قطعنا المسافة ونحن رفقة بالأجساد فقط أما عقلى وقلبي فكانا يتجذبان الرأى في تلك الرؤيا.
اقتربنا من العلا هذة هي الهضاب هذة هي الرمال رويداً رويداً هذة هي العلا لا أدري لقد انتابني شعور غريب وعادت رائحة الموت إلى أنفي مرة أخرى هذة ليست العلا التي أعرفها أنها تبكي صدقوني أنني أحسست بها تبكي هذا هوشعوري في تلك اللحظة كانت الساعه تشير إلى الثالثة صباحاً وصلت إلى (المحاش) وهذا أسم الحي الذي أسكنه كان الجميع نائمون أنتظرت وقت دخول الصلاة وصليت في المنزل ولم أذهب للمسجد جاءت خالتي إلى المشب ووضعت القهوة وأنا أصلي وذهبت مع إبنها الصغير إلى (الغنم) .
والدي كعادته في مزرعته في (الخشيببه) تقع في الجنوب الغربي من العلا على مسافة 30كم .
عزمت على عدم النوم والذهاب باكراً للمستشفى لزيارة عمي والسؤال عنه وعمي مريض عقلي ويبلغ من العمر 80 عاماً وأنا متعلق به وهومتعلق بي .
لم أوقض أحداً من اهل المنزل أبداً ولكني أتصلت على أبراهيم النحاس صديقي وجاري الوفي(الآن دكتور معيد في جامعة الملك سعود) وكان وقتها متخرج من الجامعة للتو وفي أجازة أتصلت به علّني اجده مستيقظاً وفعلاً أجاب هو على الهاتف وحين عرف أنني عبدالله تغّير صوته وأعتذر بأن أمه تريدة وسيكلمني بعد لحظات وهنا بدأت الأمور تتجه نحو اليقين أن هناك أمراً حدث أتصلت على حماد أبن عمي ورحيمي في عمله ولكنه حين حدثني أعتذر وقال الآن يوجد لدينا التعداد الصباحي وسأكلمك بعد قليل
ما الذي يحدث ماذا حصل وأنا أفكر بذلك طرق الباب طارق فتحت الباب وإذا هو صديقي وجاري منور.
سلمت عليه وكانت دمعته على خده ويحاول إخفائها عني.
قال: هيا
قلت:إلى أين
قال: اريدك
ركبت معة في السيارة وكان مما قال :
أخي عبدالله تعلم أن الدنيا حياة وموت قاطعته فوراً وبدون تردد
قلت: هل مات ثامر
بكى منور وقال نعم
استدركت وقلت لا حول ولا قوة إلا بالله إنا لله وأنا اليه راجعون
قلت :متى وكيف
قال: يوم الجمعه بحادث أنقلاب في طريق وادي الصفرا ينبع المدينه
قلت :هل معه أحد
قال: لا
قلت: أذهب بي إلى البيت
قال:لن أتركك
قلت: يا منور مات ثامر يرحمه الله وأنا حي ولن أبكي ولن أموت بعده أن كتب لي الله عمر
نزلت أمام البيت و في لحظة نزولي جاء شيخ كبير وسلّم علّي ونطق بكلمه جعلتني أرتبك من هول المفاجاءة.
قال: عظّم الله أجرك
قلت: جزاك الله خيراً(وانا في نفسي أقول هذا لا يعرف ثامر)
وتابع الرجل وقال أنه شايب كبير ومريض والموت افضل له
سكت وذهب الرجل .
دخلت المنزل وأيقظت أبن خالتي وسألته عن عمي فقال لقد توفى يوم الجمعه سبحان الله فقدت عمي وصديقي في يوم واحد
ضاقت علّي الأرض بما رحبت فذهبت إلى الدفاع المدني حيث حماد وأستقبلني بكل حب وكان مما قال:
لقد خفنا عليك ولم يستطع أحد أن يتصل بك في رفحا والكل خائف من نتيجة تلقّيك الخبر,,, كل هذا وأنا ساكت.
أخذت سيارة حماد وذهبت إلى أبي سلمّت عليه وقبلّت رأسه وعزيته بعمي وستأذنته بالعودة إلى رفحا وكعادة أبي قدّر ظروفي وسمح لي بالعوده.. عدت إلى حماد ومنه أتصلت على محمد الصبحي وغادرت العلا وهي تبكي من الحزن على فتاها الصغير وشيخها الكبير
عدت إلى تبوك ونزلت في محطة النقل الجماعي كنت قد وصلت في تمام الساعة الثانية ظهر يوم الأحد أنتظرت حتى السادسة مساءً وركبت الباص وعدت من حيث أتيت اصارع آلامي وانا افقد آمالي
أتدرون لماذا لم أبكي
لقد خفت أن ينتهي حزني بنزول دموعي وأنسى صديقي وأخي
رحم الله ثامراً لقد كان طاهراً شريفاً عفيفاً وفياً
وسيبقى هو الصديق الأول حتى وهوفي قبرة
ورحم الله عمي ذلك الشيخ الذي أخذ منه المرض معظم سنين عمره
هذة هي حكايتي وتلك هي رؤياي التي أتت كفلق الصبح
سألت فيما بعد فقيل لي أنه دٌفن في البقيع
ادعوا له فلم أعلم عنه إلا خيراً
أدعوأ لذلك الشيخ بالرحمه والغفران