السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
في قوله تعالى:{والذين كفرواأعمالهم كسراب بقيعة يحسبه الظمآن ماءحتى إذاجاءه لم يجده شيئآ}
المفردة القرآنية في دلالتهاعلى هذاالمعنى قد ألقت شعاعآشاملآلايسد غيرها في هذا المكان ؛فهي تتفرد بمكانها في الكلام فتشيع فيه أقصى التأثير في نفس المتلقى ،والصورة بمفرداتها هنا تدل على تحطم الآمال في أعمال ظنت أنها نافعة ,ومنجية من عقاب الله في الآخرة .
فليتأمل ذووالإدراك والحس الإنساني دقة التعبير بكلمة (ظمآن)وما تصوره من شدة الحاجة والضرورة الملحة على طلب الماء وقد بين الرماني هذه الدقة قائلآ:"ولو قيل :يحسبه الرائي ماء ،ثم يظهر أنه على خلاف ماقدر لكان بليغآ،وأبلغ منه لفظ القرآن ؛لأن الظمآن أشد حرصآعليه،وتعلق قلب به"كتاب النكت في إعجاز القرآن:82
كما يدل على الحرص الشديد على طلب الماء،وتلمس وجوده الكلمتان : ( حتى)،(إذا)فحتى وضعت أساسآللدلالة على الغاية في الكبر أو الصغر ،وجاءت هنا لتؤذن بالمفاجأة غير المتوقعة ،والنهاية المفجعة التي بعدت كثيرآعن آمال هؤلاء الكفار الذين أكثروا من عمل الخيرات ظنآمنهم أنهانافعة غير أنهم لم يضعوها في موضعها الصحيح وهو الإيمان بالله ،فكانت كالسراب الذي يخدع صاحبه حتى إذا جاءه لم يجده شيئآ.ف(حتى )هنا أفادت المفارقة بين البداية المؤنسة بعمل الخير والنهاية المؤنسة بالخسرآن ،فشتان في حال الكفار بين المعطوف والمعطوف عليه.
أما(إذا)فقد جاءت للدلالة على تحقق الشرط ،وهو مجئ الكفار ،ومواجهتهم لهذا الخسرآن .ثم لا تنس كلمة (شيئآ)حيث استعملت بدل كلمة (ماء)أي لم يجدأي شئ يمكن أن يكون له وجود،فالمكان الذي تتطلع نفسه إليه ليروي ظمأه خراب ليس فيه إلا الصحراء وأهوالها.والكافر يلهث وراء الوهم ،ويركض وراء السراب في هذا الخراب .
وأما تنكير (شيئآ)فللدلالة على خيبتهم التامة حيث لم يجدوا لما قدموه لغير الله أي شئ قل أوكثر ،فالتنكير جاء للتقليل والتحقير.........."اللهم زدنا فهمآوتدبرآلكتابك الكريم".