في مثل هذا اليوم من عام 1628 أعلن الطبيب وعالم التشريح الإنجليزي وليم هارفي اكتشاف الدورة الدموية في جسم الإنسان.
والحقيقة التي تؤكدها كتب تاريخ العلوم أن اكتشاف الرجل لم يكن سوى تأكيد لما توصل إليه العالم العربي القديم ابن النفيس قبل ذلك بقرون عدة.
ولد هارفي في الأول من إبريل عام 1578 ومات عام 1657.
لم تكن أوروبا قد تعرفت بعد على علم التشريح الحديث الذي توقف بالنسبة لهم مع انتهاء الحضارة الإغريقية، لذلك خاض هارفي هذا الحقل بشجاعة وجرأة بالإضافة إلى ذكائه وطرق تجاربه الدقيقة والتي اعتبرت نموذجاً للبحث العلمي في علم الحياة والعلوم الأخرى.
واستفاد من تراث الطبيب الإيطالي فابريسيوس الذي درس علم التشريح على يد عالِم التشريح الإيطالي المشهور غابريل فالوبيس في جامعة بادوا، والتي عين فيها فيما بعد أستاذاً للجراحة وعلم التشريح عام 1565.
كما أنه شارك هارفي العالم وليام جيلبرت في البحث والتحقيق عن المغناطيس الذي كان أساس بدء أبحاث تجريبية دقيقة في العالم أجمع.. ولكن كما ذكرنا فإن ابن النفيس هو المكتشف الأول للدورة الدموية، ومن خلال كتبه انتقلت إلى أوروبا الفكرة. وهو - ابن النفيس - من علماء المسلمين في مجال الطبّ واسمه ابن النفيس علاء الدين أبو الحسن عليّ بن أبي حزم القرشي الدمشقي. ولد في إحدى ضواحي دمشق عام 1210 وكانت دمشق آنذاك مركزاً مهماً من مراكز العلوم والفنون، وقد نال قسطاً كبيراً من التعليم في مدارسها. جاء ابن النفيس بآراء ونظريات هي في الواقع فتحٌ في ميادين الطبّ وعلم وظائف الأعضاء، بل إنه يأتي في طليعة أطباء العرب الذين أنجبتهم أمتنا على مدى تاريخها الطويل، حيث يحتل مكانة فريدة بينهم نظراً لدوره العظيم في اكتشاف الدورة الدموية الصغرى.
وقد بدأ نجمه يعلو ويسطع حتى صار شيخ الأطباء في عصره. اهتدى ابن النفيس إلى كشف الدورة الدموية الصغرى، حيث كان جالونس وابن سينا يريان أن الدم يتولد في الكبد ومنها ينتقل إلى البطين الأيمن من القلب حيث تجري تنقيته وتطهيره من الرواسب ثم يسري في العروق إلى أعضاء الجسم لتغذيتها، وان هناك ثقوباً في الجدار الحاجز بين البطينين ينفذ منها الدم إلى البطين الأيسر ليمتزج بالهواء الذي يحمل إليه من الرئتين عن طريق الوريد الرئوي.. إلا أن ابن نفيس اهتدى إلى الأخطاء التي وردت حتى وصل إلى أن الدم الذي ينساب من البطين الأيمن إلى الرئة، حيث يمتزج بالهواء ثم ينتقل إلى البطين الايسر، وبذلك أثبت أن الدم ينقى في الرئتين، وتلك هي الدورة الدموية الصغرى. وتجدر الإشارة إلى أن اكتشاف ابن النفيس في هذا الصدد ظلّ مغموراً قروناً طويلة، بينما نسب ذلك خطأ إلى مايكل سيرفيوت1511 - 1553م الذي أحرق حياً لتبشيره بنظرية ابن النفيس، وذلك قبل مولد وليم هارفي 1578 - 1657 بربع قرن مما حمل البعض على الاعتقاد بأن هارفي قد أخذ الدورة الدموية من سيرفيتوس، الإ أن الحقيقة هي أن سيرفيتوس وقعت في يده الترجمة اللاتينية لكتاب ابن النفيس (شرح تشريح القانون) والتي قام بها طبيب إيطالي يدعى الباجو، وهو أخد رواد عصر النهضة الأوروبية في الطبّ، وقد أمضى ثلاثين عاماً في سوريا باحثاً عن المخطوطات الطبية العربية مترجماً شرح تشريح القانون لابن النفيس والذي يحتوي على نظرية الدورة الدموية الصغرى.
المفضلات