بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين , والصلاة والسلام على نبينا محمد , وعلى آله وصحبه أجمعين , ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
أما بعد :

فقد أمر الله سبحانه وتعالى ببيان الحق وحذَّر من كتمانه , فقال سبحانه : ( وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيِّنُّنه للناس ولا تكتمونه فنبذوه وراء ظهورهم واشتروا به ثمنًا قليلاً فبئس ما يشترون ) , كما نهى جلَّ في علاه عن غش المسلمين , أو التلبيس عليهم , فجاء ذلك مبيَّنا على لسان رسولنا صلى الله عليه وسلم : ( من غشنا فليس منا ) , بل أمر بالنصيحة , وجعلها الدين , وذلك لما تشتمل عليه النصيحة من الصدق والوضوح , والبعد عن الغش والتدليس والتلبيس ( الدين النصيحة ، قلنا : لمن يا رسول الله ؟ قال : لله ، ولكتابه ، ولرسوله ، ولأئمة المسلمين وعامتهم ) .

وحيث قرر أهل العلم أن المنكر إذا أعلن وجب إنكاره علناً , وذلك حتى لا ينخدع الناس به , وبالسكوت عن بيان حكمه , فيظنونه جائزاً , أو معروفاً , وحتى يخرج المسلم من عهدة السكوت التي توعد الله عليها بعقوبته , كما قال سبحانه : ( واتقوا فتنة لاتصيبن الذين ظلموا منكم خاصة ) .

وحيث ثبت أن جامعة الملك عبدالله بن عبدالعزيز , المزمع افتتاحها هذا اليوم , ستطبق نظام الاختلاط في تعليمها , وستكون جامعة أكثر انفتاحاً من غيرها , وستتمتع بنظام يخالف ماعليه سياسة هذه البلاد التعليمية . ومادرج عليه ولاتها منذتأسيسها , وما عليه أهل العلم والفتيا , وبما أن الاختلاط فتنة وشر , ولايبرره وجوده في أرامكو منذ عقود , لأن المنكر لايبرر بالمنكر .

ولأن السكوت عن هذا الأمر من الغش للراعي والرعية , ومن إقرار المنكر الذي لايجوز إقراره .

ولما سبق أن سمعناه من خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – من عهده على نفسه , حيث قال : بناتكم بناتي , وما يتسامع به الناس عنه من غيرة ونخوة .

ولما في هذا المنكر من استجابة لمطالب أعداء هذه الدولة , والمتربصين بها , وتحقيق لأمنية طالما حلموا في بلوغها .

ولما فيه من هدم لحصن كان ولايزال مفخرة لهذه الدولة تفاخر به بين الناس .

ولما ثبت بالواقع والتجربة , من أن الاختلاط لا يزيد من القيمة العلمية , ولا تتحقق به آثار نافعة , بل هو على العكس تماماً .

ولما يجره الاختلاط في التعليم , من اختلاط في غيره , مما لايخفى على ذي لب شره وفساده .

ولما في هذه الجامعة من كوادر ذات توجهات خطرة , وأفكار منحرفة .

ولكون التحصيل العلمي يتحقق دون اقتحام غمار المنكر , ولاضرورة تدعو للوقوع فيه , بل الضرورة تستوجب الهرب منه .

ولما تقتضيه السياسة الشرعية , من أن الفساد إذا كثر وجب من الطرق الباعثة عليه , أو المسهِّلة له .

ولأن هذه البلاد لها من الخصوصية , مايجعلها تتمايز عن غيرها من كل دول العالم .

لما سبق كله , ولغيره مما لم أذكره , ولواجب النصيحة , وخشية الكتمان , ولأن الكلمة أمانة , لذا فإني أبرأ إلى الله مما في هذه الجامعة وغيرها , مما يخالف الشرع , وأدعو المسؤولين , وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله - , الذي تحمل اسمه هذه الجامعة , والتي يرى أنها حلمه الذي يسعى لتحقيقه منذ ربع قرن , أن يتقوا الله تعالى , وأن يعدلوا عن مواصلة هذا المنهج المستحدث , وأن يعلموا أن باب الشر إذا فُتح في الناس صعب إغلاقه , وأن يحذروا من دعاة السوء , وأهل الفتنة , الذين يزينون لهم الباطل , ويوحون إليهم أنه لن تقوم لهم قائمة , أو يصبح لهم شأن , إلا بعد أن يوافقوا أهل الأهواء .

كما أدعو العلماء والدعاة وأهل الخير , أن يقوموا بواجبهم في إنكار هذا المنكر , وغيره من المنكرات , وأن يتحملوا الأمانة بصدق , ويؤدوها بصدق , وأن يتواصلوا مع الولاة , ويبينوا لهم خطورة مثل هذه الأمور .

كما أدعو كل مسلم بالتواصل مع أهل الشأن , والإسهام في المحافظة على سفينة الأمة , وذلك بالطرق الشرعية , والأساليب المعتبرة المرعية , مع مراعاة مقام الولاة والعلماء , والإكثار من الدعاء لهم في ظهر الغيب , بأن يصلح الله لهم السريرة , ويرزقهم بالبطانة الناصحة .

مؤكداً في الوقت ذاته ومشدداً , أن هذا مما لايجب أن يثنينا عن مواصلة الجهود , والنصيحة للحاكم والمحكوم , والقيام بما افترض الله من شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .

" اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد "

" اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد "

" اللهم هل بلغت , اللهم فاشهد "

اللهم أرنا الحق حقا وارزقنا اتباعه , والباطل باطلا وارزقنا اجتنابه , ولاتجعله ملتبسا علينا فنضل .
اللهم أصلح أحوال المسلمين وردهم إليك ردا جميلا .
اللهم أصلح الراعي والرعية .
اللهم أبرم لهذه الأمة أمرا رشدا , واحفظ عليها دينها , وحماة دينها , وورثة نبيها , واجعل قادتها قدوة للخير , مفاتيح للفضيلة , وارزقهم البطانة الناصحة الصالحة التي تذكرهم إن نسوا , وتعينهم إذا تذكروا , واجعلهم آمرين بالمعروف فاعلين له , ناهين عن المنكر مجتنبين له , ياسميع الدعاء .
هذا والله أعلى وأعلم , وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم .

وكتبه
سليمان بن أحمد بن عبدالعزيز الدويش
أبو مالك