بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمه
اوصانا المولى عز وجل بالوالدين وحملنا على طاعتهم كما اوصانا رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم بهما وخاصة الام فهي احب الناس واغلاهم على القلب ،فهي التي عانت في حملنا وولادتنا ومن ثم رضاعنا وتربيتنا وهي من سهر الليالي
الطوال على راحتنا ، هي الحنون التي تخاف علينا من كل مكروه وهي التي تعبت في انشاءنا وتربيتنا حتى نصبح قادرين على مواجهة مصاعب الحياة، فكيف نجازي هذه الام التي كرست كل حياتها لنا انجحد ام نبر بها ، البعض منا عندما تزوج وانجب اطفالا نسي او تناسى تعب امة ومعاناتها معة ومع اخوتة حتى اصبحوا رجالا، وهذه قصة عن ام انجبت اولادا وبناتا وعلمتهم حتى اصبحوا يشغلون مراكز مرموقة في المجتمع
القصةـ
ابتعثت في دورة من قبل عملي الى مدينة الطائف لمدة ستة اشهر ، وصلت ذلك اليوم الى المدينة وقضيت ليلتي انا وعائلتي في احد الفنادق وفي صباح اليوم التالي خرجت ابحث عن شقة مفروشة تكون قريبة من مكان العمل ولم يطول بحثي حتى وجدت شقة تقع بالدور الثاني من بناية صغيره بها عدة شقق وملحق،فاجرت هذه الشقة واستلمت المفتاح وعندما طلبت من صاحب المبنى مفتاح السطح رفض في البداية بحجة ان امرأة كبيرة بالسن تسكن بالملحق ولا يريد لاحد ازعاجها ولكن تحت الحاحي بطلب المفتاح استلمتة ووعدتة باننا لن نسبب اي نوع من الازعاج لتلك العجوز في حال استعمالنا للسطح،وفي احدى الليالي صعدنا انا وعائلتي الى سطح المبنى لقضاء بعض الوقت وما هي الا لحظات حتى سمعنا صوت هذه العجوز وهي تأن وتصرخ من الالم على ما يبدو ،ولم يكن هناك اصوات اخرى تدل على وجود احد غيرها وطلبت من زوجتي استطلاع الامر لعل هذه العجوز بحاجة الى اي مساعدة ولم تغب زوجتي كثيرا حتى عادت واخبرتني ان العجوز مريضة وانها فعلا متألمة من المرض وهي لوحدها بالشقة ،فطلبت منها ان تستأذن لنا بزيارتها وفعلا سمحت لنا بدخول الشقة وجلسنا في ركن متواضع وقلت لها ان تعتبرني ولد من اولادها وان كانت بحاجة الى اي مساعدة ان لا تتردد في طلبها ،حيث لا ارى احدا يقوم على خدمتها ورعايتها ،وسألتها ان كان لها زوج او اولاد فأجابت والدمع في عينيها والحزن باد على وجهها، ان زوجها هو صاحب البناية تزوج عليها بعد مرضها واسكنها في هذا الملحق بعيدا عن اعين الناس وبعيدا عن زوجتة الثانية واولادها الثلاث وبنتها الوحيدة جميعهم متزوجون ويسكنون بعيدا عنها ولا يقومون بزيارتها الا في اوقات متباعدة ولمدة دقائق فقط ليضعوا غرضا عند الباب جاءوا بة وينصرفوا ،ولما سألتها عن حال اولادها لعلهم مشغولون او اوضاعهم المادية سيئة اجابت بأنهم جميعا بأفضل حال فأبنها الكبير يعمل بدرجة كبيرة بأحدى الدوائر الحكومية وابنها الثاني يعمل مدرسا في احد المدارس اما الثالث فيعمل في التجارة ويمتلك معرضا لبيع السيارات والبنت التي كانت قرة عين لها تعمل مديرة لاحدى المدارس ، وسألتها لماذا لم تذهبي انتي اليهم فهم اولى الناس برعايتك اجابت بأنها بالفعل قامت بذلك ولم تجد الترحاب من قبل زوجات اولادها بالرغم من حب احفادها لها وحبها لهم حتى ابنتي عندما زرتها كانت تبعدني عن عيون صديقاتها خوفا بان يعرفوا باني امها، وعدت بعدها الى بيتي والذي قررت ان امكث فية بقية عمري باحترامي وبدون ان اشعر بعدم الرغبة بي عند اولادي وزوجاتهم ،وعندما اكملت العجوز قصتها مع اولادها وزوجها استاذنت بالانصراف انا وزوجتي وانا غير مصدق لما اسمع من وجود مثل هؤلاء الاولاد العاقين لوالدتهم، وقبل ان اغادر طلبت العجوز مني ان لا نطيل عليها وان نزورها باستمرار كما الحت على ان يقوم اولادي بزيارتها يوميا لانهم يذكروها باحفادها فوافقت على طلبها ورجوتها بان تقضي معنا في شقتنا المدة التي سابقى بها في المدينة لحين انتهاء الدوره ولتكون قريبة منا لنتمكن من رعايتها ومساعدتها ولكنها اعتذرت بلطف ودعت لنا بالتوفيق ، وعند انتهاء مدة الابتعاث قمنا بتوديع هذه الام الحزينة وتركناها مع آلامها وذكرياتها الاليمة مع اولادها
هذه يا اخوتي قصة حقيقية وليست من مخيلتي اختصرت منها الكثير حتى لا اطيل عليكم واختمها بقول الرسول صلى الله عليه وسلم (الجنة تحت اقدام الامهات)
