النادل العجوز
في صباح جميل لايشبه أي صباح.. قادتني قدماي عنوه لتلك القرية وبالاخص ذالك الحي القديم الذي ربيت بين ازقته ..فـأستقبلتني رائحة أرضه التي تشبه رائحة المطر ...!!! جبت بين شوارعه وازقته لم يتغير به شيء ...
كل شيء كان كما هو وكأنني لم اغب عنه يوم واحد ...مبانيه القديمة كما هي ... بما فيها المنزل الذي كنا نسكن انا وعائلتي الصغيره قبل خمسة عشر عاما بنوافده العتيقه المطلة على الشارع المقابل
بائع الفول بعربته المتحركه هو أيضا لا يزال قابعا بتلك الزاوية ...النادل العجوز صاحب القهوه التي في اول الشارع
لايزال كما هو لم يغير عادته في الاصرار على الاستماع لفيروز التي كنت أسترق الاستماع لها عندما تبعثني أمي لبائع الخبز كل صباح ....ملامحه هي ايضا لم تتغير سواء ان شعره قد اكتسب اللون الرمادي } اعشق هدا اللون {
رائحة القهوة التي تعج بارجاء الحي قادتني نحو ( قهوة العم خليل ) دفعت الباب ودخلت إليها أخدت اقلب نظراتي
بزواياها أتأملها ..فكل زاوية لي بها حكاية ...سحبت احدى الكراسي القريبة مني ورميت بجسدي المنهك الذي حن لطفولته عليه ....القيت بحقيبتي على الطاولة التي امامي ... كما نزعت نظارتي عن اعيني والقيت بها هي الاخرى ...
برغم كثرة المقاهي في ذالك الحي الا ان قهوة العم خليل لها شعبية واسعه ..رائحة القهوة اخرقت انفاسي ... طلبت واحده
ثم اخرى ... وتلتها أخرى ...حى يكاد يفرغ المحل من البن ولا ازال احتاج المزيد ...
قطع علي شريط طفولتي الذي اراه ينعد في مخيلتي صوت العم خليل وهو يقول بصوته(الدافيء )
كفاك قهوه ياابنتي ..صحتك حتروح ...!!!!
رفعت رأسي نحوه وقلت: ليس بعد ياعم خليل ...سحب احدى الكراسي الذي أمامي وجلس وقال ... لم اراك من قبل في هدا الحي ...هل سكنتي جديد ؟؟( له الحق في ان ينساني خسة عشر سنة كفيله بان تنسيه تلك الطفلة التي كانت تصر على اللهو بدميتها امام باب قهوته )
هززت رأسي بالنفي ... ودموعي بالكاد احبسها ؟ سألني متعجبا: من انتي أذا ؟؟
قلت له وانا اقف امام احدى نوافد القهوة وانظر نحو السماء .. انا هذا الحي بحاضره وماضيه ...
انا تلك الشوارع .. انا الازقه ...انا نوافد المباني الفانيه .... انا رائحة الارض .... لا بل انا هي تلك الطيور المحلقه
المفضلات