الحمد لله وحده وبعد :
على ضجيج الأصوات ..
صحى ( قيس ) .. ونطق شعراً كعادته ..
سمعه زهير بن أبي سـُـلمى .. وقال له :
نم .. نم .. يابن أخي .. فما هذه الأصوات سوى هدير آلــيـات البلديات .. والتي يبدو أن الأرض قد ضاقت عليهم ..
وأن التوسع العمراني الإسمنتي قد غشانا ..
ولكن ( قيس ) قال لشيخ الشعراء ( زهير ) ... والله يا عماه .. إن بي لوعه وصبابه لـ ( ليلى ) إبنة عمي ...
وأجدها فرصه لكي أحظى بلحظها ..
فقال له ( زهير ) .. ما هوب أزين لك .. فأنت شاعر كبير .. وهذا ( العصر ) لن ينصفك من بين هذا الكم من المستشعرين والمستشعرات ..
والمتنبي والبحتري وأبي تمام .. والفرزدق .. مستائون مما يجري ..
وأللي ماشي سوقه في عصرهم الحالي .. هو بما يــُسمى بالحداثه والحدّاثون ..
وبما أن الصبُ تفضحه عيونه .. خرج ( قيس ) وهو بحالته .. أشعث .. أغبر.. كث اللحيه..
وإذا براعي ( عراوي ) يقترب منه .. وفرّ منه هارباً .. معتبراً أن العراوي جني من ( الجنانوه ) .. وبعد أخذ ورد من راعي العراوي .. وبالقرب من أحد مراكز الشرطه .. قال له .. هنا تستطيع أن تعرف أين هي مضارب قومك ..
وأستـُـقـبـِل ( قيس) من قبل ( الشرطه ) كما هي العاده في دول العالم ( العاشر) .. في مثل هذه الحالات ..
وضجر ( قيس ) من هذا الإعتقال ( القسري ) .. وهددهم بقومه .. معرفاً على نفسه .. وأنه شخصيه مهمه .. مما حدا بمسئول ( العسس ) أن يتصل بمن هو أعلى منه ..
وحضر المسئول .. ليرى ما يجري .. وطلب من مرؤوسيه إحضار هذه الشخصيه لمعرفة ما ورائها ..
وحضر ( قيس ) بين يدي المسئول ..
والذي كان مشتاطاً غضِـباً قائلاً له :
من أنت ؟؟ لكي تبرق وترعد وتهدد بقومك .. من أنت .. يا هذا ..؟
ولكن قل لي :
هل أنت ( هلالي ) ؟؟
أجابه قيس :
أنا لست من بني هلال .. أنا قيس بن الملوح .. من قوم ( صعصعه ) الذي يضرب به الأمثال بجوده وكرمه وشجاعته ..
أما بني هلال .. فنعم القوم .. ومنهم الفرسان والشجعان ..
وهل منا من لا يعرف الفارس المقدام أبو زيد الهلالي سلامه ..!!
فقال له المسئول مستهزئاً :
ونعم الثقافه ..!!
إذاً .. لا بد أنك تعرف عبدالله بالخير .. وأليسا .. وفيفي عبده ؟؟
وهنا إنفلت ( قيس ) ليثبت بأنه على قدرٍ من الثقافه للمسئول قائلاً :
أليس عبدالله بالخير .. هو من تولى ( حقيبة ) وزارة الثقافه .. لأكثر من عشر سنوات .. وله مؤلفات كثيره ..
منها كتابه المشهور .. ( الموشحات الأندلسيه .. وسقوط أشبيليه الإسلاميه ) ..
و( أليسا ) .. فهي التي بنى بها ( تزوجها ) جميل بن معمر عندما رفض عم جميل أن يزوجه ( بثينه )..
وأما طيبة الذكر ( فيفي عبده ) فأذكر أنها كانت تعمل (مرضعه ) لأطفال كبار القوم في مضارب قومي ..
وهنا ضاق ذرعاً المسئول بقيس وقال له :
إذاً .. لابد وأنك من المستنفطين...
أي من أصحاب الأعمال (البسبس ) ولديك أسهم .. ؟
و رد قيس قائلاً :
وهل هذا السؤال يــُسأل به ( قيس ) ..؟؟
وهل أنا .. إلا قتيل ( سهام ) ليلى .. يا جاهل ..
وبعدها .. أمر المسئول .. بإخراج قيس بعد أن ( يبصموه ) على تعهد بعدم العوده لإزعاج السلطه ..
وفي أحد أحياء المدينه وفي قصر عمه .... رأته ( ليلى ) .. وثارت بها الشجون .. وقالت :
من هنا .. ؟
قيس .. إبن عمي ... يا مرحبا .. يا مرحبا .....
والتفت قيس إلى مصدر الصوت .. وقال :
إني أرى ملامح ( ليلى ) .. بربك هل أنت ليلى ..؟
قالت :
نعم أنا ليلى .. ولكنك متغيره .. ما هذا اللباس الذي تلبسين .. وماهذه الأصباغ التي تضعين ..؟؟
هل تستعملين ( الديرم ) أم تخضبين شفتاك بالأقحوان ؟ .. قال ذلك قيس ..
فقالت ليلى :
أما اللباس الذي أرتديه فإنه بنطال الجينز .. الإختراع الأمريكي ..
والأصباغ التي تراها .. فهي أل ( ميك أب ) يابن العم ..
وهي من لزوميات المرأه .. في هذا الزمان ..
وليس لها علاقه بـ ( لزوميات ) أبي العلاء المعري ..
قال قيس :
تباً لك .. يا ليلى ... كنت أراك نضره كنبتة الخزامى .. سقا الله تلك الأيام .. عندما كنا نلتقي خلسه عند تلك ( الخباري ) .. هل تذكرين تلك الأيام ؟؟
وكم تسببت لك بمشاكل مع أهلك ..
عندما تواعدنا في إحدى المرات .. وتأخرت قليلاً بالرجوع إلى الحي ..
واليوم .. لا أرغب في مشاكل أخرى مع عمي ..
أريد أن أغادر المكان قبل قدومه ..
على أمل اللقاء في مكان نتواعد فيه .. قالت ليلى :
لا تثريب عليك يا قيس .. خوذ راحتك .. فالأمر أبسط مما تعتقد .. واللقاءات أمرها سهل .. فالجوالات والأماكن العامه ما خلت شئ ..
قال قيس :
ما خرجت .. إلا ولدي رغبه بالزواج بك .. و طلب ( يدك ) من عمي عندما يعود مع القافله من بلاد الشام ..
فقالت ليلى :
إن والدي في رحلة ( صياعه ) سياحه للإستجمام .. من ( كان ) وما حولها .. إلى شواطئ الكورت دوزور .. لينشكح على تلك الشواطئ ..
ومن ثم يـُعرّج على إحدى الكازينوهات ليلعب ببعض الدولارات ..
هذه هي عادته الربع سنويه يابن عمي ..
قال قيس :
مالت عليِكِ وعلى أبوكِ ..
وهل يلعب ( عمي ) الروليت والبلاك جاك ..؟
للأسف .. نعم .. أجابته ليلى ..
وماذا يفعل .. المال واجد .. والخير كثير ..
ولكن قيس تسائل فقال :
من أين له هذه الأموال ..؟؟
وكل ما أذكره .. بأنه لا يملك شيئاً وكان صعلوكاً من صعاليك الحي ..
قالت ليلى :
سبحان مغير الأحوال .. وسبحان من يرزق بغير حساب ..
والدي أصبح ثرياً .. لقربه من كبار القوم ومن سلاطين العربان ..
فهو مداحاً .. وبوقاً من الأبواق ومساح جوخ .. ومهرجاً ..
وكبار القوم ما ( يقصروا ) فهم يمنحونه بسخاء ..
وهنا دخلت الخادمه .. تحمل شراباً بارداً وقدمته لقيس ..
فنظرها قيس وقال :
لقد صدق حدسي و قلت إن سلاطين العربان سيغزون الصين ..
أليست هذه ( الفطساء ) هي من ( سبايا ) بلاد الصين يا ليلى ؟؟
ولم تجبه ليلى .. لكي لا يخيب حدسه ..
وماذا لو عرف عن عدد السبايا ــ على حد قوله ــ من خدم المنازل و السواقين الذكور ..
ثم قال قيس مخاطباً إبنة عمه ليلى :
إن حياتكم معقده .. وبعض الكلمات لا أفهمها ... ولا أريد أن أشغل نفسي في شئون وشجون حياتكم اليوميه .. وما أنا إلا عاشق متيم ..
ولكنني .. سأفقعك قصيده غزليه .. ( أطلق ) من بعض الخطابات السياسيه مهراً لك .. وقصيدة مدح في عمي لكي يوافق على زواجنا ..
فقالت له ليلى :
أما القصيده الغزليه .. فأنا أقبلها في هذا الوقت الذي ( جفــّت ) فيه المشاعر الإنسانيه والوجدانيه بين الناس ..
وأما قصيدة المدح لأبي .. فهي مرفوضه ..
بسبب أن والدي هو ( مداحاً ) .. ويرفض أن تـُشلـِّخ عليه ..
وسوف لايوافق على زواجنا .. إلا إذا كنت راعي ( وظيفه ) أي أن تعمل .. لأن والدي رجل عصامي ....... ( شف الكذابه ..) ..
فقال قيس :
الأمر سهل إن شاء الله .. فما عليكم إلا أن تدلوني على أبواب السلاطين وكبار القوم .. وسأمدحهم بقصائدي لأنال عطاياهم ... لأن منزلتي كشاعر .. أفضل مكانه من وزير الإعلام .. وأفضل من ( الفضائحيات ) وبعض الصحف المموله ..
فقالت له ليلى :
كف عن هذا يا قيس .. وخبرك قديم .. لابد من أن تجد عملاً ..
قال قيس :
الأمر لله .. لعلني أبحث وأجد وظيفه ..
وبحث قيس عن عمل .. ولم يجد عملاً سوى في سوق الخضار ..
لكي يساهم في توطين الوظائف ..
وبدأ قيس ( يعمل ) في سوق الخضار ..
وأصبح يتغزل بالطماطم .. خاصه حين تشب أسعارها ..!!!
المفضلات