[align=center:5bab6e2a0b]الرد على مجيزي العمليات الانتحارية[/align:5bab6e2a0b]
الرد على مقالات كلاً من سلمان العودة وسليمان العلوان ويوسف القرضاوي وبن منيع في نصرة العمليات الانتحارية :
[align=center:5bab6e2a0b]الرد على سلمان بن فهد العودة [/align:5bab6e2a0b]
لقد اطلعت على مقال نشر في شبكة الإنترنت للشيخ سلمان العودة في الموقع المتعلق بالجهاد الفلسطيني عنوانه العمليات الاستشهادية في ميزان الشرع ذكر فيه الأدلة التي تدل عنده على أن العمليات الانتحارية من الدين في الرد على ما استشهد مما اعتده من الأدلة واستأنس فأقول مستعيناً بالله متوكلاً عليه :
أولاً ... قد ذكر ما يرجح جانب صحة مثل هذه العمليات بما رواه بن أبي شيبة في مصنفه من طريق ( محمد بن إسحاق ) عن عاصم بن محمد قال معاذ بن عفراء : يا رسول الله ما يضحك الرب من عبده قال غمسة في يده في العدو حاسراً قال : فألقى درعاً كانت عليه فقاتل حتى قتل .
قلت... وقد صرح بالسماع بن إسحاق في السيرة (3-175) دار الجيل ولكن ليس فيه وجه دلالة حيث أنه قال : ( غمسة يده في العدو حاسراً ) وفسره الصحابي أمام النبي بإلقاء الدرع ولم يفسره بإلقاء السلاح والمنتحرون بالعمليات يتيقنون القتل بالمتفجرات بلا احتمال في النجاة ومن كان معه سلاح ودخل على العدو وقاتل تحتمل نجاته فلا قياس مع كون سند الحديث ضعيف ثم أن ذلك المنغمس وراءه جيش عندما يصنع ذلك كما دلت على ذلك سنة جهاد النبي وأصحابه فيكون القتال المشروع لا التهور المذموم وهو أن يتسبب المنتحر بالمتفجرات في قتل العزل من خلفه عن السلاح فلا جيش يقاوم فيقتلوا بالمئات لأنهم عزل عن السلاح والعدو الصهيوني قاتله الله مدجج بالسلاح وسينتقم ظلماً وعلواً في الأرض بغير حق لمن قتل في هذه العمليات الانتحارية فتترتب مفسدة على المسلمين في فلسطين أكبر من مصلحة قتل عشرة أو ثلاثون من اليهود ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح سيما إذا كانت المفسدة أكبر بكثير من المصلحة حيث أن قتل عشرة من اليهود مصلحة ولكن المئات أو العشرات العزل بعد هذه العمليات مفسدة أعظم وليس من عادة أهل السنة فهم الحديث مجرداً عن العمل النبوي فهل فعل أحد من أصحاب النبي مثل هذا الانغماس في وقت الضعف حينما لا يكون جيش منظم مسلم يدافع ويقاتل فانظر الفارق بين أن ينغمس رجل في العدو ويكون وراءه جيش وبين أن يستفز رجل مسلم عدو نجس مثل اليهود لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة بعملية انتحارية تستفز الكفار ضد المسلمين العزل وليس وراء أصحاب هذه العمليات جيش إلا مدنيون عزل السلاح والله يقول :(وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بغير علم)(الأنعام: من الآية108) فسب الأصنام مصلحة ولكن لما أدت إلى مفسدة راجحة عليها وهي سب الله منعت فتدبر ولا تتأثر بالرأي فتتهور فمن يرد الله به خيراً يفقهه في الدين فلماذا لم يدل النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في صلح الحديبية على مثل هذا العمل بدل الصلح وقد فرض الجهاد .... ألم يكن قادر على أن يقول لأصحابه اهجموا بما تقدروا على الكفار حاسرين مقبلين غير مدبرين واجعلوا أرواحكم على أكفكم ولكن لأجل حقن الدماء وعدم التكافؤ ومن أجل مصلحة الدعوة صالحهم النبي صلى الله عليه وسلم بالشروط المعروفة ولم يعرض النبي أصحابه لما يعرضه صاحب المقال للفلسطينيين من كثرة القتل الناتج عن رده فعل اليهود ضد هذه العمليات على الشعب المسلم الأعزل الذي لم ينظم جيشاً يعد قتالياً وعتاد يرهب به عدوا الله وقد قال الله : (وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ)(الأنفال: من الآية60) ولم يفهم الصحابة أن القوة أن يأتي واحداً منهم وقت الضعف وعدم التكافؤ يستفز الكفار المدججين بالسلاح والعدة والعتاد بما يشبه مثل هذه الانتحارية بل كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصيهم بالصبر كما في حديث خباب بن الأرت الذي رواه البخاري ( 3343) ومسلم في صحيحهما أن خباب قال يا رسول الله ألا تدعوا لنا ألا تستنصر لنا فقال رسول الله : (أنه كان يؤتى بالرجل فيمن كان قبلكم فيحفر له حفرة فيوضع فيها ويؤتى بالمنشار فيشقه نصفين ويؤتى بأمشاط الحديد فيمشط ما دون لحمه من عظم وعصب ما يصده ذلك عن دينه ولكنكم قوم تستعجلون ...)الحديث فلم يأمرهم باستفزاز الكفار بما يشبه هذه العمليات أو الاغتيالات ولا يقال كما قال الكاتب أن المتفجرات لم تكن موجودة فلذلك لم يفعلوا فهذا أخطأ لأن الكاتب لم يراعي مقصود الشارع بترك المهاجمة بالاغتيالات وقت الضعف كما تبين من هدي النبي في مكة وصلح الحديبية بعد فرض الجهاد قال شيخ الإسلام بن تيمية رحمه الله : ( وكان هدي النبي مع الكفار وقت الضعف المسالمة وترك المقاتلة)... قلت فهذا هو العلم لا العاطفة التي مستندها الرأي والتعجل في الاستنباط بلا تأني لتأمل هدي النبي مع الكفار وقت الضعف فالله المستعان قال ابن القيم : ( وعادة قصار العلم النظر إلى المجمل من الدليل وترك عمل السلف المفصل له) انتهى كلامه بتصرف ( انظر كلامه رحمه الله في حاشية سنن أبي داوود عند التعليق على حديث عمرة في رمضان تعدل حجة ) ذلكم أن الأمر بإرهاب العدو جاء مجملاً في طريقة الإرهاب ولم يفسره السلف بعمل الاغتيالات وقت الضعف بل أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يغتل أحد في فترة الضعف في مكة حتى ذهب إلى المدينة أغتال كعب بن الأشرف ( بعد أن تقوى وكان له قوة ) يقدر بها على ردع أنصار كعب إذا هاجوا وحاصو حيصة الحمر.
ثانياً.... ثم احتج بما رواه بن حزم ( جزء 7- ص /2) في المحلى قال حدثنا عبدالله بن ربيع التميمي نا محمد بن معاوية المرواني أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي نا عبدالله بن عبدا لوهاب الحجبي نا خالد بن الحارث الهجيمي نا شعبة عن أبي إسحاق السبيعي قال : سمعت رجلاً سأل البراء بن عازب أرأيت لو أن رجلاً حمل على الكتيبة وهم ألف ألقى بيده إلى التهلكة قال البراء لا ولكن التهلكة أن يصيب الرجل الذنب فيلقى بيده ويقول لا توبة لي ( قلت قال بن حجر أخرجه بن جرير وابن المنذر وغيرهما بإسناد صحيح ) ثم قلت : ليس في هذا الأثر مع فرض تسليمنا بصحته ما يدل على جواز ما يفعل اليوم من عمليات انتحارية لأن ذلك محمول على ما إذا كان هناك جيش وراء ذلك الرجل يردون عن المسلمين ما يلحقهم من قتل جراء انتقام الكتيبة لا على رجل يفجر نفسه فيهم ثم يكون ذلك سبباً في استفزاز الكفار من اليهود ضد العزل من المسلمين فيتمالئون عليهم بالطائرات المقاتلات ورجماً بقنابل الدبابات وغير ذلك مما يقتلون به المستضعفين من المؤمنين بالعشرات بل بالمئات بل قد يؤول الأمر إلى قتلهم بالآلاف فإذا قال قائل ... ما حملك على هذا الحمل ؟ قلت الأحاديث يفسر بعضها بعضاً فلم يأتي حديث أو أثر فيما أعلم أن الرسول أمر أحداً من أصحابه بالحمل على كتيبة وحده وقت الضعف بل كان يخرج لمقاتلة الكفار جيش منظم ولو كان عدده أقل من الكفار ولكن كان هديه عدم ترك أسباب القوة من رمي وخطة حربية لإرهاب العدو لا لإرهاب المسلمين بردة الفعل التي تكون عليهم من جراء ذلك العمل التفجيري الاغتيالي ولا حول ولا قوة إلا بالله .
ثم أحتج بما رواه الترمذي ( 2898) وأبو داود (2151) في قصة أبي أيوب في القسطنطينية وفيها فحمل رجل على العدو فقال الناس مه لا إله إلا الله يلقى بيديه إلى التهلكة فقال أبو أيوب إنما نزلت هذه الآية فينا معشر الأنصار لمَّا نصر الله نبيه وأظهر الإسلام قلنا هلم نقيم في أموالنا ونصلحها فأنزل الله تعالى : (وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ )(البقرة: من الآية195) فالإلقاء بالأيدي إلى التهلكة أن نقيم في أموالنا ونصلحها وندع الجهاد .
قلت .... وليس في هذا الأثر دليل على ما يصنعه أصحاب تلك العمليات الانتحارية لأن محل هذا الحمل ما إذا كان جيشاً وراء هذا الذي حمل على العدو هو ظاهر من الأثر ثم أن هلاك مثل هذا الذي جاء في الأثر غير متيقن وإذا قتل ذلك الرجل فأعداءه قتلوه أما هذا فيقتل نفسه وليس وراء هذه العمليات جيش يرد عن المسلمين العزل عن السلاح فيما إذا أراد اليهود أن ينتقموا والواقع يبين خطأ ذلك حيث أننا لا نزال نسمع ما تولده مثل هذه العمليات من ردة فعل اليهود للمخيمات الفلسطينية بالقتل والاعتقال ورشاشات الطائرات المروحية وقنابل الدبابات وقناصات إلى أن سمعنا أنه هدم ثلثي مخيم جنين وذهب الضحايا ربما بالآلاف من المسلمين وقد قال تعالى : (وَلا تَسُبُّوا الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَسُبُّوا اللَّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ )(الأنعام: من الآية108) .
فمن تدبر هذه الآية علم وجه الشبه في الاستدلال حيث أنه إذا أدى سب غير الله إلى سب الله حرم فتبين أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح عند التعارض فقتل سبعة من اليهود أو ثلاثين وإرهابهم مصلحة ولكن ما يتولد من ردة فعل لهؤلاء ضد المسلمين العزل عن السلاح فيقتلون بالمئات مفسدة راجحة تتقدم على تلك المصلحة . نعم يحصل نوع إرهاب على اليهود ولكن كما تقدم فالإرهاب الذي يحصل على المسلمين من ردة فعل ضد تلك العمليات من اليهود أعظم في قلوب المسلمين فالله المستعان .
رابعاً..... ثم أستدل بما رواه ابن المبارك في كتاب الجهاد (1/124) قلت وكذلك رواها ابن عبد البر في كتاب الاستيعاب عن البراء أنه أمر أصحابه أن يحملوه على ترس على أسنة رماحهم ويلقوه في الحديقة فاقتحم إليهم وشد عليهم وقاتل حتى فتح باب الحديقة وجرح يومئذ بضعة وثمانين جرحاً وأقام خالد بن الوليد يومئذ شخصاً يداوي جراحة .
قلت ... قد مضى الكلام على بطلان الاحتجاج بهذا الأثر في رسالة لي سميتها النذارة لمنتحري فلسطين وأطفال الحجارة وقد تكلمت على إسنادها وبينت ضعفه وزاد الكاتب هنا بعض المصادر للقصة وهي كتاب الجهاد لعبد الله بن المبارك فينظر في سنده .
وأما التاريخ للطبري ففي سنده مجهول وهو شيخ من بني حنيفة .
وقد قلت هناك ... ولو صح الأثر لما كان دليلاً لما ذهب إليه العودة من الاستدلال على صحة العمليات الانتحارية لأن البراء لم يتيقن الهلاك وكان كذلك حيث أنه نجا ومرض شهر بعد ذلك ولأنه فعل ذلك عندما كان وراءه جيشاً قد حاصروا مسيلمة وحزبه في الحديقة واصحاب العمليات الانتحارية الفردية وراءهم شعب أعزل مسكين نساء وأطفال وشيوخ وشباب عزل عن السلاح فإذا رد عليهم اليهود نتاج العملية الانتحارية فلن يجد أولئك المساكين مقاومة من سلاح وعدة وعتاد وجيش يردوا به على اليهود فيكون قتالاً كما كان في بدر وغيرها لما استعد المسلمون ولو بعدد قليل ليس لهم إلا ذلك فهذا قول خطأ مبني على الرأي لا على الأثر لأن النبي صلى الله عليه وسلم في صلح الحديبية وموسى ومن معه لما لحقهم آل فرعون لم يقولوا نواجه بالحجارة ليس لنا إلا ذلك لأن في ذلك إذهاب للأنفس بلا مصلحة راجحة فقد شرع الجهاد الإسلامي الصحيح وفيه مفسدة قتل النفس ولكن مصلحة إقامة شرع الله في الأرض رجحت على تلك المفسدة إذا وجدت القدرة وأما في العمليات الانتحارية حصول مفسدتان ومصلحة تلاشت معها تلك المصلحة فالمفسدة الأولى قتل النفس والثانية ردة فعل اليهود على المسلمين بكثرة ما يحدثوه من القتل فيهم بدون أن يكون هناك شبه طريق للانتصار لعدم التكافؤ بين الحجارة والطائرات والدبابات أما مصلحة إرهاب اليهود وحدوث القتل فيهم فلا تساوي شئ أمام كثرة القتل في المسلمين وقطع طريق إقامة شرع الله في الأرض لأن الشرع بلا رجال لا يمكن تنفيذه وكثرة القتل والجوع يمنع تنظيم الدولة وإقامة الجهاد المؤدي للنصر عليهم ولنا في رسول الله أسوة حسنة حيث أنه لم يأمر أصحابه وقت الضعف وعدم التكافؤ بمثل هذه الاغتيالات ويقول هذا الذي نقدر عليه بل كان يأمر أصحابه بالصبر . يقول شيخ الإسلام بن تيمية كما في الإنصاف (4/116) يسن الانغماس في العدو لمصلحة المسلمين وإلاَّّ نهى عنه وهو من التهلكة ويلحظ في غالب هذه النصوص أنها في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة من المسلمين وعسكرهم صوب العدو قلت فأين هذا من ذلك التهور الذي لا يقوم على ركن وثيق من العلم بل هو الرأي والعاطفة المهلكة وأما قوله رحمه الله في نفس الكلام ولكن في بعضها كما في قصة الغلام ما ليس كذلك فمحمول على حصول المصلحة كما ذكر في بداية كلامه وأين المصلحة اليوم من ردة الفعل الشنيعة من اليهود بعد العملية الانتحارية من قصف بالطائرات والدبابات وقتل العشرات والمئات ودخول هؤلاء المساكين من ضعف إلى ضعف يقتل العدو كل يوم العدد من الرجال المسلمين العزل فهل دعا رسول الله وأصحابه إلى مثل هذا وقت الضعف ( فاعتبروا يا أولي الأبصار ) ولو كانت الشبه في جريها كالأنهار وفي كثرتها كمد البحار وفي ألوانها وتنوعها كالأزهار.
[align=center:5bab6e2a0b]يتبع الرد في الصفحة التالية[/align:5bab6e2a0b]=
المفضلات