الأخ القدير /
مما تتقدم في مقالتك السابقة وإشارتك هل كان دانتي سارق .......؟؟
وأيضا الإشارة إلى أبن سيناء والغزالي وابن عربي وهل ( شفط ) دانتي ملحمته ( الكوميديا الإلهية ) من الكتب المترجمة عنهم أم لا ....؟
أولا أود أن أشير إلى ماقالة أحد المستشرقين المنصفين ( لو لم يظهر العرب على مسرح التاريخ لظلت أوربا الحديثة تتخبط في عصور الظلام حتى وقتنا الحالي ) وهذا الظهور يشمل جميع النواحي سواءً كانت علمية أو أدبية أو اقتصادية أو اجتماعية .فقد نقلت العلوم وترجمت من العربية إلى اللاتينية في شتى المجالات والنواحي وكان أعظم ما نقل لأبن سيناء والفارابي وابن رشد والغزالي وابن عربي ومن هنا كانت البداية التي سأشارك بها على موضوعك
في البداية لقد قرأت معظم شعر (( الكوميديا الإلهية) وهي مترجمة للعربية من المرحوم ( حسن عثمان ) وقد أستغرق في ترجمتها حوالي العشرين عاماً وقد نقلها من اللغة الإيطالية القديمة لك أن تتخيل ذلك الجهد الجبار الذي بذلة المرحوم ( حسن عثمان ) حتى يخرج إلينا هذه الرائعة وان كانت مقتبسة من قصة المعراج كما ذكرت أنت
(فدانتي أليغييري) الشاعر الإيطالي المولود في فلورنسا في الثامن من أيار عام 1265م قد نشر ديوانه الأول
( الحياة الجديدة ) الذي أصبح بعد نشره في طليعة شعراء فلورنسا ومما نركز عليه هنا أن الديوان كان عبارة عن مختارات من الشعر الغزلي التي يحكي فيها دانتي قصة يقظته الروحية من خلال حبة ( لبياتريس ) ولكنه بالرغم من ذلك لم يتبوأ مكانته الأدبية المرموقة إلا بعد ظهور رائعته ( المهزلة الإلهية ) التي أوجز فيها الشاعر حكمة عصرة وكل نواحي مسيحية القرون الوسطى .
من هنا بالذات نقول أن ابن سيناء كان بارعا مؤلفا في الطب والفلسفة والرياضيات والموسيقى واللغة والإلهيات والنفس والمنطق والفلك والطبيعيات .
ولكنة لم يبرز في الشعر أيضا الغزالي كان كذلك
ويبقى هناك أبن عربي .....................
وهو على ما أعتقد الملهم الأول لدانتي _ بغض النظر عما إذا كان قد سرق من ابن سيناء والغزالي شيئا من الفلسفة _
فابن عربي هو شاعر صوفي وشيخ من مشائخهم .فقد ولد ابن عربي بين عام 1164م – 1240م كما جاء في ديوانة
( ترجمان العشاق ) وهو الديوان الذي يوحي بالإيماء إلى الواردات الإلهية والتنزلات الروحية والمناسبات العلوية ويفيض بالاقباس النورانية ويتوهج بحقيقة الحب الإلهي والوجد الصوفي .
إذا يمكننا القول بان ( دانتي ) قد استطاع وببراعة أن يحاكي ابن عربي عند إصدار ديوانه الأول ( الحياة الجديدة )
فابن عربي هو الأقرب لعصر دانتي وربما قد تأثر به فشعر ابن عربي له ظاهر وباطن كما أرخ له المؤرخون
فظاهرة حب أنساني وباطنة عشق الهي ووجد صوفي كذلك كانت ( المهزلة الإلهية ) في شعر دانتي مع اختلاف الديانتين
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

تعقيب .. راعي الذلول
أخي الكريم
اُثمن لك هذا الإثراء ..
وأتفق معك بما تفضلت به ..
إلا أنني أود توضيحا أن أضيف :
أن ( دانتي ) كان كثير الإطلاع على ما يتاح من ما تـُرجم في أوروبا عن الحضارة الإسلاميه في العصور الوسطى ..
وهي الحضاره في ذلك الوقت المتفوقه والمسيطره على الفكر الأوروبي ..

وأرى من وجهة نظري ..
أن ( دانتي ) وما ورد في كوميديته كانت نتاج أفكار العلماء المسلمين .. سواءا الذين عاصروه أو كانوا في تلك الحقبه الزمنيه .. و( نقل ) منهم ما أراد ..
ولا أحدد أحد العلماء المسلمين تحديدا كما تفضلت به عن إبن عربي .. ولو أنه الأقرب له فكريا ..
ودليلي في هذا :
أن دانتي قد ذكر ما يؤكد تقديره للفلسفه الإسلاميه وفلاسفتها ..
فقد أنزل ( إبن سينا ) و ( إبن رشد ) مع الحكماء الذين ساعدوا على تقدم الفكر الإنساني .. ولكنهم ( حسب رأيه ) حـُـرموا من نعمة العقيده الصحيحه .......
مع أن ( دانتي ) بقي العدو اللدود للإسلام .. لأن إخلاصه لعقيدته كان مسيطرا عليه .. وكا يـُمثل في ذلك عقلية العصور الوسطى والحروب الصليبيه ..

أشير هنا .. إلى أن الترجمه لقصة المعراج .. كانت موجوده منذ القرن الثالث عشر ..
ولعل الباحث .. يستنتج مما رواه الكاتب الإيطالي ( تشيرولي ) الذي ذكر .. بأن العالم ( سان بدرو باسكوال ) قد إستوحى وصفه المفصل للإسراء في رسالته المعروفه بعنوان ( سوبري لا ستيا محمدن ) ..
مما جعل العالم ( آسين ) أن يـُرجح بأن يكون ( دانتي ) في وصفه للكوميديا الإلهيه .. قد إعتمد بصوره مباشره على تلك الرساله ..


وتقبل تحياتي ..!!