الدرس الرابع :
أقسام التوحيد وأقسام الشرك :
بيان أقسام التوحيد ، وهي ثلاثة :
توحيد الربوبية ، وتوحيد الألوهية ، وتوحيد الأسماء والصفات .
أما توحيد الربوبية : فهو الإيمان بأن الله سبحانه الخالق لكل شيء ، والمتصرف في كل شيء ، لا شريك له في ذلك .
أما توحيد الألوهية : فهو الإيمان بأن الله سبحانه هو المعبود بحق لا شريك له في ذلك ، وهو معنى لا إله إلا الله ، فإن معناها : لا معبود بحق إلا الله ، فجميع العبادات من صلاة وصوم وغير ذلك يجب إخلاصها لله وحده ، ولا يجوز صرف شيء منها لغيره .
وأما توحيد الأسماء والصفات : فهو الإيمان بكل ما ورد في القرآن الكريم ، أو الأحاديث الصحيحة من أسماء الله وصفاته وإثباتها لله وحده على الوجه اللائق به سبحانه من غير تحريف ، ولا تعطيل ولا تكييف ، ولا تمثيل ، عملاً بقول الله سبحانه : {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُواً أَحَدٌ }الإخلاص 1 – 4 .
وقوله عز وجل : { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ }الشورى11 .
وقد جعلها بعض أهل العلم نوعين ، وأدخل توحيد الأسماء والصفات في توحيد الربوبية .
ولا مشاحة في ذلك ، لأن المقصود واضح في كلا التقسيمين .
وأقسام الشرك ثلاثة :
شرك أكبر ، وشرك أصغر ، وشرك خفي .
فالشرك الأكبر : يوجب حبوط العمل والخلود في النار لمن مات عليه ، كما قال الله تعالى : { وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } الأنعام88 .
وقوله : { مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } التوبة17 .
وأن من مات عليه فلن يغفر له ، والجنة عليه حرام ، كما قال الله عز وجل : { إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاءُ } النساء48 .
وقال سبحانه : { إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللّهُ عَلَيهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ }المائدة72 .
ومن أنواعه : دعاء الأموات ، والأصنام ، والاستغاثة بهم ، والنذر لهم والذبح لهم ، ونحو ذلك .
أما الشرك الأصغر : فهو ما ثبت بالنصوص من الكتاب أو السنة تسميته شركاً ، ولكنه ليس من جنس الشرك الأكبر كالرياء في بعض الأعمال ، والحلف بغير الله ، وقول ما شاء الله وشاء فلان ، ونحو ذلك ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم - : (( أخْوَف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر )) ، فسئل عنه ؟ قال : (( الرياء )) رواه أحمد والطبراني ، والبيهقي عن محمود بن لبيد الأنصاري - رضي الله عنه - بإسناد جيد ، ورواه الطبراني بأسانيد جيدة ، عن محمود ابن لبيد ، وعن رافع بن خديج ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - .
وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( مَنْ حَلفَ بشيء دون الله فقد أشرك )) رواه أحمد بإسناد صحيح ، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - ، ورواه أبو داود والترمذي بإسناد صحيح من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - ، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال : (( من حلف بغير الله فقد كفر أو أشرك )) ، وقوله - صلى الله عليه وسلم - : (( لا تقولوا : ما شاء الله وشاء فلان ، ولكن قولوا : ما شاء الله ثم شاء فلان )) أخرجه أبو داود بإسناد صحيح ، عن حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - .
وهذا النوع لا يوجب الردة ، ولا يوجب الخلود في النار ، ولكنه ينافي كمال التوحيد الواجب .
أما النوع الثالث ، وهو الشرك الخفي :
فدليله قول النبي - صلى الله عليه سلم - : (( ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم عندي من المسيح الدجال ؟ )) قالوا : بلى يا رسول الله ، قال : (( الشرك الخفي ، يقوم الرجل فيصلي فيزين صلاته لما يرى من نظر الرجل إليه )) رواه الإمام أحمد في مسنده ، عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - .
ويجوز أن يقسم الشرك إلى نوعين فقط :
أكبر وأصغر ، أما الشرك الخفي فإنه يعمهما :
فيقع في الأكبر ، كشرك المنافقين ؛ لأنهم يخفون عقائدهم الباطلة ، ويتظاهرون بالإسلام رياءً ، وخوفاً على أنفسهم .
ويكون في الشرك الأصغر ، كالرياء كما في حديث محمود بن لبيد الأنصاري المتقدم ، وحديث أبي سعيد المذكور .
والله ولي التوفيق .
المفضلات