الحلقة الثالثة
(( الرسالة ))
(::::{3}:::: )
.ـ.الرسالة.ـ.
(( أقسم بالله العظيم أنك إذا لم تتدخل في مشكلتي سأنتحر ..
نعم سأقتل نفسي ..!!
وإليك قصتي :
قبل عدة أسابيع كان سالم هنا في القرية ..
ذات مساء ..
اتصل على منزلنا .. وتحدث مع أمي وقال :
أريد أن تذهب مريم لزيارة أختي في المستشفى ..
وقد أوصتني أن أبلغها أنها تريدها بموضوع مستعجل ..
شدهت أمي بخبر وجود أخته في المستشفى ..
ثم قالت له :
كما تعلم أن أبا مريم غير موجود ولا يوجد أحد ليوصلها ..
ولعلنا غداً نزورها أنا ومريم بإذن الله ..
قال لها سالم : إنها تريدها بموضوع لا أدري كنهه ..
ولكن يبدو أنه مستعجل .. وقد رجتني أن أجعل مريم تأتيها ..
ردت أمي : ولكن لا يوجد أحد يوصلها ..
أجاب سالم : سآتي وأختي الصغيرة لنأخذ مريم إلى المستشفى ..
إذا لم تمانعي ..
وافقت أمي ..
.
.
حضر سالم وأخته الصغيرة ..
ركبت .. خلف الفتاة ..
وانطلقت السيارة ...
اتجهت السيارة إلى خارج القرية ..
وهو اتجاه لا يؤدي إلى المستشفى بحال ..
وعندما رأيته أوغل فيه ..
سألت : إلى أين تتجه ؟!!؟؟
فضحك ضحكة هيستيرية ..!!!
وقال : إلى الجحيم !!!!!
كان يضحك بأعلى صوته ..
وهو يصرخ ويقول : وأخيراً سأنتقم لشرفي ..
وأخذ يرددها .!!..
صرخت بأعلى صوت أملكه ..
كانت فاجعة وصدمة عظيمة عظيمة ..
رجوته : أن يتعقل .. أن يخبرني ما الخطب ..
أن يفسر لي ما الأمر ..
رجوت أخته باسمها أن تنقذني ..
أن تتجاوب معي .. مع توسلاتي ..
فما كان يجيبني إلا ضحكاته الغريبة ..
وجمود .. وليس فقط صمت أخته التي في الأمام ...
فكرت في أن أقفز من الباب ..
حاولت فتحه ..
لكنه كان مضمناً .!!
لم تطل حالة الهرع والخوف والمفاجأة ..
بل زادت عندما ...
رأيته ينحرف بالسيارة إلى طريق بري ..
ثم لم يطل به المسير حتى توقف ..
في أرض خلاء ..
نزلت الفتاة – أخته - من السيارة ..
ورأيتها تخلع عبائتها لينجلي العجب عندما ..
بان لي أحد العمال الشرقيين ..
زاد صراخي عندها ..
كدت أجن .. لولا أني كنت على يقين أن يقظتي قد تنقذني ..
تقدما نحوي وأمراني بالنزول ..
لم أذعن .. سحباني من السيارة ..
وأنا أتشتبث ببابها ..
طرحوني أرضاً ..
سقطت عبائتي ..
رجوته بكل لفظ يمكن أن يخطر لك على بال ..
لم أكن أتدث مع بشر ..
له شيء نصيب من شعور أو إحساس ..
كان يردد لفظته الأولى :
سأنتقم لشرفي .. الآن ..
ويرتعش وهو يضحك تلك الضحكات الحقودة الكريهة ..
قال بعد أن سقطت متمرغة في التراب :
هيا اخلعي ملابسكي .. كلها .. كلها ..
نظرت إليه لاهثة راجية ..
كرر : هيا اخلعيها كلها وإلا ..
سأقتلكِ .!!!!
وأخرج سكينا ً ..
ولوح بها بين ناظري ..
وأردف : سأجعل أخاك مسعد
يندم على ما فعله في عرضي وشرفي !!!
سأجعل منك له عبرة ...
وسأجعل منه هو عبرة ..
لم أفهم أبدا ما قصده ..
ولكني قلت : وما ذنبي أنا بمسعد.
اذهب وانتقم منه هو ..
أطلق ضحكة شقت الآفاق ..
ثم قال : لا تضيعي الوقت ..
هيا اخلعي ثيابك ...
قلت له .. وقد جف حلقي ..
اقتلني إن أردت .. اقتلني ..
قال : ما أقواكِ .. لكن دعيني أخبرك شيء ..
أنا لن أقتلك ِ .. بل ستخلعين ملابسكِ رغماً عنكِ ..
هيا اخلعيها ..
ثم إنني لن أمسكِ بأي سوء ..
أكمل حديثه وقد هدأت حدته قليلاً :
سنجلس هناك فقط وبيننا هذه وأشار إلى قوارير علمت لاحقا أنها خمراً
ونلتقط بعض الصور ..
للذكرى ..
هل تصدقين أن هذا كل شيء ..
رددت عليه : إن كان هذا هو كل شيء ..
فدعني أرجوك بملابسي ..
شدني بقوة مع يدي ورمى بي على فراش كان قد فرشه
العامل الذي معه ..
جلسني وأحضر العامل كاميرا فيديو ..
وجلس سالم بجواري ..
ونزع غطاء رأسي ..
وبدأ العامل التصوير ..
كانت أوان الخمر معنا على الفراش وسالم يشرب منها ..
كنت أرى بصيص النجاة من خلال تصديقي له بوعده ألا يمسني ..
اقترب مني ليقبلني ويحضنني ..
رفضت وغافلته .. فهربت بين يديه ..
وانطلقت أركض على غير هدى ..
.
.
.
ولكنه وصاحبه اللعين أمسكا بي سريعا بالسيارة ..
صفعني على وجهي ...
وقال سأوزع هذا الفيلم على شباب القرية ..
وأركبني السيارة ..
وانطلقا بي ..
كان قد انتهى من مطلبه بي ..
واتجه عائداً إلى القرية ..
لم أكن أصدق ذلك إلا عندما رأيت أنوار القرية تقترب ..
لم أنبس ببنت شفة في طريق العودة سوى نشيج البكاء ..
أنزلني عند بيتنا ومضى ..
دخلت المنزل ...
كان وجهي ينم عن كل ما حصل لي ..
عندما واجهت أمي ..
سألتني بشريني عنها ..
وجهك يقول أن حالتها سيئة ..
دخلت غرفتي دون أن أرد عليها ..
وأغلقت الباب .. وهناك غرقت في أحزاني وهمومي ..
ونشيجي وعبراتي ..
ما كان لي ملجئاً سوى الله ...
كان ملاذي .. فهو أعلم بحالي ..
وكل شيء بقدر لديه ..
ولولا إيماني به وبقدرته ..
لكنت الآن في عداد الأموات ..
إما غماً وكمدا ..
أو انتحارا والعياذ بالله ...
لم أستطع استيعاب ما حصل ..
أصبح صباح اليوم التالي وكان خميساً ..
قررت أن أتعامل مع الواقع المرير ..
كنت أمام خيارات كلها تستحيل من صعوبتها ..
كنت قوية عندما قررت أن أكتم الأمر حتى يجعل الله مخرجا منه ..
رغم وعيي بأن الكتمان قد يؤدي إلى تكذيبي في حالة
أن قرر سالم نشر الفضيحة ..
فلن يفيد كشف الحقيقة عندها ..
استطعت أن أداري مشاعري باختلاقات كاذبة على أهلي ..
ازداد بصيص النور عندما علمت أن سالم سافر .!!
ولكني بقيت أتجرع مرارات انتظار المأساة ..
المأساة التي كانت لي شغل عن تحليل أقوال سالم عن ..
انتقامه من مسعد .. وادعائه أنه هتك شرفه ..
كان مسعد في مدينة عمله ..
وخفت إن حاولت استجلاء الأمر أن ينفضح أمري معه ..
أكتب لك رسالتي هذه .. الآن ..
ومع أنني في أشد حالات البؤس والشقاء ..
إلا أني أبشرك بعمق إيماني بقضاء الله وقدره ..
وأعلم أنه لن يضيعني ولو لصلاتي .. وصيامي ..
وقربي من كتابه ..
لا أدري لماذا فرحت عندما علمت بقدومك للقرية ..
ولا أدري لماذا رأيت فيك المنقذ الوحيد بعد الله لانتشالي من هذه المعضلة ..
وأنا إذ أقسم لك بالله العظيم ..
على صدق كل ما ذكرته في قصتي .
إلا أني أعلم أن صدقي واضح بلا حاجة لتأكيد ..
فلا مصلحة لي بالكذب على ما ذكرت ...
كتبته لك المذنبة التائبة ..
الفقيرة الكسيرة ..
أختك
مريم
تابعوا الحلقة القادمة
(( معطيات اللغز ))
المفضلات