السعودية: الفضائيات ترفع مبيعات العطارة.. والتجار ينادون بجهاز رقابي متخصص واستثمار طبي لمنع الغش والتلاعب
نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
الرياض: محمد بدير
نما معدل استهلاك العطارة والأعشاب في السعودية إلى أكثر من 6 مرات خلال الأعوام العشرة الأخيرة، ويجمع المتعاملون في السوق على أن السبب الرئيسي في ذلك يعود إلى البرامج التي تقدمها القنوات الفضائية عن الأعشاب وكثرة المواقع التي تتخصص في الأعشاب والوصفات العشبية على الإنترنت. واشار خالد الكريشان مدير عام مؤسسة خالد حمود الكريشان للتجارة، والمتخصصة في استيراد العطارة والأعشاب منذ قرابة 30 عاما إلى أنه بالرغم من حالة الرواج التي يشهدها السوق حاليا، إلا ان النشاط ما زال يغلب عليه الطابع الإقليمي، فمثلا عطارة منطقة نجد تختلف عن عطارة المنطقة الشرقية، فالأرض الجبلية غير الأرض الساحلية والمناطق الباردة غير المناطق الحارة، وهذا ما زال يتسبب في أن أهل منطقة ما قد لا يعرفون ما يتوفر لدى المنطقة الأخرى. وهذا الوضع يتشابه مع الدول المجاورة والكثير من الدول العالمية، مما يجعل من الصعب الإلمام حاليا بكافة الأنواع والأصناف التي تضمها هذه التجارة أو العلوم الخاصة بهذا النشاط. ويرى الكريشان أن هذا الوضع استُغِل من ضعاف النفوس الممارسين للنشاط حيث لا توجد تصنيفات علمية للأعشاب ولا سجلات لأنواعها ومركباتها وفوائدها وأضرارها، مما يسهل على بعض الممارسين للنشاط التلاعب والقيام بأعمال الغش والخداع، كما هو الحال في خلطات وتركيبات العطارة، فعلى سبيل المثال قد لا تكلف بعض الخلطات أكثر من 15 ريالا إلا أنهم يقومون ببيعها بسعر 500 ريال. ويساعدهم في ذلك احتكارهم المعلومة فلا يقومون بإظهار مكونات الخلطة أو التركيبة للعميل ويحاولون بشتى الطرق إخفاءها حتى يتمكنوا من احتكار الصنف والتلاعب في الأثمان كما يشاؤون، وقد يتعدى الأمر مجرد السعر حيث قد يتم التلاعب بما يضر بصحة العميل في حال استخدامهم الخاطئ للأعشاب. إلا انه يتفاءل بالاتجاه العالمي النشط حاليا والهادف إلى توحيد التجارة في العطارة عالميا عن طريق توحيد الاسم العلمي للعشبة ومن ثم تحديد مكوناتها واستخداماتها وتحديد فوائدها والضرر منها، مما سيساهم بشكل كبير في إلغاء الكثير من مظاهر الدجل والغش التي تسيء إلى المهنة. ومن واقع خبرته يطالب بحل لمثل هذه المشكلة بأن توكل عملية إصدار التراخيص لمزاولة النشاط لجهة ذات رقابة واختصاص مثل وزارة الصحة والتي لديها صيادلة وخبراء في مجال الأدوية والأعشاب، بحيث لا يتم منح تراخيص مزاولة النشاط إلا وفق شروط خاصة، علاوة على قدرتها المهنية والرقابية لمتابعة النشاط ومراقبته، ووضع نظم للإفصاح عن مكونات وتركيبات الأعشاب ومكونات الخلطات وكتابتها على الخلطة ذاتها، مع ذكر منافعها ومضارها بطريقة علمية، الامر الذي سيقلل من عمليات الغش والاحتيال ويجعل العميل على دراية بما يستخدمه. واقتناعا منه بان معلومات هذا النشاط تراكمية ولا يوجد حتى الآن تسجيل لها فقد باشر الكريشان بمجهود ذاتي إعداد برنامج لتسجيل الأعشاب في السعودية للتعريف بها ونوعياتها ومكوناتها، واسمها العلمي والآخر الشائع لدى الناس محليا، مما سوف يساهم في توفير المعلومة العشبية الدقيقة ويدعم تجارة العطارة والأعشاب ويزيد الثقافة حول الأعشاب. واضاف أن السعودية لديها العديد من الأعشاب المتوفرة في مناطق معروفة، لكنها حتى الآن لم تصبح تجارية، ولذا تعتمد السعودية على الاستيراد بشكل كبير من الهند، إيران، سورية، ومصر، وقد دخلت الصين السوق حديثا. ويشكو من صعوبة رصد حجم سوق الأعشاب في المملكة نظرا لان بعضها تصنف كعطارة وبعضها الآخر تصنف بهارات، كما أن الزهور المجففة يتم احتسابها على أنها من الأعشاب كذلك، وهذا التنوع يجعل العديد من النوعيات تتوزع بين العديد من الجهات. ويتفق عبد الغني صالح الحسيني مدير مؤسسة الحسين للعطارة التي تعمل في السوق منذ قرابة 70 عاما مع الكريشان في أن السوق يشهد نشاطا كبيرا حاليا، مؤكدا أن القنوات الفضائية لعبت دورا كبيرا في زيادة الوعي لدى العملاء وزيادة الإقبال حاليا، وخاصة أنها تستضيف الكثير من المتحدثين المتخصصين في هذا المجال مثل الأطباء. ويطمح الحسيني أن يرافق هذا الرواج اهتمام متزايد من قبل الجهات البحثية أو المتخصصة للبحث في مجال الأعشاب والعطارة، وان تعود إحدى الجامعات السعودية لاستئناف نشاطها في إجراء البحوث وتحليل الأعشاب بعد توقفها منذ 15 عاما، والذي كان يعني إمكانية القيام بنشاط علمي في هذا المجال كما هو الحال في الكثير من الدول المجاورة، ويرى أن مثل هذه النشاطات العلمية قد تكون احدى الوسائل الناجحة في القضاء على الظواهر التي تضر بالسوق، وخاصة أن هذه الجهات العلمية تحرص على التواصل مع العاملين في هذا المجال وتثقيفهم وتزويدهم بالمعلومات الصحيحة الدقيقة، بالإضافة إلى توفر الإمكانات لديها لأداء دورات تثقيفية للعاملين في هذا المجال. كما يطمح أن يتحول النشاط إلى استثمار لبعض المختصين للاستفادة منه ومن حالة الرواج السائدة في إقامة مراكز علاجية بالأعشاب كما هو الحال في بعض البلاد المجاورة مثل الكويت.