اقتناص اللفظ
إن قوة التعبير وفصاحة اللسان وحسن البيان تسهل عليك إيصال ما تريد دون عوائق ، فكم من حق ضاع لسوء التعبير عنه، وكم من باطل ظهر لأن الذي يدعو إليه فصيح بليغ ، أو ليس من الكمال لحامل الخير أن يضبط كلامه وينقيه من الخطأ ويجعله مسترسلاً بانتظام وترتيب فيترك أحسن الأثر في السامع الذي يفهمه ويحترم قائله لأنه يراه رجلاً محيطاً بما يقول ، قادراً على الإفصاح والإيضاح والبيان ، مضيفاً إلى هذا المعنى اصطياد المناسبة الملائمة لقول طرفة أو إزجاء دعابة أو رواية نادرة أو استحضار شاهد مناسب أو واقعة مستملحة.
لقد كلف الله عز وجل نبيه موسى عليه السلام بمهمة التوجّه إلى فرعون ودعوته لعبادة الواحد القهار لإتمام هذه المهمة الصعبة الشاقة ، سأل موسى عليه السلام ربه سبحانه وتعالى جملة أشياء تعينه على هذا التكليف ، منها أن يحل عقدة لسانه ويرزقه الفصاحة والبيان }وأحلل عقدة من لساني يفقهوا قولي{ وطيب الكلام والتودد بجميل القول يبعث عليه حسن الخلق ورقة الطبع، الإسراف فيه يصل إلى التملق المذموم والتوسط فيه محمود.وقد قال بن عباس في تأويل قوله تعالى : } والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخيرٌ أملا{ . أنه الكلام الطيب.