http://www.up.x2x3.com/uploads/a2a5fff654.gif
السفينة المضطربة تمخر عباب الأمواج الهادرة.
الرياح العاتية تهاجم السواري، وأسماك القرش الضخمة تحلق بالسفينة متعشمة بعشاء سمين..
صاح القبطان بالبحارة النائمين: أفيقوا.. الموت يحاصركم ولا شواطيء في المنال.
واستيقظ البحارة.. مذعورين..
وبعضهم نهض بنصف إفاقة.ونصف مبالاة.. ونصف وعي..
وخطب القبطان: أنتم أبناء الرجال الخالدين الذين اتحدوا وكابدوا الأهوال والمصاعب وواجهوا أحلك الظروف وانتصروا.. فأناروا الدنيا بالتكاتف والوفاء ورسالة العدل والإيثار وأنفة الكرامة.
وتصايح البحارة بصوت واحد: يجب إصلاح السفينة.. يجب أن ننقذ أنفسنا وإلا أصبحنا طعاماً لأسماك البحر أو في نهايات لجة الظلمات الطباق.
و«يجب أن نتكاتف. يجب أن يكون عملنا جماعياً.. يجب.. أن...»..
و«نهض» البحارة لأداء «واجباتهم».
اتجه كل منهم إلى زاوية في السفينة.
وفي الزوايا حيث لا أحد يرى ولا يسمع ولا يشم.. يخرج كل بحار معاوله وأزاميله ومنشاره ويبدأ في حفر قاع السفينة..!
وبعد سماع نداء القبطان يتجمع البحارة ويعيدون الصياح و«الضجيج»: يجب إصلاح السفينة.. يجب أن ننقذ أنفسنا. و«يجب أن نتكاتف. يجب أن يكون عملنا جماعياً.. يجب.. أن...»..
ثم يتفرقون في الزوايا وكل منهم ينهمك في الحفر والقص والنشر وتمزيق السواري..
ويكتشف القبطان أن كل بحار كان يود ان يقطع لوحا من السفينة كي ينقذ نفسه..
هذه هي السفينة العربية في لجة بحر الظلمات.. وهذا الحفر لعنة التاريخ..
