6115 - ( وَلَدُ الزِّنا ليس عليه من إِثْمِ أبَوَيْه شيءٌ . ثم قَرَأَ : {وَلَا تَزِرُ
وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى** .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
منكر .
أخرجه الطبراني في "الأوسط " (1/250/2/4322 - بترقيمي) من
طريق جعفر بن محمد بن جعفر المدائني قال : نا عباد بن العوام عن سفيان عن
هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ... مرفوعاً . وقال :
"لم يرفع هذا الحديث عن سفيان الثوري إلا عباد بن العوام ، تفرد به جعفر
ابن محمد المدائني " .
قلت : قال فيه الهيثمي (6/257) بعدما عزاه للطبراني : "ولم أعرفه" . وفاته أنه ذكره ابن حبان في "الثقات " فقال (8/162) :
"يروي عن يزيد بن هارون وأبيه ، روى عنه أهل واسط " .
وهكذا ذكره الهيثمي نفسه في كتابه "ترتيب ثقات ابن حبان " فكأنه نسي ،
أو أنه ألفه بعد يهيفه لـ"مجمع الزوائد" ، وهذا ما أستبعده .
لكن قد استدركه الحافظ في "اللسان " (2/126) فذكره بروايته عن يزيد بن
هارون وأبي نعيم وغيرهما ، ثم قال :
"قال الجورقاني في كتاب "الأباطيل " : مجروح " .
قلت : ساق له حديثاً بإسنادين له ؛ أحدهما إلى علي ، والآخر إلى أنس ،
وقال (2/239) :
"حديث باطل ، وجعفر بن محمد مجروح " .
ومن الغريب أن الحافظ لم يشر - ولو أدنى إشارة - إلى كونه في "ثقات ابن
حبان "! فكأنه أصابه ما أصاب شيخه الهيثمي . ولعل تلميذه الحافظ السخاوي ،
وقف على ترجمة جعفر هذا في "الثقات" ؛ فقد نقل عنه ابن عراق في "تنزيه
الشريعة " (2/228) أنه قال :
"وسنده جيد " .
فإن هذا التجويد لا وجه له إلا على اعتبار أنه وقف على هذا التوثيق ، وإن
كان توثيقاً ليِّناً لتفرد ابن حبان به ، ومخالفته لتجريح الجورقاني ؛ ولأنه قد خولف
في رفعه ، رواه البيهقي (10/58) من طريق أبي نعيم : ثنا سفيان عن هشام عن
أبيه عن عائشة قالت : ... فذكره بتمامه موقوفاً عليها ، وقال :
"رفعه بعض الضعفاء ، والصحيح موقوف " . فكأنه يشير إلى تضعيف جعفر هذا الذي رفعه ، فليضم إذن تضعيفه إلى
تضعيف الجورقاني . والله أعلم .

724 - " من زنى زني به ولوبحيطان داره " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع .
رواه ابن النجار بسنده عن القاسم بن إبراهيم الملطي : أنبأنا المبارك بن عبد الله المختط : حدثنا مالك عن الزهري عن أنس مرفوعا .
قال ابن النجار : " فيه من لا يوثق به " . قلت : وهو القاسم الملطي كذاب . كذا في " ذيل الأحاديث الموضوعة " للسيوطي ( ص 134 ) و" تنزيه الشريعة " لابن عراق ( 316 / 1 ) .
قلت : ومع ذلك فقد أورده السيوطي في " الجامع الصغير " من رواية ابن النجار هذا !! وخفي أمره على المناوي فلم يتعقبه بشيء ! .


729 - " الزنجي إذا شبع زنى ، وإذا جاع سرق ، وإن فيهم لسماحة ونجدة " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع .
رواه أبو سعيد الأشج في " حديثه " ( 114 / 2 ) : حدثنا عقبة بن خالد : حدثني عنبسة البصري عن عمرو بن ميمون عن الزهري عن عروة عن عائشة مرفوعا . قلت : وهذا سند ضعيف جدا ، آفته عنبسة هذا وهو ابن مهران البصري الحداد ، قال أبو حاتم : " منكر الحديث " . وقال أبو داود : " ليس بشيء " .
وقال ابن حبان ( 2 / 167 ) : " كان يروي عن الزهري ما ليس من حديثه ، وفي حديثه المناكير التي لا يشك من الحديث صناعته أنها مقلوبة " . ومن طريقه أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن عدي عن أبي سعيد الأشج به . ثم قال ابن الجوزي ( 2 / 233 ) : " لا يصح ، عنبسة قال النسائي : متروك " .
وتعقبه السيوطي بالحديث الذي قبله وسبق الجواب عنه . وقد وافق ابن الجوزي على وضع الحديث الإمام ابن القيم فقال في " المنار " ( ص 49 ) : " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب " . " ثم ذكر أحاديث هذا أحدها ، وثانيها الحديث الآتي : "
730 - " تخيرو ا لنطفكم ، وأنكحوا في الأكفاء ، وإياكم والزنج فإنه خلق مشوه " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع .
رواه أبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1 / 314 ) عن روح بن جبر : حدثنا الهيثم بن عدي عن هشام مولى عثمان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مرفوعا . قلت : وروح هذا لم أعرفه . وأما الهيثم فكذاب ، كذبه ابن معين والبخاري وأبو داود وغيرهم . وأما هشام مولى عثمان فلم أعرفه أيضا .
والحديث أورده ابن الجوزي في " الموضوعات " من رواية ابن حبان وهذا في " الضعفاء " ( 2 / 281 ) بسنده عن محمد بن مروان السدي عن هشام بن عروة به وقال ( 2 / 233 ) : " السدي كذاب ، وتابعه عامر بن صالح الزبيري عن هشام وليس بشيء ، وقال النسائي : ليس بثقة " .
وتعقبه السيوطي في " اللآلي " ( ص 272 ) فقال : " قلت : له طريق آخر " . ثم ساقه من رواية أبي نعيم في " الحلية " ( 3 / 377 ) : حدثنا أحمد بن إسحاق : حدثنا أحمد بن عمرو بن الضحاك : حدثني عبد العظيم بن إبراهيم السالمي : حدثنا عبد الملك بن يحيى : حدثنا سفيان بن عيينة عن زياد بن سعد عن الزهري عن أنس مرفوعا ، وقال : غريب من حديث زياد والزهري ، لم نكتبه إلا من هذا الوجه " . قلت : وسكت عليه السيوطي في " اللآلي " وأورده في " الجامع " من هذا الوجه ، وإسناده مظلم ، فإن من دون ابن عيينة لم أجد لهم ترجمة ، غير عبد العظيم هذا فأورده الحافظ في " اللسان " وقال : " يغرب ، من ثقات ابن حبان " .
قلت : فهو أو شيخه أو من دونه آفة هذا الحديث ، فإن شطره الثاني منكر جدا ، وقد سبق قول ابن القيم : " أحاديث ذم الحبشة والسودان كلها كذب " . ثم ذكر أحاديث هذا أحدها .
وأما الجملة الأولى من الحديث ، فقد وجدت لها طريقا أخرى ، رواه الضياء في " المختارة " ( 223 / 2 ) من طريق تمام الرازي : حدثنا أبو عبد الرحمن ضحاك بن يزيد السكسكي بـ ( بيت لهيا ) : حدثنا محمد بن عبد الملك : حدثنا سفيان بن عيينة به مقتصرا على قوله " تخيرو ا لنطفكم " .
قلت : وهذا سند ضعيف ، الضحاك هذا مجهول الحال أورده ابن عساكر في " تاريخ دمشق " ( 8 / 230 ) وقال : " روى عن وزيرة بن محمد وأبي زرعة الدمشقي ، روى عنه تمام بن محمد وعبد الرحمن بن عمر بن نصر ، مات سنة 347 " ، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا .
وشيخه محمد بن عبد الملك لم أعرفه ، ويحتمل أن يكون ابن أبي الشوارب الأموي البصري . والله أعلم . ولهذه الجملة شواهد لا تخلوأسانيدها من مقال ، ولعلنا نتفرغ لتتبعها وتحقيق القول فيها إن شاء الله ، وهي على كل حال لا تبلغ أن تكون موضوعة (1) ، بخلاف الجملة الأخيرة " وإياكم والزنج ... " فإنها ظاهرة البطلان كسائر الأحاديث التي تقدمت بمعناها ، وقد ذكر هذه الجملة ابن معين في " التاريخ والعلل " ( 29 / 1 ) من حديث عائشة موقوفا عليها ، ولعله أشبه فقال : " مسلمة بن محمد ليس حديثه بشيء يروي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت : .... " فذكره . ونحو هذه الزيادة في الضعف ما يرويه عيسى بن ميمون عن القاسم بن محمد عن عائشة مرفوعا بلفظ : " تخيرو ا لنطفكم ، فإن النساء يلدن أشباه إخوانهن ، وأشباه أخواتهن " . أخرجه ابن عدي في ترجمة عيسى هذا ( ق 294 / 2 ) وقال : " وعامة ما يرويه لا يتابعه عليه أحد " .
وروى عن البخاري أنه قال فيه : " صاحب مناكير وقال في موضع آخر : " منكر الحديث " وعن النسائي : " متروك الحديث " . وقال ابن حبان ( 2 / 116 ) : " منكر الحديث جدا ، يروي عن الثقات أشياء كأنها موضوعات " .
__________
(1) بل هي صحيحة بمجموع طرقها ، وقد جمعتها وخرجتها في " الصحيحة " ( 1067 ) . اهـ .



1274 - " من زنى أوشرب الخمر نزع الله منه الإيمان كما يخلع الإنسان القميص من رأسه " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه الحاكم ( 1/22 ) من طريق سعيد بن أبي أيوب : حدثنا عبد الله بن الوليد عن
ابن حجيرة أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول : قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم : فذكره وقال :
" [ صحيح ] على شرط مسلم، فقد احتج بعبد الرحمن بن حجيرة وعبد الله بن الوليد
وهما شاميان ".
كذا قال، ووافقه الذهبي. وقد وهما من وجوه :
الأول : أن ابن حجيرة هنا ليس هو عبد الرحمن بل ابنه عبد الله بن عبد الرحمن بن
حجيرة، فإنه هو الذي يروي عنه عبد الله بن الوليد. كما جاء في ترجمتيهما.
وعلى هذا ففي الإسناد إشكال، ذلك لأن عبد الله هذا ليس له رواية عن أبي هريرة
ولا عن غيره من الصحابة، وكل ما قالوه في ترجمته أنه روى عن أبيه لا غير.
وعلى هذا فكأنه سقط من الإسناد قوله : " عن أبيه ". والله أعلم.
الثاني : أن عبد الله بن الوليد وابن حجيرة ليسا شاميين، وإنما هما مصريان.
الثالث : أن عبد الله بن عبد الرحمن بن حجيرة ليس من رجال مسلم أصلا.
وكذا عبد الله بن الوليد، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وضعفه
الدارقطني فقال :
" لا يعتبر بحديثه ".
وقال الحافظ :
" لين الحديث ".
ومنه يتبين أن الإسناد ضعيف.
نعم قد جاء الحديث بإسناد صحيح لكن بلفظ :
" إذا زنى العبد خرج منه الإيمان وكان كالظلة، فإذا انقلع منها رجع إليه
الإيمان ". وهو في " الأحاديث الصحيحة " ( 509 ).
ومثل حديث الترجمة في الضعف ما رواه عمرو بن عبد الغفار : حدثنا العوام بن
حوشب : حدثني علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة مرفوعا بلفظ :
" إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء، فإذا زنى العبد نزع منه سربال
الإيمان، فإن تاب رد عليه ". أخرجه البيهقي في " الشعب " ( 2/119/1 - 2 ).
وعمرو هذا قال أبو حاتم :
" متروك الحديث ".
وقال ابن عدي :
" اتهم بوضع الحديث ".

1584 - " إن الإيمان سربال يسربله الله من يشاء ، فإذا زنى العبد نزع منه سربال الإيمان ، فإذا تاب رد عليه " .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف جدا .
أخرجه ابن الجوزي في " ذم الهو ى " ( ص 190 ) من طريق يحيى بن أبي طالب قال : حدثنا عمر [ و] بن عبد الغفار قال : حدثنا العوام بن حوشب قال : حدثنا علي بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فذكره . قلت : وهذا إسناد ضعيف جدا ، رجاله ثقات ، على كلام في يحيى لا يضر ، غير عمرو بن عبد الغفار وهو الفقيمي . قال أبو حاتم : " متروك الحديث " . وقال ابن عدي : " اتهم بوضع الحديث " . وقال العقيلي وغيره : " منكر الحديث " . والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " ( 1 / 163 / 2 ) من رواية البيهقي في " شعب الإيمان " وابن مردويه عن أبي هريرة ، ولكنه أساء بذكره إياه في " الزيادة على الجامع " .

3324 - ( أيما عبد أو امرأة ، قال أو قالت لوليدتها : يا زانية ، ولم تطلع منها على زنى ؛ جلدتها وليدتها يوم القيامة ؛ لأنه لا حد لهن في الدنيا ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع
أخرجه الحاكم (4/ 370) من طريق عبد الملك بن هارون بن عنترة عن أبيه عن جده عن عمرو بن العاص رضي الله عنه : أنه زار عمة له ، فدعت له بطعام ، فأبطأت الجارية ، فقالت : ألا تستعجلي يا زانية ! فقال عمرو : سبحان الله ! لقد قلت أمراً عظيماً ، هل اطلعت منها على زنى ؟ قالت : لا والله ، فقال عمرو رضي الله عنه : إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول : ... فذكره ، وقال الحاكم :
"صحيح الإسناد" ورده الذهبي بقوله :
"قلت : بل عبد الملك متروك باتفاق ، حتى قيل فيه : دجال" .
قلت : وقد اتهمه الحاكم نفسه فقال في "المدخل" :
"روى عن أبيه أحاديث موضوعة" ! فكأن الحاكم نسي . وقال ابن حبان : "كان يضع الحديث" .


4599 - ( من زنى أمة لم يرها تزني ؛ جلده الله يوم القيامة بسوط من نار ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
ضعيف
أخرجه أحمد (5/ 155) من طريق عبيد الله بن أبي جعفر عن الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذر مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ أبو طالب والراوي عنه مجهولان . وقال في "كنى التعجيل" :
"قلت : كذا رأيته في "المسند" . ووقع في "الكنى" لأبي أحمد - تبعاً للبخاري - : "الجهضمي" ؛ ولم يذكر له اسماً ولا حالاً ، ولا لأبي طالب . وفي "الثقات" لابن حبان : "أبو طالب الضبعي . عن ابن عباس . وعنه قتادة" . فما أدري هو هذا أو غيره ؟" .
قلت : أبو طالب الضبعي من رجال "المسند" (5/ 254-255) . فكان على الحافظ أن يفرده بترجمة ، أو أن يشير إلى ذلك على الأقل .
ثم إن صاحب الترجمة ؛ أورده ابن أبي حاتم أيضاً (4/ 2/ 397) من رواية الحمصي عنه ، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً .
والحديث في "كنى التاريخ" للبخاري (45) .
وسائر رجال الحديث ثقات رجال الشيخين .
فقد أبعد المناوي النجعة حين أعله بعبيد الله بن أبي جعفر فقط ؛ دون من فوقه !!


5901 - ( شفاعتي لأهل الذنوب من أمتي . قال أبو الدرداء : وإن زنى وإن سرق ؟ فقال : نعم ، وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ا لدرداء ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
موضوع بهذا السياق .
أخرجه الخطيب في (( التاريخ )) ( 1 / 416 ) من طريق إبراهيم بن حبان بن طلحة قال : نبأنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن أبي الدرداء مرفوعاً .
قلت : وهذا إسناد موضوع ، آفته إبراهيم هذا ، وهو إبراهيم بن البراء بن النضر ابن أنس بن مالك ، اختلفوا في نسبه ؛ تعمية لحاله ؛ كما أوضحه الخطيب في (( موضحه )) ، وقال في خاتمة ترجمته منه ( 1 / 401 ) :
(( وإنما كثر الاختلاف في نسب هذا الرجل لأجل ضعفه ، ووهاء رواياته ، وحدث أحاديث منكرة عن مالك وشعبة والحمادين ، فغير نسبه من سمع منه ؛ تدليساً للرواية عنه )) . وقال العقيلي ( 1 / 45 ) :
(( يحدث عن الثقات بالأباطيل )) . وقال ابن عدي ( 1 / 254 ) :
(( أحاديثه كلها مناكير موضوعة ، ومن اعتبر حديثه ؛ علم أنه ضعيف جداً ، وهو متروك الحديث )) . وقال ابن حبان في (( الضعفاء )) ( 1 / 117 ) :
(( يحدث عن الثقات بالأشياء الموضوعات )) .
قلت : هذا هو علة الحديث ، ولم يتنبه لها المناوي في (( شرح الجامع الصغير )) ؛ فأخذ يضعف الحديث ببعض من دونه ! وقلدته في ذلك اللجنة القائمة على تحقيق (( الجامع الكبير )) ( 14935 ) ، فنقلت كلامه ، وأقرته كما هي عادتها ! ! ( تنبيه ) : الشطر الأول قد صح في عدة روايات بلفظ :
(( شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي )) . وهو مخرج في (( ظلال الجنة )) ( 830 - 832 ) .
وجملة ؛ (( وإن زنى وإن سرق )) ؛ هي من تمام حديث أبي ذر في (( الصحيحين )) ، وفي رواية لابن حبان ( أبي الدرداء ) ؛ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال :
(( أتاني جبريل ، فبشرني أن من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئاً ؛ دخل الجنة . فقال : وإن زنى . . . )) الحديث ، وهو مخرج في (( الصحيحة )) ( 826 ) . قلت : فالظاهر أن إبراهيم هذا لفق من هذين الحديثين الصحيحين حديثه هذا الذي لا أصل له ، وافتراه على شعبة بسنده المذكور ، وهو لا علم له به !



6102 - ( إن إبليس ييعث جنوده كل صباح ومساء ؛ فيقول: من
أضل رجلاً أكرمته، ومن فعل كذا فله كذا، فيأتي أحدهم فيقول:
لم أزل به حتى طلق امرأته، قال: يتزوج أخرى، فيقول: لم أزل به
حتى زنى، فيجيزه ويكرمه، ويقول: لمثل هذا فاعملوا، ويأتي آخر
فيقول: لم أزل بفلان حتى قتل، فيصيح صيحة يجتمع إليه الجن
فيقولون له: ياسيدنا ما الذي فرحك فيقول: أخبرني (1) فلان أنه لم يزل برجل من بني آدم يفتنه ويصده حتى قتل رجلاً فدخل النار؛
فيجيزه ويكرمه كرامة لم يكرم بها أحداً من جنوده ثم يدعو بالتاج ؛
فيضعه على رأسه ، ويستعمله عليهم ) .
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
منكر جداً بهذا التمام .
أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (8/28 - 129) من
طريق أسماعيل بن يريد : ثنا إبراهيم بن الأشعث : ثنا فضيل بن عياض عن
عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى الأشعري يرفعه
إلى النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .
قلت : وهذا إسناد ضعيف ؛ إسماعيل بن يزيد لم أعرفه ، ويحتمل أنه الذي
في "الجرح والتعديل" (1/1/ 205) :
" إسماعيل بن يزيد ، خال أبي ، وعم أبي زرعة ، روى عن السندي بن عبدويه ،
وإسحاق بن سليمان ، وعبدالصمد العطار ، وعبد الله بن هاشم . روى عنه أبي .
سئل أبي عنه ؟ فقال : صدوق " .
وإبراهيم بن الأشعث ، وهو : البخاري خادم الفضيل بن عياض ، وثقه
بعضهم ، لكن قال ابن أبي حاتم (1/1/88) :
"سألت أبي عنه ، وذكرت له حديثاً رواه عن معن ، عن ابن أخي الزهري عن
الزهري ؟ فقال : هذا حديث باطل موضوع ، كنا نظن بـ (إبراهيم بن الأشعث)
الخير ؛ فقد جاء بمثل هذا ! " .
وذكره إبن حبان في "الثقات" ! مع أنه قال فيه (8/66) :
"يغرب ، ويتفرد ، ويخطئ ويخالف" !
فهل من كان هذه صفته يكون ثقة ؟! وقد يقول في بعض رجاله (6/98) :
"دلس عن أنس ، يخطئ كثيراً " ؟!
وعطاء بن السائب كان قد اختلط ، وفضيل بن عياض لم يذكر فيمن سمع
منه قبل الاختلاط . لكن قد رواه عنه سفيان عن عطاء به مختصراً .
أخرجه ابن حبان في "صحيحه " (44/63) ، ولذلك أخرجته في "الصحيحة "
(1280) ، وصححه الحاكم (4/ 350) ووافقه الذهبي ، وهو كما قالا .
ولهذا المختصر شاهد أخصر منه من حديث جابر عند مسلم وغيره من رواية
الأعمش عن أبي سفيان عنه ، وكنت خرجته في "الصحيحة" أيضاً برقم (3261) .
ثم بدا لي فيه إشكال سببه - والله أعلم - الاختصار الذي وقع فيه من بعض
الرواة ، أو من عنعنة الأعمش ، فإن فيه :
"ثم يجيء أحدهم فيقول : ما تركته حتى فَرَّقت بينه وبين امرأته ؛ فيدنيه منه
ويقول : نِعمَ أنت! قال الأعمش : أراه قال : فيلتزمه " .
فظننت أنه سقط منه قول إبليس في الذي فرق : "أوشك أن يتزوج " ، كما
سقط منه قصة الذي لم يزل به حتى قتل ، وهو الذي قال له إبليس : نعم ؛ أنت .
وهذا ثابت فِي حَدِيثِ سفيان الصحيح . والله سبحانه وتعالى أعلم .
ثم رأيت الفضيل بن عياض قد تابعه إبراهيم بن طهمان عن عطاء بن
السائب بلفظ أَخْصَرَ من لفظه وزاد عليه ؛ وهو :
"إن إبليس بعث جنوده إلى المسلمين ، فقال : أيكم أَضَلَّ رجلاً ، أُلْبِسُهُ التَّاجَ ؟
فإذا رجعوا ، قال لبعضهم : ما صنعت؟ قال : ألقيت بينه وبين أخيه عداوة! قال :
ما صنعت شيئاً ؛ سوف يصالحه . ثم يقول للآخر : فأنت ما صنعت ؟ قال : ما زلت به حتى طلق امرأته! قال : ما صنعت شيئاً ؛ عسى يتزوج أخرى . فقال للآخر : ما
صنعت ؟ قال : لم أزل به حتى شرب الخمر! قال : أنت أنت!
ثم يقول للآخر : فأنت ما صنعت ؟ قال : ما زلت به حتى زنى! قال : أنت
أنت!
ثم يقول للآخر : فأنت ما صنعت ؟ قال : ما زلت به حتى قتل! فيقول : أنت
أنت ! " .
أخرجه الأصبهاني في "الترغيب " (رقم 1213 و 1468) .
وإبراهيم بن طهمان ثقة ، ولكنه لم يذكر أيضاً في الرواة عن عطاء قبل
اختلاطه ؛ فهو العلة ، واضطرابه في ضبطه زيادة ونقصاً ، واختلافاً في بعض
الجمل من الأدلة على اختلاطه ؛ فلا يعتمد منه إلا رواية سفيان عنه كما تقدم .
والله أعلم .
__________
(1) الأصل : (أحد بني) ؛ والتصحيح من "الجامع الكبير" ، وقد عزاه لـ "الحلية" .



6873 - ( مَنْ زَنَى خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ غَيْرَ مُكْرَهٍ، وَلا مُضْطَرٍّ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، وَمَنِ انْتَهَبَ نُهْبَةً يستشرفها (1) النَّاسَ خَرَجَ مِنْهُ الإِيمَانُ، فَإِنْ تَابَ، تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ ).
قال الالباني في السلسلة الضعيفة :
منكر.
أخرجه الطبراني في " المعجم الكبير " ( 7/ 371/ 7224 ): حدثنا محمد بن شعيب الأصبهاني: ثنا حفص بن عمر المهرقاني: ثنا عامر بن إبراهيم عن يعقوب القمي عن عنبسة عن عيسى بن جارية عن شريك - رجل من الصحابة - قال:... فذكره مرفوعاً.
وأخرجه ابن قانع في " معجم الصحابة " ( ق 68/ 2 - 69/ 1 )، وأبو نعيم في " أخبار أصبهان " ( 1/ 174 )، و في " معرفة الصحابة " ( ق 317/ 2 )، والشجري في " الأمالي " ( 1/ 38 ) من طرق أخرى عن عامر بن إبراهيم الأصبهاني به. وقال أبو نعيم:
" تفرد به يعقوب ".
قلت: وهو صدوق يهم.
وشيخه عنبسة هو: ( ابن سعيد قاضي الري ) ؛ كما في شيوخ ( يعقوب القمي ) والرواة عن ( عيسى بن جارية ) من " التهذيب ". وقد ترجم له فيه - ومن قبله الخطيب في " تاريخ بغداد " ( 2 1/ 284 - 285 ) - بما يدل على أنه ثقة بلا خلاف. وهل هو المترجم في "طبقات المحدثين " ( 1/ 180/ 90/ 5 )،
و " أخبار أصبهان " ( 2/ 144 ) باسم ( عنبسة بن أبي حفص الأصبهاني ) ؛ فقد ذكر له أبو نعيم حديثاً آخر من رواية عامر بن إبراهيم: ثنا يعقوب القمي: ثنا عنبسة عن ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر... ؟ موضع نظر.
وأما ( عيسى بن جارية ) فهو علة الحديث ؛ لأنه لم يوثقه غير ابن حبان ( 5/214 )، مع تضعيف الآخرين، فقال ابن معين:
" عنده مناكير ". وكذا قال أبو داود. وقال في موضع آخر: " منكر الحديث ". وضعفه آخرون.
نعم ؛ قال أبو زرعة:
"لابأس به ".
ولعل هذا هو معتمد قول الحافظ في ترجمة ( شريك ) هذا من " الإصابة" - بعدما عزا الحديث لابن شاهين وابن السكن -:
" رجاله ثقات "! وقوله في " الفتح، ( 12/ 61 ):
" وأخرج الطبراني بسند جيد من رواية رجل من الصحابة لم يسم ؛ رفعه..."!
فذكر الجملة الأولى منه.
لكنه نقل في " الإصابة " عن ابن السكن أنه قال:
" في إسناده نظر ". ويؤيده قوله في " التقريب ":
"فيه لين ".
وأيضاً ؛ فقد جاءت الجملة المذكورة بسند صحيح عن أبي هريرة نحوه وزاد:
" وكان كالظلة، فإذا انقلع منها ؛ رجع إليه الإيمان ".
وهو مخرج في " الصحيحة " ( 509 ).
وروي عنه بلفظ:
"... نزع الله منه الإيمان ؛ كما يخلع الإنسان القميص من رأسه ". لكنه ضعيف - كما تقدم بيانه برقم ( 1274 ) -.
ومن أوهام الحافظ قوله المتقدم:
" رجل من الصحابة لم يسم "!
فهذا مخالف لما في رواية الطبراني وغيره أنه ( شريك )، ولعله أراد أن يقول هذا، ويتبعه بقوله: ( ولم ينسب ).. فسبقه القلم فقال ما قال.
وأسوأ وهماً منه قول شيخه الهيثمي في" المجمع " ( 1/ 101 ):
" رواه الطبراني في " الكبير "، وفيه جماعة لم أعرفهم "!
فإنهم جميعاً معروفون، ومن رجال " التهذيب " ؛ غير ( شريك )، وأستبعد جداً أنه يعنيه ؛ لصحبته. ويمكن أن ممن عناه شيخ الطبراني: ( محمد بن شعيب ) ؛ فقد صرح في بعض المواضع بأنه لا يعرفه، فانظر مثلاً ( 6/ 115 و 10/ 306 )، وهو مترجم عند أبي الشيخ في " طبقاته "، وأبي نعيم في " أخباره " وقال:
" يروي عن الرازيين بغرائب، حدثنا عنه القاضي، توفي سنة 300 ". انظر كتاب الشيخ حماد الأنصاري ( 289/ 568 ).
ثم إن الهيثمي لم يسق من الحديث إلا الجملة الأولى منه فقط، ولا أدري ما هو السبب ؟ وجرى على نسقه السيوطي في " الجامع الصغير " و " الكبير " أيضاً!!
( تنبيه ): كنت قبل أن أقف على إسناد الحديث اتبعت الحافظ ابن حجر في تقويته لإسناده، معتمداً على نقل المناوي عنه وإقراره إياه ولتحسين السيوطي بالرمز له!
__________
(1) الأصل: ( يستسمر فيها ) 1 والتصحيح من " المعجم " و " المعرفة ".