النتائج 1 إلى 6 من 6

الموضوع: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن

  1. #1
    عضو جديد
    تاريخ التسجيل
    27 - 6 - 2008
    المشاركات
    430
    معدل تقييم المستوى
    629

    افتراضي باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن

    بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، قال المصنف -رحمه الله تعالى-: باب قول الله -تعالى-: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .
    وفي الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وعنده عبد الله بن أبي أمية وأبو جهل فقال له رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: يا عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج لك بها عند الله. فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- فأعاد فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول: لا إله إلا الله.
    فقال النبي -صلى الله عليه وسلم- لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك فأنزل الله عز وجل:
    مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى وأنزل الله -تبارك وتعالى- في أبي طالب: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ

    الباب الذي بعده باب قول الله -تعالى-: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ مناسبة هذا الباب لكتاب التوحيد أن الهداية من أعز المطالب، وأعظم ما تعلق به الذين تعلقوا بغير الله أن يكون لهم النفع في الاستشفاع، وفي التوجه في الدنيا والأخرى.
    والنبي -عليه الصلاة والسلام- وهو سيد ولد آدم، وهو أفضل الخلق عند ربه -جل وعلا- نفي عنه أن يملك الهداية، وهي نوع من أنواع المنافع، فدل على أنه عليه الصلاة والسلام ليس له من الأمر شيء، كما جاء في ما سبق في باب قول الله تعالى: أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ في سبب نزول قول الله -تعالى-: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ .
    فإذا كان النبي -عليه الصلاة والسلام- ليس له من الأمر شيء، ولا يستطيع أن ينفع قرابته: يا فاطمة بنت محمد سليني من مالي ما شئت لا أغني عنك من الله شيئا .
    إذا كان هذا في المصطفى -صلى الله عليه وسلم- وأنه لا يغني من الله -جل وعلا- عن أحبابه شيئا، وعن أقاربه شيئا، وأنه لا يملك شيئا من الأمر، وأنه ليس بيده هداية التوفيق، فإنه أن ينتفي ذلك، وما دونه عن غير النبي -صلى الله عليه وسلم- من باب أولى.
    فبطل إذن كل تعلق للمشركين من هذه الأمة بغير الله -جل وعلا- لأن كل من تعلقوا به هو دون النبي -عليه الصلاة والسلام- بالإجماع، فإذا كانت هذه حال النبي -عليه الصلاة والسلام- وما نفي عنه، فإن نفي ذلك عن غيره -صلى الله عليه وسلم- من باب أولى قال هنا: باب قول الله -تعالى-: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ .
    قال هنا: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ "لا" هنا نافية، وقوله: "تهدي" الهداية المنفية هنا هي هداية التوفيق والإلهام الخاص، والإعانة الخاصة هي التي يسميها العلماء هداية التوفيق والإلهام.
    ومعناها أن الله -جل وعلا- يجعل في قلب العبد من الإعانة الخاصة على قبول الهدى، ما لا يجعله لغيره، فالتوفيق إعانة خاصة لمن أراد الله توفيقه.
    بحيث يقبل الهدى، ويسعى فيه، فَجَعْلُ هذا في القلوب ليس إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ القلوب بيد الله، يقلبها كيف يشاء، حتى من أحب لا يستطيع عليه الصلاة والسلام أن يجعله مسلما مهتديا، فمن انفع قرابته له أبو طالب، ومع ذلك لم يستطع أن يهديه هداية توفيق، فالمنفى هنا هو هداية التوفيق.
    والنوع الثاني من الهداية المتعلقة بالمكلف: هداية الدلالة والإرشاد، وهذه ثابتة للنبي -صلى الله عليه وسلم- بخصوصه، ولكل داع إلى الله، ولكل نبي ورسول قال جل وعلا: إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرٌ وَلِكُلِّ قَوْمٍ هَادٍ .
    وقال جل وعلا في نبيه -عليه الصلاة والسلام-: وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ صِرَاطِ اللَّهِ فتهدي يعني: لتدل وترشد إلى صراط مستقيم بأبلغ أنواع الدلالة، وأبلغ أنواع الإرشاد، الدلالة والإرشاد المؤيدان بالمعجزات والبراهين، والآيات الدالة على صدق ذلك الهادي، وصدق ذلك المرشد، فإذن الهداية المنتفية إذن هي هداية التوفيق.
    وهذا يعني أن النفع وطلب النفع في هذه المطالب المهمة يجب أن يكون من الله - جل وعلا- وأن محمدا -عليه الصلاة والسلام- مع عِظَم شأنه عند ربه، وعظم مقامه عند ربه، وأنه سيد ولد آدم، وأنه أفضل الخلق عليه الصلاة والسلام، وأشرف الأنبياء والمرسلين إلا أنه لا يملك من الأمر شيئا، عليه الصلاة والسلام.
    فبطل إذن تعلق القلوب في المطالب المهمة في الهداية، وفي المغفرة، وفي الرضوان، وفي البعد عن الشرور، وفي جلب الخيرات إلا بالله -جل وعلا- إنه هو الذي تتعلق القلوب به خضوعا وإنابة ورغبا، ورهبا وإقبالا عليه، وإعراضا عما سواه سبحانه وتعالى.
    قال بعد ذلك: "في الصحيح عن ابن المسيب عن أبيه قال: لما حضرت أبا طالب الوفاة جاءه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- …. إلى أن قال: فقال له: يا عم قل: لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله.
    فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فأعاد عليه النبي -عليه الصلاة والسلام- فأعادا، فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب، وأبى أن يقول: لا إله إلا الله
    .
    في هذا القدر من الفائدة أن هذه الكلمة كلمة لا إله إلا الله ليست كلمة مجردة عن المعنى، تنفع من قالها، ولو لم يقر بمعناها، والعرب كانوا لصلابتهم وعزتهم ورجولتهم ومعرفتهم بما يقولون، كانوا إذا تكلموا بكلام يَعُونَ ما يتكلمون به، يعون كل حرف، وكل كلمة، خوطبوا به أو نطقوا به هم.
    فلما قيل لهم: قولوا لا إله إلا الله، مع أنها كلمة يسيرة، لكن أَبَوْا؛ لأنهم يعلمون أن هذه الكلمة معناها إبطال إلهك من سوى الله -جل وعلا- ولهذا قال -جل وعلا-: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُو آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَجْنُونٍ بَلْ جَاءَ بِالْحَقِّ وَصَدَّقَ الْمُرْسَلِينَ الآيات.
    وكذلك قوله في أول سورة "ص" قول الله -جل وعلا- مخبرا عن قولهم: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا استنكروا لا إله إلا الله، وهذا هو الذي حصل مع أبي طالب حيث قال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: قل لا إله إلا الله، كلمة أحاج لك بها عند الله .
    فلو كانت مجردة من المعنى عندهم، أو يمكن أن يقولها دون اعتقاد ما فيها، ورضا بما فيها، ويقين وانتفاء الريب، لقالها لكن ليس هذا المقصود من قول: لا إله إلا الله؛ بل المقصود هو: قولها مع تمام اليقين بها، وانتفاء الريب، والعلم، والمحبة إلى آخر الشروط.
    فقالا له: أترغب عن ملة عبد المطلب وهذا فيه والعياذ بالله ضرر جليس السوء على المُجَالِس له فكان آخر ما قال: هو على ملة عبد المطلب وأبى أن يقول لا إله إلا الله، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك .
    وهذا موطن الشاهد من هذا الحديث، ومناسبة هذا الحديث لهذا الباب أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: لأستغفرن لك واللام هنا هي التي تقع في جواب القسم، فثَمَّ قَسَمٌ مقدرٌ تقديره: والله لأستغفرن لك .
    وحصل من النبي -صلى الله عليه وسلم- أن استغفر لعمه، ولكن هل نفع عمَّهُ استغفارُ النبي -صلى الله عليه وسلم- له؟ لم ينفعه ذلك، وطلب الشفاعة والاستشفاع هو من جنس طلب المغفرة، فالاستغفار طلب المغفرة، والشفاعة قد يكون منها طلب المغفرة فردت.
    رد ذلك؛ لأن المطلوب له؛ لأن المُسْتَشْفَع له المشفوع له مشرك بالله، والاستغفار والشفاعة لا تنفع أهل الشرك، والنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يملك أن ينفع مشركا في مغفرة ذنوبه، أو أن ينفع أحدا ممن توجه إليه بشرك في إزالة ما به من كربات، أو جلب الخيرات له.
    لهذا قال: لأستغفرن لك ما لم أُنْهَ عنك، فأنزل الله -عز وجل- مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ .
    وهذا ظاهر في المقام أن الله -جل وعلا- نهى النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يستغفر للمشركين، وكلمة مَا كَانَ في الكتاب والسنة تأتي على استعمالين:
    الاستعمال الأول: النهي. والاستعمال الثاني: النفي.
    النهي مثل هذه الآية وهي قوله: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ هذا نهي عن الاستغفار لهم، وكذلك قوله: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً والنفي كقوله: وَمَا كُنَّا مُهْلِكِي الْقُرَى إِلَّا وَأَهْلُهَا ظَالِمُونَ .
    ونحو ذلك من الآيات فإذن مَا كَانَ في القرآن تأتي على هذين المعنيين، وهنا المراد بها النهي، نهي أن يستغفر أحد لمشرك، وإذا كان كذلك فالميت الذي هو من الأولياء من الأنبياء من الرسل، فإذا نهي في الحياة الدنيا أن يستغفر لمشرك، فهو أيضا، لو فرض أنه يقدر على الاستغفار في حال البرزخ، فإنه لن يستغفر لمشرك، ولن يسأل الله لمشرك توجه إليه بالاستشفاع أو توجه إليه بالاستغاثة، أو بالذبح، أو بالنذر، أو تألهه، أو توكل عليه، أو أنزل به حاجاته من دون الله جل وعلا.
    قال: وأنزل الله في أبي طالب إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ

  2. #2
    عضو جديد الصورة الرمزية القاسم
    تاريخ التسجيل
    26 - 6 - 2008
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    257
    معدل تقييم المستوى
    629

    افتراضي رد: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي

    شكرا ع الموضوع

  3. #3
    مشرفة القسم الإسلامي الصورة الرمزية اشراقة الدعوة
    تاريخ التسجيل
    23 - 7 - 2009
    الدولة
    أرض الحرمين
    المشاركات
    2,783
    معدل تقييم المستوى
    597

    افتراضي رد: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي

    جزاكم الله خيرا.

  4. #4
    عضو جديد الصورة الرمزية مشعل بن مشحن السرحاني
    تاريخ التسجيل
    26 - 11 - 2009
    الدولة
    K.S.A
    المشاركات
    10,320
    معدل تقييم المستوى
    595

    افتراضي رد: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي

    جزاكم الله خيرا على الطرح المفيد
    [flash=http://e3sarcom.com/up/upload/%D9%85%D8%B4%D8%B9%D9%84%20%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B 1%D8%AD%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D9%80%D8%A7%D9%86% D9%8A.swf]WIDTH=400 HEIGHT=350[/flash]

  5. #5
    عضو جديد الصورة الرمزية ابو البندري
    تاريخ التسجيل
    9 - 9 - 2008
    المشاركات
    2,819
    معدل تقييم المستوى
    624

    افتراضي رد: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي

    جزاك الله خيرا

  6. #6
    عضو جديد الصورة الرمزية عبدالعزيزسالم الوابصي
    تاريخ التسجيل
    10 - 10 - 2009
    الدولة
    السعوديه
    المشاركات
    3,449
    معدل تقييم المستوى
    585

    افتراضي رد: باب قول الله تعالى: إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي

    بارك الله فيك
    فزاع طار وطيرنه هبايب ،،،يادقة الساعه ويادقة الباب
    ساعه عجيبه ياعجب ياعجايب ،،، يادمعة الشايب وياضحكة الشاب

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •