بسم الله الرحمن الرحيم
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد
دروس من حياة
الشيخ الاحنف بن قيس شيخ تميم
هو الامير أبو بحر التميمي احد من يضرب بحلمه وسؤدده المثل
اسمه الضحاك وقيل صخر وشهر بالاحنف لحنف في رجليه وهو العوج والميل كان سيد تميم
(شيخ تميم وكلمة سيد في زمنهم تماثل قولنا في عصرنا هذا شيخ) أسلم في حياة النبي صلى الله
عليه وسلم ووفد على عمر وكان من قواد جيش على في يوم صفين . قال الاحنف بن قيس بينا ان
أطوف بالبيت في زمن عثمان اذ لقيني رجل من بني ليث فاخذ بيدي فقال الا ابشرك قلت بلى قال اما
تذكر اذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم الى قومك بني سعد أدعوهم الى الاسلام فجعلت
أخبرهم وأعرض عليهم فقلت انه يدعو الى خير وما اسمع الا حسنا فذكرت ذلك للنبي صلى الله
عليه وسلم فقال ( اللهم اغفر للاحنف ) فكان الاحنف يقول فما شيء ارجى عندي من ذلك .
الشيخ الاحنف يطالب المسؤولين
وعن الشعبي قال وفد ابو موسى الاشعري وفدا من البصرة الى عمر منهم الاحنف بن قيس فتكلم
كل رجل في خاصة نفسه وكان الاحنف في آخر القوم فحمدالله وأثنى عليه ثم قال أما بعد يا أمير
المؤمنين فإن اهل مصر نزلوا منازل فرعون واصحابه وإن اهل الشام نزلوا منازل قيصر
واصحابه وان اهل الكوفة نزلوا منازل كسرى ومصانعه في الانهار والجنان وفي مثل عين البعير
والكوار في السلى فتأتيهم ثمارهم قبل أن تبلغ وإن اهل البصرة نزلوا في ارض سبخة زعقة
نشاشة لا يجف ترابها ولا ينبت مرعاها طرفها في بحر اجاج وطرف في الفلاة لا يأتينا شيء الا في
مثل سري النعامة فارفع خسيستنا وانعش وكيستنا وزد في عيالنا عيالا وفي رجالنا رجالا وصغر
درهمنا وكبر قفيزنا ومر لنا بنهر نستعذب منه قال عمر عجزتم أن تكونوا مثل هذا ؛ هذا والله السيد
قال فما زلت اسمعها بعد.
وكلم الاحنف مصعب في محبوسين وقال أصلح الله الامير ان كانوا حبسوا في باطل فالعدل
يسعهم وان كانوا حبسوا في حق فالعفو يسعهم .
قال ابن سيرين كان الاحنف يحمل ويقول:
إن على كل رئيس حقا ////// أن يخصب القناة أو تندقا
دفاعه عن قومه في حضرة امير المؤمنين
قال ابن علية عن محمد قال نبئت ان عمر رضى الله عنه ذكر بني تميم فذمهم فقام الاحنف فقاليا
امير المؤمنين ائذن لي قال تكلم قال انك ذكرت بني تميم فعممتهم بالذم وانما هم من الناس فيهم
الصالح والطالح فقال صدقت فقام الحتات وكان يناوئه فقال يا امير المؤمنين ائذن لي فلاتكلم قال
اجلس قد كفاكم سيدكم الاحنف
مقام الشيوخ عند الدولة في صدر الاسلام وتقدير الولاة لهم
وعن الحسن ان عمر كتب الى ابي موسى ائذن للاحنف بن قيس وشاوره واسمع منه
وقيل كان زياد معظما للاحنف فلما ولي بعده ابنه عبيد الله تغير امر الاحنف وقدم عليه من هو دونه
ثم وفد على معاوية في الاشراف فقال لعبيد الله ادخلهم على قدر مراتبهم فاخر الاحنف فلما راه
معاوية أكرمه لمكان سيادته وقال الى يا ابا بحر واجلسه معه واعرض عنهم فاخذوا في شكر
عبيد الله بن زياد وسكت الاحنف فقال له لم لا تتكلم قال ان تكلمت خالفتهم قال اشهدوا اني قد
عزلت عبيد الله فلما خرجوا كان فيهم من يروم الامارة ثم اتوا معاوية بعد ثلاث وذكر كل واحد
شخصا وتنازعوا فقال معاوية ما تقول يا ابا بحر قال ان وليت احدا من اهل بيتك لم تجد مثل عبيد
الله فقال قد اعدته قال فخلا معاوية بعبيد الله وقال ضيعت مثل هذا الرجل الذي عزلك واعادك وهو
ساكت فلما رجع عبيد الله جعل الاحنف صاحب سره
كيف نال مشيخة قومه وقصيدة في مهابته عند قومه
قال ابن المبارك قيل للاحنف بم سودوك ؟ قال لو عاب الناس الماء لم اشربه .
وقيل عاشت تميم بحلم الاحنف اربعين سنة وفيه قال الشاعر
اذا الابصار ابصرت ابن قيس ظللن مهابة منه خشوعا
وعن قتادة عن الحسن قال : ما رأيت شريف قوم كان افضل من الاحنف
لم يكن شيخ تميم يرائي او يبحث عن شهرة
قال خالد بن صفوان كان الاحنف يفر من الشرف والشرف يتبعه
وعنه قال لست بحليم ولكني اتحالم
شيخ تميم كان عابدا تقيا
قيل للاحنف انك كبير والصوم يضعفك قال اني اعده لسفر طويل
وقيل كانت عامة صلاة الاحنف بالليل وكان يضع اصبعه على المصباح ثم يقول حس ويقول ما
حملك يا احنف على أن صنعت كذا يوم كذا
وسمع الاحنف يقول اللهم ان تغفر لي فانت اهل ذاك وان تعذبني فانا اهل ذاك
وقال المغيرة ذهبت عين الاحنف فقال ذهبت من اربعين سنة ما شكوتها لاحد
وقال الاحنف عجبت لمن يجري في مجري البول مرتين كيف يتكبر
من جليل صفات الشيخ
قال الاحنف ثلاثة في ما اذكرهن الا لمعتبر ما اتيت باب السلطان الا ان ادعى
ولا دخلت بين اثنين حتى يدخلاني بينهما وما اذكر احدا بعد أن يقوم من عندي الا بخير .
ترفع الشيخ عن الخصومة والسباب
وعنه : ما نازعني أحد الا اخذت امري بامور ان كان فوقي عرفت له وان كان دوني رفعت
قدري عنه وان كان مثلي تفضلت عليه
وقيل ان رجلا خاصم الاحنف وقال لئنن قلت واحدة لتسمعن عشرا فقال لكنك ان قلت عشرا
لم تسمع واحدة
وقيل ان رجلا قال للاحنف بم سدت واراد ان يعيبه قال الاحنف بتركي من امرك ما لا
يعنيني كما عناك من امري ما لا يعنيك
من مهام الشيخ قضايا الدم
عن هشام بن عقبة اخي ذي الرمة قال شهدت الاحنف بن قيس وقد جاء الى قوم في دم فتكلم فيه
وقال احتكموا قالوا نحتكم ديتين قال ذاك لكم فلما سكتوا قال انا اعطيكم ما سألتم فاسمعوا ان الله
قضى بدية واحدة وان النبي صلى الله عليه وسلم قضى دية واحدة وانتم اليوم تطالبون واخشى ان
تكونوا غدا مطلوبين فلا ترضى الناس منكم الا مثل ما سننتم فقالوا ردها الى دية .
من حكمة الشيخ الاحنف
ثلاثة لا ينتصفون من ثلاثة شريف من دنيء وبر من فاجر وحليم من احمق
وقال من اسرع الى الناس بما يكرهون قالوا فيه ما لا يعلمون
وعنه سئل ما المروة قال كتمان السر والبعد من الشر
وعنه الكامل من عدت سقطاته
وعنه قال رأس الادب الة المنطق لا خير في قول بلا فعل ولا في منظر بلا مخبر
ولا مال بلا جود ولا صديق بلا وفاء ولا فقه بلا ورع ولا في صدقة بلا نية
ولا في حياة بلا صحة وامن .
مجلس شيخ تميم الشيخ الاحنف
قيل كان الاحنف اذا اتاه رجل وسع له فإن لم يكن له سعة اراه كأنه يوسع له
وعنه قال جنبوا مجاسنا ذكر النساء والطعام إني أبغض الرجل يكون وصافا لفرجه وبطنه
الشيخ بفعله ومخبره ما هو بشكله ومظهره
صفات الاحنف الخلقية
قال عبدالملك بن عمير قدم علينا الاحنف الكوفة مع مصعب فما رأيت صفة تذم الا رايتها فيه كان
ضئيلا صعل الرأس متراكب الاسنان ماثل الذقن ناتئ الوجنة باخق العي ن خفيف العارضين احنف
الرجلين فكان اذا تكلم جلا عن نفسه .
وقال العجلي الاحنف بصري ثقة كان سيد قومه وكان أعور احنف دميما قصيرا كوسجا حبسه
عمر سنة يختبره فقال هذا والله السيد .
