أخي الكريم ماجد الهريم عضو منتدى بلي
أحببت أن اشارك بهذه المداخلة نقلا عن أهل العلم إجابة على سؤالكم0
إن تفسير القرآن الكريم يؤخذ من منابعه :
تفسير القران بالقران
تفسير القران بالسنة
تفسير القرآن بالأثر 0
وأما تفسير القرآن بالرأي المستند للهوى كرائد ، والمذهب كقائد ، فهذا تفسير باطل مردود ، لا يقبل بأي حال من الأحوال 0وتحت هذا العنوان لا بد أن أعرج على مسألة هامة تتعلق بموقف العلماء من التفسير بالرأي ، فقد اختلف العلماء منذ قديم الزمان في جواز تفسير القرآن بالرأي ، ووقف المفسرون إزاء هذا الموضوع موقفين متعارضين :( فقوم تشددوا في ذلك فلم يجرأوا على تفسير شيء من القرآن ، ولم يبيحوه لغيرهم ، وقالوا : لا يجوز لأحد تفسير شيء من القرآن وإن كان عالما أديبا متسعا في معرفة الأدلة ، والفقه ، والنحو ، والأخبار ، والآثار ، وإنما له أن ينتهي إلى ما روى النبي صلى الله عليه وسلم وعن الذين شهدوا التنزيل من الصحابة -رضي الله عنهم- ، أو عن الذين أخذوا عنهم من التابعين ) ( مقدمة التفسير - 422 ، 423 ) 0
وقوم كان موقفهم على العكس من ذلك ، فلم يروا بأسا من أن يفسروا القرآن باجتهادهم ، ورأوا أن من كان ذا أدب وسيع فموسع له أن يفسر القرآن برأيه واجتهاده 0
ولو حللنا أدلة الفريقين تحليلا دقيقا ، لظهر لنا أن الخلاف لفظي لا حقيقي ، ولبيان ذلك نقول :
الرأي قسمان : قسم جار على موافقة كلام العرب ومناحيهم في القول ، مع موافقة الكتاب والسنة ، ومراعاة سائر شروط التفسير ، وهذا القسم جائز لا شك فيه ، وعليه يحمل كلام المجيزين للتفسير بالرأي 0
وقسم غير جار على قوانين العربية ، ولا موافق للأدلة الشرعية ، ولا مستوف لشرائط التفسير ، وهذا هو مورد النهي ومحط الذم ، وهو الذي يرمي إليه كلام ابن مسعود إذ يقول : ( ستجدون أقواما يدعونكم إلى كتاب الله وقد نبذوه وراء ظهورهم ، فعليكم بالعلم ، وإياكم والتبدع ، وإياكم والتنطع ) وكلام عمر إذ يقول : ( إنما أخاف عليكم رجلين ، رجل يتأول القرآن على غير تأويله ، ورجل ينافس الملك على أخيه ) وكلامه إذ يقول : ( ما أخاف على هذه الأمة من مؤمن ينهاه إيمانه ، ولا من فاسق بين فسقه ، ولكني أخاف عليها رجلا قد قرأ القرآن حتى أذلقه بلسانه ، ثم تأوله على غير تأويله ) ، فكل هذا ونحوه ، وارد في حق من لا يراعي في تفسير القرآن قوانين اللغة ولا أدلة الشريعة ، جاعلا هواه رائده ، ومذهبه قائده ، وهذا هو الذي يحمل عليه كلام المانعين للتفسير بالرأي ، وقد قال ابن تيمية - بعد أن ساق الآثار عمن تحرج من السلف من القول في التفسير - فهذه الآثار الصحيحة وما شاكلها عن أئمة السلف ، محمولة على تحرجهم عن الكلام في التفسير بما لا علم لهم به ، فأما من تكلم بما يعلم من ذلك لغة وشرعا فلا حرج عليه ، ولهذا روى عن هؤلاء وغيرهم أقوال في التفسير ، ولا منافاة ، لأنهم تكلموا فيما علموه ، وسكتوا عما جهلوه ، هذا هو الواجب على كل أحد ، فإنه كما يجب السكوت عما لا علم له به ، كذلك يجب القول فيما سئل عنه مما يعلمه ، لقوله تعالى : ( لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلا تَكْتُمُونَهُ ) ( سورة آل عمران – الآية 187 ) 00 ولما جاء في الحديث المروي من طرق : ( من سئل عن علم فكتمه ألجم يوم القيامة بلجام من نار ) " صحيح الجامع 6517 " ) ( مقدمة ابن تيمية في أصول التفسير – ص 31 ، 32 ) وإذا قد علمنا أن التفسير بالرأي قسمان : قسم مذموم غير جائز ، وقسم ممدوح جائز ، وتبين لنا أن القسم الجائز محدود بحدود ، ومقيد بقيود ، ولا بد من توفر العلوم والأدوات المكملة التي يحتاج إليها المفسر ليخرج عن كونه مفسرا للقرآن بمجرد الرأي ومحض الهوى ) ( التفسير والمفسرون – باختصار وتصرف – ص 246 ، 255 ) 0وقد أورد الترمذي بابا من أبواب تفسير القرآن بدأ به بعنوان ( باب الذي يفسر القرآن برأيه ) :( قال ابو عيسى : وروي عن بعض أهل العلم ، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم أنهم شددوا ، في هذا ، في أن يفسر القرآن بغير علم ، وأما الذي روي عن مجاهد وقتادة وغيرهما من أهل العلم : أنهم فسروا القرآن فليس الظن بهم أنهم قالوا في القرآن أو فسروه بغير علم أو من قبل أنفسهم ، وقد روي عنهم ما يدل على ما قلنا ، أنهم لم يقولوا من قبل أنفسهم بغير علم ) ( صحيح الترمذي 2350 ) 0 وقال : ( عن قتادة قال : ما في القرآن آية إلا وقد سمعت فيها شيئا ) ( أخرجه الترمذي في سننه - كتاب تفسير القرآن ( 1 ) - برقم ( 3137 ) - وقال الألباني متنه صحيح وإسناد الترمذي مقطوع )
س : ما حكم الشرع في التفاسير التي تسمى بـ ( التفاسير العلمية) ؟ وما مدى مشروعية ربط آيات القرآن ببعض الأمور العلمية التجريبية ؟ فقد كثر الجدل حول هذه المسائل0
ج : إذا كانت من جنس التفاسير التي تفسر قوله تعالى : ( أو لم يرى الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقاً ففتقناهما وجعلنا من الماء كل شيء حي ) ، بأن الأرض كانت متصلة بالشمس وجزءاً منها ، ومن شدة دوران الشمس انفصلت عنها الأرض ثم برد سطحها وبقي جوفها حاراً ، وصارت من الكواكب التي تدور حول الشمس . إذا كانت التفاسير من هذا النوع فلا ينبغي التعويل ولا الاعتماد عليها .
وكذلك التفاسير التي يستدل مؤلفوها بقوله تعالى : ( وترى الجبال تحسبها جامدة وهي تمر مر السحاب ) على دوران الأرض ، وذلك أن هذه التفاسير تحرف الكلم عن مواضعه، وتخضع القرآن الكريم لما يسمونه نظريات علمية وإنما هي ظنيات أو وهميات وخيالات .
وهكذا جميع التفاسير التي تعتمد على آراء جديدة ليس لها اصل في الكتاب والسنة ولا في كلام سلف الأمة، لما فيها من القول على الله بغيرعلم .
و بالله التوفيق وصلى الله على نبينا محمد ، وآله وصحبه وسلم .
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء .
عضو
عبد الله بن قعود
عضو
عبد الله بن غديان
نائب رئيس اللجنة
عبد الرزاق عفيفي
رئيس اللجنة
عبد العزيز بن عبد الله بن باز
المصدر : فتاوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
جمع وترتيب الشيخ أحمد بن عبد الرزاق الدّويش
المجلد الرابع صفحة 180
المفضلات