الشفاعة الحسنة

ومن هذا الباب أيضاً: الشفاعة الحسنة، قال الله تعالى:
{مَّن يَشفَعِ شَفَاعَةً

حَسَنَةً يَكُن لَهُ نَصِيبٌ مّنهَا وَمَنَ يَشفَع شَفَاعَةً سَيِئَةً يَكُن لَهُ كِفلٌ مّنهَا}
[النساء: 85]، وقال أبو

موسى الأشعري رضي الله عنه: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه طالب حاجة، أقبل على جلسائه

فقال: «اشفعوا تؤجروا، ويقضي الله على لسان نبيه ما أحب» [متفق عليه].

النصح لكل مسلم
ومن أخلاق الصيام: النصح لكل مسلم، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال:
[
color=#008نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي]«الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة»
قالوا: لمن يا رسول الله؟ قال:

«لله، ولكتابه، ولرسله، ولأئمة المسلمين وعامتهم» [رواه مسلم].

وعن جرير رضي الله عنه قال: " بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة، والنصح لكل مسلم " [متفق عليه].

وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحبه لنفسه»

[متفق عليه]. فمن حق المسلم على أخيه المسلم أن ينصح له ويدعوه إلى ما فيه صلاحه ونجاته، ويحذره

من طرق الغواية وسُبُل الضلال، وهذا من مقتضى الأخوة الإسلامية واللحمة الإيمانية التي صورها نبي الله

صلى الله عليه وسلم بقوله: «مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم، مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى» [متفق عليه].

وفي رمضان فرصة عظيمة للنصح والتعليم والإرشاد، إذ القلوب مقبلة على ربها، والنفوس متشوقة إلى

سماع كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم، والسكينة حاصلة، والشياطين مسلسلة، فعلى كل

مسلم محب للخير أن يغتنم فرصة هذا الشهر في النصح والتوجيه والإرشاد، وبخاصة أئمة المساجد وطلاب

العلم والدعاة إلى الله عز وجل، عليهم واجب عظيم في نصح الناس ووعظهم وتوجيههم في هذا الشهر العظيم المبارك.

التعاون على البر والتقوى

ومن أخلاق الصيام: التعاون على البر والتقوى، وقد أمر الله بذلك فقال سبحانه:


{وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِ وَالتَّقَوى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثمِ وَالعُدوَانِ}
[المائدة: 2].

وقال سبحانه:
{وَالعَصرِ (1) إنَّ الإِنسَانَ لَفي خُسرٍ (2) إِلاَّ الذَّيِنَ أمَنُوا وَعَمَلُوا الصَّالِحَاتِ

وَتَواصَوا بِالِحَقِ وَتَوَاصوا بَالصَّبرِ (3)}
[سورة العصر]. وفي رمضان تُقام كثير من مشاريع الخير مثل:

1- مشروع إفطار الصائمين.

2- حلقات تحفيظ القرآن الكريم.

3- حلقات دعوية لأبناء الجاليات الإسلامية.

4- توزيع الأشرطة والكتيبات والمطويات.

5- كفالة الأيتام والأسر الفقيرة.

6- مساعدة المجاهدين واللاجئين وأصحاب الكوارث في جميع بلاد الإسلام.

فعلى المسلم أن يشارك إخوانه في بعض هذه الأنشطة الخيرية، إما بماله، وإما بوقته وجهده، حتى لا يَحرِم

نفسه من الأجر والمثوبة، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
«من جهّز غازياً

في سبيل الله فقد غزا، ومن خلف غازياً في أهله بخير، فقد غزا»
[متفق عليه].

الإصلاح بين الناس
ومن أخلاق الصيام: الإصلاح بين الناس، وهو باب عظيم من أبواب الخير، غفل عنه كثير من الناس،

قال تعالى:
{لا خَيرَ في كَثِيرٍ مّن نَّجواهُم إلاَّ مَن أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أو معرُوفٍ أَو إصلاَحِ بَينَ

النَّاس ِ}
[النساء: 114]، وقال تعالى:
{إنَمَا المُؤمِنُونَ إخوَةٌ فَأصلِحُوا بينَ أَخَوَيكُم}

[الحجرات: 10]، وقال تعالى: {وَالصُلحُ خَيرٌ} [النساء: 128].

وقال النبي صلى الله عليه وسلم:
«كل سُلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع

فيه الشمس تعدل بين الاثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته، فتحمله عليها، أو ترفع له عليها متاعه

صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتُميط الأذى عن الطريق صدقة»[/

color] [متفق عليه]، ومعنى " تعدل بينهما ": تصلح بينهما بالعدل.

فأين الذين يستغلون هذا الشهر في الصلح بين الناس والتوفيق بين المتخاصمين وسلّ سخائم النفوس، وتحبيب المسلم في أخيه المسلم.

إن أخلاق الصيام كثيرة وهي تشمل كل خلق نبيل وخصلة حميدة وعمل صالح، فالموفق من استكثر من

هذه الخصال وضرب في كل باب من أبواب الخير بسهم، والمخذول من غفل عن ذلك وضيع الشهر في النوم والبطالة.

نداء ووصايا
هذه نداءات نتوجه بها إلى كل فرد من أفراد المجتمع وكل عنصر من عناصره، أن يكون لرمضان تأثير في حياته وسلوكه وعمله..

* فيا أيها التاجر المسلم:
ليكن لرمضان تأثير في تجارتك .. نُصحاً للمسلمين .. وتركاً للغش والخداع .. وصدقاً في الحديث .. وسماحة

في البيع والشراء .. وبُعداً عن المتاجرة فيما حرّم الله .. ونأياً عن المعاملات الربوية أو المحرمة بأي سبب

شرعي .. وبذلاً من أموالك لليتامى والأرامل والمساكين .. وإسهاماً في مشاريع الخير أينما كنت.

* ويا أيها الموظف المسلم:
ليكن لرمضان تأثير في وظيفتك .. رحمةً بالمراجعين .. ودقة في المواعيد .. وحرصاً على أوقات العمل ..

وإتماماً للأعمال المطلوبة منك.. وإنجازاً لجميع المعاملات المتأخرة.. ونشاطاً لا يعرف الكلل والملل.. وبشاشة عند المقابلة.. وليناً في الحديث .. وتلطفاً في الأخذ والرد.

* ويا أيها الطبيب المسلم:
ليكن لرمضان تأثير في عملك .. ولا يكن همك جمع المال واستغلال ضرورات الناس .. فالتأني التأنّي في

معرفة الداء ووصف الدواء.. ولتكن رحيما بمرضاك، دقيق الملاحظة والمتابعة لكل حالة ترد عليك .. وعليك بالكلام الطيب الذي يبث الأمل والرجاء في النفوس والقلوب.

* ويا أيها المعلم المسلم:
ليكن لرمضان تأثير في درسك وحصتك .. فكن قدوة صالحة لطلابك .. واعلم أنهم يقلدونك في كل ما تأتيه

من أقوال وأفعال وتصرفات.. فاحرص على تعليمهم الأخلاق الحميدة والخصال الحسنة.. وإياك أن يطّلِعوا

منك على عمل قبيح أو تصرف سيء .. فعند ذلك لن يُقبل منك النصح، ولن يكون لكلامك عندهم أي تأثير.

* ويا أيها الوالد الكريم:
ليكن لرمضان تأثير في تربية أبنائك .. فاحرص على الخير في هذا الشهر الفضيل .. وعلّم أولادك فضائله

وآدابه وأحكامه وخصائصه .. ولتكن أخلاق الصيام نموذجاً عملياً في تعاملك مع أهلك وأبنائك وجيرانك وأصدقائك.. حتى تكون قدوة حسنة لأبنائك وجميع المحيطين بك.

اللهم وفقنا لصيام هذا الشهر على الوجه الذي يُرضيك.. واجعلنا فيه من عتقائك من النار برحمتك يا أرحم الراحمين.

وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.