تركي الدخيل: طيب هل يُلزم أعضاء هيئة كبار العلماء من ولي الأمر مثلاً باتخاذ أي موقف معين؟
عبد الله المنيع: أبداً, تُعرض القضايا وتناقش في منتهى حرية القول والرأي.
تركي الدخيل: يعني كل عضو حرية أن يبدي رأيه..
عبد الله المنيع: والقرار إذا صدر نجد مجموعة من القرارات يكون لكل واحد.. يعني لبعضهم تحفظ مخالفة وجهة نظر وهذا..
تركي الدخيل: كان التحفظ في السابق أكثر من الآن..
عبد الله المنيع: ولا والله على كل حال التحفظ الآن ماشي منذ بدأت الهيئة حتى وقتنا هذا, وكل واحدة في الواقع لا يملى عليه رأيه أبداً, وإنما يقول ما يقول, لكن على كل حال مسألة يعني قد تكون هذه الآراء مبنية على بعد النظر, على قصر النظر, على أن الموضوع يحتاج إلى مزيد من استكمال البحث والتحري ونحو ذلك, وإلا فالواقع مرة واحدة لا يتصور أبداً وليس هناك شيء مما قد يقال بأن هناك قرارات تُبنى, سواء كان ذلك من ولي الأمر أو كان ذلك من رئيس المجلس, أو كان ذلك من بعض الأعضاء يريد أن يُرغم أخاه على رأي معين بل حرية والحمد لله.
تركي الدخيل: رئيس المجلس هو سماحة المفتي عبد العزيز بن عبد الله آل الشيخ, أود أن أسألك سؤال آخر شيخ عبد الله بن سليمان المنيع عضو هيئة كبار العلماء بالسعودية, وهو ما يقال أحياناً من أن هناك تيارين داخل الهيئة هيئة كبار العلماء, تيار قد يمثل الاهتمام بمدرسة الأحوط, وتيار آخر يبحث عن التسهيل للناس هل توافق هذه الرؤية؟
عبد الله المنيع: والله نعم أوافق على هذا, ولا شك أن بعض إخواننا وزملائنا في هذا يكون عندهم المزيد من الحيطة, والمزيد من الاحتجاج بضرورة استبراء الذمة والاحتياط وعدم يعني فتح الأبواب وضرورة العناية بسد الذرائع ونحو ذلك, وهناك من الأعضاء من هم في الواقع على كل حال لا يقتحمون مثل هذه الحواجز, ولكنهم في الواقع يعني يقولون بضرورة كذلك يعني النظر أو بضرورة التعامل مع يسر الإسلام, ورسول الله صلى الله عليه وسلم ما خير بين أمرين إلا اختار أيسرهما ما لم يكن إثما, ويقول صلى الله عليه وسلم: "يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا". فهذا المبدأ من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتضي أن يكون لدينا لدينا القدرة والقوة, والرغبة كذلك في تيسير أمور المسلمين بشرط أن لا يكون ذلك في مجال مخالفة نص لا من كتاب الله ولا من سنة رسوله, وأما إذا كان الأمر محل اجتهاد فالاجتهاد مبناه الفقه في مقاصد الشريعة, الفقه في معرفة أو في إدراك متى تتحقق المصلحة, فمتى تحققت المصلحة فثم شرع الله.
تركي الدخيل: جميل, هؤلاء مثلاً الذين ينزحون نحو التشدد أحياناً أو لنقل استبراء الذمة وتوسيع باب سد الذرائع والاحتياط, يعني ما الذي يدفع أحد العلماء إلى سلوك هذا المسلك أو ذاك هل نفسيته؟ هل طريقة المدرسة الفقهية التي يتبعها؟ أم معاشرته للناس؟ كيف يظهر أحد العلماء وهو من نفس البيئة ومن نفس المجتمع ونفس التلقي؟
عبد الله المنيع: يبدو لي الله يحفظكم بأن إخواننا الذين هم في الواقع عندهم شيء من المزيد من أخذ الاحتياط والمناداة بسد الذرائع, يعني يبدو أنهم ليس لديهم يعني اتصالات بشرائح المجتمع, وإدراك ما المجتمع فيه من حاجة ومن ضرورة دراسة أحوال ومشكلات وما يتعلق بهذا, فلا شك أن أن الحكم على الشيء فرع عن تصوره, إذ طالما أن تصوري لأي موضوع تصور قاصر فلا شك أن يعني الأخذ بالسلبية متجه.
تركي الدخيل: هذا يأتي في إطار مثلاً عكوفهم على الطلب وتحصيل العلم ولذلك هم غير متواصلين مع الناس كثيراً؟
عبد الله المنيع: والله قد يكون هذا, أو قد يكون أنهم كذلك يعني يرون أن الخلطة قد تؤثر على على تقوى على صلاح على اتجاه على التزام على شيء من هذا, ولكن لنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة, كان صلى الله عليه وسلم يختلط بجميع شرائح أمته صلى الله عليه وسلم وأصحابه, ويعني فكون أن الإنسان يبتعد عن المجتمع الذي يعيش فيه, والذي كذلك يرغب المجتمع أن يرى رأيه أو أن كذلك يسمع حكمه على الشيخ, والحال أنه يعني بعيد عن مشكلاته وعن تصوارته وعن أموره ما فيه شك أن هذا في الواقع يدعو للسلبية, وأنا أقول هذا القول في الواقع وأؤكد على أن هذا مبناه الاجتهاد, والاجتهاد الذي يحقق المصلحة وهو مقصد من المقاصد الشرعية, وفي نفس الأمر لا يتعارض مع النصوص الشرعية من كتاب الله أو من سنة رسوله أو إجماع الأمة, ينبغي في الواقع أن يكون لنا رعاية وعناية بأحوال المجتمع ودراسة أحوالهم, والتيسير عليهم لأن التضييق عليهم يعني هو في الواقع يعطي نتائج عكسية..
تركي الدخيل: أو يدفعهم إلى البعد عن الدنيا..
عبد الله المنيع: نعم هذه من النتائج العكسية..
تركي الدخيل: هل يستوعب كلا الطرفين أن هذا الخلاف هو خلاف في إطار المسموح به؟ أم أن هناك أحياناً بعض المعاتبة من تيار إلى آخر؟
عبد الله المنيع: في الواقع نفس يعني ما يتعلق بهذا الخلاف لا شك أن زملائنا الذين ينحون هذا المنحى, هم في الواقع يعني ليس والله لهم قصد في ذلك أنهم يريدون أن يضيقوا على عباد الله, ولكن هذا هو مبلغ علمهم لا يتعلق فيما يتعلق في اجتهادهم, وفيما يتعلق باستبراء ذممهم, وفيما يتعلق بالحيطة وسد الذرائع, ولكن ما كل مجتهد مصيب.
تركي الدخيل: لكن هل تتعاتبون مثلاً على آرائكم الفقهية فيما بينكم؟ عبد الله المنيع: أبداً.. تركي الدخيل: يصير فيه بس نقاش..
عبد الله المنيع: أبداً نقاش والواحد يعرف يبدي وممكن كذلك بعض ذلك أن يناقش فكرة أو رأي أو مداخلة أي على كل يعني عضو من الأعضاء ممكن أن يناقشها, لكن أن يكون هناك يعني مناصحة أو مصارحة أو شيء من هذا ليس, ليش تقول هذا القول أو كذا في يعني اجتماع فردي أو نحو ذلك, لا والله الغالب ما يكون شيء من هذا.
تركي الدخيل: سنواصل حديثنا بعد فاصل قصير شيخ عبد الله, فاصل قصير أيها الإخوة نعود بعده لمواصلة حوارنا في إضاءات مع عضو هيئة كبار العلماء الشيخ عبد الله بن سليمان بن منيع فابقوا معنا.
المفضلات