بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه اجمعينامابعد
كيف تُحَصِّلُ الإخلاصلايجتمعُ الاخلاصُ في القلب ومحبتةُ المدحِ والثناءِ ،والطمع فيما عند الناس ، الا كما يجتمع الماء والنار والضَّبُ والحوتُ ، فإذا حدثتك نفسك بطلب الإخلاص فأقبل على الطمع أولاً فأذبحهُ بسكين اليأس ،وأقبل على المدح والثناء فازهد فيهما زهد عُشّاقِ الدنيا في الآخرةِ ، فإذا استقام لك ذبحُ الطمع والزهد في الثناء والمدح سهل عليك الإخلاص.
حبُّ الثناءِ والمدحفإن قلت : وما الذي يُسهلُ عليَّ ذبح الطمع والزهد في الثناء والمدح ؟
قلتُ : أمّا ذبح الطمع فيُسهلُهُ عليك علمك يقيناً أنَّه ليس من شيء يُطمَعُ فيه الا وبيد الله وحده خزائنُهُ لايملكها غيرُه ، ولايُؤتي العبد منها شيئاً سواه .
واما الزهدُ في الثناءِ والمدحِ ، فَيُسهِّلُهُ عليك علمُكَ أنَّه ليسَ أَحدٌ ينفعُ مدحُهُ ويَزِينُ ، ويضرُّ ذمُّهُ ويَشِينُ إلا اللهُ وحده ، كما قال ذلك الأعرابيُّ للنبيِّ : إن مدحي زَينٌ وذمَّي شَيْنٌ ، فقال (ذلكَ اللهُ عزَّ وجل )(1)
بين المادح والذامفازهد في مدح من لا يَزِينُكَ مدحُهُ ، وفي ذمِّ من لا يَشِينُكَ ذمُّهُ ، وارغب في مدح من كلُّ الزَّينِ في مدحِهِ ، وكلُّ الشَّينِ في ذمِّهِ ، ولن يُقدَرَ على ذلك إلا بالصبر واليقين ، فمتى فقدت الصبر واليقين كنت كمن أرادَ السَّفرَ في البحر في غير مركب ، قال الله تعالى
(فاصبِر إِن وعد اللهِ حقٌّ ولا يستخفنَّك الذينَ لايوقنون ) (الروم: 60) وقال الله تعالى ( وجعلنا منهم أَئمّةً يهدونَ بأمْرِنا لما صبروا وكانوا بآياتِنا يوقنون)(السجدة :24).
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المرجع: من كلام ابن القيم رحمه الله في كتابه (فوائد الفوائد)
علق عليه وخرج احاديثه :علي بن حسن الحلبي الاثري .
(1) رواه الترمذي (3266) عن البراء بن عازب ، بسند صحيح .
ورواه أحمد (3/488) و(6/393ــ394) ، والطبراني في "الكبير"(878)عن الأقرع بن حابس .
وقال الهيثمي في "المجمع " (7/108):"وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح ، إن كان سمعه من الاقرع ، وإلا فهو مرسل ،كإسناد احمد الآخر ".
المفضلات