الخاتمة
إن الدراس لتاريخ هذه القبيلة العريقة يخرج بالملاحظات التالية:
اولاً: ان هذه القبيلة لم تغب عن مسرح الأحداث منذ العصر الجاهلي وحتى نهاية الحكم العثماني للبلاد العربية.
ثانياً: إن ابناء قبيلة بلي من أوائل من لبوا نداء الإسلام فشهدوا بيعتي العقبة الأولى, والثانية, ولم يتخلفوا عن غزاة غزاها رسول الله r لا بل انهم سطروا بدماءهم الزكية صفحات من نور تقرأها الأجيال بكل فخر واعتزاز.
ثالثاً: إن ابناء هذه القبيلة كانوا( وما زالوا) يعتزون بعروبتهم وبلسانهم العربي في أي مكان حلوا فيه, مما كان مثار إعجاب المؤرخين المسلمين بهم, فسجلوا هذه الملاحظة في مؤلفاتهم, فأبناء هذه القبيلة لم تذب شخصيتهم في البلاد المفتوحة كما حدث لغيرهم.
رابعاً: إن هذه القبيلة من القبائل القليلة التي بقيت متشبثة بدينها ولم ترتد بعد وفاة المصطفى r, لا بل ان ابناءها شاركوا مشاركة فاعلة في اخضاع القبائل المرتدة.
خامساً: يسجل تاريخنا الإسلامي في سجله الخالدة اسماء كوكبة من القادة من أبناء هذه القبيلة ممن سقطوا شهداء في حركة الفتح الإسلامي على بعد آلاف الأميال من موطنهم الأصلي.
سادساً :إن هذه القبيلة كانت من القبائل المناصرة للدولة الاموية ،فكانت محل ثقه خلفاء بني أمية ، ولعل من مظاهر هذه الثقه والتقدير تلك الاقطاعات العديدة التي منحتها الدولة الاموية لابناء هذه القبيلة في الأندلس .
سابعاً: ساهم أبناء قبيلة بلي مساهمة واضحة في الحركة العلمية في الدولة الاسلامية عبر تاريخها الطويل ، فبرز من أبناء هذه القبيلة جمع غفير من العلماء الذين تركوا بصمات واضحه في مختلف عقول المعرفة ، ومن حسن الحظ انه وصل إلينا العديد من نتاج هؤلاء العلماء الذي منه على سبيل المثال لا الحصر : ثبت البلوي ، ورحلة البلوي ، وألف باء ، ورسائل بشر البلوي ...هذا ومن الجديد بالملاحظة أن قسماً كبيراًمن علماء بلي في المغرب والأندلس قد رحلوا الى المشرق من أجل طلب العلم ولمزيد من التخصص العلمي ، وطلب السند العالي ، فضلا عن رغبتهم في نشر ما لديهم من علوم ومؤلفات ومن خلال تدريسهم في مراكز الاشعاع الحضاري في المشرق .
ثامناً : إن الدول الاسلامية المتعاقبة قدرت كفاءة أبناء هذه القبيلة العلمية ، فاسندت العديد منهم بعض المناصب الادارية وبشكل خاص منصب القضاء في الأندلس .
تاسعاً : إن المتأمل لكتب التاريخ والتراجم يجد أماكن توزع ابناء هذه القبيلة بشكل رئيسي في الحجاز ، وبلاد الشام ، ومصر ، والمغرب ، والأندلس ، علما بأن هذا التوزع حكمته ظروف سياسيه واقتصاديه ونفسيه ، فالمؤرخون لاحظوا بأن أبناء هذه القبيلة يمتازون بحساسية مفرطه ، تجاه الظلم ، فهم لايقيمون في مكان فيه ظلم ولو كلفهم ذلك هجر الاحبه والارض التي درجوا عليها وتحمل أجمل ذكرياتهم ، وما زالت هذه الصفه ملازمه لهم حتى اليوم .
عاشرا:الاخلاص صفة ملازمه لابناء هذه القبيله في كل مكان حلوا فيه ، فأبناء هذه القبيلة لم يتذبذب ولاؤهم حسب الظروف السياسية المتقلبة ، فعندما أسلموا أخلصوا للاسلام ، ولم يرتدوا عندما أرتد الناس ، وعندما سقطت الدوله الأموية في المشرق بقوا مخلصين لها وناصروها رغم أن جمهرة القبائل اليمانية ناصرت الدولة العباسية ، واستمروا على هذا الولاء والإخلاص حتى سقوط الدولة الاموية في الأندلس ، وعندما أسندت إليهم المناصب الادارية والعسكرية والدينية ، كانوا محل تقدير وثناء المسلمين بشكل عام ، لابل إن أبناء هذه القبيلة نزهوا أنفسهم بشكل عام عن المشاركة في المؤامرات والثورات على مر فترات التاريخ فحفظوا حرمتهم واحترامهم عند جمهور المسلمين .