هذا اختصار للموضوع حتى تكون الفائدة أرجى لأكبر عدد ممكن .

يرى ابن جني أن اللغة في نشأتها وضعت وضعا ، و نظرية الوضع تقول : إن وجهاء من البشر اجتمعوا و اتفقوا أن يضعوا لكل شيء اسما يعرف به ، لكن هل هذا معقول ، و هل هذه النظرية يمكن أن يمكن أن تعالج مشكلة الأشياء المحسوسة مثل : الجمال و القبح و الحب ، هذه النظرية لا يمكن أن تضع لمثل هذه الأشياء أسماء .و لكن ابن جني في آخر الباب المذكور تحدث عن نظريتين أخريين ، و هما : 1ـ نظرية المحاكاة لأصوات الطبيعة . و مفادها : أن البشر حاكوا الطبيعة في وضع الأسماء فلما سمعوا الصوت الذي يصدر من الماء قالوا : خرير ، و لكننا نعود لنفس الاستفسار السابق .
2ـ نظرية الوقف : و هي أن الله هو الذي علم آدم كل أسماء المخلوقات . و الدليل هو قوله تعالى : "و علم آدم الأسماء كلها " و لكنه رد هذه النظرية ؛ زاعما أن معنى التعليم هو الإقدار على المواضعة ، و هذا باطل لأن التعليم معروف ، ، ثم توقف في المسألة ، ولكنه انتصر و استدل لنظرية الوضع بالتحريف السابق لمعنى العلم .و بأن المواضعة تمت بالإيماء بما أنهم لا يستطيعون التكلم عدم و جود لغة ، و لا يمكن لأننا سنعود للاستفسار السابق .
و لو نظرنا في قوله تعالى : " قُلْنَا يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَ الأَرْضِ وَ أَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَ مَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ " علمنا أن تعليم الله لآدم وقع في حينه ، فبطل التواضع من أساسه ، و كذلك بطلت النظريات الأخرى ما خلا نظرية التوقيف و الألهام ، و معنى التوقيف : أن نقف على ما ورد في كتاب الله و سنة نبيه ـ صلى الله عليه و سلم ـ .

و قد سميت الأبواب البلاغية من مجاز و تشبيهات و استعارات و كنايات بالحقيقة الذهنية باعتبار ما يذهب إليه الذهن عند سماعها .
ثم عقبت بناءا على ذلك أن ( باب المجاز ) في اللغة باطل لأنه يعتمد على نظرية الوضع .
و استدللت أنه لا يمكن أن نجزم أن الكلمة وضعت في المعنى الذي نعرفه ؛ فكلمة عين لها أكثر من معنى : ( نبع ، جاسوس ، منصب من مناصب الدولة ) فلأيها و ضعت أولا و أي معنى من هذه المعاني هو الفرعي . فبطل المجاز الذي معناه تحويل الكلمة عن المعنى الموضوع له إلى معنى آخر . هذا في نفس الكلمة فكيف لو علمنا أن هناك ما يسمى ( بالأضداد ) و تعني أن الكلمة الواحدة لها معنيان متضادان مثل : ( جَلَل ) فإنها تعني الشيء البسيط و في نفس الوقت تعني الشيء العظيم .


و الحمد لله رب العالمين .