الدعاة الجدد

ساحة الدعوة والإرشاد
: ابو البندري
16-صفر-1432 : 10:23 صباحاً

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الانبياء والمرسلين 0نبينا محمد وعلى اله وصحبة اجمعين
أحضر أحد الإخوة إلي قصاصة لصحيفة عربية شقيقة ، وجد فيها موضوعاً شده ورغب أن أشاركه القراءة والتعجب كما قال ، وملخصه « تقرير عن أجور بعض الدعاة الجدد في القنوات الفضائية وأنها وصلت للملايين ، وأن أحدهم يتقاضى أجراً شهرياً يزيد على المائة ألف ريال » !!
طويت الصحيفة بعد قراءتها ، ولم يجد صاحبنا علامات التعجب التي كان ينشدها ويرتقبها علي ، فعجب مني وقال : كنت أتوقع منك ردة فعل خلاف ما رأيت، قلت : ولِمَ ؟ قال : لقد تحولت الدعوة إلى تجارة ، وانظر إلى مداخيل هؤلاء ! قلت هذه أرزاق يقسمها رب العباد ، ومن حق الداعية والعالم وغيره أن يكسب من أعماله ، والاحتساب لا يعني ألا تأخذ أجراً ، المهم عندي هل ما يقدمه هؤلاء أو غيرهم ينطلق من علم شرعي واسع ، وهل لديهم القدرة على الإجابات الوافية ، وإرشاد الناس إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، وتقديم المعلومة الصحيحة، حتى يكون الناس على هدى وبينة ؟! قال : لا أعلم ، قلت : هذا هو المهم ، وليس كم يتقاضى فلان أو فلان ، وللمعلومية هناك من الدعاة من لا يتقاضى على أعماله في وسائل الإعلام شيئاً ، مع أن لو تقاضى على عمله شيئاً فهذا حق مكتسب له طالما أن الوسيلة الإعلامية تتكسب من برنامج هذا الشيخ أو الداعية !
قبل أن ينتهي الحديث معه ، قلت له : طالما طرحت عليَّ السؤال الذي تراه مهماً ، أود أن أطرح عليك سؤالاً لا يقل أهمية عن سؤالك ، ألا وهو : لماذا برز هؤلاء الدعاة وسطع نجمهم في أيام معدودة من خروجهم على الملأ ، وهناك من له سنوات لم يحقق هذه الشهرة ، وهذا الإقبال من المشاهدين والمشاهدات ؟!
لم أنتظر الجواب ، بل بادرته وقلت له : ليس العلم الشرعي وحده ، فكثير من السابقين بالتأكيد أكثر علماً ، ولربما ورعاً ، ولديهم الدليل الحاضر لكل مسألة من الكتاب والسنة والاستنباط ، والذاكرة المليئة ، بما يمكنهم من الجواب على المسائل اليسيرة والعويصة ، ولكن ليس هذا هو الأمر الذي فضل أناساً على آخرين ، أو لنقل فضل المتأخرين على المتقدمين ، فالمسألة ليست مسألة علم شرعي محض ، وأدلة تسرد عند كل جواب ، وإنما هناك أمر آخر لابد من توافره مع توافر العلم الشرعي لمن يتصدون للعمل الإعلامي ، وخاصة عبر الفضائيات المرئية ، أو عبر الإذاعة .. ومن أبرزها :
- حسن اختيار الموضوع المناسب الذي يستهل به الداعية أو الشيخ حديثه في مقدمة البرنامج ، وأن يكون من الموضوعات التي تشغل بال المتلقين ، ويكون حديث الساعة ، وأن يكون قريباً من هموم الناس واحتياجاتهم .
- حسن اختيار الألفاظ والعبارات والجمل ، والإلقاء الجيد ، واختلاف نبرات الصوت بحسب الكلمات ومدلولاتها .
- التقرب إلى نفسيات المتلقين والجمهور العام للمشاهدين ، وهن النساء والشباب ، ومخاطبتهم بأسلوب يسير مناسب ، وليس بأسلوب الوعظ المعتاد على المنابر ، أو في محاضر الدروس .
ولعلي أتذكر أسلوب الشيخ علي الطنطاوي - رحمه الله - الذي كان له برامج مع التلفزيون في المملكة ، وإلى قبيل وفاته، ورغم دخول ( العامية السورية ) في حديثه ، إلا أنه كان يجذب بأسلوبه النساء والرجال والكبار والصغار ، وكانت برامجه عقب صلاة الجمعة ، أو عقب الإفطار في رمضان تشكل حضوراً مألوفاً لدى مشاهدي تلفزيون المملكة ، وحينما خرج بعض الوعاظ من الشباب في المملكة العربية السعودية فإن جاذبيتهم لدى المتلقي انطلقت من أساليبهم في الإلقاء ، واختيار الموضوعات ، وتوظيف المفردات والجمل واللغة في سياقها الذي يشد المستمع ، ويأسره .
ولذا فإنني أتمنى من بعض المشايخ أن يدرك أهمية الإلقاء والأسلوب والحضور المناسب ، واختيار الموضوع الذي يناسب ، فالحديث التلفازي والإذاعي وأساليبه ومفرداته وطريقة إلقاءه تختلف عن حديث المنابر والمحاضر .
...اسال الله ان يعلمنا ما ينفعنا
وينفعنا بما علمنا 00هذا والله اعلم وصلى الله وسلم

00ابو البندري مشرف ساحات الدعوة والارشاد