عائشة في غـرفة التشريح !
د محمد الحضيف
بدأ حلماً يراودها ، منذ تسع سنوات وقتها كانت في الصف الثالث الابتدائي ، حين صارحت أمها ، بأمنية ( بريئة ) كأحلام الطفولة ، بعد موقف مرّ بهما موقف ظل يتكرر كثيراً ، في أعوام تالية ، كلما أخذ والدها والدتها إلى المستشفى ، للكشف عليها حين تمر بعارض صحي تسمع توسلات أمها عميقة ولحوحة ، وهي تتمنّع في بعض المرّات ، عن الذهاب إلى المستشفى ، رغم وضعها الصحي السيء ، ثم توافق على مضض :
- أرجوك يا ناصر ، إذا كان دكتور ، لا أريده أن يكشف علي !
في كل مرّة ، كان زوجها يرد بحزم :
- ليس عندنا حل ثانِ يا مها ، إذا لم يكن هناك دكتورة
- لا أرجوك يا أبا أحمد أموت ، ولا يكشف عليّ رجل
سنوات تمضي ، ومشهد يتكرر في إحدى المرّات تذكر أن والديها ، عادا من المستشفى ، بكيس من الأدوية أبوها كان هادئاً ، لكن والدتها بدت بحالة نفسية متردّية ، أسوأ من تلك التي ذهبت بها سمعت والدها يتحدث يطمئنها ، ويؤكد بأن حالتها عادية ، ولا تستدعي القلق ، وأقسم على ذلك عدة مرّات وأن الطبيب أخبره بذلك ثم ختم حديثه قائلاً :
- وكان كذلك ، مؤدباً جداً وهو يكشف عليك أليس هذا هو المطلوب ؟
أفرغ كيس الأدوية على طـــاولة صغيرة ، في وسط غرفة النوم ، وأخذ يستعرض تعليمات الاستعمال ، الملصقة عليها :
- كل شيء واضح أهم شيء الالتزام بالمواعيد
نظر إلى ساعته وقال :
- سأخرج للصلاة الآن ، ولدي موعد بعدها ، استريحي عائشة ستساعدك
نادى على ابنته ، وقال ممازحاً :
- أكيد تعرفين تقرأين ؟
هزت رأسها
- شوفي التعليمات المكتوبة على الأدوية ، وأعطيها ماما
جثت على ركبتيها قريباً من الطاولة ، ثم التقطت منديلاً ورقياً ، وفرشته في إحدى زواياها شرعت تقرأ الإرشادات ، المرفقة مع كل علبة دواء ، ثم تفتحها ، وتأخذ منها ، حسب ما هو مبين في ملصق التعليمات ، وتضعه على المنديل ، حتى مرّت عليها كلها ، وأعادتها بعد ذلك إلى الكيس أحضرت كأس ماء ، ثم جمعت الدواء في المنديل ، واتجهت إلى والدتها ، التي كانت قد استلقت على السرير ، ووضعت وسادة على وجهها :
- ماما الدواء
التفتت الأم ، بعد أن رفعت الوسادة عن وجهها ، ونظرت إليها بعينين مبللتين مدت يدها إليها لتأخذ الدواء ، وبقايا ألم ما زالت في العينين تحاول أن تواريها :
- تسلمين حبيبتي
- أمي بابا يقول ، أنت طيبة ، وما فيه شيء خطير ، ليه أنت متضايقة ؟
- ما فيه شيء حبيبتي
- أجل ليه تبكين يا ماما أنت متضايقة من المستشفى ؟
أغلقت كفها على الدواء ، ثم أغمضت عينيها وأطرقت كانت تحبس وجعاً غير عادي ، وتتمنى لو تجد من تبوح له به في خاطرها أن البنت صغيرة ، ولا تستوعب حديثاً عن أحوال النساء بهذا المستوى كيف تفصح لها ، عن خجلها الشديد ، من كشف الطبيب عليها ؟
عندما رفعت رأسها ، كانت ابنتها ما زالت واقفة ، ممسكة كأس الماء بيدها ، وعلامات الاستفهام ، قد استولت على كـــــامل وجهها أخذت كأس الماء منها ، وتـــناولت كومة حبوب الدواء من المنديل ، وجمعتها في كــفها ، ثم قذفتها في فمها ، وأتبعتها بجرعة ماء وضعت الكأس بجانبها ، ولم تشأ أن تنظر في وجهها ، حتى لا تشعر بحرج من تهربها من الإجابة أحست بها تتقدم نحوها ثم تقف ، وتطوق عنقها بكـــفين ، وساعدين ممدودين رفعت رأسها ، ولما التقت نظراتهما فاجأتها بما لم تتوقع :
- ماما لمّا أكبر ، أصير دكتورة وأكشف عليك
صرخت وضمتها :
- يا عمري يا ( عيّوش ) حاسة فيني !
انـــزاح عن صـــــدرها هم ثــــقيل ، فانفرجت أساريرها كـــــانت تريد البوح ، أن تتـــــحدث إلى ( أحد ) لم تظن أن عائشة الصغيرة ، قادرة على إدراك ما يعتمل في داخلها أجلستها إلى جانبها على طرف السرير ، وانطلقت تحدثها عن حيائها من الرجال ، وشعورها بالإثم ، لإطلاع الطبيب على أجزاء من جسدها :
- أستحي يا بنيّتي ، وأحس إني أموت مئة مرّه ، قبل ما يخلص الدكتور من الكشف
لم تعلق عائشة ، وإنما استمرت تتأمل أمها ، وتمسح وجنتيها بكفّيها وتكرر بين آن وآخر جملتها : " أكبر وأصير دكتورة ، وما يكشف عليك إلا أنا " تبتسم الأم وتضمها ، لكنها لا تخفي عدم رغبتها في أن تصبح عائشة طبيبة :
- اسم الله عليك يا حبيبتي أخاف عليك!
كبرت عائشة ، وبقي الحلم يكبر ، في كل مرّة يتكرر الموقف ، حينما تضطر أمها للذهاب إلى الطبيب وكثيراً ما حدث ذلك حلم طفلة التاسعة ، بقي خواطر عفوية ساذجة ، تروح وتجيء ، إلى أن كان قدره أن يتعرض لصدمة ، حوّلته إلى هدف ، غير قابل للمساومة لفتاة أصبحت أكثر نضجاً ، وتقترب من سن الزواج ، وصارت تعرف من أمور النساء الشيء الكثير
في مجتمع ينشئ نساءه ، على الحشمة والحياء ، وتنظر المرأة لذلك ، على أنه مقياس لقيمتها ، وسور يمنع التعدي عليها لم يكن صعباً أن تفـــهم ، لماذا تعاني أمها ، كل هذه المعاناة ، في كل زيارة لها للطبيب إنها بمفهوم آخر ثقافي ، غــــير معــــلن ، تعتبر إطلاع الطبيب الرجل ، على خصوصية جسدها إنتهاكاً لمحرم ، واختراقاً لحصونها ، التي تستمد منها ، واحدة من أهم قيمها المعنوية في مقابل القيمة الحسية ، التي تَعْمَد إلى ( تَشْيِيء ) المـــــــــرأة ، والنظر إليها ، بوصفها شـــــيئاً ( متاحاً ) ، باعثاً للّذة ومن ثم ابتذالها جنسياً ، يعلي الحياء والحرص على خصوصية الجسد من القيمة المعنوية للمرأة ، بوصفها كــــينونة بعقل ومنظومة قيم صحيح أن حالة والدتها ، لا تتكرر كثيراً ، لكنها تستند إلى بيئة تربوية وثقافية تتفاوت النساء في تمثّلها
كانت شابة في السابعة عشرة طالبة في الصف الثاني الثانوي ، حينما رافقت أمها الحامل ، برفقة والدها إلى المستشفى في رحلة أحدثت تحولاً عميقاً في مجرى حياتها :
- أمك تحتاج إلى مساعدة يا عائشة تعالي معنا أصلّي المغرب ونمشي كونوا جاهزين
حين وصلوا المستشفى ، توجهوا لقسم الطوارئ قصد موظف الاستقبال ، وقال أن زوجته حامل ، وتشكو من آلام شديدة ، رغم أن موعد وضعها لم يحن بعد :
- لديها ملف ؟
- نعم
ثم مد يده إلى جيبه ، وأخرج بطاقة بلاستيكية
كانت على كــرسي متحرك أشار إليه ، وهو يمد البطاقة إلى ممرضة على يمينه ، بأن يدفعها باتجاه مكتب ، يتجمع حوله عدد من الممرضات أخذت الممرضة التي تحدث إليها ، البطاقة التي كانت تحمل اسمها ، ورقم الملف ، ومعلومات عامة عن المريض شرعت تملأ البيانات ، في ورقة تناولتها من ملف أمامها ، وتملي في الوقـــت نفسه ، عبر الهاتف ، الذي رفعته بكتفها ، وألصقته بأذنها معــلومات الملف ، على شخص آخر تحادثه أثناء ذلك ، كانت الممرضات الأخريات قد وضعنها على سرير ، في إحــــدى غرف الطوارئ ، وبدأن بأعمال الفحص الأوّلي أبـــــو أحمد زوجها ، كان متوتراً ، على غير عادته ، فبادر الممرضة :
- هاه يا ( سستر ) ، إن شاء الله خير ؟
- إن شاء الله " ممكن فيه ولادة ، بس لازم دكتور يشوف أول "
عائشة كانت إلى جوار أمها ، حـــين لاحظت أنها انتفضت ، بمجرّد سماعها كلمة ( دكتور ) بعفوية لا تخلو من توتر ، سحبت الأم الغطاء على بطنها المكشوف ، رغم أنه لم يكن موجوداً ، إلا زوجها وابنتها والممرضة ، التي تقيس ضغطها ، ودرجة حرارتها ولم تكن قد انتهت بعد ، من استكمال إجراءات الكشف لما أرادت الممرضة أن تزيح الغطاء ، لتضع السماعة على بطنها ، أبعدت يدها ، واجترّت نفساً عميقاً وقالت :
- أرجوك يا ( سستر ) ، إذا خلصتِ أبغى دكتورة تكشف علي
لم ترد الممرضة ، وإنما واصلت إجراءات الفحص ، وطرح الأسئلة التقليدية ، عن تاريخها المرضي ، وإذا ما كان لديها حساسية ، تجاه دواء معين تجاهل الممرضة لطلبها ، زادها إحباطاً ، ورفع وتيرة قلقها فنظرت إلى زوجها بعينين منهكتين ، أثقلهما الإحراج ، والشعور بالعناء الذي تسببه له فعجزت عن فتحهما بكامل استدارتهما وقالت :
- أسألك بالله يا أبو أحمد ، فكّني من وجع القلب هذا !
أغضى وتنهد بصوت مكتوم ، ولم يعلّق وقف للحظة ثم شد على يدها ، قبل أن يذهب خرج من عندها ، وصار يتلفّت بحثاً عن أحد يسأله شاهد شاباً يرتدي معطفاً أخضراً ، يناقش إحدى الممرضات في ورقة يحملها اقترب منه ، وأخبره بحاجة زوجته لعناية عاجلة لم يقطع الشاب حديثه مع الممرضة ، بل التفت بسرعة وقال وهو يشير بيده باتجاه أحد الأشخاص :
- كلّم الدكتور بشير
- وأنت ؟
- أنا طبيب امتياز
- يعني ؟
لم يـــــرد عليه ، بل استمر في حديثه ، واكتفى بالإشارة إلى شخص سوداني في طرف الصالة ، عليه معطف أبيض ، ويتحلق حوله عدد من الأشخاص ، بينهم ممرضات سأل إحدى الممرضات عن الدكتور بشير ، فأشارت إليه أراد أن يحدثها عن حالة زوجته ، فاعتذرت وأخبرته أن عليه أن يتحدث مع الطبيب المسؤول في قسم الطوارئ الدكتور بشير اقترب وحيّاه :
- مساء الخير دكتور ، أنا زوجتي حامل وتعبانه ممكن
- الدور جاي عليها ، دقائق فقط ، وأجيء لها
- المشكلة يا دكتور ، إنها تريد طبيبة تكشف عليها
- للأسف الليلة الدكتورة صار عندها حالة طارئة ومشت ، ولا يوجد في القسم عندنا ، إلا دكاترة رجال ، يكشفون على المرضى
- والولادة ؟ الممرضة قالت أنها ربما تكون عندها حالة ولادة مبكرة !
- موضوع الولادة ليس فيه مشكلة ، على حد علمي ، يوجد طبيبة ، لكن دعنا الآن نراها ، ونعرف ما هي حالتها بالضبط ، مع الدكتور فيصل
ثم أشار برأسه إلى طبيب ، يقف على بعد أمتار منه ، يقلب مجموعة أوراق بين يديه يبدو الدكتور فيصل ، من ملامحه ومظهره الخارجي أنه سعودي فرح بذلك ، وقال يحدث نفسه : دكـــتور سعودي سوف يتفهم موقف زوجتي ، ورفضها للأطباء الرجال ويقدر حالتها النفسية ، وشعورها
عاد إلى زوجته ، وفضل أن يبدأ بإطلاعها ، على ما يظن أنه الخبر الذي سيطمئنها ويريحها يعلم أنه لو أخبرها بعدم وجود طبيبة ، تتولى الكشف عليها ، فإن وضعها النفسي سيتدهور ، وحالتها الصحية ستزداد سوءاً قال إنه تحدث إلى الدكتور رئيس قسم الطوارئ ، عن رغبتها في طبيبة تتولى متابعة حالتها ، وأن الدكتور أكد وجود طبيبة نساء وولادة ، سوف تتولى رعايتها ، والإشراف على الولادة بمجرد أن يتم تحويلها من الطوارئ إلى قسم التوليد ، بعد أن تنتهي إجراءات الكشف ، والتأكد من حالتها ثم أضاف ، بكثير من الاطمئنان :
- هناك أيضاً دكتور سعودي موجود في الطوارئ ، سيساعدنا لو حصل أي إشكال
بدت أمارات الرضا على وجهها ، ولم تنتبه لكلام زوجها ، أن من سيتولى الكشف عليها ، وينهي إجراءات فحصها قبل تحويلها لقسم التوليد ، دكتور وليس دكتورة كان انتباهها مركزاً على الجزء الأول من الكلام ، الذي يتحدث عن طــــبيبة النــساء والولادة عائشة انتبهت للأسلوب ، الذي خاطب به والدها والدتها ، ولاحظت مظاهر ارتياح اتسم بها حديثه ، وهو يتحدث عن وجود طبيب سعودي انتبهت أيضاً للسكينة التي غمرت أمها ، بعد سماعها لكلام والدها اختلست نظرة لوجه والدها ، الذي أدرك ما يدور في خاطرها فتبادلا ابتسامة ارتياح وإعجاب هي للطريقة الذكية التي استخدمها لطمأنة أمها ، وهو لذكائها وسرعة بديهتها
كانت الممرضة قد فرغت من إجراءات الفحص ، ودونت النتائج في بيان معها ، وعلى وشك أن تخرج ، حين دخل الدكتور بشير السوداني ، ومعه الطبيب الآخر ، الذي كان واضحاً ، من لهجته وكلامه أنه سعودي أخذ الدكتور بشير الورقة من الممرضة ، وتحدث بلغة إنجليزية مع الطبيب الآخر ، وصارا يستعرضان المعلومات التي دونتها الممرضة طلب الدكتور بشير من الممرضة أن تكــشف عن بطن المريضة تمسكت أم عائشة بالشرشف ، لكن زوجها نظر إليها بعتاب وخاطبها بصوت خافت :
- مها !
طرفت عيناها من خلف النقاب ، ثم أرخت قبضتي كفيها عن الغطاء وتنهدت بعمق في الوقت نفــــسه ، انحنت عائشة ووشوشت في أذن أمها بكلمات غير مسموعة ، أطلقت بعدها الشرشف ، وتركت الممرضة تقوم بواجبها
وضع الدكتور بشير السماعة على الجزء الظاهر من بطنها ، وتحدث مع الطبيب الآخر ، الذي تناول منه السماعة ووضعها في أذنيه أصغى لبضع ثواني ، ثم التفت إلى الدكتور بشير ، وهز رأسه موافقاً ، وعلق بعبارة واحدة كان الحوار باللغة الإنجليزية ، فلم يفهموا شــيئاً مما دار بينهما التفت الدكتور بشير إلى والد عائشة ، أبو أحمد وقال :
- زوجتك لديها حالة ولادة مبكرة ، وسنكتب لها إذن تنويم الدكتور فيصل هو استشاري النساء والولادة سيتولى إكمال الإجراءات والإشراف على الولادة
تبادل أبو أحمد نظرات سريعة مع زوجته ، التي فاجأها الخبر ، وكان خلاف ما توقعته فظهر الهلع في عينيها ، وأخذت تجمع الشرشف حولها بعصبية ، وتردد : لا لا كان الدكتور بشير على وشك أن يخرج ، قبل أن يستوقفه زوجها ، ويقول له :
- لكني يا دكتور ذكرت لك ، أن زوجتي لديها مشكلة ، ولا تريد إلا دكتورة لتقوم بتوليدها
- والله يا أستاذنا ، هذا ليس من اخــــتصاص الطوارئ كلم الدكتور فيصل هو المسؤول
غادر الدكتور بشير ، فالتفت أبو أحمد إلى الدكتور فيصل ، الذي كان يرتب إجراءات التنويم مع الممرضة ، وسمع الحديث الذي دار بينه وبين الدكتور بشير فقال :
- دكتور فيصل ، لو سمحت
قبل أن يكمل كلامه ، فاجأه الدكتور فيصل ، دون أن ينظر إليه ، وهو ما زال منشغلاً مع الممرضة برد جاف ، وتقاطيع جامدة :
- الإجراءات تتم حسب المتوفر
- الدكتور بشير ، قال لي قبل وصولك بدقائق ، إن فيه طبيبة دكتورة
انفعل الدكتور فيصل ، ورد بعصبية :
- يعني أنا كذاب ؟!
- أنا ما قلت كذا !
واصل الدكتور فيصل انفعاله ، وبوتيرة أعلى :
- قلت أو ما قلت ، أزعجتونا كل واحد يجيء لي أبغى دكتورة تولد زوجتي إيش الأوادم هذي ؟ صلحوا لكم مستشفيات بمزاجكم عاجبك نظامنا ، أو خذ زوجتك وتوكّل على الله الباب يوسع جمل !
ثم ختم ردّه الحاد ، بعبارة خافته ، حاول أن تكون غير واضحة :
- ناس متخلفة !
لكن يبدو أن أذن أبو أحمد ، قد التقطت الكلمة :
- يا دكتور هذا مستشفى حكومي ، ومن حق المواطن أن يلقى احتراماً ، وخدمة صحيحة التخلف ليس التزام الإنسان بما يؤمن به ، بل معاملة الناس بهذه الطريقة
اندفع الدكتور فيصل خارجاً من غرفة الفحص ، بعد أن أكمل بلغة غاضبة ، توجيه تعليماته للممرضة لم تفلح في إيقافه عبارة : " أرجوك يا دكتور " ، التي ظل أبو أحـــمد يرددها أملاً في أن يستمع إليهم ، ويتفهم ظروف زوجته ، ووضعها النفسي أراد أن يشرح له ، أنها ليست مسألة حلال أو حرام فقط ، ما يجعل زوجته ترفض الأطباء الرجال وهو ما فهمه ، من وصفه لهم بالتخلف بل بسبب حالتها النفسية كان واضحاً أن مــــوقفه قطعي ونهائي ، لأن الممرضة ، بعد انصرافه ، جاءت وأكّدت لهم ، أن الدكتور فيصل ، طلب منها أخذ توقيعه وإقراره ، على أن من سيتولى توليد زوجته طبيب رجل ، وليس طبيبة
أراد أن يتبعه ليجادله ، لكنه فضل أن يبقى ليهدئ زوجته ، التي أخذت تنتحب ، وفاض الدمع من عينيها ، حتى بلل معظم نقابها منظر زوجته تتلوى من الألم ، وموقف الدكتور الحاد من طلبهم ، جـعله يشتعل سُخطاً وغضباً ولم يبقِ مجالاً للصبر ، فخرج ليلحق به جال في قسم الطوارئ يبحث عنه ، وهو يردد بغيظ :
- أين دكتوركم المحترم ؟
لم يجده وكذلك الدكتور بشير ، لم يكن موجوداً هو الآخر بدأ يعلو جداله مع موظف الأمن ، الذي كان يطالبه بالهدوء أو سيضطر لاستدعاء الشرطة لإخراجه زوجته وابنته كانتا تسمعانه من داخل غرفة الفحص خشيتا عليه أن ينفعل ، فيقدم على تصرف غير محسوب :
- عائشة نادي على والدك بسرعة
( يتبع )
المفضلات