تغيير اسم القسطنطينية إلى استنبول
في مثل هذا اليوم من عام 1930 تم تغيير اسم مدينة القسطنطينية وأصبح اسمها مدينة استنبول. وهي مدينة بيزانطة (بيزانس) القديمة وقد أطلق الإمبراطور قسطنطين الأكبر اسمه عليها حين نقل عاصمة الدولة الرومانية من مدينة روما بإيطاليا إليها عام 324م.
وفي عام 1453م فتحها السلطان العثماني محمد الثاني (الفاتح) واتخذها عاصمة للدولة العثمانية وهي تقع على ضفتي مضيق (البوسفور) الآسيوي والأوروبي. وتعرف باسم (استانبول) نسبة إلى اسمها البيزنطي (استن بوليس). وقد بدأ التفكير في فتح القسطنطينية يراود خيال خلفاء المسلمين منذ بداية العصر الأموي؛ فعندما ولي الخليفة (معاوية بن أبي سفيان) خلافة المسلمين كان في مقدمة الأهداف التي وضعها نصب عينيه فتح القسطنطينية، تلك المدينة الجميلة الساحرة، أشهر مدن الدولة البيزنطية وعاصمتها المتألقة.
وكان لموقع القسطنطينية المتميز أكبر الأثر في اتجاه أنظار المسلمين إلى فتحها، وانتزاعها من الإمبراطورية البيزنطية التي كانت مصدر قلق دائم للدولة الإسلامية، وضم تلك اللؤلؤة العزيزة إلى عقد الإمبراطورية الإسلامية الواعدة.
كانت مدينة القسطنطينية محط أنظار المسلمين بجمالها وبهائها، كأنها درة قد احتضنها خليج البسفور من الشرق والشمال، وامتدت من جهة الغرب لتتصل بالبر، وتطل أبراجها وحصونها في شموخ وكأنها تتحدى الطامعين فيها، وقد برزت أسوارها العالية من حولها في كل اتجاه فتتحطم عندها أحلام الغزاة وتنهار آمال الفاتحين. وبرغم تلك الأسوار المنيعة والأبراج الحصينة التي شيدها أباطرة البيزنطيين حول المدينة، فإن ذلك لم يفتّ في عضد معاوية، ولم يثنه عن السعي إلى فتح القسطنطينية.. وبدأ معاوية يستعد لتحقيق حلمه الكبير.
استطاع معاوية في مدة وجيزة أن يجهز لأول حملة بحرية إلى القسطنطينية (سنة 49 هـ = 669م) حشد لها جيشا ضخما، وشارك فيها عدد كبير من الصحابة منهم (عبد الله بن عمر) و(عبد الله بن عباس) و(أبو أيوب الأنصاري)- رضي الله عنهم- وجعل عليها (سفيان بن عوف)، وأخرج معه ابنه (يزيد بن معاوية).
ولكن تلك الحملة لم يكتب لها النجاح؛ فقد حال سوء الأحوال الجوية وبرودة الجو الذي لم يعتدْه العرب دون استمرار المسلمين في الحصار الذي فرضوه على المدينة، بالإضافة إلى قوة تحصين المدينة التي حالت دون فتحها. وعادت الحملة مرة أخرى بعد أن استشهد عدد من المسلمين، منهم الصحابي الجليل (أبو أيوب الأنصاري).
ولكن معاوية لم ييئس، ولم يخبُ حماسه وإصراره على مواجهة هذا التحدي الجديد؛ فراح يعد لحملة جديدة، ومهد لذلك بالاستيلاء على عدد من الجزر البيزنطية في البحر المتوسط، مثل: جزيرة (كريت) وجزيرة (أرواد) في سنة (54 هـ = 674م).
وبرغم كل تلك المحاولات لفتح القسطنطينية، والتي لم يكتب لها النجاح؛ فقد ظل الاستيلاء على هذه المدينة حلما يداعب خيال المسلمين، وأملا يراود نفوسهم، وأمنية تجيش في صدورهم حتى استطاع السلطان العثماني (محمد الفاتح) أن يحقق ذلك الحلم بعد عدة قرون من الزمان، ويفتح القسطنطينية في سنة (857هـ = 1453م).
المفضلات