أحيانا يشعر المواطن أن ثمة شيئا ما مفقود، وأن هذا الشيء المفقود يجعل الأمور غير قابلة للفهم والتفسير، ولأنها كذلك يصرخ: لمن ألجأ لأفهم ما يحدث، أو ما يفعلونه بنا؟
فحين يقرأ المواطن بالصحف عما يفعله التجار، وأنهم ومنذ الآن سيجففون الأسواق من السلع، لرفع الأسعار في رمضان، هكذا بسهولة ودون أن يمنعهم أحد يفعلون ما يريدون بالمواطن، فإما أن يرضخ المواطن للسعر الجديد الذي يفرضه التاجر، أو عليه أن يبحث عن سوق أخرى يشتري منها، وبالتأكيد لن يجد لأن التجار اتفقوا على نهب المواطن، يصرخ: من سمح لهم بهذا، أو من يحاسب التجار؟ وحين يرسل أحد خريجي الدفعة الأولى من كلية طب الأسنان والصيدلة، يخبرك أن الكلية تفرض عليهم رسوما دراسية لسنة الامتياز التي تعتبر سنة تطبيق، وأن طبيب الامتياز في كل أنحاء العالم بما فيها الكليات الحكومية لدينا السنة الأخيرة في كلية الطب لا تعتبر سنة دراسية، بل عملية ويصرف له راتب، لأنه يعمل مثل كل الأطباء.وأن هؤلاء الطلاب لجأوا لعميد الكلية فقال لهم: «هذا نظام الكلية»، وحين هددوا بالشكوى أكد لهم أن من يريد أن يشتكي فالباب أمامه، لكن لن تحصلوا على الشهادة ما لم تدفعوا رسوم سنة الامتياز، فيصرخ الطلاب: لمن نشتكي؟ يقول بعض المسؤولين: إن أبواب الوزارات مفتوحة، ويمكن للمواطن وطالب طب الأسنان أن يقدما شكوى لدى وزارة التجارة ووزارة التعليم العالي، لتنصفهم. وهذا صحيح حين تكون القضية أو المشكلة فردية، ولكن ما يحدث الآن ليس فرديا، فالتجار اتفقوا على تجفيف الأسواق من السلع لرفع السعر على المواطنين في رمضان، وكلية طب الأسنان والصيدلة الأهلية سنت قوانين تجبر كل الطلاب على دفع رسوم سنة الامتياز، وهذا مخالف لكل قوانين العالم.لهذا ليس من العدل أن نطالب المواطنين بأن يتقدموا بشكوى، لأن مهمة المؤسسات حماية المجتمع من الانتهازيين، وحين يكون الانتهاز علانية ولا تتحرك المؤسسات، يصبح الأمر غير واضح وغير قابل للفهم، ولأنه كذلك لا يعرف المواطنون لمن يلجأون لحمايتهم، طالما المؤسسات تشاهد كل هذا وتقرأ مثل المواطنين تلك الأخبار ولا تخرج لتطمئن المواطن الذي ترك وحده يواجه جشع التجار والكليات الأهلية.
