح مجدد , داع إلى الرجوع إلى الدين الحق , فليس للشيخ محمد تعاليم خاصة , ولا أراء خاصة , وكل ما يطبق في نجد , هو طبق مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمة الله وأما في العقائد , فهم يتبعون السلف الصالح , ويخالفون من عداهم ))
الزركلي :
قال في كتابه ( الأعلام الجزء السابع ) عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب (( وكانت دعوته , الشعلة الأولى للنهضة الحديثة في العلم الإسلامي كله , تأثر بها رجال الإصلاح , في الهند ومصر , والعراق , والشام وغيرها ))
محمد رشيد رضى :
قال السيد محمد رشيد رضا عن محمد بن عبدالوهاب (( قام يدعو إلى تجريد التوحيد , وإخلاص العبادة لله وحده , بما شرع الله في كتابه , وعلى لسان رسوله خاتم النبيين عليه الصلاة والسلام , وترك البدع والمعاصي وإقامة شعائر الإسلام المتروكة وتعظيم حرماته المنتهكة ))
رأي العقاد :
تناول الأستاذ عباس العقاد في كتابه (( الإسلام في القرن العشرين ))
دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب فقال (( ظاهر من سيرة الشيخ محمد ابن عبدالوهاب الوهابية أنه لقي في رسالته عنتا , فاشتد كما يشتد من يدعو غير سميع ومن العنت أطباق الناس على الجهل والتوسل بما لا يضر ولا ينفع والتماس المصالح بغير أسبابها وآتيان الممالك من غير أبوابها وقد غبر البادية زمان كانوا يتكلمون فيه على التعاويذ والتمائم وأضاليل المشعوذين والمنجمين ويدعون السعي من وجوهه توسلا بأباطيل السحرة والدجالين حتى الاستشفاء ودفع الوباء فكان حقا على الدعاة أن يصرفهم عن هذه الجهالة وكان من أثر هذه الدعوة أنها صرفتهم عن ألوان البدع والخرافات ))
وكما تناول الدعوة مفكرين عرب تناولها بعض المستشرقين
لوثروب ستودارد :
يقول في كتابه (حاضر العالم الإسلامي ) (بلغ العالم الإسلامي في القرن الثاني عشر الهجري , أعظم مبلغ من التضعضع و الانحطاط , فأربد جوه ,وطبقت الظلمة كل صعق من أصقاعه , ..... وبينما العالم الإسلامي مستغرق في هجعته , ومترنح في ظلمته , إذا بصوت يدوي في قلب الصحراء في شبه الجزيرة العربية , مهد الإسلام , فيوقظ المؤمنين ويدعوهم إلى الإصلاح والرجوع إلى سواء السبيل , والصراط المستقيم , فكان الصراخ بهذا الصوت إنما هو المصلح المشهور محمد بن عبدالوهاب الذي أشعل نار الوهابية واتقدت ثم أخذت هذا الداعي يحض المسلمين على إصلاح النفوس واستعادة المجد الإسلامي القديم )) (22)
المستشرق بروكلمان :
(( فلما أب محمد بن عبدالوهاب إلى بلده الأول سعى إلى أن يعيد العقيدة والحياة الإسلامية صفاءها الأصلي )) (23)
ويلفرد كانتول :
(( سمعت – من أساتذة جامعة مكييل بكندا ))
كان محمد بن عبدالوهاب يقول قبل كل شيء , يحب أن تعيشوا حسب الشرع الإسلامي وهذا معنى أن تكونوا مسلمين , لا ذاك الرغاء العاطفي النقي الحرارة التى يقدمها الصوفيون , فأساس الإسلام هو الشرع . وإذا كنتم تريدون أن تكونوا مسلمين فيجب أن تعيشوا حسب أوامر الشرع . (24)
برنارد لويس :
(( وباسم الإسلام الخالي من الشوائب الذي ساد في القرن الأول نادى محمد بن عبدالوهاب بالابتعاد عن جميع ما أضيف للعقيدة والعبادات
من زيادات باعتبارها بدعا خرافية غريبة عن الإسلام )) (25)
الخاتمة
الحمدلله الذي وفقنا وهدانا لهذا وما كنا مهتدين لولا هدانا الله
أما بعد:
فقد تطرقنا في موضوع بحثنا هذا إلى شخصية من أهم الشخصيات في العلم الاسلامي الحديث والمعاصر وحركة الشيخ محمد بن عبدالوهاب السلفية ليست حركة جديده أو مذهب جديد دعي للقيام به بل هو تجديد لما عليه ديننا الإسلامي الحنيف خالي من الشوائب والبدع والشركيات التى انتشرت على طول التاريخ الإسلامي القديم والحديث وما زال الكثير منها مستمر حتى يومنا هذا وقد شرحنا بشكل موجز عن الشيخ محمد بن عبدالوهاب التميمي ونسبه وتعلمه وفكره وتحالفه مع أل سعود وكيفية قيام الدولة السعودية الأولى وانتهائها بالتعاون العثماني المصري البريطاني وهي الأصل والأم للدولة السعودية الثانية ثم الدولة السعودية الحديثة التى أسسها حفيد محمد , عبدالعزيز وما زالت دولتهم مستمرة إلى الآن تحاول أن تسير على نهج كتاب الله والسنة والسلف وتبذل الجهد لذلك وما زالت أسرة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأحفاده يتولون القضاء على حد علمي وما زالت هناك الكثير من الفرق التى تحارب الحركة السلفية وأبرز هذه الفرق هم الصوفية والاشعرية والحبشية والأباضية وغيرها الكثير من فرق المسلمين , بالإضافة للنصارى واليهود والهندوز وغيرهم الكثير .
أما تسمية الدعوة المجددة للشيخ محمد بن عبدالوهاب فهي على الأغلب جاءت من خصومهم حيث سماهم البعض بالحركة الوهابية او حركة الموحدون او السلفية وانتشر الاسم ومازال يلقب به كل من سار على خطئ الشيخ المجدد محمد بن عبدالوهاب ونبذ الشرك والدعاء من غير الله بكافة صورة .
وقد تطرقنا في موضوعنا لبعض الأقوال لكتاب مسلمين ومستشرقين تكلموا عن الحركة السلفية وانتشارها ورأيهم فيها .
كذلك أحب أن أذكر إن الدعوة السلفية مازالت قائمة إلى يومنا هذا ومستمرة ومن أبرز أعلامها في عهدنا المعاصر المشايخ ابن باز والعثيمين والألباني رحمهم الله والكثير غيرهم
هذا أتمنى أن لا يحرمنا الله الأجر والثواب على هذا البحث وارجوا من الله أن يكون مفيد لكي من يطلع عليه ويزيد رصيد معلوماته بهذا الموضوع
والحمدلله والمنة على التوفيق .
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المصادر
1- حياة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , تأليف الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل ,الطبعة الأولى , 1999م
2- محمد بن عبدالوهاب مصلح مظلوم ومفترى عليه , الأستاذ مسعود الندوي , ترجمة وتعليق عبدالعليم عبدالعظيم البستوي , مراجعة الدكتور محمد تقي الدين الهلالي , 1420 هجري
3- تاريخ العرب الحديث والمعاصر , دكتور عبدالرحيم عبدالحمن عبدالرحيم , الطبعة الخامسة 1990م
4- دراسات في تاريخ الخليج العربي الحديث والمعاصر , الدكتور بدر الدين عباس الخصوصي ,الجزء الأول , الطبعة الثانية 1984م
5- مذكرة تاريخ العرب الحديث , الدكتور فيصل المسلم
=========
الهوامش :
1- الشيخ سليمان بن سحمان, الضياء الشارق,القاهرة,مطبعة المنار, 1344ه,ص7.
2- جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية , بحوث أسبوع الشيخ محمد بن عبد الوهاب (الشبهات التي أثيرت حول دعوة الإمام محمد بن عبد الوهاب والرد عليها , إعداد عبد الكريم الخطيب,ج2,ص204.
3- حسين بن غنام , روضة الأفكار والافهام المرتاد حال الإمام وتعدد غزوات ذوي الإسلام , ج1, القاهرة , 1368ه , ص5-ص6.
4- لوتروب ستودارد, حاضر العالم الإسلامي , ترجمة عجاج نويهض, وتعليق شكيب أرسلان , ج1,ص295.
5- المرجع السابق , ص 259.
6- حسين بن غنام , تاريخ نجد, ص 11-ص12 بتصرف.
7- عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن أل شيخ,
مجموعة الرسائل والمسائل النجدية . ج3 , ص 381 – ص 382
8- عباس محمود العقاد , الإسلام في القرن العشرين , ص 86
9- نفس المرجع صفحة 69
10- توماس أرنولد , الدعوة إلى الإسلام , ص 239
11- دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب وأثرها في العالم الإسلامي
12- المصدر السابق , ص 83
13- عبد الحليم عويس , أثر الإمام محمد بن عبدالوهاب في الفكر الإسلامي الإصلاحي بالجزائر , مصر , 1
دار الصحوة , 1305 هجري , ص 13
14- محمد السلمان , دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 95
15- محمد بن عبدالوهاب , أحمد عبد الغفور العطار , ص 213
16- للمزيد من المعلومات , انظر : بحوث الشيخ محمد بن عبدالوهاب ,ج2 , ص320-ص337
17- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الاستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص208
18- للمزيد من المعلومات عن انتشار دعوة الشيخ محمد بن عبدالوهاب , انظر مقال الدكتور عبدالله بن يوسف الشبل , العدد الرابع , مجلة الدارة , عام 1399 , ص 32- ص 24
19- عبدالله بن يوسف الشبل , الشيخ محمد بن عبدالوهاب , ص 64
20- القديم والحديث , محمد كرد علي , ص 120
21- حيات الشيخ محمد بن عبدالوهاب وحقيقة دعوته , الأستاذ الدكتور سليمان بن عبدالرحمن الحقيل , الطبعة الأولى 1999م , ص 210
22- حاضر العالم الإسلامي , ج1
23- تاريخ الشعوب الإسلامية . ترجمة الدكتور نبيه أمين ومنير البعلبكي
24- الإسلام في نظر الغرب لجماعة من المستشرقين نقله للعربية إسحاق الحسيني .
25- العرب في التاريخ , ترجمة نبيه أمين ومحمد سيف زائد.
للحصول على نسخة من البحث منسق على ملف ورد
إعداد : أبو أيوب
نقل نواف النجيدي البلوي