مسألة علة زيادة التنوين في الاسم

العلة في زيادة تنوين الصرف على الاسم أنه أريد بذلك بيان خفة الاسم وثقل الفعل وقال الفراء المراد به الفرق بين المنصرف وغير المنصرف وقال آخرون المراد به الفرق بين الاسم والفعل وقال قوم المراد به الفرق بين المفرد والمضاف والدلالة على المذهب الاول أن في الكلمات ما هو خفيف وما هو ثقيل والخفة والثقل يعرفان من طريق المعنى لا من طريق اللفظ فالخفيف ما قلت مدلولاته ولوازمه والثقيل ما كثر ذلك فيه فخفة الاسم أنه يدل على مسمى واحد ولا يلزمه غيره في تحقيق معناه كلفظة رجل فان معناها ومسماها الذكر من بني آدم والفرس هو الحيوان الصهال ولا يقترن بذلك زمان ولا غيره ومعنى ثقل الفعل أن مدلولاته ولوازمه كثيرة فمدلولاته الحدث والزمن ولوازمه الفاعل والمفعول والتصرف وغير ذلك فإذا تقرر هذا فالفرق بينهما غير معلوم من لفظهما فوجب أن يكون على ذلك دليل من جهة اللفظ والتنوين صالح لذلك لانه زيادة على اللفظ والزيادة ثقل في المزيد عليه والاسم يحتمل الثقل لأنه في نفسه خفيف والفعل في نفسه ثقيل فلا يحتمل التثقيل وهذا معنى ظاهر فكان الحكمة في الزيادة وقول الفراء إن حمل على معنى صحيح فمراده ما ذكرنا ولكن العبارة ركيكة وإن حمل على ظاهر اللفظ كان تعليل الشيء بنفسه لأنه يصير إلى قولك التنوين يفرق بين ما ينون وبين ما لا ينون وذا تعليل الشيء بنفسه
وأما من قال فرق بين الاسم والفعل فلا يصح لأوجه أحدها ان الفرق بينهما من طريق المعنى وذلك أن الاسم يدل على معنى واحد والفعل على معنيين وقد ذكرنا ذلك في حديهما والثاني أن العلامات اللفظية بينهما كثيرة مثل قد والسين وسوف والتصرف مثل كونه ماضيا ومستقبلا وأمرا والاسم يعرف بالألف واللام وغيرهما والثالث أن الاسم الذي لا ينصرف لا تنوين فيه وهو مباين للفعل وأما من قال يفرق بين المفرد والمضاف فقوله باطل أيضا من جهة أن المفرد مطلق يصح السكوت عليه والمضاف مخصوص محتاج إلى ما بعده وأن الاسم الذي لا ينصرف قد يضاف وإضافته غير لازمة فيكون مفردا مع أنه لا ينون فلو كان المفرد لا يفصل بينه وبين المضاف إلا بالتنوين لزم ألا يكون المفرد إلا منصرفا .

من كتاب ( العشرات في غريب اللغة ، المؤلف / يوسف ابن خضر الشافعي )