- 3 -
...
قرر العودة ..
ولكن .. قرر أن ينفذ القرار عن طريق الجبل ..
ليرتاح من مسير الوادي الطويل والتوائاته ..
وليوفر الوقت الذي لا يبدو أنه لن يساعده في الوصول قبل حلول الظلام ..
في رحلة عودته ..
وقف على إحدى قمم الجبل ..
يتأمل الوادي أسفل منه ..
صمتٌ مطبق .. وتلاشٍ في سواد العتمة .!!
فكّر ..
ليس حزنا .. كما يزعمون ..
إنما .. إغفاءة مع الليل لتعود الحياة في الصباح ..
سبحت روحه عبر جوّه المحبوب ..
غرق في لحظته تلك .. بجميع مشاعره وأحاسيسه ..
كانت هذه إحدى طقوسه المعتاده من طقوس معايشة الطبيعة كما يسميها ..
حدث نفسه بما كان يقوله لأصدقائه :
ستستحيل قلوبها صخورا ..!!
أناس يمر يومهم دون أن :
تداعبهم أحاسيس الطبيعة ..!!
تابع المسير ..
بدأت صبغة الليل بالطغيان على الكون ..
أحس بتأخره .. فجد السير ..
توقف حائراً .. عند إحدى التفافات الجبل ليسمح لأحد الأودية بالعبور ..
لا بأس .. عزّى نفسه ..
بتّ الآن قريباً ..
قرر النزول إلى الوادي .. رغم وعورة الجبل ..
الظلام والتعب ..
أفقداه تركيزه !!
زلت به إحدى الصخور الغير ثابتة ..
وتدحرج معها إلى أسفل الوادي !!
محاولات إيقاف الانحدار اللاإرادي باءت كلها بالفشل ..
فقط في الوادي .. استقر به المصير ..
لازال حيّاً .. واعياً ..!
تفقد أعضائه ..
يداه .. رجلاه ... آه .. ساقه اليمنى .. يبدو أنها مكسورة .!!
تلمس موطن الألم ..
حمد الله ..
لا أثر مخيف لكسر مضاعف ..
أسند ظهره إلى سفح الجبل .. ليتسعيد قواه ..
أصوات أصحابه تناديه من أسفل الوادي ..
في السيارة ..
ورغم تأنيب صاحبيه على مغامرته ..
أسدل جفنيه .. بهدوء ..
وتحسس موطن الألم ..
ابتسم ..
ثم همس بينه وبين نفسه ..
آ آه ..
ما أجمل الطبيعة ..
ما أجملها !!
.......
انتهت
المفضلات