أقول له: ماذا جرى لك!!؟؟ ما الذي ساقك إلى هذه الحال!!؟؟



فأجاب والكلمات لا تكاد تخرج من فيه


نظرُ العيون إلى العيون هو الذي * * * * * جعل الهلاكَ إلى الفؤاد سبيلا


ما زالت اللّحَظات تغـزو قلبَـه * * * * * حتى تَشَحَّط بينهـن قتـيـلا



فنظرت له نظرة ملئت أساً وحزناً .. وقلت له: أما كان من الأولى بك أن تعاتب طرفك حتى لا يجرؤ على فعل ذلك بك!!؟؟



فقال: لقد عاتبته ولكن.. ولكن بعد فوات الأوان


تَمَتَّعْتُما يا مقلتيّ بنظـرةٍ * * * * * وأوردتما قـلـبـي أمَرَّ المــوارد


أعينيّ كُفَّا عن فؤادي فإنه * * * * * من الظلم سعيُ اثنين في قتل واحد



فقلت له: وهل اعتبرت العيون من مقالك هذا؟؟



فقال والعبرات تسيل من عينيه: بل أنكرت العيون وقالت


يقول طَرْفي لقلبي هِجْت لي سَقَماً * * * * * والعيـن تزعمُ أن القلـب أنكاها


والجسمُ يشهـد أن العيـن كاذبةٌ * * * * * وهي التي هيَّجت للقلـب بَلْواها


لولا العيـونُ وما يَجْنينَ من سَقَمٍ * * * * * ما كنتُ مُطَّرَحاً من بعضِ قَتْلاها


فقالـت الكبـدُ المظلـومـةُ اتَّئِدا * * * * * قطعتمـاني ومـا راقبتمـا اللهَ



فقلت: وهل انتهى الأمر على ذلك؟



فقال: كلا بل


عاتبـتُ قلبيَ لما * * * * * رأيتُ جسمي نحيلا


فألزم القلبُ طرفي * * * * * وقال كنتَ الرسولا


فقال طرفي لقلبي * * * * * بل كنتَ أنتَ الدليلا


فقلـتُ كُفّا جميعاً * * * * * تركتماني قتـيـلا



فاحترت معه.. وقلت: وهل رضت العينان والقلب بما قلته؟



فرد علي بصوت منخفض ملأه الحزن: بل ظلا يتشاجران حتى نطقت باقي أعضائي


يقول قلبي لطَرْفي أن بكى جزعاً * * * * * تبكي وأنتَ الذي حَمّلْتَني الوَجَعا


فقـال طرفـي له فيمـا يعاتبهُ * * * * * بل أنـت حَمَّلْتَني الآمال والطَّمَعا


حتى إذا ماخلا كلٌّ بصـاحـبـه * * * * * كلاهما بطويـل السُّقم قـد قَنِعا


نادتهمـا كبـدي لا تَبْعدا فلقـد * * * * * قطعتمـاني بمـا لاقيتمـا قِطَعا



فأحببت أن أنهي هذا الحوار الحزين فقلت: في رأيك على من يقع اللوم!!؟؟



فأجاب


فوالله مـا أدري أنفسـي ألومُهـا * * * * * على الحبّ أم عيني المشُومَةَ أم قلبي


فإن لُمْتُ قلبي قال لي العينُ أبصرَتْ * * * * * وإن لُمْتُ عيني قالت الذنبُ للقلـبِ


فعينـي وقلبـي قد تقاسمتمـا دمي * * * * * فياربّ كن عوناً على العين والقلبِ



ثم انصرفت تاركا إياه وهو يعتصر ألما مما حال إليه حاله.. وظللت أدعو في نفسي: يا رب الطف بجميع العشاق إلى يوم الدين.




من إيميلي نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي