-
- دعاء المريض الذي يئس من حياته :
* اللهم اغفر لي وارحمني وألحقني بالرفيق الأعلي .
* جعل النبي (صلي الله عليه و سلم) عند موته يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه ويقول : لا إله إلا الله إن للموت لسكرات.
* لا إله إلا الله والله أكبر، لا إله إلا الله وحده ، لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لا إله إلا الله له الملك وله الحمد ، لا إله إلا الله ولا حول ولا قوة إلا بالله .
-
باب تلقين الميت لا إله إلا الله
مسلم عن أبي سعيد الخدري . قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : لقنوا موتاكم لا إله إلا الله . و ذكر ابن أبي الدنيا عن زيد بن أسلم قال : قال عثمان بن عفان : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : إذا احتضر الميت فلقنوه لا إله إلا الله فإنه ما من عبد يختم له بها موته إلا كانت زاده إلى الجنة ، و قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : احضروا موتاكم و لقنوهم : لا إله إلا الله و ذكروهم فإنهم يرون ما لا ترون .
و ذكر أبو نعيم من حديث مكحول عن إسماعيل بن عياش بن أبي معاذ عتبة ابن حميد عن مكحول عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم : احضروا موتاكم و لقنوهم لا إله إلا الله و بشروهم بالجنة فإن الحكيم من الرجال يتحير عند ذلك المصرع و إن الشيطان أقرب ما يكون من ابن آدم عند ذلك المصرع . و الذي نفسي بيده لمعانية ملك الموت أشد من ألف ضربة السيف ، و الذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عرق منه على حياله . غريب من حديث مكحول لم نكبته إلا من حديث إسماعيل .
فصل : قال علماؤنا : تلقين الموتى هذه الكلمة سنة مأثورة عمل بها المسلمون . و ذلك ليكون آخر كلامهم لا إله إلا الله فيختم له بالسعادة ، و ليدخل في عموم قوله عليه السلام من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة . أخرجه أبو داود من حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه ، صححه أبو محمد عبد الحق ، و لينبه المحتضر على ما يدفع به الشيطان ، فإنه يتعرض للمحتضر ليفسد عليه عقيدته ، على ما يأتي .
فإذا تلقهنا المحتضر و قالها مرة واحدة فلا تعاد عليه ليلاً بفجر ، و قد كره أهل العلم الإكثار من التلقين ، و الإلحاح عليه إذا هو تلقنها أو فهم ذلك عنه . قال ابن المبارك : لقنوا الميت لا إله إلا الله فإذا قالها فدعوه . قال أبو محمد عبد الحق : و إنما ذلك لأنه يخاف عليه إذا لج عليه بها أن يتبرم و يضجر ، و يثقلها الشيطان عليه ، فيكون سبباً لسوء الخاتمة . و كذلك أمر ابن المبارك أن يفعل به . قال الحسن بن عيسى : قال لي ابن المبارك : لقني ـ يعني الشهادة ـ و لا تعد علي إلا أن أتكلم بكلام ثان ، و المقصود أن يموت الرجل و ليس في قلبه إلا الله عز و جل لأن المدار على القلب ، و عمل القلب هو الذي ينظر فيه ، و تكون النجاة به . و أما حركة اللسان دون أن تكون ترجمة عما في القلب فلا فائدة فيها ، و لا عبر عندها .
قلت : و قد يكون التلقين بذكر الحديث عند الرجل العالم كما ذكر أبو نعيم أن أبا زرعة كان في السوق و عنده أبو حاتم ، و محمد بن سلمة . و المنذر بن شاذان و جماعات من العلماء ، فذكروا حديث التلقين فاستحيوا من أبي زرعة فقالوا : يا أصحابنا تعالوا نتذاكر الحديث . فقال محمد بن سلمة : حدثنا ضحاك بن مخلد ، حدثنا أبو عاصم ، قال حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب و لم يجاوزه . و قال أبو حاتم : حدثنا بندار ، حدثنا أبو عاصم ، عن عبد الحميد بن جعفر ، عن صالح بن أبي غريب و لم يجاوزه و الباقوت سكوت . فقال أبو زرعة و هو في السوق : حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر عن صالح بن أبي غريب ، عن كثير بن مرة الحضرمي ، عن معاذ بن جبل قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة و في رواية حرمه الله على النار و توفي رحمه الله .
و يروى عن عبد الله بن شبرمة أنه قال : دخلت مع عامر الشعبي على مريض نعوده فوجدناه لما ، و رجل يلقنه الشهادة و يقول له : لا إله إلا الله و هو يكثر عليه فقال له الشعبي . ارفق به ، فكلم المريض و قال : إن تلقني أو لا تلقني . فإني لا أدعها ثم قرأ و ألزمهم كلمة التقوى و كانوا أحق بها و أهلها فقال الشعبي الحمد لله الذي نجى صاحبنا هذا . و قيل للجنيد رحمه الله عند موته : قل لا إله إلا الله فقال ما نسيته فأذكره .
قلت : لا بد من تلقين الميت ، و تذكيره الشهادة ، و إن كان على غاية من التيقظ فقد ذكر أبو نعيم الحافظ من حديث مكحول عن وائلة بن الأسقع عن النبي صلى الله عليه و سلم : احضروا موتاكم و لقنوهم : لا غله إلا الله ، و بشروهم بالجنة ، فإن الحكيم من الرجال و النساء يتحير عند ذلك المصرع ، و إن الشيطان أقرب من ابن آدم عند ذلك المصرع و الذي نفسي بيده لمعانية ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف ، و الذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عضو منه على حياله .
و روي عن أبي هريرة قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : حضر ملك الموت رجلاً ، قال : فنظر في قلبه فلم يجد فيه شيئاً ، ففك لحييه فوجد طرف لسانه لاصقاً بحنكه يقول لا إله إلا الله فغفر له بكلمة الإخلاص .
ذكر ابن أبي الدنيا في كتاب المحتضرين بإسناده . و خرجه الطبراني بمعناه و سيأتي في آخر أبواب الجنة إن شاء الله .
-
في الذكر عند المصيبة
قال الله تعالى : وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون . ويذكر عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسترجع أحدكم في كل شيء حتى في شسع نعله فإنها من المصائب .
وقالت أم سلمة : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول : إنا لله وإنا إليه راجعون ، اللهم أجرني في مصيبتي واخلف لي خيراً منها ، إلا آجره الله تعالى في مصيبته وأخلف له خيراً منها قالت : فلما توفي أبو سلمة قلت كما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لي خيراً منه ، رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وروي أيضاً عنها رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي سلمة وقد شق بصره ، فأغمضه ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر فضج ناس من أهله فقال : لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم اغفر لأبي سلمة وارفع درجته في المهديين ، وأخلفه في عقبه في الغابرين ، واغفر لنا وله يا رب العالمين، وافسح له في قبره ونور له فيه .
-
باب ما يقوله بعد تغميض الميت
في صحيح مسلم عن أم سلمة ، و اسمها هند رضي الله عنها قالت : دخل رسول الله صلى الله عليه و سلم على أبي سلمة و قد شق بصره ، فأغمضه ثم قال : إن الروح إذا قبض تبعه البصر ، فضج ناس من أهله ، فقال : لا تدعوا لى أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ، ثم قال : اللهم اغفر لأبي سلمة ، و ارفع درجته في المهديين ، و اخلفه في عقبه في الغابرين ، و اغفر لنا و له يا رب العالمين ، و افسح له في قبره و نور له فيه .
قلت : قولها : سق بصره هو بفتح الشين ، و بصره برفع الراء فاعل شق بصر الميت و شق الميت بصره : إذا شخص .
في سنن البيهقي و بإسناد صحيح ، عن بكر بن عبد الله التابعي الجليل ، إذا أغمضت الميت فقل : بسم الله ، و على ملة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و إذا حملته فقل : بسم الله ، ثم سبح ما دمت تحمله و الله أعلم .
-
أذكار الصلاة على الميت
اعلم أن الصلاة على الميت فرض كفاية ، و كذلك غسله و تكفينه و دفنه ، و هذا كله مجمع عليه . و فيما يسقط به فرض الصلاة أربعة أوجه : أصحها عند أكثر أصحابنا يسقط بصلاة رجل واحد . و الثاني يشترط اثنان . و الثالث ثلاثة . و الرابع أربعة : سواء صلوا جماعة أو فرادى .
و أما كيفية هذه الصلاة فهي أن يكبر أربع التكبيرات و لا بد منها ، فإن أخل بواحدة لم تصح صلاته ، و إن زاد خامسة ففي بطلان وجهان لأصحابنا : الأصح لا تبطل ، و لو كان مأموماً فكبر إمامه خامسة ، فإن قلنا : إن الخامسة تبطل الصلاة فارقه المأموم كما لو قام إلى ركعة خامسة . و إن قلنا بالأصح : إنها لا تبطل لم يفارقه و لا يتابعه على الصحيح المشهور ، و فيه وجه ضعيف لبعض أصحابنا أنه يتابعه ، فإذا قلنا بالمذهب الصحيح : إنه لا يتابعه فهل ينتظره ليسلم معه ، أم يسلم في الحال ؟ فيه وجهان : الأصح ينتظره ، و قد أوضحت هذا كله بشرحه و دلائله في شرح المهذب . و يستحب أن يرفع اليد مع كل تكبيرة . و أما صفة التكبير و ما يستحب فيه و ما يبطله و غير ذلك من فروعه فعلى ما قدمته في باب صفة الصلاة و أذكارها .
و أما الأذكار التي تقال في صلاة الجنازة بين التكبيرات ، فيقرأ بعد التكبيرة الأولى الفاتحة ، و بعد الثاني يصلي على النبي صلى الله عليه و سلم ، و بعد الثالثة يدعو للميت ، و الواجب منه ما يقع عليه اسم الدعاء ، و أما الرابعة فلا يجب بعدها ذكر أصلاً ، و لكن يستجب ما سأذكره إن شاء الله تعالى .
و اختلف أصحابنا في استحباب التعوذ و دعاء الافتتاح عقيب التكبيرة الأولى قبل الفاتحة ، و في قراءة السورة بعد الفاتحة ، على ثلاثة أوجه : أحدها يستحب الجميع ، و الثاني لا يستحب ، و الثالث و هو الأصح أنه يستحب التعوذ دون الافتتاح و السورة . و اتفقوا على أنه يستحب التأمين عقيب الفاتحة .
في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ، أنه صلى على جنازة فقرأ فاتحة الكتاب و قال : لتعلموا أنها سنة ، و قوله سنة : في معنى الصحابي : من السنة كذا ، و كذا . جاء في سنن أبي داود قال : إنها من السنة فيكون مرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ما تقرر و عرف في كتب الحديث و الأصول .
قال أصحابنا : و السنة في قراءتها الإسرار دون الجهر ، سواء صليت ليلاً أو نهاراً ، هذا هو المذهب الصحيح المشهور الذي قاله جماهير أصحابنا . و قال جماعة منهم : إن كانت الصلاة في النهار أسر ، و إن كانت في الليل جهر . و أما التكبيرة الثانية فأقل الواجب عقبيها أن يقول ، اللهم صل على محمد ، و يستحب أن يقول : و على آل محمد ، و لا يجب ذلك عند جماهير أصحابنا . و قال بعض أصحابنا : يجب و هو شاذ ضعيف ، و يستحب أن يدعو فيها للمؤمنين و المؤمنات إن اتسع الوقت له ، نص عليه الشافعي ، و اتفق عليه الأصحاب ، و نقل المزني عن الشافعي أنه يستحب أيضاً أن يحمد الله عز و جل ، فقال باستحبابه جماعات من الأصحاب و أنكره جمهورهم ، فإذا قلنا باستحبابه بدأ بالحمد لله تعالى ، ثم بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ، ثم يدعو للمؤمنين و المؤمنات ، فلو خالف هذا الترتيب جاز ، و كان تاركاً للأفضل .
و جاءت أحاديث بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه و سلم روينا في سنن البيهقي و لكني قصدت اقتصار هذا الباب ، إذ موضع بسطه كتب الفقه ، و قد أوضحته في شرح المهذب .
و أما التكبيرة الثالثة فيجب فيها الدعاء للميت ، و أقله ما ينطلق عليه الاسم كقولك : رحمه الله ، أو غفر الله له ، أو اللهم اغفر له ، أو ارحمه ، أو الطف به و نحو ذلك .
و أما المستحب فجاءت فيه أحاديث و آثار .
في صحيح مسلم عن عوف بن مالك رضي الله عنه قال : صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم على جنازة فحفظت من دعائه و هو يقول : اللهم اغفر له و ارحمه ، و عافه و اعف عنه ، و أكرم نزله ، و وسع مدخله ، و اغسله بالماء و الثلج و البرد ، و نقه من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس ، و أبدله داراً خيراً من داره ، و أهلاً خيراً من أهله ، و زوجاً خيراً من زوجه ، و أدخله الجنة ، و أعذه من عذاب القبر و من عذاب النار ، حتى تمنيت أن أكون أنا ذلك الميت .
و في رواية لمسلم : وقه فتنة القبر و عذاب القبر .
في سنن أبي داود و الترمذي و البيهقي ، عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم ، أنه صلى على جنازة فقال : اللهم اغفر لحينا و ميتنا ، و صغيرنا و كبيرنا ، و ذكرنا و أنثانا ، و شاهدنا و غائبنا ، اللهم من أحييته منا فأحيه على الإسلام ، و من توفيته منا فتوفه على الإيمان ، اللهم لا تحرمنا أجره و لا تفتنا بعده . قال الحاكم أبو عبد الله : هذا حديث صحيح على شرط البخاري و مسلم .
في سنن البيهقي و غيره من رواية أبي قتادة . و روينا في كتاب الترمذي من رواية أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه عن النبي صلى الله عليه و سلم ، قال الترمذي قال محمد بن إسماعيل ، يعني البخاري : أصح الروايات في حديث : اللهم اغفر لحينا و ميتنا رواية أبي إبراهيم الأشهلي عن أبيه . قال البخاري : و أصح شيء في الباب حديث عوف بن مالك . و وقع في رواية أبي داود فأحيه على الإيمان ، و توفه على الإسلام و المشهور في معظم كتب الحديث : فأحيه على الإسلام و توفه على الإيمان كما قدمناه .
في سنن أبي داود و ابن ماجه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء .
في سنن أبي داود عن أبي هريرة رضي الله عنه ، عن النبي صلى الله عليه و سلم في الصلاة على الجنازة : اللهم أنت ربها و أنت خلقتها و أنت هديتها للإسلام و أنت قبضت روحها و أنت أعلم بها و بسرها و علانيتها ، جئنا شفعاء فاغفر له .
في سنن أبي داود و ابن ماجه ، عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ، قال : صلى بنا رسول الله صلى الله عليه و سلم على رجل من المسلمين فسمعته يقول : اللهم إن فلان بن فلانه في ذمتك و حبل جوارك ، فقه فتنة القبر و عذاب النار ، و أنت أهل الوفاء و الحمد ، اللهم فاغفر له و ارحمه إنك أنت الغفور الرحيم .
و اختار الإمام الشافعي رحمه الله دعاء التقطه من مجموع هذه الأحاديث و غيرها فقال : يقول : اللهم هذا عبدك و ابن عبدك ، خرج من روح الدنيا و سعتها ، و محبوبه و أحبائه فيها إلى ظلمة القبر و ما هو لاقيه ، كان يشهد أن لا إله إلا أنت ، و أن محمداً عبدك و رسولك ، و أنت أعلم به ، اللهم إنه نزل بك و أنت خير منزول به ، و أصبح فقيراً إلى رحمتك و أنت غني عن عذابه ، و قد جئناك راغبين إليك شفعاء له ، اللهم إن كان محسناً فزد في لإحسانه ، و إن كان مسيئاً فتجاوز عنه و لقه برحمتك رضاك ، وقه فتنة القبر و عذابه ، و افسح له في قبره ، و جاف الأرض عن جنبيه ، و لقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين .
هذا نص الشافعي في مختصر المزني رحمهما الله .
قال أصحابنا : فإن كان الميت طفلاً دعا لأبويه فقال : اللهم اجعله لهما فرطاً و اجعله لهما سلفاً ، و اجعله لهما ذخراً ، و ثقل به موازينها ، و أفرغ الصبر على قلوبهما ، ، و لا تفتنهما بعده ، و لا تحرمهما أجره . هذا لفظ ما ذكره أبو عبد الله الزبيري من أصحابنا في كتابه الكافي و قاله الباقون بمعناه ، و بنحوه قالوا : و يقول معه : اللهم اغفر لحينا و ميتنا ، إلى آخره .
قال الزبيري : فإن كانت امرأة قال : اللهم هذه أمتك ، ثم ينسق الكلام ، و الله أعلم .
و أما التكبيرة الرابعة فلا يجب بعدها ذكر بالإتفاق ، و لكن يستحب أن يقول ما نص عليه الشافعي رحمه الله في كتاب البويطي ، قال يقول في الرابعة : اللهم لا تحرمنا أجره ، و لا تفتنا بعده . قال أبو علي بن أبي هريرة من أصحابنا : كان المتقدمون يقولون في الرابعة : ربنا آتنا في الدنيا حسنة و في الآخرة حسنة وقنا عذاب النار . قال : و ليس ذلك بمحكي عن الشافعي فإن فعله كان حسناً .
قلت : يكفي في حسنه ما قد قدمناه في حديث أنس في باب دعاء الكرب ، و الله أعلم .
و يحتج للدعاء في الرابعة بما رويناه في السنن الكبير للبيهقي ، عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما ، أنه كبر على جنازة ابنة له أربع تكبيرات ، فقام بعد الرابعة كقدر ما بين التكبيرتين يستغفر لها و يدعو ، ثم قال : كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع هكذا .
و في رواية : كبر أربعاً فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمساً ، ثم سلم عن يمينه و عن شماله ، فلما انصرف قلنا له : ما هذا ؟ فقال : إني لا أزيدكم على ما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصنع ، أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه و سلم . قال الحاكم أبو عبد الله : هذا حديث صحيح .
فصل : و إذا فرغ من التكبيرات و أذكارها ، سلم تسليمتين كسائر الصلوات ، لما ذكرناه من حديث عبد الله بن أبي أوفى ، و حكم السلام على ما ذكرناه في التسليم في سائر الصلوات ، هذا هو المذهب الصحيح المختار ، و لنا خلاف ضعيف تركته لعدم الحاجة إليه في هذا الكتاب .
و لو جاء مسبوق ، فأدرك الإمام في بعض الصلاة ، أحرم معه في الحال ، و قرأ الفاتحة ، ثم ما بعدها على ترتيب نفسه ، و لا يوافق الإمام فيما يقرؤه ، فإن كبر ، ثم كبر الأمام التكبيرة الأخرى قبل أن يتمكن المأموم من الذكر ، سقط عنه كما تسقط القراءة عن المسبوق في سائر الصلوات ، و إذا سلم الإمام و قد بقي على المسبوق في الجنازة بعض التكبيرات لزمه أن يأتي بها مع أذكارها على الترتيب ، هذا هو المذهب الصحيح المشهور عندنا . و لنا قول ضعيف : إنه يأتي بالتكبيرات الباقيات متواليات بغير ذكر الله ، و الله أعلم .
-
[color=firebrick]- الدعاء للفرط في الصلاة عليه :[/color]
* اللهم أعذه من عذاب القبر .
وإن قال: [اللهم اجعله فَرطاً وذخراً لوالديه وشفيعاً مجاباً . اللهم ثقل به موازينهما وأعظم به أجورهما ، وألحقه بصالح المؤمنين ، واجعله في كفالة إبراهيم ، وقه برحمتك عذاب الجحيم ، وأبدله داراً خيراً من داره ، وأهلاً خيراً من أهله ، اللهم اغفر لأسلافنا وأفراطنا ومن سبقنا بالإيمان.] فحسن
*ـ ـ كان الحسن يقرأ على الطفل بفاتحة الكتاب ويقول اللهم اجعله لنا فرطاً وسلفاً وأجراً ـ ـ