بسم الله الرحمن الرحيم
أخوتي الأعزاء..
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته..
طال غيابي عنكم بسبب ظروف لا يجهلها البعض منكم، حامدا الله على كل حال وراضيا بقضائه وقدره ..وددت في هذا المقام أن أكتب لكم بعد انقطاعي كلمات تبيت في وجداني منذ فترة لعل الله أن ينفع بها سائلا الله لي ولكم أن يمتعنا بحياة كريمة مليئة بالطاعات والمسرات ويمن علينا بالصحة والعافية،،قد نغفل أيها الأحبة عن خفايا القدر ولوعات الزمان وتقلبات الأيام، وقد نغفل أننا بشر ضعفاء لا حول لنا ولا قوة إلا بالله، وانه لا مرد لقضاء الله. وقد نلهو ونلهث خلف دنيانا غير آبهين بأن دوام الحال من المحال، وان لله ما أعطى وله ما أخذ..أخوتي الأعزاء إن تقلبات الأيام كفيلة بتغيير حياتك رأس على عقب، وتجعلك أكثر عرضة لليأس.. فعندما تصاب بأحبتك واحد تلو الآخر بفترة وجيزة كهذا المصاب الجلل، وتذوق مرارة الفقد ستكتشف أن للحياة منافذ كثيرة تدفع بك إلى التفكر ومحاسبة النفس، وعندها تكبر معاناتك وتتسع مسؤولياتك وتزداد لديك القناعة بان الصبر والإيمان مطلب ضروري لتمارس حياتك كما ينبغي..ستكتشف أن من كانوا معك بالأمس قد ذهبوا عنك بلا رجعة وأن من معك اليوم سيغادرونك أو تغادرهم بلا عودة وستكتشف أن العطاء أجمل ما في الحياة .. فلنحيا من أجل عبادتنا لربنا ومن أجل أبنائنا فلذات أكبادنا ومن اجل الضعفاء منا..لنعطي أنفسنا فرصة العيش الأبدي في قلوب من نحب من حولنا قبل الفراق الأخير..سنغادر هذه الدنيا عاجلا أم آجلا وسيبقى غرسنا الذي غرسناه في نفوسهم وذكرياتهم، وستبقى مآثرنا ليست في كتاباتنا وأشعارنا فحسب بل في قلوب من أحببناهم وأحبونا بهذه الدنيا الفانية..أنني في هذا العمر تذوقت مرارة الفقد وتجرعت الآمة والحمد لله على ما قدر الله وهنا تسائلت كيف بالأطفال الذين يفقدون والديهم وأخوتهم.. ما هو حالهم ؟ ومن يعولهم ويرعاهم؟ ومن يشعر بهم ويمسح دموعهم ويخفف أحزانهم ؟ ومن يعوضهم ما فقدوا من حب وحنان وعطاء بلا حدود.. وقد يحكمك القدر وتجبرك الظروف أن تشعر بهم وتعيش معاناتهم وتواكب صدمتهم بما قدر الله عليهم وحتما حينها ستكبر واجباتك واهتماماتك ومسؤولياتك تجاههم لتقدم لهم جزءاً يسيرا مما فقدوا وأنت بهذا الظرف ستنسى معاناتك والآمك من اجل أن تصمد أمامهم وتخفف عنهم كل ما يعكر صفو حياتهم..
هي المسؤولية التي لا يعبر عنها سوا العطاء والوفاء بلا حدود من أجل مستقبل خالي من المتاعب وتراكمات الظروف,,هي الأمانة تجاه من اوتمنت عليهم، وهي الحياة معهم ولهم من أجل حياة أكثر إشراقا ونورا وأملا..
!
فالعطاء والوفاء كفيلان بالدواء.. وما غمرني به أخوة الكرام في هذا الصرح الشامخ من وقفه مشرفة ودعوات صادقة ومساندة أخوية في مصابي وتعزيتي بمن فقدت كان له الأثر البليغ بالتخفيف عني ومواساتي وتهدئة أحزاني.. فبكم أفخر أحبتي الأعزاء ولكم أرفع أكف التضرع لرب العزة والجلال أن لا يريكم مكروها في عزيزا لديكم وأن ينعم عليكم وأحبتكم بالصحة والعافية ويكتب لكم السعادة في الدنيا والآخرة.....
أخوكم ومحبكم :ابوعبـد الله
المفضلات