اسمحوا لي هنا أن أُلغي الشطر الأول من هذا البيت لأمير الشعراء أحمد شوقي ..
واكتفي بترديد (( كاد المعلم أن يكون رســـــــــولا.. )) رحمك الله يا شوقي ربما قلت هذا البيت
في حُقبة من الزمن كان المعلم يستحق بجدارة أن يكون فيها رسول علم و تربية .. أما الآن ..!
حدث لي موقف فتح أمامي بوابة من التساؤل.. والعجب الذي يشوبه الخنق و العتب ..
.
.
.
و بينمـــــــــا كنت أساعد ابن أخي الصغير في تنظيم كتبه الجديدة فإذا به يأخذ كتاب
الرياضيات ويرفعه ليقول ( ياااااااااليت الرياضيات تُمحى من العالم )) بإندهاش سألته
(( لماذا هذا كله ؟؟؟ )) فرد سريعاً (( لا أحبها صعبه ومدرسها عصبي
ماااااااااأحبها هي ومعلمها )) شعرت أن نبرته تخرج من القلب وفي الوقت نفسه فتح
عليّ جروح مُزمنة خلفتها لي مادة الرياضيات في طفولتي وكأن التاريخ يعيد نفسه كنت
أكرهها لنفس السبب الذي يكرهها ابن أخي لأجله (( معلمتها سامحها الله كان أسلوبها في الشرح
الصراخ والضرب نتيجة لذلك لم أخرج منها بفائدة تُذكر )) حتى أصبح كُرهي لها أزلياً .
.
.
.
موقف آخر /
في السنة الماضية كان لدي طالبة لكم أن تتخيلوا يا أخوتي أنني لم أسمع صوتها طوال العام
هذه الطالبة لا تتحرك من مكانها .. صامتة طوال الوقت سواء في نطاق الحصة أو خارجها
انطوائية إلى حد كبير ..عندها كلفنا الأخصائية الاجتماعية بدراسة مُفصلة لحالتها ..
لتظهر النتيجة بأن سبب هذه الحالة هو أن معلمة الرياضيات في السنة التي قبلها (أي كانت
الطالبة بالصف الثالث) وبخت هذه الطفلة على مرأى من زميلاتها بأقسى الألفاظ وبالنهاية كلفت
طالبات الفصل أن يتفوهوا معاً بصوت عالٍ مع إشارة إلى الفتاة (( كسلانة ... كسلانة ..)) لكم أن
تتخيلوا معي الوضع .. طفلة و تتعرض لهذا كله .. لا حول ولا قوة إلا بالله
هل هذا السلوك يمت للتربية والتعليم بصلة ؟؟؟؟؟؟؟؟
وكأننا تناسينـــــــا أن الطالب أو الطالبة في المراحل الدراسية الأولى هو طفل مشاعره عفوية
لا وسطية لديه (( أما يحب أو يكره )) فكان من واجبنا استغلال هذه النقطة لصالحنا
في الترغيب لا الترهيب الذي قد يتسبب في عقد نفسية مزمنة ..
معلم أو معلمة الرياضيات بالذات لابد أن يملك قدرة هائلة على التعامل
مع التلاميذ و محاولة تقريبهم من المادة و تبسيطها لهم وليس تنفيرهم منها بعصبيته
وعنجهيته في الشرح والتوضيح و الأهم من هذا كله أن يتســـــــع صدره لإستفهامات طلابه
هنــــــــــا أخوتي تطرق لذهني تســــاؤل ....
يا ترى من المتسبب الرئيسي فيما سبق
كرهي و ابن أخي للرياضيات ؟؟
و الحالة النفسية التي تمر بها هذه الطالبة ؟؟؟
و .....و ........و كثير من المواقف لم تحضرني الآن
ربما نتفق جميعاً بأن معلم المادة هو وحده من يتحمل هذه المسئولية ...
.
.
ما سبق دعاني لكتابة الآتي /
يلفت نظري في بعض المدرسين والمدرسات هداهم الله وليس معلمين الرياضيات فقط بل
جميع المواد .. تقصيرهم المُلاحظ تجاه طلابهم من عدة نواحي دعوني اختصرها لكم
ثغـــــــــرات قد كونتها عنهم من السنة الماضية /
.أولاً / كتعامل مع الطلاب أجده مُتذبذب بين الطيبة الزائدة و الشدة المُنفرة ..
وفي الحالتين التعامل خاطئ .
ثانياً / إهمـــــــــال توضيح المحتوى المعلوماتي والتركيز فقط على السير بالمنهج .
ثالثاً / عدم المقدرة على إيصال المعلومة للطالب بشكلها الصحيح ..
رابعاً / الغيــــــاب المتكرر من بعض المعلمين مع قرب الامتحانات حدث ولا حرج مما يتسبب
في تراكم المناهج والطلاب هم الضحية .
خامســــــاً / لم ينجحوا في غرس بعض المبادئ و المفاهيم في نفوس طلابهم ..
أخلاقيات ومُثل فالمدرس دوماً ينظر له على أنه قدوة لكن فيما يبدو أن
البعض قد مسخ معالمها تماماً .
ســــــادساً / وهذه ملاحظه ألاحظها على الطلاب بالذات (( كتبهم ودفاترهم أغلبها كأنها جديدة )
بمعنى أنه لا تركيز على التمارين و العرض الموجود في الكتاب .. الكتاب مجرد ضيف شرف
و الدفتر أيضا... يمر على الدروس مرور الكرام لربما اكتفى بالاستعانة بالسبورة .. ؟
أو بالشرح اللفظي فقط دون تطبيق ..!
سابعاً / تهميش مواهب الطلاب و قدراتهم العقلية مما قد يحرمنا من أجيال مبدعة
تملك من الطاقات الكثير .
كل ما ذكرت وما لم أذكره من هذا التقصير هو بكل آسف من جعل
النظرة السائدة للمدرسين عموماً (( أنهم أكثر الموظفين إرتياحاً في بلادنا ))
بعد ذلك كله كيف يتسنى لنا إنتاج جيل واعٍ و طموحٌ و مثقف ..!
لنكف عن لــــــــــومهم و لنتساءل فقط من علّم هذا الجيل ؟؟؟
و في المقابل هناك معلمون و معلمات أكفّاء بأسلوبهم و طريقة تعاملهم
وروعــــــــــة شرحهم للمادة تكوّنت لدينا بسببهم مشاعر لا أقول حُباً بل
عشقــــــــــاً لموادهم و تخصصاتهم ..
في نهاية المشوار /
لا أخفيكــــــــــــــم أن كوادرنا التعليمية من هيئة التدريس رجالاً و نساءً بعضهم بحاجة إلى دورات
مُكثفـــــــة للارتقاء بأساليبهم في طرق تعاطيهم للمنهج .. طرق تدريسهم و تعاملهم مع الطلاب
مع التركيز و بصورة جلّية على ما لهم و ما عليهم دون الخلط بين الاثنين ..
موضوعي هذا ليس تهجُماً على بعض زملائي و زميلاتي من المعلمين
بل هو الواقع المؤلم بحـذافيره لكي نتدارك الخلل قبل أن يتحول إلى فجوة يصعب ردمها.
عذراً أخوتي على الإطالة ولعل بالإطـــــــــــالة إفادة ..
مع تمنياتي للجميع بالتوفيق .
.
.
أختكم / العاصفة
المفضلات