[align=center:f110f86485]تابع الرد على سلمان العودة:[/align:f110f86485]
خامساً..... ثم أحتج وهو يقول استأنس بما رواه أحمد عن أبي إسحاق قلت للبراء : الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة قال لا لأن الله عز وجل بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك إنما ذلك في النفقة .
قلت.... في سنده ( أبو بكر بن عياش بن سالم الملقب بالمقرئ ) قال عنه بن حجر في التقريب : ثقة لما كبر ساء حفظه وكتابه صحيح قلت فلا أدري حدث هذا الأثر لما ساء حفظه من حفظه أو من كتاب ثم إبي إسحاق مختلط ولا أدري حدث عنه أبو بكر قبل الاختلاط أو بعده وقد يتجاوز عن ذلك لأنه باشر السؤال بنفسه فهل يوثق بتفرد بمن في مثل هذا السند ولو قبلنا مثله فلا حجة فيه.
أقول لاحجة في هذا الأثر لو صح على جواز العمليات الاغتيالية التفجيرية فإنه في رجل لا يتيقن هلاكه كما يفعل أصحاب تلك العمليات . بل نجاته محتملة ثم إنه محمول كما ذكر شيخ الإسلام بن تيمية في الإنصاف أن مثل هذه الأخبار في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة المسلمين وعسكرهم صوب العدو فهذا إذن قياس مع الفارق فليس للفلسطينيين الآن صف من عسكر وجيش منتظم بل أن اليهود سيكرون بالانتقام على شعب أعزل يتفننون في سفك دمائهم بلا مبالاة .
[align=center:f110f86485]فأوردها سعدٌ وسعدٌ مشتمل ما هكذا يا سعد تورد الإبل[/align:f110f86485]
سادساً..... احتج بما رواه مسلم رحمه الله من حديث صهيب الطويل في قصة الغلام وقوله للملك : إنك لست بقاتلي حتى تفعل ما آمرك قال : وما هو قال تجمع الناس في صعيد واحد وتصلي على جذع ثم خذ سهماً من كنانتي ثم ضع السهم في كبد القوس ثم قل بسم الله رب الغلام ثم ارمني فإنك إذا فعلت ذلك قتلتني ... الحديث وفيه أن الملك فعل ما أمره به فمات الغلام فقال الناس : آمنا برب الغلام آمنا برب الغلام ... الحديث .
قال العودة : فهذا الغلام أرشد الملك إلى الطريقة التي يتحقق بها ما رمى وتحقق بها ما رمي إليه الغلام من المصلحة العظيمة العامة من إيمان الناس كلهم بالله بعدم بلغهم خبره .
قلت ... وليس في هذا الحديث مستند لما يذهب إليه العودة من جواز هذه العمليات الاغتيالية التفجيرية من وجوه اسردها مستعيناً بالله متوكلاً عليه :
أولاً// أن هذه الصورة وهي أن يتسبب الرجل الواحد في قتل نفسه للمصلحة التي ترجح على مفسدة التسبب في قتل نفسه غير موجودة في العملية الانتحارية حتى يستدل بها أصلاً حيث أن العملية الانتحارية قتل رجل واحد لنفسه بحمله المتفجرات في وسط العدو ولا يكون وراءه جيش ينطلق من عندهم بل يتسبب بهذه العملية حصول مفسدة كبرى لمن وراءه من العزل كما تقدم أكثر من مرة فلا مصلحة تجري من جراء قتل النفس بهذه الصورة إلا الحرب والدمار من قبل اليهود لشعب أعزل فأين المصلحة الراجحة على المفسدة هنا لاحول ولا قوة إلا بالله .
ثانياً// أن الغلام لم يقتل نفسه أصلاً بل قتل بيد الملك فقد دل الملك الناس على التوحيد الذي إذا نطق آمن الناس فينتقلون من الكفر إلى الإسلام وصاحب العملية يقتل نفسه مع غيره فلا يكون قتله من قبل أعداءه بل من قبل نفسه بنفسه فمع كثرة القتل الذي يجريه اليهود على المسلمين انتقاماً لمن قتل منهم في العملية الانتحارية بالطائرات والدبابات والقناصات والمدرعات التي تسحق المنازل على العزل من المسلمين قد يفتنوا عن دينهم فيخرجوا من دين الله أفواجاً وذلك مع قلة الإيمان وقلة العلم وفشوا المعاصي المنتشرة في تلك البلاد عافانا الله وإياكم فعمل الغلام ترتب عليه مصلحة على أنه لم يقتل نفسه بنفسه وعمل صاحب العملية ينجم من وراءه مفسدة كبرى ترجح على مصلحة قتل أربعة أو عشرة من اليهود على المسلمين .
فأين مطابقة مثل هذه العمليات الاغتيالية للمصلحة التي نتجت من عمل الغلام في تسببه في قتل نفسه
ثالثاً// فرق بين قتل النفس بالنفس وبذل السبب في القتال ولو من واحد ثم قتل العدو للمجاهد فوجه ذلك أن العدو إذا قتل المسلم بنفسه وكان هناك جيش مسلم وقتال لن تكون ردة فعل على من وراءه من المسلمين مثل ما إذا انطلق مسلم من شعب أعزل ليفجر نفسه مع العدو فسيحصل انتقام واسع يقتل معه المئات أوالآلاف من المسلمين العزل فافترقا.
سابعاً.... ثم احتج بما رواه بن أبي شيبة (4/569) والطبراني وغيرهما عن أبي سعيد الخدري قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : الذين يلقون في الصف الأول فلا يلتفتون وجوههم حتى يقتلوا أولئك يتلبطون في الغرف العلى من الجنة ويضحك إليهم ربك إن ربك إذا ضحك إلى قوم فلا حساب عليهم قال المنذري رجاله ثقات .
قلت... وليس في هذا الحديث لو صح وجه دلالة صحيحة على ما ذهب إليه العودة من تجويز العمليات الانتحارية فهو أضعف مما سبقه من الدلالات حيث أن ليس فيه أن هذا الذي يلقى في الصف دون التفات منزوع السلاح أو أنه منفرد يتيقن قتل نفسه أو أنه بلا جيش وراءه يقي المسلمين شر الملحمة والقتال بل كل ما فيه الترغيب في البقاء والثبات في الصف الأول والقتال دون الفر والتولي يوم الزحف وذلك عندما يكون هناك صفان صف من المسلمين وصف من الكفار وكلاهما في حرب وملحمة لا أن يكون جيش كافر ضد مسلمون عزل عن السلاح فيكونوا ضد كفار مشركون كاليهود لا يرقبون في مؤمن إلا ولا ذمة ما أن يقتل منهم عشرة أو ثلاثون في عملية انتحارية ولا يرون أن جيشاً وراءه إلا سحقوا المسلمين بالدبابات والطائرات والاعتقالات وأذاقوهم أشد العذاب ولذلك جنب النبي أصحابه الجهاد وقت الضعف ولم يقل لهم بدل صلح الحديبية أضربوهم بما عندكم من قوة ترهبونهم بها بل صبر وانتظر هو وأصحابه حتى قوى على قتالهم وكان آخر ذلك فتح مكة فقال صلى الله عليه وسلم لهم وقت الضعف في مكة عندما قال له خباب بن الأرت ألا تدعوا لنا ألا تستنصر لنا قال : (إنه كان يؤتى بالرجل فيمن كان قبلكم فيحفر له حفرة فيوضع فيها ويؤتى بالمنشار فيوضع على مفرق رأسه فيشق نصفين ...إلى أن قال لا يرجعه ذلك عن دينه لكنكم قوم تستعجلون) وقد قال في حديث( العجلة من الشيطان)
ثامناً.... ثم أحتج بما رواه ابن أبي شيبة عن مدرك بن عوف الأحمسي قال كنت عند عمر رضي الله عنه فقال قلت : إن لي جاراً رمى بنفسه في الحرب فقتل فقال ناس ألقى بيده إلى التهلكة فقال عمر كذبوا لكنه اشترى الآخرة بالدنيا )
قلت... قال ابن حجر رواه بن جرير وابن المنذر بإسناد صحيح عن مدرك بن عوف ( الفتح)
قلت... وهذا الآثر كذلك ليس فيه حجة للعودة بالقول بجواز العمليات الاغتيالية فليس فيه أن الذي رمى بنفسه في الحرب أنه كان أعزلاً عن السلاح يتيقن القتل بل لفظه عكس ذلك فقال رمى بنفسه في الحرب فظاهره كما قال شيخ الاسلام في مثل هذه النصوص إنطلق من عسكر مسلمين قلت وكانوا في حرب وراءه جيش مسلم والنجاة عنده محتملة وإن كانت ضعيفة والذي يفجر نفسه قد يتيقن الهلاك ولا ينطلق من جيش والمفسدة يولدها على من وراءه من المدنيين العزل عن السلاح بإنتقام اليهود أكثر بكثير من مصلحة قتل اثنين أو ثلاثة أو إدخال الرهبة الجزئية في صفوف اليهود والتي لا تقارن بليالي الرهبة من شن هجوم شامل بالطائرات والمتفجرات بعد مثل هذه العمليات الانتحارية والقتل الذي يجري بالعشرات والمئات على الأطفال والنساء والشيوخ والشباب العزل فإنه يفرح والله بقتل يهودي أشد الفرح ولكن الحزن بظلمة انتقام اليهود وقتل المئات تطغى على هذا الفرح الذي يقضي على كل وبيص أمل في إقامة دولة إسلامية سيما وأصحاب هذه العمليات لم يصرحوا بالجهاد في سبيل الله ولا يستنون فيها بسنة رسول الله وأصحابه في الجهاد وطرقه وترك منهياته أو إعمال شروطه .
تاسعاً... ثم أحجتج بما رواه محمد بن الحسن الشيباني في السير (1/163) أما من حمل على العدو فهو يسعى في إعزاز الدين ويتعرض للشهادة التي يستفيد بها الحياة الأبدية فكيف يكون ملقياً نفسه إلى التهلكة .
ثم قال : لا بأس بأن يحمل الرجل وحده وإن ظن أنه ثقيل إذا كان يرى أنه يصنع شيئاً فيقتل أو يجرح أو يهزم فقد فعل ذلك جماعة من الصحابة بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد ومدحهم على ذلك وقيل لأبي هريرة ألم ترى أن سعداً بن هشام لما التقى الصفان حمل فقاتل حتى قتل وألقى بيده إلى التهلكة فقال كلا ولكنه تأول آية في كتاب الله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْرِي نَفْسَهُ ابْتِغَاءَ مَرْضَاتِ اللَّهِ )(البقرة: من الآية207) فأما إن كان يعلم أنه لا ينكي فيهم فإنه لا يحمل له أن يحمل عليهم لأنه لا يحصل بحملته شئ مما يرجع إلى إعزاز الدين ولكنه يقتل فقط وقد قال تعالى : (وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ)(النساء: من الآية29) الخ ما قال .
قلت ... ولا حجة فيما ذكره من وجوه سنسردها سرداً فأقول وبالله التوفيق : أن ذلك محمول على أن ينطلق صوب العدو من عسكر مسلم يكون في حرب مع الكفار كما سلف لأنه قال كما في أُحد ثم لا حجة في أثر أبي هريرة لأن السائل قال لما التقى الصفان وفي فلسطين ليس هناك صفان بل صف واحد من اليهود المدججين بالسلاح من الطائرات وعسكر فكان هدي النبي كما قال شيخ الإسلام بن تيمية مع الكفار وقت الضعف المسالمة ( قلت حتى يتقوى ) لا المواجهة قلت لأنه يترتب مفسدة أكبر فأطلق القول بن تيمية في ترك المواجهة وقت الضعف ثم اشترط في آخر الكلام الذي نقله العودة عن محمد بن الحسن حصول النكاية فهل في كلامه رحمه الله ما إذا كانت النكاية بالعدو تؤدي إلى النكاية بالمسلمين أضعاف مضاعفة لا تعد ولا تحصى كما يحصل من العمليات الانتحارية فماذا سيكون جوابه فكلامه رحمه الله غير وارد في مثل هذه العمليات التي فارقت كل حجة ساقها في فتواه فكل الصور في رجل مسلم يحمل على العدو ويكون وراءه جيش ولا يتيقن الهلاك ويكون قصده أن تكون كلمة الله هي العليا ويحدث نكاية بالعدو تكون سبيلاً للنصر عليهم فيقتله العدو لا يقتل نفسه بنفسه .
وفي هذه العمليات لا نسمع أنهم أعلنوا الجهاد وليس وراء المفجر نفسه جيش فانطلق كما قال بن تيمية من عسكر المسلمين إلى المشركين والنكاية التي يحدثها مقابله بأضعافها على المسلمين فيزداد ضعف المسلمين يوماً بعد يوم بمثل هذه العمليات حتى نخشى عليهم الفتنة في الدين حيث قد يقول قائلهم ما بالنا نقول لا إله إلا الله ولا ننتصر والجواب أنهم لم يتابعوا رسول الله وأصحابه في ضوابط الجهاد وقت الضعف فقد قال شيخ الإسلام: ( وكان هديه صلى الله عليه وسلم وقت الضعف المسالمة مع أعداءه وهؤلاء جرهم الحماس لترك سؤال أهل العلم المعروفين بالتحقيق العلمي كالشيخ عبدالعزيز وبن عثيمين في طريقة الجهاد والذين لهم فتاوى تخالف فتاوى العودة هدانا الله وإياه للصواب قال تعالى : (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (آل عمران:165)
عاشراً .... ثم ذكر قول الحافظ بن حجر في مسألة حمل الواحد على العدو الكثير من العدو أن الجمهور رجحوا بأنه إذا كان لغرض شجاعته وظنه أنه يرهب العدو بذلك أو يجرئ المسلمين عليهم أو نحو ذلك من المقاصد الصحيحة فهو حسن ومتى كان مجرد تهور ممنوع .
قلت.... وهذا كسابقه محمول على ماإذا كان معه جيش وراءه وانطلق صوب العدو من عسكره أما منفرداً هكذا فلا أعلم أن المسألة بهذه الصورة وقعت في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فإن واقع هذه العمليات الاعتقالية أنها جرئت اليهود على المسلمين وحركت غضبهم الذي نفذوه برميهم بالقنابل وهدم منازلهم فصارت النكاية والرهبة بالمسلمين أكثر منها من العدو ولم نسمع أن أصحاب هذه العمليات أعلنوا الجهاد ولو أعلنوه لما كان على طريقة رسول الله وأصحابه من المسالمة مع العدو وقت الضعف كما أفتى بذلك شيخ الإسلام بن تيمية .
الحادية عشر ..... ثم ذكر عن حاشية الدسوقي أن يكون قصده إعلاء كلمة الله .
قلت .... فهل أعلن أصحاب هذه العمليات الجهاد لإعلاء كلمة الله أم غضباً على الأرض والوطن ثم لو قيل قد صرح بعضهم بالجهاد قلنا له وهل هذه الطريقة في الجهاد هي التي ربى عليها رسول الله أصحابه وقت الضعف فلا بد مع النية من المتابعة لأن الجهاد عبادة وترك المتابعة فيه للرسول وأصحابه طريق للهزيمة بلا شك .
ثم ذكر عن الدسوقي : أن يظن تأثيره فيهم .
قلت... فهذه العبارة لم تحرر من قبل ناقلها فتنزل واقع هذه العمليات عليها لو كانت حجة وهي أن التأثير بعد إتمام هذه العمليات عكسي حيث يقتل أضعاف أضعاف العدد الذي قتل من اليهود في تلك العمليات إنتقاماً فذلك يكون من أعظم أسباب الضعف في المسلمين وترى القتل عليهم وهم عزل بالمئات ودرء المفاسد مقدم على جلب المصالح فلا يكون طريقاً للم الشتات والتنظيم الجهادي والانتصار أبداً .
الثانية عشر .... ثم ذكر عن ابن العربي أن الصحيح جواز إقدام الرجل الواحد على الجمع الكثير من الكفار لأن فيه أربعة وجوه :
الأول : طلب الشهادة
قلت... فهل هؤلاء طلبوا الشهادة وأعلنوا إرادة أن تكون كلمة الله هي العليا لقوله صلى الله عليه وسلم : ( من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله ) أم فعلت هذه العمليات حميَّة للأرض والوطن فإذا كان طلب الشهادة عبادة فلا بد مع الإخلاص المتابعة للنبي كما تقدم بدراسة سيرته مع أعداءه وقت الضعف والقوة ثم نتأسى به لقوله تعالى : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ)(الأحزاب: من الآية21) .
الثاني : وجود النكاية .
قلت..... فأي النكايتين أعظم بعد إتمام هذه العمليات النكاية بالمسلمين العزل عن السلاح بانتقام اليهود المدججين بالسلاح أم قتل أربعة أو عشرون أو ثلاثون من اليهود فيظن العالم أنهم في حرب متكافئة .
الثالث: تجرئة المسلمين عليهم .
قلت ... إن جرءة اليهود على المسلمين تزيد بالقتل والتعذيب والتدمير للمخيمات انتقاماً لأنفسهم والنبي صلى الله عليه وسلم أعلم بمثل هذه التجرئة فهل كان يجرءهم وقت الضعف أم يأمرهم بالصبر فكان النصر مع الصبر حتى فتحت مكة وأعطى الكفار الجزية عن يد وهم صاغرون .
الرابع : ضعف نفوس الكفار ليروا أن هذا صنع واحد فيهم فما ظنك بالجميع .
قلت ... فإي النفوس أضعف بعد العملية نفوس المسلمين عندما يرون كثرة القتل فيهم أم اليهود عندما يكون القتل فيهم حافز على قتل المئات من الفلسطينين فإنهم يزدادون بهذه العملية وطئة على المسلمين بالقنابل والرشاشات وسحقاً لهذا الشعب الأعزل بعمل مثل هذه العمليات ولاحظ أن هذه العمليات خلال تلك المدة الطويلة لم يتقدم الأمر بها إلى الفتح بل إلى أسواء ثم أسواء كما أقر بذلك لي بعض وجهاء الفلسطينين وهو أدرى بواقعهم من أخواننا لأنها لم تكن على متابعة لهدي النبي في الجهاد وقت الضعف .
ثم إن العودة ختم كلامه بالرد على مثل تلك الاستشهادات من الأدلة التي ساقها بنقله لتحرير شيخ الإسلام بن تيمية لمثل هذه الأدلة التي ساقها :
فقال : وقال ابن تيمية كما في الإنصاف (4/116) ليس الإنغماس في العدو لمصلحة المسلمين وإلا نهي عنه وهو من التهلكة .
قلت .... فهذا الإنغماس في العدو لمصلحة الذي دعا إليه شيخ الإسلام بن تيمية لون والذي يدعو إليه العودة لون آخر والثاني من التهلكة حيث أن العملية الانتحارية تتولد منها مفسدة كبرى كما هو معلوم من ردة فعل اليهود وقتلهم لعشرات المئات من المسلمين تتلاشى معها مصلحة قتل ثلاثة أو عشرة منهم أو إحداث رعب جزئي لهم ويكون أضعافه على المسلمين بالقتل والاعتقال وغير ذلك من صنوف التعذيب.
ثم إن المنغمس في العدو تحتمل نجاته وإذا قتله أعداءه فهم القتلة أما هذا المنتحر إنما يقتل نفسه بنفسه لا بيد عدوه نسأل الله العافية فالقياس مع الفارق فإن المصلحة لو وجدت في مثل هذه العمليات تتلاشى مع المفسدة التي تجري على المسلمين العزل عن السلاح كما مضى أكثر من مرة .
ثم انفلق صبح الحق بهذه المقولة الآتية التي ساقها العودة عن شيخ الإسلام ليجتث بنيان كل الاستدلالات السالفة ببيان ضعفها وأن استعمالها إنما كان في غير محلها فقال رحمه الله ( بنقل العودة عنه ولا حول ولا قوة إلا بالله ) : ويلحظ في غالب هذه النصوص والأخبار أنها في رجل أو رجال انطلقوا من جماعة المسلمين وعسكرهم صوب العدو قلت فكان كل الذي ساقه العودة من الاستدلالات بتلك الأدلة إنما هو خارج موضع النزاع فقد تعلمنا منه رحمه الله : أن كلام العلماء يحتج له ولا يحتج به فإن المتأمل في قصة أبو أيوب وغيرها يجد أن الواقع ما ذكره الشيخ رحمة الله تعالى عليه ولكنه استثنى رحمه الله فقال : ( ولكن في بعضها كما في قصة الغلام المؤمن ماليس كذلك )
قلت.... أما الغلام فقد تقدم الجواب عن ضعف وجه الاستدلال بقصته على العمليات الانتحارية وأما أدلة أخرى نزِّلت عند الشيخ على طريقة عمل الغلام فلم أرى نصاً صريح يدل على ذلك ببحث علمي والذي رأيته أنها محتملة لوجود جيش وانطلق منه أو إنطلق يستفز الكفار بالنكاية بهم ووراءه عزل والنص إذا أحتمل نظر إلى عمل السلف رحمهم الله ولم يكن من هديهم أصلاً الجهاد وقت الضعف وذهاب واحد فيهم ينطلق يحدث النكاية ووراءه عزل ثم إن كلامه رحمه الله مقيد بحصول المصلحة ولقد عرف من نظر ببصيرة وتجرد عن العاطفة والرأي والهوى أن الواقع يبين أن المصلحة بإرهاب العدو قليلة متلاشية بجانب القتل والتعذيب الذي يجري على إخواننا المسلمين هناك بما يملكه الأعداء من كثرة الأسلحة وغاية ما يقال أنها متساوية مع المفسدة والقاعدة أنها إذا تساوت المصالح والمفاسد فدرء المفاسد مقدم على جلب المصالح .
ولذلك ترك النبي صلى الله عليه وسلم الاغتيالات في مكة وقت الضعف وفترة في بداية قعوده في المدينة بعدما هاجر إليها حتى تقوى في المدينة ثم أغتال كعب بن الأشرف بحيث لو حصلت ردة فعل اليهود بالسلاح ضد المسلمين سيجدوا جيش منظم بقيادة رسول الله يرد عليهم تكون حرباً لا قتلاً بالمئات وتعذيباً بالعشرات والله تعالى يقول : (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً) (الأحزاب:21)
ثم ذكر شروطاً لو نزلت على واقع العمليات الانتحارية الفلسطينية لافترقت فقال في آخر تلك الاستدلالات وتكون تلك العمليات صحيحة بشروط :
1- أن تكون لإعلاء كلمة الله قلت (ولم يعلنوا فيما أعلم إلا شعارات الحمية على الأرض ونحو ذلك).
2- أن يغلب على الظن أو يجزم أن في ذلك نكاية بالعدو بقتل أو جرح أو هزيمة أو تجرئ للمسلمين عليهم وإضعاف نفوسهم .
قلت .... والنكاية بالمسلمين العزل بإدي عدوهم بعد إجراء العمليات أعظم والمصلحة في إرهابهم مرجوحة بما تقدم .
ثم قال : وهذا التقدير لا يمكن أن يوكل لآحاد الناس وأفرادهم خصوصاً في مثل أحوال الناس اليوم بل لا بد أن يكون صادراً عن أهل الخبرة والدراية والمعرفة بالأحوال العسكرية والسياسية من أهل الإسلام وحماته وأولياءه .
قلت.... وهل هذا واقع الآن في مثل هذه العمليات إننا نرى القتلى الفلسطينيين يزيدون يوماً بعد يوم وفي كل عملية انتحارية يذهب من جراء انتقام اليهود العشرات أو المئات حتى هدم ثلثي مخيم وربما يذهب الآلاف في الأيام القادمة إن لم يكن قد ذهب .
ثم قال : أن يكون هذا ضد كفار أعلنوا الحرب على المسلمين .
قلت.... ولو أعلن الكفار الحرب ضد المسلمين وكان المسلمون ضعفاء عزل هل الحكمة أن يهاجروا أو يصالحوا مؤقتاً كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم أم يتصدوا وهم ضعفاء فتذهب أرواحهم وهم عزل عن السلاح بالآلاف وهل هذا الكلام إلا مخالف لمنهج الأنبياء عليهم السلام حيث أن فرعون لما أعلن الحرب على موسى ولحقه هو وجنده يريدون قتله هرب موسى عليه السلام بمن معه ولم يسلط الذين معه مع كونه على الحق وهو كليم الله وفرعون يدعي أنه إله فيقول لهم أحدثوا النكاية فيهم بما تقدروا عليهم فهم سيقتلوكم سيقتلوكم فموتوا محاربين خير لكم بل ضرب بعصاه وهرب من خلال البحر ثم أطبق البحر على فرعون ومن معه .وكذلك عيسى مع حوارييه وأنصاره لم يقاوم بالحجارة من أرادوا قتله بل رفعه الله إليه ، وكذلك آخرهم محمد عليه الصلاة والسلام خرج من مكة هارباً مع أبي بكر وأمر أصحابه بالهجرة وقد أعلنوا الحرب عليهم ولم ينزل فرض الجهاد لأن المفسدة المترتبة من المقاومة أعظم من مصلحة قتل عشرة أو مئة في المقاومة وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بالهجرة ولذلك يقول شيخ الإسلام بن تيمية وكان هدي النبي مع أعداءه وقت الضعف المسالمة قلت حتى في الحديبية ومع كون معه جيش ولكن القوة غير متكافئة صالحهم النبي مع كون العزة لله ولرسوله ولم يقل أعلنوا الحرب أقاتلهم وأترك مصالحتهم فإن دين الله ياأخواني لا يعرف بالتجربة والعقل والعاطفة وإنما يعلم بالدليل من الكتاب والسنة على فهم سلف الأمة ولنا عبرة في عمر بن الخطاب لما لم يرضى الصلح ماذا كان فقد رجع عن قوله لما علم أنه وحي وهؤلاء يقدمون الرأي على الوحي الآمر بالتأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم في وقت الضعف بترك القتال ولا يرجعون إلى هديه إلا أن يشاء الله ثم إن مثل هذه العمليات تجري على المدنيين من اليهود لا العسكريين المقاتلين . وقد تبينت العلة من عدم جواز قتل النساء فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما كان لهذه أن تقاتل) فدل أن من لم يكن له مشاركة في القتال لا يجوز أن يغتال .
ثم ذكر الشرط الرابع : أن يكون في بلادهم أو في بلاد دخلوها وتملكوها وحكموها وأراد المسلمون مقاومتهم وطردهم منها ثم ضرب مثلاً بفلسطين والشيشان .
قلت... فهل كان هناك حق لإقامة الكفار في مكة التي هي أحب البقاع إلى الله أم يستحقون الطرد منها ومن الأرض جميعاً فما دليل هذا الشرط فإن أي شرط كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في كتاب الله فهو باطل ، فهل أمروا بالجهاد وهم ضعفاء عزل بدعوى أنها مكة أرض لا حق لهم فيها وهم كفار أم كان من الحكمة ترك فرض الجهاد حتى يتقووا ووصف الأرض أهي لهم أو للكفار ملغي لا يعول عليه في الحكم ما دامت الثمره سحق المسلمين وموت الدولة الإسلامية الوليدة وتفادي حصول مفسدة أرجح من مصلحة قتل العشرة منهم ونحو ذلك بمثل هذه العمليات الاغتيالية وقت النبي الصحابة الاغتيالات مكة وقت الضعف
ثم ذكر شرطاً خامساً : استئذان الوالدين .
قلت..... وهذا في الجهاد المعروف لا في عملية انتحارية يكون من جرائها العقوق للوالدين حيث أن هذا الشخص المفجر نفسه سيغيظ الكفار من اليهود ثم يطوقوا ربما قرية والديه العزل ويرموهم بالقنابل انتقاماً فلا تكون الضحية والديه بل قبيلته كلها فيكون كأنه سبباً في قطع رحمه بموتهم بسبب ردة فعل من لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة .
وختاماً أقول : لا تظن أيها الأخ المسلم أن نقول أن الجهاد منسوخ والعياذ بالله بل بابه مفتوح إلى يوم القيامة ولكن هناك فرق بين القول بتنظيم الجهاد على وفق طريقة رسول الله وأصحابه ومنع الجهاد وقد قال رسول الله في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه عن عمر مرفوعاً : ( إياكم والظن فإن أكذب الحديث ) فإذا عقلت ما مضى زال عنك الإشكال والعجب لماذا يقول هؤلاء لا إله إلا الله ويصلون ويصومون ويحاربون اليهود ولا ينصرهم الله بل في كل يوم يقتلون بالعشرات وربما في بعضها بالآلاف بأيدي عدوهم مع قول الله تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) (محمد:7) .
قلت ... ذلكم لأنهم لم ينصروا الله بما بعثه حث عليه رسول الله باقتفاء هديه في جهاده وقت الضعف وغير ذلك ولم يرتضوه منهجاً في الجهاد بالصبر على الأعداء ولو طالت المدة بل رجعوا في ذلك إلى العواطف والرأي وضعف الاستدلال لمثل تلك العمليات التي حصل منها ما حصل من زيادة في هزيمة المسلمين لتركهم هديه صلى الله عليه وسلم مع أعداءه وقت الضعف فقال شيخ الإسلام بن تيمية وكان هديه صلى الله عليه وسلم وقت الضعف مع أعداءه المسالمة لا المواجهة أي لا بعمليات إنتحارية ولا أغتيالات ولا غير ذلك فلما رجعوا إلى رأيهم وكلوا إلى قوتهم فلم ولن ينتصروا حتى يحكموا شرع الله وطريقة رسوله في جهادهم ولذلك قد جاء في سنن أبو داود (3462) (دار الفكر) حدثنا سليمان بن داود المهري أخبرنا بن وهب أخبرني حيوة بن شريح ح وثنا جعفر بن مسافر التنيسي ثنا عبدالله بن يحى البرلسي ثنا حيوة بن شريح عن إسحاق أبي عبدالرحمن قال : سليمان عن أبي عبدالرحمن الخرساني أن عطاء الخرساني حدثه أن نافعاً حدثه عن بن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إذا تبايعتم يالعينة وأخذتم أذناب البقر ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزعه حتى ترجعوا إلى دينكم ) .
قلت... قال إلى دينكم إلى دين محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه بأن يتدينوا على طريقه في الجهاد وغيره لا على الإحداث في الدين بالرأي والعاطفة فلما تركوا نصرة الله بأعمال السنة في الجهاد وغير ذلك من مجالات الحياة لا زالت تلك الهزائم تتوالى عليهم فإذا عرف السبب بطل العجب.
المفضلات