2787 - " من أصابته فاقة فأنزلها بالناس لم تسد فاقته ، و من أنزلها بالله ، أوشك الله
له بالغنى ، إما بموت عاجل أو غنى عاجل " .


قال الألباني في " السلسلة الصحيحة " 6 / 676 :


أخرجه الترمذي ( 2327 ) و الحاكم ( 1 / 408 ) و عنه البيهقي ( 4 / 196 ) و
الطبري في " تهذيب الآثار " ( 1 / 13 / 12 و 13 ) و الدولابي في " الكنى " ( 1
/ 96 ) و أبو يعلى في " مسنده " ( 3 / 1286 ) و البغوي في " شرح السنة " ( 14 /
301 / 4109 ) من طرق عن بشير بن سلمان عن سيار ( زاد البغوي : أبي الحكم ) عن
طارق بن شهاب عن عبد الله بن مسعود مرفوعا به . و قال الترمذي : " حديث حسن
صحيح غريب " . و قال الحاكم : " صحيح الإسناد " . و وافقه الذهبي . و قال
البغوي : " حديث حسن غريب " . قلت : و رجاله كلهم ثقات رجال الشيخين إن كان
سيار هو أبا الحكم كما عند البغوي ، و قد قيل : إنه سيار أبو حمزة ، و هو ثقة
عند ابن حبان ، و قد روى عنه جمع من الثقات فهو صحيح على كل حال ، و قد اختلفوا
في تقييد اسمه على وجوه ثلاثة : الأول : ( سيار ) دون كنية كما في التخريج
المذكور . الثاني : ( سيار أبي الحكم ) ، أخرجه الطبري أيضا ( 1 / 11 / 11 ) و
أبو يعلى ( 3 / 1308 ) عن محمد بن بشر العبدي ، و أحمد ( 1 / 389 و 442 ) عن
وكيع ، و ( 1 / 407 ) عن أبي أحمد الزبيري ، و الطبراني في " المعجم الكبير " (
10 / 15 / 9785 ) و عنه أبو نعيم في " الحلية " ( 8 / 314 ) عن أبي نعيم ، كلهم
عن بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق به . الثالث : ( سيار أبي حمزة ) ،
أخرجه أبو داود ( 1645 ) من طريق ابن المبارك عن بشير بن سلمان عن سيار أبي
حمزة به . و تابعه سفيان الثوري عن بشير به . أخرجه أحمد ( 1 / 442 ) و من
طريقه الدولابي ( 1 / 98 ) : حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان به . و قال أحمد
عقبه : " و هو الصواب : ( سيار أبو حمزة ) ، [ و ليس هو سيار أبو الحكم ] ، و
سيار أبو الحكم لم يحدث عن طارق بن شهاب بشيء " . و مثله في كتابه : " العلل "
( 1 / 97 ) و الزيادة منه . و تعقبه الشيخ أحمد شاكر رحمه الله في تعليقه على "
المسند " ( 6 / 117 ) فقال : " نرى أن عبد الرزاق أخطأ في قوله : " عن سيار أبي
حمزة ، و أن صوابه عن سيار أبي الحكم خلافا لما رجحه الإمام أحمد هنا " . و
ردنا لهذا التعقب من وجهين : أولا : أن عبد الرزاق لم يتفرد به ، فقد قال
الحافظ في " التهذيب " : " رواه عبد الرزاق و غيره " . و كأنه يشير إلى المعافى
بن عمران ، فقد أخرجه الدولابي ( 1 / 159 ) من طريق يحيى ابن مخلد : حدثنا
معافى عن سفيان به ، و لفظه : " بأجل عاجل ، أو رزق حاضر " . و يحيى بن مخلد
وثقه النسائي كما رواه الخطيب في " التاريخ " ( 14 / 207 - 208 ) لكن قد ساق
الحافظ رواية المعافى هذه دون عزو بلفظ : " سيار أبي الحكم " ، فلا أدري أهي
المحرفة ، أم رواية الدولابي المتقدمة ؟ و لعل الأرجح الأول ، لأن الحافظ عقب
بها رواية عبد الرزاق . و الله أعلم . ثانيا : أن الإمام أحمد ليس وحده في
ترجيح أنه سيار أبو حمزة ، بل وافقه على ذلك جماعة من أقرانه و غيرهم ، ففي "
التهذيب " عن أبي داود أنه قال عقب الحديث : " هو سيار أبو حمزة ، و لكن بشير
كان يقول : ( سيار أبو الحكم ) و هو خطأ " . و قال الدارقطني : " قول البخاري :
" ( سيار أبو الحكم ) سمع طارق بن شهاب " وهم ، منه و ممن تابعه ، و الذي يروي
عن طارق هو سيار أبو حمزة ، قال ذلك أحمد و يحيى و غيرهما " . إلا أنه قد تبع
البخاري في أنه يروي عن طارق - مسلم في " الكنى " و النسائي و الدولابي و غير
واحد كما في " التهذيب " أيضا ، و عقب عليه بقوله : " و هو وهم كما قال
الدارقطني " . قلت : و هذا اختلاف شديد من هؤلاء الأئمة الفحول ، لعل سببه
اختلاف الرواة على الوجهين الأخيرين من الوجوه الثلاثة المتقدمة ، فإن الأول
منها لا يخالفهما ، فإنه يحمل على أحدهما من باب حمل المطلق على المقيد ،
فالقولان يدوران عليهما ، و من الصعب لأمثالنا أن يرجح أحدهما ، لعدم وجود دليل
ظاهر يساعد على ذلك ، و مع هذا فإن النفس تميل إلى ترجيح قول الإمام البخاري و
من معه ، لأن رواة الوجه المؤيد له أكثر من رواة الوجه الآخر ، كما هو ظاهر من
تخريجهما . أقول هذا إذا كان الاختلاف من الرواة عن بشير بن سلمان ، أما إذا
كان الاختلاف منه نفسه كما يشير إلى ذلك أبو داود بقوله المتقدم : " .. و لكن
بشير كان يقول : سيار أبو الحكم ، و هو خطأ " . قلت : فإذا كان الخطأ من بشير
نفسه فالأمر أشكل ، لأن لقائل أن يقول : ما الدليل على أنه منه ، و ليس هناك
راو آخر سواه رواه عن سيار ، فقال فيه : ( سيار أبو حمزة ) ؟ و بالجملة ،
فالأمر بعد يحتاج إلى مزيد من البحث و التحقيق لتحديد هوية الراوي ، أهو أبو
حمزة هذا أم أبو الحكم ؟ و لكننا نستطيع أن نقول جازمين أن ذلك لا يضر في صحة
الإسناد لأنه تردد بين ثقتين كما تقدم ، فلا ضير فيه سواء كان هذا أو ذاك . و
الله أعلم . و أما قول المعلق على " شرح السنة " : " و إسناده صحيح قوي على
مذهب البخاري و من تبعه كالترمذي و ابن حبان و الحاكم ، و ضعيف على مذهب أحمد و
الدارقطني و غيرهما " . فأقول : هذا كلام عار عن التحقيق لوجوه : الأول : أنه
لم يبد فيه رأيه الخاص في إسناد الحديث و متنه ، تصحيحا أو تضعيفا . الثاني :
أنه لا يصح الجزم بصحة إسناده على مذهب البخاري ، لأنه يستلزم أن يكون رواته
جميعا ثقاتا عند البخاري و منهم بشير بن سلمان ، فإنه و إن كان قد وثقه جماعة ،
فإنهم لم يذكروا البخاري معهم ، و لا يلزم من سكوته عنه في " التاريخ " ( 1 / 2
/ 99 ) و إخراجه له في " الأدب المفرد " أنه ثقة عنده كما لا يخفى على أهل
العلم ، خلافا لبعض ذوي الأهواء من الإباضية و غيرهم . الثالث : و على العكس من
ذلك يقال فيما نسبه من الضعف على مذهب أحمد و .. فإن ذلك إنما يستقيم لو أنهما
كانا يريان ضعف أو جهالة سيار أبي حمزة ، و هيهات ، فإنه لم ينقل شيء من ذلك
عنهما . فتأمل . و هذا و ثمة اختلاف آخر بين الرواة يدور حول قوله في آخر
الحديث : " إما بموت عاجل ، أو غنى عاجل " . و ذلك على وجوه : الأول : ما في
حديث الترجمة : " موت عاجل " ، و هو رواية الحاكم و من بعده ، و كذا أبي داود ،
و أحمد في رواية . الثاني : بلفظ : " موت آجل " ، و هو لأحمد في رواية أخرى .
الثالث : بلفظ : " أجل آجل " ، و هو للطبراني و أبي نعيم . الرابع : بلفظ : "
برزق عاجل أو آجل " و هو للترمذي . و هذا اللفظ الأخير مع تفرد الترمذي به ،
فهو مخالف لما قبله من الألفاظ ، مع احتمال أن يكون حرف ( أو ) فيه شكا من
الراوي ، فلا يحتج به للشك أو المخالفة . و أما اللفظ الثاني و الثالث فهما و
إن كانا في المعنى واحدا ، إلا أن النفس لم تطمئن لهما لمخالفتهما اللفظ الأول
، لأنه هو المحفوظ في رواية الأكثرين من الرواة و المخرجين ، فهو الراجح إن شاء
الله تعالى ، و به التوفيق . و إذا كان الأمر كذلك فما معنى قوله : " إما بموت
عاجل ، أو غنى عاجل " ؟ فأقول : لم أقف على كلام شاف في ذلك لأحد من العلماء ،
و أجمع ما قيل فيه ما ذكره الشيخ محمود السبكي في " المنهل العذب " ( 9 / 283 )
قال : " إما بموت قريب له غني ، فيرثه ، أو بموت الشخص نفسه ، فيستغني عن المال
، أو بغنى و يسار يسوقه الله إليه من أي باب شاء ، فهو أعم مما قبله ، و مصداقه
قوله تعالى : *( و من يتق الله يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب )* " .