خلف الحربي
حين استعرضت الحيوانات التي يمكن أن تختار وزارة التربية أحدها كبديل للحمار المقترح على غلاف كتاب الرياضيات للصف الثاني الابتدائي أرسل لي أحد القراء سؤالا غاضبا: (وهل الصقر حيوان؟)، هذا القارئ لا يرى أن الطيور حيوانات مثله مثل إحدى مذيعات محطة (إف .إم) التي كانت تقدم لغزا للمستمعين: (ماهو الحيوان الذي يحمل زاده على ظهره)، فاتصل بها أحد المستمعين العباقرة قائلا: (النملة!) فما كان منها إلا أن عاتبته: (يا أخي أش فيك؟ .. النملة مو حيوان) فقال: (أجل أيش؟) فقالت: (النملة حشرة)!.
ولأن حوار الطرشان لا ينتهي فقد ربطت وزارة التربية الحيوان الثدي الذي يشبه الحمار في المكان الذي يعجب المجتمع كما توقعنا، واختارت سمكة لطيفة لهذا الغلاف المزعج، والمشكلة – بالنسبة لي – هي في كيفية إقناع ذلك القارئ الغاضب بأن السمكة حيوان حتى ولو كانت تسبح في الماء!.
والآن وبعد حل قضية الشرق الأوسط أعتقد أنه حان الوقت للتركيز على المضمون بعد أن توقفنا طويلا عند الشكل، لذلك سوف أستعيد رسالة تلقيتها قبل شهر من معلم رياضيات في جدة حاصل على شهادات تقدير تثبت أنه معلم مبدع بالإضافة إلى التحاقه بعدد كبير من الدورات التدريبية. فقد حاول (ناصر) تذكيري بالمبالغ الباهظة التي خصصت لتطوير مناهج الرياضيات والعلوم ثم قال: (مدرستي فيها غرفة مصادر تعلم كلفت الأجهزه اللي فيها أكثر من 95000 ريال غرفة 7 × 7 م مغلقة طول العام، المسؤول عنها معلم لا يعرف تشغيل الكمبيوتر فضلا عن استخدامه، والله ما يعرف قيمة السبورة الإلكترونية ولا يعرف أنها تعمل بقلم خاص، قلم السبورة الإلكترونية مرمي ومكسر، عندما تطلب الغرفة من المدير يقول هذي عهدة وما نقدر نفكها! كيف أبدع؟، الغرفة مجهزة بشكل راااائع، طرحت عليهم أعقد دورات للمعلمين، دروس نموذجية للطلاب، الكل معارضين ويقولون: لاتشغلنا!، أعرف أن هذا كله ما يعيق إبداعي لكن كم نتمنى انتشار الوعي والإحساس بالمسؤولية وعدم الفلسفة من المسؤولين، وش ذنب الطالب اللي أعطته الدولة 95000 ريال أجهزة وينحرم من التمتع بالتعلم من خلالها؟!).
علينا أن نعترف بأن المشكلة أبعد بكثير من الحمار والسمكة بل وأبعد أيضا من تطوير المناهج، فنحن بحاجة لتغيير النظام التعليمي بحيث يكون ممتعا للطالب ومحفزا لإبداع المعلم.
على أية حال حين نشرت مقال (حمار الرياضيات) اكتشفت أن الزميل والأخ العزيز محمد السحيمي نشر في اليوم ذاته مقالة بعنوان (حمار التطوير) تناول فيها القضية من زاوية مختلفة، فأرسلت له مستغربا من توارد الخواطر حول حمار الرياضيات، فأجابني: (وقع الحافر على الحافر)!!.
