أسعد الله أوقاتكم بكل خير


أثناء تصفحي لشبكة الإنترنت، مررت بسؤال يتعلق بحب الفتاة للإرتباط بالشاب الوسيم " الحلو"،وكانت الملاحظات على هذا السؤال تتمحور حول خواء وعقم تفكير الفتاة التي تفكر بهكذا منطق، انحصرت التعقيبات حول هذه الفكرة، بدا لي النقاش سطحياً وخالٍ من التعمق، فأي موضوع كان لابد وان يأخذ حقه من النقاش، والذي عادة يعالج مختلف زوايا ومحاور الموضوع ويعطيه حقه من البحث والتقصي والتفنيد ..

كان واضحا من خلال التعقيبات أن هناك ربطاً بين وسامة الرجل وضعف رجولته، وكأن الرجل الوسيم خالي من الرجولة، يهتم بشكله ومظهره على حساب الجوهر، وهذا تفكير فيه مغالطة كبيرة، فالرجولة صفة موجودة عند الكثيرين وليس لها علاقة بشكل الانسان، وسيماً كان ام متواضع الوسامة، فقد خلق الله الانسان في هذه الصورة، وأودع فيه الكثير من الصفات، ولنا في التاريخ عبرة، فهذا سيدنا يوسف ـ عليه السلام ـ أُعطي شطراً من الجمال والحسن، وكان رجلاً بمعنى الكلمة، ويكفينا لنقتنع بذلك أن الله اصطفاه نبياً، وهذا اكبر دليل على أن صفة الرجولة لا علاقة لها بمظهر الانسان.

قد نوجه نقداً للمبالغة بالإهتمام بالمظهر على حساب الجوهر، كأن يتهافت الشباب على عيادات التجميل بداعي وبدون داعي، لإجراء عمليات تجميل ليظهرون بصورة أجمل، فهذا نوع من المبالغة المرفوض من وجهة نظري، لكن يبقى الجمال أو الوسامة في الرجل شيء إيجابي يُضاف إلى المؤهلات الأخرى مثل الأخلاق ومستوى التعليم، وغيرها من المؤهلات التي تجعل له مكانة بين الآخرين ....

يختلف الناس في ترتيب الأولويات لهذه الأمور، وإن كنت أعتبر ان الأخلاق تأتي أول هذا الأمور، ثم يليها ما يليها .. ولا أرى داعي لتوجيه نقد للشاب أو الرجل الذي يهتم بشكله ومظهره، بل أرى أنها ظاهرة تستحق الإحترام، فاللباس المهندم المرتب والمكوي والنظيف، والأناقة في المظهر لها دلالات ايجابية عن شحصية الإنسان، تتعلق بسمو ذوقه ورهافة حسه، وليس معنى ذلك أنه خاوي من الداخل، ولا اقصد بعض الناس الذين يهتمون بمظهرهم وينسون الجوهر، حتى أنهم من الداخل بصورة مختلفة عن الخارج، فهذا خلل غير مبرر، يعبر عن سطحية مقيتة في التفكير وفي إسلوب الحياة بشكل عام..

وإن كانت الفتاة تضع ضمن اهتمامتها شكل الرجل ومظهره، فهذا شيء من حقها، لكن عليها أيضاً أن تدقق في أخلاقياته وباقي الأمور الأخرى، وأتفق مع الرأي الذي يقول أن الفتاة التي تبحث عن الشاب الوسيم بغض النظر عن أخلاقياته ورجولته هي فتاة سطحية وتفكيرها عقيم.


الأمر نفسه ينطبق على الرجل الذي يبحث عن الفتاة الحسناء، فأغلب الشباب يفضلون البنت الجميلة حسنة المظهر، الرشيقة خفيفة الدم، لكنهم أيضا يدققون في الأمور الأخرى كالأخلاقيات والسلوك وحسن التصرف والتدبير، فالشكل الجميل المجرد من هذه الصفات لا يساوي شيئاً، لكنه يضيف مؤهل إضافي لباقي المؤهلات، وأنا ممن يميلون إلى أن الجمال والاخلاقيات وباقي الصفات الاخرى كلها عبارة عن سلة واحدة، إن نقص منها شيئ اختلت المعادلة، وفقدت الفتاة الأفضلية بنظر الشاب، ولا يفوتنا هنا أن نُذكر أن الجمال مسألة نسبية، فمن أراها أنا جميلة قد لا يراها غيري كذلك، والعكس صحيح، لكن تبقى هناك قواعد عامة يشترك الجميع في الإتفاق عليها، كما أن هناك جانب مهم في الجمال وهو جمال الروح ، جمال داخلي لا يلاحظه الكثيرون، هو الذي يعطي للأنسان سحراً خاصاً وجاذبية، ربما لا يشعر بها الا البعض.ولأننا لا نملك أجساداً فقط، بل نملك أنفساً وأرواحاً، تبغي هي الأخرى الجمال، فلا معنى لجمال الوجه والمظهر، دون أن نطهّر الجوهر ونزكِّي الأنفس، وننشر السعادة لكل من حولنا..


ختاماً أقول أن الرجال والنساء كأنصاف دوائر منثورة في الفضاء، فإن إلتقى كل نصف بنصفه الأخر المناسب يحدث التوافق بينهما، وعسى الله يوفقنا وإياكم في العثور على أنصافنا الأخرى |( لمن لم يتزوجوا بعد)


لكم المحبة