بسم الله الرحمن الرحيم
هذه مقامات بدأت في كتابتها
منذ زمن
وهاأنذا أضعها بين أعينكم
كم وددت أن أقدم لها بتعريف مبسط
عن فن المقامات
لكن الوقت الآن لا يسعف
وأعدكم بهذا
باذن الله
مقــــامــــــات البلـــــوي
المقامات الطبية



قال سالم بن حمدان :



دخلت مرة مطار جدة ، وكانت لي طائرة معدة ، ستقطع بي في الجو ساعات ممتدة ، .

حتى إذا أوغلت في ذلك المطار المضطرب ، رأيتني وكأنني قد دخلت إلى جحر ضب ..

وكان مما أرح بي البال ، ولثوران الأعصاب عني أزال ، أن أوراقي كلها على خير حال ، فسرت وأنا أتطلع يميناً وشمال .. أتأمل الوجوه السائرة ، يمر على عيني في الثانية الواحدة عدة صور عابرة ، منهم من عليه ابتسامة ناضرة كقول من قال :



ووُجُوهٍ مُشْرِقاتٍ أَوْ مَضَتْ ضاحِكات في وُجُوهِ الكُرَبِ



وأخر ألبستهم التعاسات العلامات الباسرة .. فأنا هذي وذيك كما قال الشاعر :



بِوُجُوهٍ مَرَّة آمِلةٍ وَهْيَ حيناً باسِراتٌ كَدَرَا



حتى أفقت على صوت المنادي يضج من داخل مركز المعلومات ، في وحدة معالجة الصور والمشاهدات ، وفي غضون أجزاء من الثانية معدودات .. فهمته يقول : أن صورة معروفة أمامي مرت .. فتوقفت .. ثم التفت .. واتبعت .. حتى إذا انتهيت إلى ما أريد .. لم أكد أصدق .. فأمعنت وحملقت .. وأرجعت النظر من جديد ..

فما كان إلا هو هو .. صاحبي الحبيب .. الأديب .. الأريب ..واللبيب العجيب .. أبو الغريب ..



فأوقفته .. فوقف .. وتناظرنا برهة لم ننبس ببنت شفة .. ولابولدها .. وأحسن الشاعر حين قال كأنه يصف الحال :



أدنُ مني فدتكَ نفسي ولا تبخل فقلبي يفيضُ بالأشواق

يا حبيبي تعال قبّل جبيني لا يطيب الهوى بغير عناق



فأطعنا شاعرنا .. ثم عاجلته وعاجلني .. وحضنته وحضني ..

وبادرني فقال : سالم بن حمدان !!! .. فأجبته : أبو الغريب !!!!! .. وعدنا إلى الاحتضان وكلمات الترحاب . .. والناس ينظرون فاغري الأفواه باستغراب .. مع أن الأمر لا يعدو كونه لقاء أحباب .. ومشهد تواد بين أصحاب ..





وكان هذا أبوالغريب زميل قديم في الدراسة .. شريك الحياة في والمؤانسة .. طوال تيك الأيام الخوالي .. عشناها معاً وذقنا سوياً مرّها والحالي .. حين عرضت علينا في كلية الطب ..



وما هو بين الأصحاب إلا كما قال الأول :



أَديبٌ أَريبٌ حاذِقٌ وَسَمَيدعٌ فَصيحٌ بَليغٌ في النِّثارِ وَفي الشِّعرِ

حَكيمٌ فَكَم مِنهُ تَفجَّرُ حِكمةٌ تَسيلُ عَلى درٍّ مِنَ النظمِ والنثرِ



وكانت كلية الطب في ذاك الزمان .. ست سنين متواليات .. بالجهد الشاق عامرات .. وبالسهر والإرهاق والمنغصات .. ناهيك عن آلام الصدمات ..

ولذلك فقد أضفنا لها سنة أخرى .. فكانت سبعاً عجافا .. ما تفارقنا ولم يقدر الله بيننا اختلافا .. بل بقينا معاً وئاماً وائتلافا ..



حتى منّ الله علينا بالتخرج المنتظر .. في يوم موعود .. وفرح مشهود .. وافترقنا بعده بسبب فرص العمل .. وهانحن التقينا على قدر مقدور وحكم سابق مسطور ..