أنا من عزفتُ الشعرَ لحناً في
كهوفِ التائهين .. !
أنا من نزفتُ الشعرَ دمعاً
في ليالي العَاشقين
أنا من وقفت على الطُّـلول مردداً :
هل تَرجعِين ؟
أنا من قُتلت على
مشارفِ ذلةٍ .. للمسلمين
أنا صرخةُ القدسِ الشريفِ ..
و تمتماتٌ من جنين
طفلٌ أنا .. يبكي
ببغدادَ الأهالي الميّتين
أنا من لعقت الصابَ من
خــلٍّ تنكَّر من سنين
أنا ذلك المحزونُ .. يقتله الأسى ..
في كل حين
أنا ذلك الملاّحُ .. يبكي
عندَ تَذكارِ السفين
لم يبق ثمة مؤنسٌ ..
غير الدموعِ .. فهل تُعين ؟
أنا ذكرياتُ الأمسِ ..
أحيَا في مفازاتِ الحنين
أنا فـــــــــــارسٌ..
ينقضّ ساعةَ يرهبُ القومُ المنون
أنا في مُثار النقعِ ..
سيفٌ لامعٌ أفنى المئين
أنا ذلك المِقـــدامُ ..
إن كبّرت يرتعدُ الخئون
حتى و إن كُسرَ الحُسامُ ..
فقلبه جيـــشٌ مكيـــن
أنا خيمةٌ .. رغمَ انكسارِ عَمودها ..
لا .. لا .. تليــــــــــــن
أنا من أنا .. أنا من فصولِ العامِ
فصــــلٌ لا يحيــــن .. !
أنا شــــوقُ أعمى ..
لم يرَ البدرَ الجميلَ .. فيستكين
أنا قيــسُ ليلى .. في زمانٍ ..
قد تغشَاه الجُنــون
أنا حكمةُ الشيخِ المسنِّ ..
على شَفا مــوتٍ و طيـــن
أنا من أنا .. أنا بئر يوسفَ ..
فيه بُشــرى السَّائرين
أنا شمسُ يوشعَ .. لم تغبْ ..
ترجو انتصــارَ المــؤمنين
أنا زفرةُ الليلِ الطويلِ ..
و بهجةُ الصبحِ الضّنيــن
أنا من بحورِ الشعرِ .. بحرٌ
مــاؤه ماءٌ مَــعين
أنا ذلك التنوينُ .. يبقى
رغم رَفضِ المانعيـــن
عُمـــــرٌ .. و إنْ ثارَ النحاةُ ..
لما حَكــاه الأوّلون
خبــر أنا و المبتدا ..
قد ضلَّ ركْــــبَ السَّائرين
أنا همـزةٌ للقطــعِ ..
تجثو فوقَ رسمِ الوَاصِليــن
أو همـــزةٌ للوصـــلِ ..
تحيَا غربةً .. في القاطِعين
..