الجزء الثالث
الاستغلال الأمثل للزمن
إن أخطر مشكلة تواجه الأمم والأفراد هي مشكلة ضياع الأوقات، إذ أن ذلك يعني ضياع الحياة، وكل فائت قد يستدرك إلاّ فائت الزمن ؛ ولذلك تذكر دائماً هذه العبارات واكتبها أمامك بخط عريض:
(الوقت لا يتوالد ، لا يتمدد ، لا يتوقف، لا يرجع للوراء، بل للأمام دائماً)
وأعلم أن أول شروط النجاح في الحياة هو إدارة وقتك بفعالية والزمن في الحقيقة لا يُمكن أن يدار من قبل الإنسان حتى وإن كثرت في كتاباتهم عبارة إدارة الوقت، إذ أن الزمن يتحرك بقدر الله ولكن الذي يمكن أن يدار هو استغلالنا للوقت أثناء جريانه وقد أعاد وأبدأ القرآن الكريم في التحذير من ضياع الأوقات وكذلك السنة الشريفة فضلاً عن الحكماء والعلماء وأصحاب التجارب في الحياة.
والعناصر التي يمكن تقسيم الوقت بينها في الحياة هي :
1- الضروريات ، وهي ( أداء الفرائض – الأكل – الشرب – النوم – العلاج – النكاح).
2- العلاقات ، وهي مع ( الأهل والأقارب – الأصدقاء – الزملاء – الجيران).
3- التطوير والاستجمام، وهي ( القراءة – الكتابة – الرياضة – النزهة – النوافل من الطاعات).
4- الطوارئ، وهي (المناسبات – الحوادث – الأزمات)
5- العمل المخصص للكسب سواء كان وظيفة أو تجارة أو زراعة أو مهنة والأوقات المخصصة له أما منتجة أو ضائعة.
ولكل فقرة من هذه الفقرات تفصيل طويل ليس هذا محل بيانه، ولكن نكتفي بالإشارة السابقة لكل قسم منها :
توجيهات عامة في التعامل مع الزمن
1- احرص على شراء حاجياتك من مكان واحد وفي وقت واحد وبكميات كبيرة حتى لا تعود للشراء في وقت قريب، ومثل ذلك المدارس والعلاج والنزهات.
2- بالنسبة للعمل الوظيفي قسمه إلى الأقسام التالية وحافظ على هذا التقسيم قدر الإمكان.
أ- القسم الأول لمقابلة مرؤوسيك ورؤسائك في العمل لمناقشتهم في قضايا العمل.
ب- القسم الثاني لمقابلة المراجعين لمكتبك وسماع طلباتهم.
ج- القسم الثالث لإنجاز المعاملات والأوراق التي يجب عليك إنجازها في ذلك اليوم.
د- القسم الرابع للرد على المكالمات الهاتفية الواردة للمكتب، وتذكر أن الهاتف وسيلة لقضاء الحاجات فاستعمله بقدرها ولا تجعله وسيلة لقتل الأوقات.
3- بالنسبة للزيارات منك أو إليك احرص على أن تكون بموعد سابق وبقدر الحاجة منها وأن تقضي وقتها فيما يفيد مع الاستفادة من هوامش الوقت في إنجاز بعض الأعمال الثانوية.
4- أما الانتقال من مكان إلى آخر فليكن بأكثر الوسائل توفيراً للوقت والمال والجهد، وإذا استطعت أن يكون في غير أوقات الازدحام وعبر الطرق غير المزدحمة فلا تفرط في ذلك، وإذا أمكنك إنجاز بعض الأعمال أثناء انتقالك بالطيارة أو القطار أو الحافلة وما شابهها وإلاّ فاجعله فرصة للراحة والنوم استعداداً لما بعد السفر من أعمال واحرص على الحجز قبل السفر بوقت كاف وبخاصة في المواسم.
5- فترات الانتظار الاضطرارية مثل الانتظار عند الإشارة أو الطبيب أو انتظار الضيوف أو انتظار الطعام عندما تكون ضيفاً وأمثال ذلك يضيع فيها كثير من الأوقات.
ولتلافي هذه المشكلة عليك بالآتي
حاول تقليل فترات الانتظار بترتيب مواعيدك، والالتزام بها واختيار الأوقات التي يقل فيها الزحام واسلك لقضاء غرضك أقصر الطرق واقلها ازدحاما ً وأرشد الآخرين للالتزام بدورهم وعدم تجاوزه، وأخيراً استفد من انتظارك في القراءة أو الكتابة أو الذكر أو التفكر.
6- اجعل في برنامجك أوقاتاً خاصة للتطوير الذاتي من خلال القراءة والدراسة وأخذ الدورات التخصصية المناسبة والاعتكاف للعبادة وصيام النوافل وأشباه ذلك.
7- اجعل في برنامجك أوقاتاً خاصة للترفيه والتنزه المشروع ولا تحسبن ذلك مما يضيع فإنه إذا أحسن الاستفادة منه وكان بقدره وفي زمنه المناسبين كان له أجمل الأثر في تنشيط النفس وإزالة ما قد يصيبها من كلل وملل وسأم.
8- لا تتردد في استعمال عبارة ( ارجعوا هو أزكى لكم) وفي الرد بكلمة ( لا ) عندما يتسلط الفارغون لإضاعة وقتك والقضاء على أثمن ما تملك .
9- أحذر من ضياع حياتك أمام وسائل الترفيه بل كن حازماً في ضبط ذلك وبخاصة مع أطفالك ومن تعولهم، وعودهم على احترام النظام والترتيب لحياتهم باستغلال الوقت وتحمل المسئولية.
10- ضع علبة احتياطية لمفاتيحك يسهل الوصول إليها وبعيدة عن متناول الأطفال والفضوليين، ورتب ما تحمله من مفاتيح في جيوبك بشكل ثابت بحيث يسهل الوصول إليها في أي ظرف بمجرد اللمس ولا تجمع المفاتيح كلها في ميدالية واحدة، بل اجعل كل مجموعة مفاتيح متقاربة في العمل في ميدالية خاصة بها ؛ لأن كثيراً من الأوقات تضيع في البحث عن المفاتيح وربما كسرت الأبواب وتعطلت الأعمال.
كيف تقلل إهدار الأوقات ؟
1- دوِّن في دفتر محلوظات صغير ما يضيع من وقتك خلال يوم وهكذا لمدة أسبوع، ثم لمدة شهر ثم قم بإحصاء ما ضاع منك خلال عام ، ثم انظر كم نسبة الضائع من حياتك.
ويُمكن أن تكون الورقة التي يسجل فيها الوقت الضائع هكذا وقت ضائع في الساعة يوم شهر مقدار الوقت الضائع سببه مكانه مع من
2- قم بعملية تقسيم لأوقاتك على أعمالك كما هي في الواقع ثم انظر أي الأعمال يستأثر من الأوقات بأكثر من حاجته وأي الأعمال لا يأخذ كفايته ثم أعد التوازن إلى برنامجك على ضوء ما توصلت إليه من نتائج.
3- قم في أوقات الهدوء والاسترخاء بالتعرف على ميولك النفسية ورصد أثرها في تسريب وضياع وقتك في توافه الأمور لتقوم بعد ذلك بمحاولة الإصلاح ومجاهدة النفس.
السيطرة على الذات واكتساب الثقة
العوامل المؤثرة في شخصيتك :
1- عوامل ذاتية هي أكثر العوامل تأثيراً في الشخصية وكذلك هي أكثر العوامل استجابة لجهود الإنسان في تطويرها وتعديلها والرقي بها أو الانحطاط، ومن هذه العوامل:
العقيدة والدين، الثقافة والمعلومات، الأخلاق والسلوك، المهارات والخيرات، الصحة البدنية والنفسية، المظهر الخارجي، تنظيم الحياة ، الهوايات، الآمال والطموحات المستقبلية.
2- عوامل مادية خارجية مثل: المال ، السيارة ، المنزل، المكتبة، الغذاء، الرياضة، الوظيفة.
3- عوامل إنسانية، ويراد بها العلاقات مع الآخرين مثل الزواج، اليتيم، العلاقات مع الأقارب، الأصدقاء ، الزملاء في العمل، الجيران، المنزلة الاجتماعية، العلاقات العارضة في سفر أو سوق ، أو غير ذلك.
4- الأحداث والحوادث مثل: الأمراض، حوادث السيارات، الاضطرابات الاجتماعية، الحروب العسكرية، الكوارث الاقتصادية ، الحوادث الطبيعية كالزلازل والفيضانات.
وهذه الحوادث إما مؤلمة أو مسعدة وإما مقصودة أو غير مقصودة.
وأي من هذه العوامل إما أن يكون أثره في النفس والشخصية إيجابياً وإما أن يكون سبباً، ويستطيع الإنسان أن يصمم له استمارة تحليل لشخصيته، ويضع جميع هذه العوامل فيها ثم ينظر ويسجل ما يتمتع به من إيجابيات أو سلبيات في كل عامل منها ثم يقوم بعملية إحصاء نهائية لهذه الإيجابيات والسلبيات فيحدد نقاط القوة والضعف في شخصيته.
والواقع أنني أختصر الحديث في هذه القضية اختصاراً شديداً، ولكنني أردت الإشارة إلى ذلك فقط.
***
إدارة الذات
إن أول طريق النجاح في الحياة هو نجاحك في إدارة ذاتك والتعامل مع نفسك بفعالية، وإن الفشل مع النفس يؤدي غالباً إلى الفشل في الحياة عموماً وربما إلى الفشل في الآخرة والعياذ بالله ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ) ، والتغيير قد يكون إيجابياً للأفضل، وقد يكون سلبياً للأسوأ، وقد يظهر لنا أن بعض الناس نجح في الحياة وإن فشل في إدارة ذاته.
والحقيقة إن ذلك وهم خادع وطلاء ظاهر تحته الشقاء والتعاسة التي ستنكشف عند أول هزة وبئس النجاح المزعوم الذي في داخل صاحبه غياهب من الشقاء وأكداس من التعاسة وإن مرحت بصاحبه المراكب الفارهة وتبوأ في نظر الناس المناصب العالية أو امتلك الثروات الطائلة.
وإليك أيها القارئ الكريم بعض القواعد العامة التي إذا حولها الإنسان إلى عمل في حياته تحقق له بإذن الله ما يُمكن أن نطلق عليه إدارة الذات بفعالية :
1- أدِّ حقوق الله – سبحانه وتعالى – عليك واستعن به فيما ينوبك من أمور الحياة ( إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ) ؛ لأن الإنسان إذا أصلح ما بينه وبين ربه أصلح الله له أمور حياته، وإذا تعرف الإنسان إلى ربه وقت الرخاء وجده وقت الشدة (احفظ الله يحفظك) ومن ضيع حقوق ربه فهو لما سواها أضيع ( نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ ).
ورحم الله القائل: ( في القلب شعث لا يلمه إلا الإقبال على الله ، وفيه وحشة لا يزيلها إلاّ الأنس به، وفيه حزن لا يذهبه إلاّ السرور بمعرفته وصدق معاملته، وفيه قلق لا يسكنه إلاّ الفرار إليه، وفيه فاقة لا يسدها إلاّ محبته والإنابة إليه ودوام ذكره وصدق الإخلاص له ولو أعطي الدنيا وما فيها لم تُسدّ تلك الفاقة أبداً).
كن مع الله يكن معك، وحينئذٍ فلن تخيب سعيك إن شاء الله.
2- أملأ ذهنك بالتفاؤل وتوقع النجاح بإذن الله ، وليكن الاستبشار دائماً ، مسيطراً على فكرك وشعورك ( بشروا ولا تنفروا ).
3- عوّد نفسك على أن تكون أهدافك في كل عمل تقوم به سامية واضحة كما تقدم معنا في الحديث عن الأهداف.
4- ألزم نفسك بالتخطيط لأمور حياتك المختلفة وابتعد عن الفوضى والارتجالية في أعمالك قدر الإمكان ، نظم جهدك واتجه لهدف واضح محدد واحذر الفوضى في مسيرتك لهدفك، وقد تقدم الحديث عن التخطيط في الحياة في مكان سابق.
5- حوّل خططك في السعي نحو أهدافك إلى عمل ملموس وواضح حي، وابتعد عن التسويف والبطالة، وسيأتي عن ذلك مزيد حديث إن شاء الله.
6- احذر من ضياع شيء من وقتك دون عمل فهو ضياع الحياة، واحرص على أن تتقدم نحو أهدافك كل يوم ولو خطوة واحدة، فمن سار على الدرب وصل، وقد تقدم الحديث عن الاستغلال الأمثل للزمن قبل قليل.
7- نظم أمورك بكتابة مواعيدك والتزاماتك والتعود على حفظها، وكذلك تنظيم وتصنيف أشياءك في منزلك ومكتبك وسيارتك وغيرها بطريقة مناسبة تسهل عليك التعامل معها، وقد سبق الحديث عن ذلك أيضاً في مبحث (تنظيم الحياة شرط لنجاحها).
8- قاوم محاولات النفس للهروب من الأعمال الجادة المهمة إلى المتعة واللهو باستمرار، وسيأتي عن ذلك مزيد بيان إن شاء الله.
9- لا تنسى أن الأعمال أكثر من الأوقات، وحنيئذٍ فإياك أن تضيع أوقاتك في التوافه من الأمور بل قدم الأهم من الأعمال على ما سواه.
10- ليكن شعارك المبادرة والمسارعة إلى كل خير ومفيد مضى لا يعود أبداً والحياة سباق وهي أقصر من أن تنتظر أو تؤجل أو تسوف فيها.
11- إذا رأيت من عاداتك سيئاً أو معوقاً عن التقدم لأهدافك فعالجه واستبدله بخير منه، ولا يكن للعادات عليك من سلطان إلاّ بقدر ما فيها من حق ونفع، والعادة هي ما يفعله الإنسان بصورة آلية متكررة دون جهد فكري أو مشقة بدنية والعادات مكتسبة ؛ ولذلك يُمكن تغييرها واستبدالها عند الحاجة لذلك، وإن كان في الأمر مشقة، فمن عوَّدَ نفسه فعل الخير والعمل والإنتاج اعتاد ذلك، ومن عوَّدها الفساد في الأرض أو البطالة والكسل والخمول اعتاد ذلك.
12- اجعل القيم والمبادئ الاعتقادية فوق المساومات ولتكن موجهة لكل نشاط في حياتك ، وإن لم تكن كذلك والعياذ بالله فأنت أول من يحتقر نفسك وإن يجلك الآخرون ومدحوا.
13- اجعل البحث عن الحق ديدنك، واحذر النفاق بجميع صوره واشكاله، واصدع بكملة الحق بأدب وعفة وصدق ونَمِّ في نفسك القدرة على الحسم عند مفترق الطرق بين الحق والباطل.
14- واجه نتائج أعمالك بشجاعة وصبر وثبات ومسئولية محتسباً كل ما يصيبك عند ربك، ولتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك رفعت الأقلام وجفت الصحف، واحذر من كثرة الشكوى والضجر فهما من صفات الضعفاء (شر ما في الرجل شح هالع وجبن خالع) ( إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ ).
15- لا تجعل شخصيتك كالزجاج الشفاف الذي يسهل كشف ما وراءه ومعرفة حقيقته، لكل عابر سبيل، ففي الحياة الكثير من الفضوليين والمتطفلين بل والاشرار، واجعل لذلك باباً موثقاً وحارساً أميناً يأتمر بامرك فيفتح ذلك في الوقت المناسب وبالقدر المناسب ولمن هو أهل لذلك ويغلق عند الحاجة لذلك.
وهذا يستدعي منك أن تتمرَّن على ضبط مشاعرك وأحاسيسك وعدم الاسترسال في إبرازها ما لم يكن في ذلك مصلحة، وان تحتفظ بهدوئك ورباطة جأشك في المواقف المثيرة والجادة، وأن تختار كلماتك بعناية فيها، وخلاصة القول ليكن التعبير عن اشتعال عواطفك مدروساً.
16- اجعل مثلك الأعلى وقدوتك الدائم محمداً صلى الله عليه وسلم إذ أنه هو الذي بلغ أعلى درجات الكمال الإنسان، ولن تبحث عن حل لمشكلة في أي جانب من جوانب حياتك إلاَّ وجدت ذلك الحل في سيرته العطرة صلى الله عليه وسلم، وهذا يستدعي منك أن تكون دائم المطالعة لسيرته والبحث في طريقته.
17- تسلّح بروح الفكاهة والمرح دائماً من غير إسفاف ولا مبالغة ، وإذا ادلهمت الخطوب فابتسم لها ؛ لأن الحزن والتقطيب منهكان للنفس منهكان للجسد مشوشان للفكر.
18- احذر من الخيال الجامح المحلّق في سماء الأوهام كما تحذر من التشاؤم المفرط المحطم للآمال، وكن وسطاً بين طرفين، زاوج بين الخيال والواقع.
وألْجِم نزوات العواطف بنظرات العقل، وأنر أشعة العقل بلهب العواطف، وألزم الخيال صدق الحقيقة والواقع ، واكتشف الحقائق في أضواء الخيال الزاهية البراقة.
19- لا تغرق في الكماليات فتهلك في الترف بل تزود من المتاع بما يكفيك في مسيرك نحو أهدافك ، ولا يثقل على كاهلك ( اخشوشنوا فإن النعم لا تدوم)، ومن أصبح أسير الشهوات والملذات صعب عليه تركها وأصبحت إرادته هشة ضعيفة.
20- أخيراً اعلم أن في كل إنسان صفات ضعف وصفات قوة وهو أعلم الناس بحقيقة نفسه ما لم يكابر أو يجهل ، فالعاقل الموفق هو من وجّه حياته وعمله وتخصصه نحو ما فيه من صفات القوة ونأى بنفسه وحياته عن نقاط الضعف في شخصيته.
فكم من جوهرة تخطف الأبصار بأصفى الأشعة وأبهاها مستكنة في أغوار المحيطات المظلمة، وكم من زهرة استقامت على عودها في الصحراء مضيعة شذاها العطري مع سافيات البيداء ولو أُكتشفت هذه وتلك لكان لهما شأن آخر.
***
كيف تسيطر على نفسك ؟
ليس أشق على الإنسان من مجاهدة النفس وتغيير مرذول طباعها وتحليتها بمكارم الأخلاق وحسن العادات وفضائل السلوك، قال تعالى : ( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون)، وقال عليه الصلاة والسلام: ( ليس الشديد بالصرعة ولكن الشديد من يملك نفسه عند الغضب)، وقال الشاعر :
لولا المشقة ساد الناس كلهمو ** الجود يفقر والإقدام قتّال
وكل سلوك شخصي أو نمط خلقي وراءه خصيصة نفسية منظمة له ودافعة إليه، وحتى يستطيع الإنسان أن يتحكم في سلوكياته ويرتقي بأخلاقه ويضبط تصرفاته، فلا بد أن يلتفت قبل ذلك إلى الدوافع والخصائص النفسية، فما كان منها وراء السلوك المعوج والخلق الذميم فيعرضه لعملية التهذيب والتقليم والقلع والإزالة.
وما كان يطمح إليه من خلق نبيل وسلوك سوي قويم فَلْيَسْعَ إلى إيجاد وتنمية الدوافع والخصائص النفسية الموجهة له يوجدها إن لم تكن موجودة وينميها إن كانت موجودة لكنها ضعيفة، وهذا ولا شك عملية شاقة وقد تكون مؤلمة ؛ لأنها تهديد وتغيير للواقع النفسي والسلوكي والأخلاقي، والنفسي تقاوم أي تغيير أو تهديد لواقعها مهما كان هذا الواقع ؛ لأنه مرتبط بقناعات عقدية أو فكرية أو لذات وأفراح قلبية أو بدنية أو عادات مستحكمة ؛ ولهذا فبداية التغيير تكون من الأساسات التي قامت عليها هذه الأخلاق والسلوكيات.
وبالمران والمجاهدة والإلحاح وتغيير القناعات العقلية والعمل الدؤوب تسلس النفس قيادها وتعطي زمامها ويسهل حينئذٍ السيطرة عليها وتوجيهها باستمرار إلى الأفضل.
قال أحد العارفين : ما زلت أسوق النفس إلى الله وهي تبكي حتى سارات إليه وهي تضحك.
أفرض على نفسك رقابة ذاتية ومحاسبة دائمة في أفكارك وعاداتك وسلوكك وأخلاقك وحركاتك وكلماتك (حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا )، وإليك بعض الصور التي تنقلت فيها النفس ويفقد الإنسان السيطر عليها أثناءها لعلك تحذر بعد ذلك هذه الصور.
بعض صور أنفلات النفس وعدم السيطرة عليها:
إنَّ سبب كل بلاء وشقاء هو انفلات النفس وعدم السيطرة عليها حتى يحجب الهوى العقل، ولهذا الانفلات صور كثيرة لكني أورد أمثلة لهذا الانفلات ليحذر منها، وأحاول بعد ذلك أن أبين كيف يُمكن مواجهة هذه الأمثلة :
1- التسويف في تنفيذ الأعمال والتأجيل لما يجب المبادرة إليه إيثاراً للدعه والسكون والراحة والركون.
2- التردد والاضطراب عند محاولة الإقدام على أي عمل تحت ستار الخوف من الفشل أو عدم العمل ما لم يتوقع حصول النجاح الكامل يقيناً.
3- عدم تحمل النقد والغضب لأتفه الأسباب ، فإذا غضب حطم كل شيء ، لا يراعي أي عواقب أو يحتسب لأي خسائر.
4- الشرود الذهني وعدم التركيز الفكري أثناء العمل.
5- تحميل النفس ما لا تطيق من العمل مما يؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم تركيز الجهد وفقدان التوازن.
6- عدم الثقة في النفس وفي القدرة على عمل أي شيء.
7- الممل والسأم وعدم الاستمرار في أي عمل.
وهذه بعض المعالجات لهذه الصور السابق ذكرها التي يبتلى بها بعض الناس في حياتهم.
كيف تقلل من السلبية في حياتك والتسويف في إنجاز أعمالك ؟
1- خذ قدراً كافياً من النوم بدون إسراف، وحبذا لو نمت مبكراً على وضوء.
2- استيقظ مبكراً ولا تكثر من التململ في فراشك.
3- لا تفوتك صلاة الفجر في وقتها مع الجامعة.
4- لا تنس أذكار الصباح فهي مفتاح السعادة ليومك.
5- خطط برنامجك اليومي في هدوء ، وحبذا لو أعدت النظر فيه مرة أخرى وتمتع قليلاً بالتأمل في أكثر فقراته متعه لك.
6- احرص على تنويع برنامجك وعلى أن يكون فيه أشياء محببة إليك، وتتوقع أن تحقق فيه نسبة عالية من النجاح وحاول أن تبدأ بها.
7- انطلق لتنفيذ برنامجك مبتدئاً بدعاء الخروج ودعاء الركوب إن ركبت في ذهابك لعملك.
8- ابتسم إلى كل من تلقاه من إخوانك في يومك بعد إلقاء السلام عليه.
9- احرص على إنجاز عملك أولاً بأول بحيث تتمكن من إنهاء برنامجك مع نهاية يومك لا يبقى منه شيء للغد.
10- إذا عدت لمنزلك فداعب من تلقاه من أهلك وأطفالك ، وحبذا لو أحضرت لهم بعض الهدايا وكافيء من حقق منهم نجاحاً في يومه ولو بكلمة وشجع من أخفق وساعده على تجاوز إخفاقه.
11- ضمِّن برنامج وقتاً للراحة والاسترخاء أو النزهة وإن قل.
12- شارك الجيران والأصدقاء والأقارب في مناسباتهم الاجتماعية بالطريقة المناسبة.
مواجهة التردد والاضطراب
1- تأمل في الحياة بعين البصيرة لتعلم يقيناً أن الدنيا لا كمال فيها، ولكن ما غلب صلاحه على نقصه فهو غاية ما يطلب في الحياة.
وهذا هو التفكير الواقعي الحق وليس وراءه إلاَّ العيش في الخيالات والأوهام.
2- تذكر دائماً أن المطلوب منك والمقدور لك هو العمل وبذل الأسباب، أمَّا النتائج النهائية فهي بيده الله سبحانه وتعالى.
3- اقرأ سير العظماء وفتش في حياتهم لترى أن فيها نقصاً وفشلاً وليست كلها نجاحات.
4- قم بعملية حصر واستقراء لما فيك من صفات كما وقوة ليظهر لك بعض نعم الله عليك ولتعلم أن فيك غير صفات الضعف والنقص.
5- استذكر الأنشطة والأعمال التي حققت فيها نجاحاً علياً وعاود هذا الاستذكار كلما شعرت بالتردد والإحباط والاضطراب.
6-إن كنتَ تنشد الكمال والمثالية فإن طريق ذلك هو العمل ومحاولة الوصول وليس التوقف والانتظار.
7-استخدم عقلك ووازن بين الأمرين إما أن تعمل شيئاً أي شيء أو لا تعمل على الإطلاق ، وتأمل أيهما أفضل فليس أمامك خيار ثالث.
8- إذا تعرضت للفشل في بعض أعمالك فقل : قدر الله وما شاء فعل وإنا لله وإنا له راجعون ولا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم أجرني في مصيبتي واخلفني خيراً منها.
واحتسب ما أصابك عند ربك واستغفر لذنبك.
ثم قم بدراسة أسباب الفشل في هدوء وطمأنينة وكرر المحاولة مرة أخرى ما لم ترى الانصراف لعمل آخر.
التعامل مع النقد :
لا شك أن الإنسان في مسيرة حياته يلقى محباً ومبغضاً ومؤيداً وناقداً، والنقد يختلف باختلاف أهداف ودوافع من صدر منه، فيمكن أن يصدر من عدو أو صديق قريب أو بعيد.
والواجب على الإنسان أن يعوِّد نفسه على الحِلمْ وسعة الصدر، والصبر على الأذى، وعدم الغضب لأتفه الأسباب، وإذا غضب أن يكون متحكماً فيه وإلاّ لضر الإنسان نفسه قبل غيره ولنشر حوله أجواء من الكراهية والتوجس وصادر آراء الآخرين وحريتهم في التعبير عنها، وفي ذلك من الضرر الاجتماعي ما لا يوصف.
ويُمكن أن يقسم النقد إلى قسمين :
أ) نقد بناء موضوعي :
وهو الذي يخلو من التجريح الشخصي، ويركزعلى جوانب النقص في العمل بدون مبالغة ويبين كيفية استكمالها ويشيد بجوانب الكمال في العمل.
المواقف من النقد البناء :
1- إيجاد الأجواء المناسبة والمشجعة على النقد البناء.
2- الفرح والترحيب به والبحث عنه ( رحم الله من أهدى لنا عيوبنا).
3- النظر فيه بإمعان وروية مع غض النظر عن قائله.
4- السعي لاستكمال النقص وتصويب الأخطاء التي اشار إليها الناقد.
ب) نقد ظالم مغرض :
وهو الذي يستغل النقص في العمل لمصادرة العمل بالكلية والنيل ممن قام به وتجريحه والتشفي منه ورميه بما ليس فيه مع عدم الاهتمام بتصويب العمل أو التبني لما فيه من كمال وحق.
الموقف من النقد الظالم :
1- محاولة معرفة أسباب هذه النقد ( حسد – أنانية – خوف من العمل – انتصار للنفس وأخذ بالبثأر – أو غير ذلك ).
2- السعي لإزالة الأسباب إن أمكن ذلك.
3- معرفة الأهداف من النقد وإحسان التعامل معها.
4- عدم الاشتغال بالرد على النقد إلاّ بقدر ما قد يعيق العمل أو يشوه صورته.
5- عدم الانشغال بالانتصار للنفس وترك العمل ونسيانه.
6- الاستفادة من النقد في تصويب العمل وإصلاحه ومعالجة جوانب النقص فيه.
7- احتساب الإنسان ما يصيبه من الأذى وما يتعرض له من النقد عند الله سبحانه وتعالى.
وليتذكر الإنسان دائماً قوله سبحانه وتعالى : (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنْفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الْأَرْضِ ) الآية، فما كان لله يبقى ويدوم وما كان لغيره يذهب ويزول.
***
معالجة الشرود الذهني
وعدم التركيز الفكري أثناء العمل
الشرود الذهني مشكلة يشكو منها الكثير من الناس هذه المشكلة تتفاقم كلما تقدم العمر وكثرت مشكلات الحياة وهي مشكلة تعطل أفضل قوى الإنسان التي يتميز بها على سائر المخلوقات وهي العقل والفكر وعند السعي لمعالجة هذه المشكلة لا بد من البحث عن أسبابها أولاً .
بعض أسباب الشرود الذهني :
1- وجود مشكلة ملحة خارج العمل، وقد تكون هذه المشكلة عائلية – مالية – معيشية – اجتماعية – عاطفية..الخ.
2- توقع حدوث أمر مخيف والانشغال به.
3- المعاناة من مشكلة صحية.
4- وقوع أمر يؤدي إلى الفرح الشديد.
5- التعود على العيش أسير الخيالات والأوهام غير الواقعية والتعلق بها.
6- أن يكون في محيط العمل وبيئته ما يشغل الفكر ويؤدى لعدم الارتياح، ومن أمثله ذلك: الترتيب غير المناسب والمزعج لمكان العمل، أو ضيق المكان، أو شدة الحر أو البرد في مكان العمل، أو شدة الضوضاء فيما حول مكان العمل، أو وجود روائح كريهة في مكان العمل، أو الشعور بالجوع أو الظمأ الشديدين، أو عدم الارتياح لعبض زملاء العمل ، أو كثرة الزوار لك أو لزملائك في العمل.
علاج مشكلة الشرود الذهني أثناء ممارسة عمل من الأعمال:
إن بناء القدرة على التركيز الذهني والعقلي يحتاج إألى تمرين هادىء وطويل لكنه صارم ودقيق كما يفعل الإنسان عند بناء وتقوية عضلاته بحيث يستطيع بعد ذلك تركيز قواه الذهنية وحصر تفكيره العقلي في أي وقت أراد ، وفي أي موضوع أيضاً.
إن التركيز الذهني هو تعريض الذهن زمناً كافياً لمؤثر أو جملة مؤثرات كي تنطبع عليه انطباعاً واضحاً على أن يغلق الإنسان ذهنه دون كافة المؤثرات الأخرى، والمؤثرات هي المعلومات التي يتم استيعابها من خلال إحدى الحواس الخمس: البصر ، السمع ، الذوق، الحس ، الشم. ثم يتم معالجتها على ضوء ما سبقها في الذهن من معلومات وخبرات وتجارب وما يؤمن به الإنسان من مبادىء وقيم.
وأعلم أن اكتساب صفة التركيز الذهني تعود على الإنسان بأعظم الفوائد في حياته، يقول أحد علماء النفس المشهورين : ليست العبقرية أكثر من تركيز الذهن. وقال آخر : إن حصر الاهتمام هو أول مقومات العبقرية.
ويقول ثالث : إن صب الاهتمام في العمل والمشكلة التي هي قيد البحث ثم نسيان الأمر بتاتأً بمجرد حسمه والوصول إلى قرار فيه بحيث تستعيد قوة تركيز ذهنك كاملة غير منقوصة من أهم أسباب النجاح في الحياة.
وإليك بعض الأفكار والخطوات التي تساعد على استبعاد الشرود الذهني ومن ثم بناء القدرة الذاتية عل التركيز وهي :
1- حاول استبعاد كل ما يشتت فكرك ويشغل ذهنك من الواقع المادي المحيط بك مما ورد ذكره في الأسباب قبل قليل.
2- عوِّد نفسك على أن تعيش لحظتك، وأن تحصر نفسك فيما أنت فيه فقط انس أو تناس كل ما عداه (من أصبح آمناً في سربه معافى في بدنه جمع له قوت يومه وليلته فكأنما جمعت له الدنيا بحذافيرها).
ما مضى فات والمؤمل غيب * * ولك الساعة التي أنت فيها
3- إذا كنت تشعر بالإجهاد فتوقف عن العمل بعض الوقت، وخذ لحظات من الاسترخاء في مكان جيد التهوية، وحبذا لو استلقيت على ظهرك وأغمضت عينيك وأوقفت تفكيرك وأخذت نفساً عميقاً عدة مرات ثم عد لعملك بعد ذلك.
4- إذا كنت تشعر بالخمول فجدد التهوية في موقعك وتحرك قليلاً من مكانك ومارس بعض التمارين الرياضية الخفيفة لبضع دئقائق.
5- أعطِ نفسك قدراً كافياً من الراحة قبل بدء التفكير وممارسة العمل.
6- لا تبدأ التفكير في المسائل المهمة بعد تناول الطعام مباشرة ولا أثناء الجوع الشديد والظمأ المفرط.
7- بادر لعلاج ما تعاني منه من مشكلات صحية، وإذا كنت تعاني من شيء منها فلا تبالغ في أمره ولا تعطيه من تفكيرك أكبر من حجمه.
8- مارس تمرين تقوية التركيز الذهني، والذي يُمكن تلخيص خطواته في الآتي:
أ- قم بعملية حصر للقضايا التي تحتاج منك إلى تفكير ورتبها حسب أهميتها أو استعجالها واحتفظ بذلك مكتوباً في ورقة لديك.
ب- عندما تصبح معتدل المزاج مرتاح البال في مكان مريح بعيداً عن الضوضاء والإزعاج استخرج ورقتك وتناول أو قضية فيها بالتفكير.
ج- استعرض القضية الأولى من جميع جوانبها وركّز قواك الذهنية فيها وكأنك غائب عن كل ما عداها في الوجود لبضع دقائق وحاول الإجابة على الأسئلة الآتية عن القضية موضوع التفكير ( لماذا ، متى، أين ، كيف، من ، مع ) :
لماذا هذا العمل الذي أريد القيام به ؟ ومتى الوقت المناسب له ؟ وأين سيكون ؟ وكيف ينفذ ؟ من يقوم بالعمل ؟ مع من ؟.
د- حدد ما توصلت إليه في نقاط مختصرة وسجل ذلك على الورق أول بأول.
هـ- ألف نظرة على ما كتبت ثم أغمض عينيك وحاول استذكار ما كتبت.
و- أعد عملية النظر والاستذكار عدة مرات على فترات زمنية مختلفة، وأضف ما قد تتوصل إليه من جديد إلى ما سبق وأن خلصت إليه.
ز- استخرج ما كتب بعد كل فترة زمنية انظر فيه وحاول إلقاءه على غيرك واطلب منهم تزويدك بملحوظاتهم إن كانوا قادرين على ذلك.
ح- انتقل إلى قضية أخرى وتعامل معها كما تعاملت مع غيرها.
أخيراً لا تنس أن تحول أفكارك إلى عمل.
9- تمارين أخرى لتقوية التركيز الذهني:
أ- اختر موضوعاً تحبه وأرغم نفسك على التفكير فيه وحده فقط لمدة ربع ساعة، وحاول يومياً على الأقل أن تحفظ فيه شيئاً جديداً ( آية – حديث – باب فقهي – ترجمة شخصية ..).
ب- قف كل يوم مرة أمام أحد رفوف مكتبتك فإن لم يوجد فأمام دولاب مطبخك فإن لم يوجد فأمام دولاب عرض بضائع في متجر قريب، ثم انظر إلى الأشياء واحدة بعد أخرى بتمعن وتدقيق وهدوء، ثم انصرف عن ذلك واكتب على ورقة موجودات الدولاب مرتبة، ثم ارجع إلى الدولاب وراجع ما كتبت على الواقع.
ج- انظر إلى شيء ما بضع دقائق ثم اصرف نظرك عنه ودع شخصاً آخر يوجه لك أسئلة عنه وأنت تتذكر وتجاوب.
د- عد الأرقام تنازلياً من 100 إلى واحد، وأحداً واحداً، هكذا : 100 ، 99 ، 98، … إلخ.
ثم عدها مرة أخرى اثنين اثنين، هكذا 100، 98، 96، 94 …إلخ.
ثم عدها مرة أخرى ثلاثة ثلاثة، هكذا : 1000، 97، 94، 91، …إلخ.
ثم عدها مرة أخرى أربعة أربعة ، هكذا : 100 ، 96 ، 92، 000 إلخ.
ثم عدها مرة أخرى خمسة خمسة ، هكذا : 100 ، 95 ، 90 ، …إلخ.
ثم عدها مرة أخرى ستة ستة ، هكذا : 100 ، 94 ، 88 ، … إلخ.
ثم عدها مرة أخرى سبعة سبعة، هكذا : 100 ، 93، 86، … الخ.
ثم عدها مرة أخرى ثمانية ثمانية، هكذا : 100 ، 92 ، 84، …إلخ.
ثم عدها مرة أخرى تسعة تسعة، هكذا : 100، 91، 82، … إلخ.
وكرر هذا التمرين كل يوم مرة لمدة شهر على الأقل.
هـ- خذ ورقة ودوِّن عليها الأرقام من 1 إلى 10 هكذا :
1-
2-
3-
4-
5-
6-
7-
8-
9-
10-
ثم دوِّن أمام كل رقم أي كلمة تخطر ببالك ، ثم اختر أي حرف من حروف الهجاء واكتب أمام كل كلمة ما تستطيع من كلمات مرادفة للكلمة الأولى التي كتبتها أمام الرقم أو تتفرع عنها بشرط أن تبدأ بذلك الحرف الذي اخترته.
ثم انتقل إلى الرقم الآخر وقم بالعمل نفسه ولكن بشرط المحافظة على الحرف الذي اخترته، وهكذا حتى تنتهي من جميع الأرقام.
ثم كرر العملية بكلمات أخرى وحروف أخرى، وهكذا.
استعادة التوازن بعد ضغوط العمل:
إن للإنسان طاقات محدودة لا يستطيع أن يبذل أكثر منها ولا أن يتحمل فوق قدرته ولكن بعض الناس تحت إغراء كثرة الفرص المتاحة أو علو الهمة وزيادة الحيوية والنشاط يندفع للعمل فيحمِّل نفسه فوق طاقتها مما يؤدي إلى القلق والاضطراب وعدم الانتاج ويصبح كما ورد ( إن المنبت لا أرضاً قطع ولا ظهراً أبقى).
وهذه المشكلة التي تواجه الكثير من الناشطين أصحاب الهمم العالية تحتاج إلى علاج، وللمساهمة في هذا إليك بعض الإشارات:
1- استكثر من التزود بالطاقة الإيمانية، فهي الوقود الذي يعبر به الإنسان رحلة الحياة بسلام، وكلما زاد إيمانه كلما زادت طاقته وتحمله وإمكاناته، ووسائل زيادة الإيمان ورفع مستواه ليس هذا محل تفصيلها لكن القاعدة العامة أن الإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية.
2- لا تلزم نفسك بما لا تطيق ، وراع في برنامجك وقتك وإمكاناتك وظروفك وإلاّ فقد حكمت بالفشل على عملك والقلق والشقاء على نفسك.
3- احرص أن تبني برنامجك حسب الأولويات فتهتم بالضروري وما لا يُمكن تأجيله وتؤخرها ما دون ذلك؛ لأن الحياة المعاصرة فيها من التشعب وكثرة الأعمال ما يجعل الإنسان في دوامة لا يعلم ما الذي يبدأ به، وما الذي يؤجل لكن إذا جعلت معيارك تقديم الأهم أو الأنفع أو الأعجل حسب الظروف أمكنك أن تختار بين هذه الأعمال على أسس موضوعية.
4- عليك بتنويع الأعمال التي تضمنها برنامجك والتي ستمارسها؛ لأن البقاء على عمل واحد دائماً يصيب النفس بالملل ولخمول والرتابة، ومن ثم يثقل العمل على النفس ويستكثر وإن لم يكن كثيراً.
5- عند تقييمك لعملك احرص على أن يكون التقييم موضوعياً بمعنى ألا تقع فميا يقع فيه بعض أصحاب الطموحات المبالغ فيها من النظر فقط للإخفاقات وتناسي الإنجازات وعدم رؤيتها أو تذكرها إلا أثناء تحقيقها ثم نسيانها بعد ذلك ؛ إذ في ذلك جحود لنعم الله عليك والاستمرار في هذا المسلك يؤدي إلى الشهور بالإحباط والقلق والفقر الدائم الذي لا يزيله من النفس شيء.
6- لا تنسى ان تعطي نفسك حقها عليك، وأن تجعل ذلك جزءاً من برنامجك لا يمُكن إلغاؤه لحساب غيره من الأعمال الأخرى، ويتمثل هذا الحق في إجازات دورية تجمّ فيها النفس وتريحها من عناء العمل وفترات للاسترخاء وممارسة بعض الهوايات المباحة والعناية بتغذية جسمك وعلاجه مما قد ينوبه من أمراض ؛ لأن النفوس كالمطايا إذا حمَّلت بدون إطعامها وسقيها والعناية بها كلت وضعفت وسقطت، وحبذا لو أعطيت نفسك جائزة ومكافأة على كل إنجاز أو نجاح يمن الله به عليك ويجريه على يديك، ولتكن هذه الجائزة إجازة أو هدية أو أشباه ذلك.
كيف تكتسب الثقة في نفسك ؟
إن الثقة بالنفس هي طريق النجاح في الحياة، وإن الوقوع تحت وطأة الشعور بالسلبية والتردد وعدم الاطمئنان للإمكانات هو بداية الفضل وكثير من الطاقات أهدرت وضاعت بسبب عدم إدراك أصحابها لما يتمتعون به من إمكانات أنعم الله بها عليهم لو استغلوها لاستطاعوا بها أن يفعلوا الكثير.
وإليك بعض الخطوات التي يُمكن بها التخلص من كثير من الأفكار والمشاعر السلبية في حياتك، سواء كانت في الفكر أو السلوك أو الأخلاق أو العادات أو الكلمات أو غيرها ؛ لترفعها من على كاهلك وتحرر نفسك من وطأتها وتنطلق بالنفس نحو الحياة بثقة أكبر وآمال مشرقة أوسع.
1- حدد - بتجرد وبلا مبالغة – أهم الأفكار والصفات السلبية في حياتك.
2- أفراد كل فكرة أو صفة على حدة.
3- فكّر فيها تفكيراً منطقياً تحليلياً يؤدي إلى معرفتها وذلك بمعرفة أسبابها وحقيقتها وهل هي واقع حقيقي فعلاً أو وهم وخيال.
4- إن كانت من الأوهام فحرر نفسك منها وإن كانت واقعاً حقيقياً فتخلص من أسبابها وقلصها إلى أدنى قدر ممكن، وأعلم أن الصفة كلما كانت أكثر رسوخاً في حياتك كلما كانت استبعادها يحتاج لجهد أكبر وزمن أطول.
5- اربط ذهنك وفكرك بشكل مركز – وليكن في لحظات صفاء وبعد عن الشواغل والقلق – بموقف إيجابي مهمّ في حياتك مستعيداً كل تفاصيله من صوت وصورة ومشاعر وأجواء محيطة، فإذا بلغت الذورة من النشاط الذهني والارتياح النفسي والانشراح القلبي وغبت عن واقعك أو كدت فحرك شيئاً من جوارحك حركة معينة متميزة تماماً كأن تكبر أو تسبح أو تهلل مشيراً مع ذلك بأصبعك إشارة خاصة، وليكن هذا الموقف مثلاً خبر نجاحك أو يوم زواجك أو ليلة قمتها لله أو سماعك خبراً ساراً للمسلمين أو أول يوم رأيت فيه أحد الحرمين أو نحو ذلك.
6- كرر ذلك مرات ومرات حتى يرتبط هذا الموقف الإيجابي بكل مشاعره وتداعياته النفسية والشعورية بهذه الحركة آلياً فبمجرد صدور هذه الحركة منك تنتقل آلياً إلى تلك الحالة النفسية الإيجابية العالية، وإن لم تتذكر الموقف المادي الذي كان سبباً لها.
7- إذا وردت عليك أي من تلك المشاعر أو الأفكار السلبية في أي موقف فما عليك إلاّ أن تغمض عينيك قليلاً وتخرج من تلك الأفكار ثم تتخيل أمامك لوحة كتب عليها بخط بارز ولون صارخ كلمة (قف)!.
تأمل هذه الكلمة بعض الوقت وكرر النظر فيها مرة بعد أخرى حتى كأنك لم تعد ترى غيرها.
8- تجاوزها بنظرك متخيلاً وراءها حدائق غناء وأنهاراً جارية وطيوراً مغردة ونسيماً من الهواء عليلاً وتمتع به قليلاً كل ذلك وأنت مغمض لعينيك.
9- انتقل إلى المثير الإيجابي وحرك الجارحة التي أصبحت مفتاحاً له كما في الفقرة رقم (5) واستغرق فيه قليلاً حتى تتبدل حالتك النفسية وتختفي مشاعرك السلبية تماماً.
10- عد للتفكير فيما كنت فيه من شأن ومن عمل.
11- إذا عادت الأفكار السلبية للإلحاح مرة أخرى فتوقف عن العمل تماماً في هذه اللحظات، وعش فقط في ذكريات الحالة الإيجابية.
12- لا تنس اللجوء إلى الله ابتداءاً ونهاية ؛ لأنه هو الذي أضحك وأبكى، فبالتوبة والاستغفار ودوام ذكر الله تحيا القلوب.
***
يتبع ..