يشدني أدب و شاعرية الكثير من شعراء العصر الحديث فأجدني

أبحث عن مصدر إبداعهم و توهجهم حتى أتعمق في حياتهم الخاصة

فينكشف لي كل شيء .. الشاعرية و الحزن و المعاناة و النهاية أدب

راقي لا ينضّب ..و عند هذا الشاعر حطت بي الرحال ..

شـــاعر يعجبني أدبه و تفننه في تصوير حزنه و عاطفته ..



/


/

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي

شاعرٌ قدم من تونس الخضراء .. مُحمّلاً بعبق الشعر

و لذة المعنى و حضور يسلب الألباب بأدبه العربي الفصيح

إنه شاعر الجبل الأخضر كما يسميه البعض ( أبو القاسم الشابي ) ..

عبر سماء الشعر العربي نجمًا ساطعًا لم يكد نوره يشع حتى افتتن

الجمهور بشعره .. إلا أن أيدي المنون الغادرة لم تمهله طويلاً أختطفته

و هو لم يتجاوز الخامسة و العشرين من عمره إثر مرض ألمّ به في قلبه

الذي لم يتحمل أعباء الزمن و لا جنون الشعر

و خاصة عندما يكون بقريحة أبي القاسم الشابي ..

فانطفأ النور و بكى الشعر الحديث على غيابه عام 1934م..


نشأ في أسرة وهبت حياتها للعلم كان لوالده رحمه الله دوره في التكوين

الفكري و الخلقي لأبي القاسم حيث قال عن والده ( لقد أفهمني معاني

الرحمة و الحنان ... و علمني أن الحق خير مافي هذا العالم و أقدس

مافي هذا الوجود )

وفي رثائه لوالده يقول //

ما كنت أحسب بعـد موتـك يـا أبـي

ومـشـاعــري عـمـيــاء بــالأحــزان

انـي سأضـمـاء للحـيـاة واحتـسـي

مــن نهـرهـا المـتـوهـج الـنـشـوان

وأعـــود لـلـدنـيـا بـقـلــبٍ خــافــقٍ

لـلــحــب والأفــــــراح والألـــحـــان

ولكل ما في الكون من صور المنى

وغــرائــب الأهــــواء والأشــجـــان

حـتـى تحـركـت السـنـون وأقبـلـت

فـتــن الـحـيـاة بسـحـرهـا الـفـتّـان

فــإذا أنــا مــا زلــت طـفـلاً مـولـعـاً

بـتـعـقــب الأضــــــواء والألــــــوان


في زمن الشابي تعرضت بلاده تونس للعديد من الإضطرابات السياسية

و حيث أن بلاده كانت تعيش تحت وطأة البؤس الاجتماعي والتخلف الثقافي

والضعف السياسي مما خلفه الاستعمار الفرنسي في ذلك الوقت فكان لهذه

المرحلة تأثيرها في شاعرية الشابي ..

إذا الـشـعـب يـومًــا أراد الـحـيــاة

فـــلا بـــد أن يستـجـيـب الــقــدر

ولا بـــــد لــلــيــل أن يـنـجــلــي

ولا بـــــد لـلـقـيــد أن يـنـكــســر

ومـن لـم يعانقـه شــوق الحـيـاة

تـبـخـر فـــي جــوهــا ، وانــدثــر



أضف إلى ذلك أن جمال الطبيعة في تونس الخضراء كان له دوره في

زيادة رصيد الشاعر من الناحية اللغوية و الفكرية كي يدفق علينا

هذا الإبداع الشعري ..


أعياه المرض مبكرًا فكان لهذا دوره في تشاؤمه و نظرته

التي لا تخلو من السوداوية وشدة انفعاله حيناً بعد حين

يقول في إحدى يومياته التي سطرها وقد مر ببعض الضواحي :

( ها هنا صبية يلعبون بين الحقول وهناك طائفة من الشباب الزيتوني

والمدرسي يرتاضون في الهواء الطلق والسهل الجميل ومن لي بأن أكون مثلهم ؟

ولكن أنى لي ذلك والطبيب يحذر علي ذلك لأن بقلبي

ضعفاً ! آه يا قلبي ! أنت مبعث آلامي ومستودع أحزاني وأنت ظلمة

الأسى التي تطغى على حياتي المعنوية والخارجية )...


كذلك حالته المادية ، وعنها نشأ ضغط أعباء الحياة وتكاليفها عليه فحرمته

كثيرًا من الحرية التي كان يجب أن يتمتع بها.




,

,



لي عودة بالمزيد .. و أتطلع لمشاركاتكم


.

.


من إعداد / العاصفة