سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين:
عندما أردت الخروج من بلدي أبت زوجتي إلا أن تجلس مع عائلتها ، ونظراً لعدم إلتزامهم بالدين قلت لها والله لئن جلست معهم لن تكون يلي زوجة أبداً ، وجلست معهم، فهل هذا يعتبر طلاقاً ثلاثاً؟ وما العمل ؟
الجواب :
قبل أن أجيب عن هذا السؤال أحب أن أنصح الأزواج عن التسرع في إطلاق الطلاق . لأن هذا خطير ، مسألة النكاح أخطر العقود لا تجد عقداً اعتنى به الشرع واحتاط له في ابتدائه وانتهائه وعقده وفسخه مثل النكاح ، أبداً ، لأنه يترتب عليه مواريث وأنساب وأصهار ومسائل كبيرة في المجتمع ، ولذلك تجد له شروطاً فكون الإنسان بأدنى أمر يذهب ويطلق الطلاق يعتبر هذا سفهاً منه . وما أكثر ما يطلق الإنسان الطلاق ثم يتجول إلى عتبة كل عالم لعله يجد مخلصاً ويندم .فنصيحتي أن لا نتسرع في هذه الأمور . ومن ثم من حكمة الشارع حرم على الإنسان أن يطلق زوجته وهي حائض . لأنه في هذه الحال وقد امتنع من مباشرته ، قد يكرهها ويقول : هذه تطول علينا فيطلقها . فلهذا منعه الشارع أن يطلق في حال الحيض وفي الطهر الذي جامعها فيه أيضاً من ذلك ، لأنها ربا تكون نشأة بجنين وهو لا يدري، ولأنه إذا كان قد جامعها أخيراً . فإنه سوف تفتر شهوته ولا يرغب فيها مثل التي يكون قد امتنع عنها مدة ، إذاً لابد أن يكون الإنسان متأنياً في مسألة الطلاق ، ولكن لو وقع مثل هذه المسألة ، وقال الإنسان لزوجته إن ذهبت إلى كذا فأنت لست زوجة أو فقد طلقتك ، أو ما أشبه ذلك من ألفاظ الطلاق الصريحة أو الكناية ، فإننا نسأله ونرجع إلى نيته والله سبحانه وتعالى سوف يحاسبه هل أنت تريد الطلاق أي أن زوجتك إذا خالفتك في هذا الأمر فقد رغبت عنها ولا تريدها ، أم هل أنت تريد من هذا الكلام أن تمنع زوجتك وتهددها به ، فإنها إذا خالفتك في هذا الحال لا تطلق ، لكن يجب عليكم كفارة يمين ،لأن هذه الصيغة حكمها حكم اليمين فالمسألة فيها تفصيل .
دروس وفتاوى الحرم المكي ، الشيخ ابن عثيمين
سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء:
س: رجل تزوج امرأة وأنجبت منه أولاداً ، ثم طالبته والدته بطلاق زوجته دون سبب أو عيب في دينها ، بل ذلك لحاجة خصية وحاولت أخته وبعض أهل الخير إقناعها فلم تقتنع إلا بطلاقها وخرجت من البيت وسكنت مع إحدى بناتها ، فوقع في حرج من خروجها لكن زوجته غالية عنده ولم يعرف عنها إلا الخير فماذا يصنع أفتوني ؟
الجواب :
إذا كان الواقع كما ذكر السائل من أن أحوال زوجته مستقيمة وأنه يحبها ، وغالية عنده ، وأنها لم تسيئ إلى أمه وإنما كرهتها لحاجة شخصية ، أمسك بزوجته وأبقى على الحياة الزوجية معها ، فلا يلزمه طلاقها طاعة لأمه ، لما ثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام انه قال : ( إنما الطاعة في معروف ) وعليه أن يبر أمه ويصلها بزيارتها والتلطف معها والإنفاق عليها ومواساتها بما تحتاجه وينشرح به صدرها ويرضيها بما يقوى عليه سوى طلاق زوجته .
سئل فضيلة الشيخ ابن عثيمين:
إنني شاب متزوج والحمد لله ولكن قبل حدوث عقد القران بأقل من 24 ساعة حدثت خلافات حادة بيني بين أهل العروس بسبب تدخل الوشاة والحاقدين مما أغضبني كثيراً وأدى بالتالي في حدوث خطأ مني في حق الزوجة قبل عقد القران حيث قلت ما يلي بالحرف الواحد قاصداً الخطيبة إنها لم تتزوج حتى الآن ولكن لو فعلت كذا بعد زواجها ستكون مطلقة وبعد أن تم الزواج بيننا حدث تفاهم كبير بيننا لدرجة إنني وافقتها وأذنت لها بفعل هذا الشيء نفسه فهل يقع الطلاق أم لا وما هو الواجب علي أن أعمله مع العلم أن زوجتي لا تعلم أي شيء حتى الآن عن هذا الموضوع وما قلته بحقها قبل زواجنا بل مازالت أخشى إخبارها خوفاً من تعكير صفو الحياة الزوجية بيننا ؟
الجواب :
إن ما ذكرت من تعليق الطلاق . طلاق هذه المرأة على فعل شيء من الأشياء لا أثر له . لأن ذلك قبل العقد والطلاق إنما يكون بعد العقد لأن الله تعالى يقول : - وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ )-(البقرة: من الآية237) ، فجعل الله الطلاق بعد النكاح ولأن الطلاق حل عقد النكاح والحل لا يكون إلا بعد انعقاده وعليه فإن زوجتك لا تطلق لو فعلت ما علقت الطلاق عليه لكن يلزمك في مثل هذا كفارة يمين وذلك لأن اليمين ينعقد حتى على غير الزوجة . فإذا فعلت ما علقت عليه الطلاق فإنه يلزمك أن تكفر كفارة يمين وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم يجد فصيام ثلاثة أيام متتالية وكيفية الإطعام إما أن تصنع طعام غداء أو عشاء تدعوا هؤلاء العشرة إليه ليأكلوه ، وإما أن تطعمهم من الرز أو نحوه ، ستة كيلو ومعه لحم يؤدمه ، وأما الكسوة فتعطي كل واحد منهم ما جرت العادة به من ثوب وسراويل وغترة ونحوها لأن الله أطلق الكسوة فيرجع في ذلك إلى العرف ، وأما تحرير رقبة فهو عتق عبد مملوك ذكراً كان أو أنثى فإن لم تجد بأن لم يكن عندك مال تقدر به على الطعام أو الكسوة أو الرقبة أو عندك مال لكنك لم تجد مساكين تطعمهم أو تكسيهم أو لم تجد رقبة لتشتريها فإن عليك أن تصوم ثلاثة أيام متتابعة . وأخيراً أنصحك أيها الأخ وغيرك بعد التساهل في إطلاق الطلاق وجريانه على اللسان فإن ذلك أمر خطير حتى أن أكثر أهل العلم يقولون إن الرجل إذا قال لزوجته إن فعلت كذا فأنت طالق ثم فعلته فإنها تطلق والذي يليق بالعاقل ألا يتعجل في هذه الأمور وأن يصبر وينظر وإذا قصد أن يمنع زوجته عن هذا الشيء فليقل لها بدون أن يقول لها أنت طالق إن فعلت كذا والله المستعان .
فتاوى نور على الدرب ، للشيخ ابن عثيمين
سئل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز:
س: زوجي مدمن على التدخين وهو يعاني من الربو ، ووقعت بيننا مشكلات عدة من أجل الإقلاع عنه وقبل خمسة أشهر صلى زوجي ركعتين لله وحلف بألا يعود إلى التدخين، ولكنه عاد للتدخين بعد أسبوع من حلفه وعادت المشكلات بيننا وطلبت منه الطلاق، ولكنه وعدني بعدم العودة إليه وتركه إلى الأبد ، لكنني غير واثقة منه تماماً . فما رأيكم السديد وما كفارة حلفه ، وبماذا تنصحونني جزاكم الله خيراً ؟
الجواب :
الدخان من الخبائث المحرمة ، ومضارة كثيرة وقد قال الله سبحانه في كتابه الكريم في سورة المائدة : -(يَسْأَلونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ)-(المائدة: من الآية4) ، وقال في سورة الأعراف في وصف النبي محمد صلى الله عليه وسلم : -( وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)-(لأعراف: من الآية157) ،ولاشك أن الدخان من الخبائث ، فالواجب على زوجك تركه والحذر منه طاعة لله سبحانه ولرسوله صلى الله عليه وسلم وحذراً من أسباب غضب الله وحفاظاً على سلامة دينه وصحته وعلى حسن العشرة معك . والواجب عله عن حلفه كفارة يمين مع التوبة إلى الله سبحانه من عودة إليه ، والكفارة هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة مؤمنة ، ويكفي في ذلك أن يعشيهم أو يُغديهم أو يعطي كل واحد نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً . ونوصيك بعدم مطالبته بالطلاق إذا كان يصلي وسيرته طيبة وترك التدخين أما إن استمر على المعصية فلا مانع من طلب الطلاق .
س: ما- حكم لعن الزوج لزوجته عمدا ، وهل تصبح الزوجة محرمة عليه بسبب لعنه لها أم هل تصبح في حكم الطلاق ، وما كفارة ذلك؟
جواب : لعن الزوج لزوجته أمر منكر لا يجوز ، بل هو من كبائر الذنوب ، لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : لعن المؤمن كقتله وقال عليه الصلاة والسلام : سباب المسلم فسوق وقتاله كفر متفق عليه . وقال عليه الصلاة والسلام : إن اللعانين لا يكونون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة
والواجب عليه التوبة من ذلك واستحلال زوجته من سبه لها ومن تاب توبة نصوحا . تاب الله عليه ، وزوجته باقية في عصمته لا تحرم عليه بلعنه لها ، والواجب عليه أن يعاشر بالمعروف وأن يحفظ لسانه من كل قول يغضب الله سبحانه ، وعلى الزوجة أيضا أن تحسن عشرة زوجها وأن تحفظ لسانها مما يغضب الله عز وجل ومما يغضب زوجها إلا بحق . . . ويقول الله سبحانه : وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ويقول عز وجل : وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ الآية . والله التوفيق . [ابن باز]
سؤال : لقد حلفت على أخي الذي يصغرني بالطلاق إذا خرج من البيت . ولكنه خرج رغم ذلك هذا وكنت عند حلفي بالطلاق لا أقصد الطلاق ولكن مجرد التخويف وكنت في شدة الغضب ولكن بعد أن خفت حدة الغضب سامحته أرجو الفتوى . هل يقع طلاق أم لا؟ والله يحفظكم ويرعاكم .
الجواب : إذا كان الواقع هو ما ذكرته أيها السائل ولم تقصد إيقاع الطلاق إذا خرج أخوك وإنما قصدت منعه وتخويفه ، فالواجب عليك بذلك كفارة يمين في أصح قولي العلماء . ولا يقع على زوجتك طلاق بذلك وكفارة اليمين هي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة فإن لم تجد صمت ثلاثة أيام لقول الله عز وجل لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا والله ولي التوفيق . [ ابن باز ]
س: لقد كثر استعمال الناس للطلاق عند أدنى سبب . فما حكم الشرع في ذلك؟
جواب : المشروع للمسلم اجتناب استعمال الطلاق فيما يكون بينه وبين أهله من النزاع ، أو فيما بينه وبين الناس لقول النبي صلى الله عليه وسلم : أبغض الحلال إلى الله الطلاق ولما قد يترتب على ذلك من عواقب وخيمة .
وإنما يباح الطلاق عند الحاجة إليه وقد يستحب ذلك إذا ترتب عليه مصالح أو اشتد التضرر ببقاء المرأة لديه والمعنى ألا يطلق عند الحاجة إلى الطلاق إلا طلقة واحدة حتى يمكن من الرجعة إذا أراد ذلك ما دامت في العدة أو بعقد نكاح جديد بعد خروجها من العدة ، كما يشرع له أن يطلقها في حال كونها حاملا أو في طهر لم يجامعها فيه لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر ابن عمر رضي الله عنهما لما طلق امرأته وهي حائض أن يراجعها ثم يمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم يطلقها إن شاء ، قبل أن يمسها وقال له فتلك العدة التي أمر الله أن يطلق لها النساء وفي لفظ آخر لمسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمر " مره- بعني ابنه عبد الله- فليراجعها ثم يطلقها طاهرا أو حاملا " . ولا يجوز أن يطلق حال كون المرأة في الحيض والنفاس أو في طهر جامعها فيه وليست حبلى ولا آيسة لحديث ابن عمر المذكور وهو تفسير لقوله تعالى : يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ولا يجوز له أيضا أن يطلقها بالثلاث جميعا بكلمة واحدة أو في مجلس واحد لما روى النسائي بسند حسن عن محمود بن عبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم بلغه أن رجلا طلق امرأته ثلاث تطليقات جميعا فقام غضبان ثم قال : أيلعب بكتاب الله وأنا بين أظهركم ولما في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لمن طلق زوجته ثلاث تطليقات جميعا : لقد عصيت ربك فيما أمرك به من طلاق امرأتك والله ولي التوفيق [ابن باز]
المفضلات