الحمد لله الذي أكرم عباده بنعمة الإسلام00 وشرح صدورهم بنور الإيمان00 وأبان لهم طرق الخير وأمرهم بسلوكها للوصول إلى الجنان0 وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له القائل في كتابه العظيم0( فَلْيَحْذَرْ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) وأشهد أن محمداً عبده ورسوله القائل في سنته00(لا ضرر ولا ضرار)(رواه ) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم مبعث الأنام0
الله جل وعلا ما أمرنا بشيء إلا وفيه خير لنا00 وما نهانا عن شيء إلا وفيه شرٌ لنا00 وهو العليم بشؤون عباده00 ومن دلائل عظمته سبحانه وتعالى أنه وضع كل أمر في موضعه اللائق به0 فشرح صدور قوم لطاعته لما فيهم من الخير والانقياد لأمره00وطبع على قلوب بعض عباده لما فيهم من الشر والانصراف عن أمره ونهيه00
ومن علامات ذلك ما نجده الآن في أحوال بعض المسلمين حينما انتشرت بينهم المخدرات انتشار النار في الهشيم حيث بدلوا الخبيث بالطيب 00 والحرام بالحلال00 وهكذا كلما ابتعد الناس عن أوامر ربهم تبارك وتعالى وقعوا فيما يعود عليهم بالضرر في العاجل والآجل0
كما تعلمون ما للمخدرات من تأثير على العباد00 وأنها سبيل للهلكة والدمار00 والفساد والعار00 فكم أزهقت من أرواح00 وكم أضاعت من عقول00 وكم فرَّقت من أسر0 وكم أتلفت من أموال0 وكم تسببت في هتك للأعراض0 وسرقة للأموال0 وظلم للآخرين00 وهلم جرَّا
إن من أهم وأخص أسباب وعوامل انتشار المخدرات بين الناس ما يأتي0
أولاًضعف الوازع الديني لدى المتعاطي00 حيث أن المتمسك بدينه يبتعد كل البعد عن التعامل بها بيعاً وشراءً وترويجاً وتهريباً00 بل وتعاطياً0 قال تعالى
(إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنْ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ) ومتى كان الشخص بعيداً عن ربه00 مفرطاً في أوامره00 واقعاً في معاصيه ففي الغالب أنه يكون قريباً من الوقوع في شباكها00
ثانياًالفراغ00 فكثيراً ممن يتعاطون المخدرات وخاصة الشباب منهم تجدهم فارغين بلا عمل0 ولا بذل0 واجتهاد في شؤون حياتهم00 فهم أكثر عرضة للوقوع في براثنها00 وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم00(نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ)0 فكيف يليق بالمسلم أن يكون فارغاً وهو مخلوق لعبادة ربه00 وحياته كلها له00 ألم يسمع هؤلاء قول الله تعالى 00(وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) وقوله تعالى00( قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَاي وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ)
ثالثاًقرناء السوء
وما أدراك ما قرناء السوء00 فهم واقفون بالمرصاد لمن خالطهم وتعامل معهم00 فهم يؤثرون تأثيراً عظيماً على أصحابهم وأصدقائهم0 قال صلى الله عليه وسلم (مثل الجليس الصالح والجليس السوء كحامل المسك ونافخ الكير0 فحامل المسك إما أن يحذيك وإما أن تبتاع منه0 وإما أن تجد منه ريحاً طيبة0 ونافخ الكير إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه ريحاً خبيثة)رواه البخاري ومسلم فكم من شاب كان لا يعرف طريق الشر00 وليس له صلة به ولكنه بسبب قرين السوء وقع شيئاً فشيئاً حتى أصبح أداة هدم للمجتمع00 وخاصة إذا سلك طريق المخدرات
رابعاً00 المشاكل الأسريةفهي من أهم أسباب وقوع بعض الأبناء في طريق المخدرات00 حيث أن الخلافات الزوجية0 أو الطلاق لها أثرٌ كبيرٌ في حصول الهدم للبيت والشتات للأولاد0 فيكون ذلك سبباً في وقوع البعض منهم في طريق المخدرات0
خامساًالسفر إلى خارج البلاد00 وهذه طامة كبرى وقع فيها بعض الشباب00 ممن عايشوا واقع هذه البلاد ورأوا أحوالها وما فيها من الفتن00 وتيسر الحصول على كل شيء بالمال00 وقد حرص أعداء الإسلام على إغوائهم فوقع الكثير منهم في شراك العهر والمخدرات00 فإذا رجع إلى بلاده بحث عنها بكل وسيلة ولو دفع كل ماله من أجل الحصول عليها0
سادساً00 العمالة الوافدة00 فهمإلا ما رحم الله منهم 00 يأتون إلينا بعادات وتقاليد وأخلاق مخالفة لواقع مجتمعنا0 وما يأتي به هؤلاء من المخدرات لبيعها داخل بلادنا وخاصة ممن يأتون من بلاد الكفر والعهر والإباحية0 فعاد ذلك على شبابنا بالشر المستطير0
سابعاًالفقر وقلة ذات اليد00 فحينما لا يجد الشاب في بيته ما يكفيه لغذائه وملبسه00 ولا يجد من يعينه على أمور حياته الضرورية00 ولا يحصِّل فرصة العمل التي تتيح له بناء حياة كريمة يهرب من البيت إلى خارجه فتتلقفه الأيدي الآثمة الخبيثة لتوقعه في برائن المخدرات0 فيتعاطى ثم يكون بائعاً ومروجاً لها بعد ذلك0
ثامناًالتقليد الأعمى ومجاملة الآخرين00 وخاصة في حياة المراهقين0 فهم يقلدون من يحبونه ويعتبرونه مثلهم الأعلى ولو كان من الفجار والفاسقين00 ومن أسوأ صور التقليد تقليد متعاطي المخدرات0 ومروجها0 والذي يتاجر فيها فينساق وراء هذا التقليد حتى يجد نفسه سائراً في ركبهم واقعاً في براثنهم0 فتحيط به الهموم والمشكلات0 ويقع في المنكرات والمحظورات
تاسعاً00 سعي البعض وراء الأفكار الكاذبة عن المخدرات00 فتجد البعض من الناس يسمعون بعض الأفكار عن المخدرات وخاصة في الجانب الجنسي0 فيظن أنها تقوي الجنس وتجلب المتعة والسرور00 وتلك والله أفكار كاذبة0 فالمخدارت عكس ما يتصور كل من سمع هذه الأفكار0 فتجد من وقع فيها قد جلب لنفسه الحزن والشقاء0 فربما خسر زوجته وأولاده0 وربما جلب لزوجته الضرر العظيم الحسي والمعنوي0 وأثر بحاله على أولاده فكان بئس الأب لهم0
فهذه أبرز الأسباب التي تؤدي بصاحبها إلى الوقوع في براثن المخدرات وغيرها كثير0
ولو نظرنا لحال من يتعاطى المخدرات لوجدناه مضيعاً لحقوق الله من صلاة وزكاة وصيام وحج وغير ذلك من العباداتونراه أيضاً مضيعاً لحقوق نفسه فيهلكها00 ويدمر حياته بيده0ويشوه سمعته0 ويترك عمله0 ويضيع بيته وأولاده0 ويقطع رحمه وجيرانه0 وغير ذلك كثير مما يعيشه من يتعاطى المخدرات أو يتاجر فيها
قال تعالى(
يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ 00 إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمْ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنْ الصَّلاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنتَهُونَ)
اعاذنا الله والمسلمين من شرور انفسنا وسيئات اعمالنا وعافانا من الخبائث الضارة واصلح لنا الدين والدنيا والاخره
وصلى الله وسلم
الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)
المفضلات