اليوم 12 رمضان
الرقص على مائدة السحور
من الغريب أن تتبارى الملاهي الليلية وبعض المطاعم فيما بينها، وبالتحديد في شهر رمضان بأفضل العروض الفنية والموسيقية الراقصة على مائدة السحور!!
والأكثر غرابة أن من بين الجالسين على هذه الموائد صائمين طوال النهار، وإذا كان الله -عز وجل- قد رزقنا على هذه الموائد من نعمه التي لا تُعد ولا تُحصى ورزقنا من خزائن الخير وودائعه، فلِمَ يُصر هؤلاء أن يقابلوا النعمة بالجحود بدلاً من الشكر والجود؟
وعندما فرض الله علينا صيامًا من حكمته الإحساس بقيمة النعمة، فلماذا يُصرّ هؤلاء على تحويل النعمة إلى نقمة؟
وإن كان الله قد أنعم على هؤلاء بنعمة الصيام طوال النهار، فلِمَ حولوا الطاعات طوال النهار إلى معاصي آخر النهار؟
وإذا كانت صنوف الطعام والشراب مختلفة الألوان والأكل قد تهيأت أمام آكليها وناظريها فلِمَ يُصرّ هؤلاء وغيرهم على نسيان الآلاف من البشر التي تموت جوعًا وهم على مائدة الرقص؟
أليس غريبًا أن يتحول أصحاب هذه الموائد عن الأدعية والشكر والطاعة إلى آهات وثناء على الراقصين والراقصات؟
ثم فليسألوا الغواص عن الصدفات.
كيف ـ بحق الله ـ يجمع الخير والشر على مائدة واحدة!
وكيف نجمع بين الصوم نهارًا وسحور على الرقص ليلاً ؟!
وإذا كانت لحظة الإفطار فرصة للدعاء لا تعوض فلِمَ يُصرّ هؤلاء في الدعاء على أنفسهم؟
وإذا كانت لحظة الإفطار قيمة عالية يتجسد فيها معنى الطاعة ومغزى الجائزة وحدود الفرحة، فِلمَ يُصر هؤلاء على تحويل جوائزهم إلى سيئات تُرتكب ويستبدلون الفرحة الدائمة باللذة الزائلة ؟
حجج واهية
ولماذا يحاول هؤلاء إقامة البراهين والحجج على أن الصيام بالنهار والرقص والمجون بالليل.. وهم يعلمون أنهم يعبدون ربًا واحدًا لا أربابًا متفرقين!
ولماذا يحاول هؤلاء أن يقللوا من شأن ما يقدمون عليه حتى يخلي الناس بينهم وبين ما يفعلون؟
ولِمَ يُصر هؤلاء على أن المعاصي جميلة، وهي ليست كذلك ولو زينوها للناظرين؟
ولماذا يصر هؤلاء على أن ما يفعلونه هين وصغير، وهم يعلمون أنه لا صغيرة مع الإصرار؟ ولماذا يحاولون إقامة الحجج والبراهين على أنهم يتسحرون في الأصل من أجل الله؛ إذن فمن أجل من هم على مائدة الرقص؟
إن قيمة السحور لا تقل بأي حال عن قيمة الإفطار؛ فكلاهما لله وسنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتقوى بهما على طاعة الله عز وجل وهما من أجل غاية سامية.
عن أنس -رضي الله عنه قال-: قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "تسحروا فإن في السحور بركة" رواه البخاري.
وروى النسائي بإسناد جيد عن المقدام بن معد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "عليكم بهذا السحور؛ فإنه هو الغذاء المبارك".
وروى الإمام أحمد عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- قال: "السحور بركة ولو بجرعة ماء، فإن الله وملائكته يصلون على المتسحرين".
فكيف تُصلي الملائكة على المتسحرين على موائد الرقص؟ وكيف يكون لسحور بهذه الطريقة هو الطعام المبارك؟
مقارنة خاسرة
إن واقع هؤلاء المتسحرين على موائد الرقص يجعلهم حتمًا في مقارنة خاسرة مع من يجلسون على موائد أخرى حددها رسول الله –صلى الله عليه وسلم- عن أبي هريرة –رضي الله عنه- قال: قال رسول الله –صلى الله عليه وسلم: "إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم قال: "فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا" قال: "فيسألهم ربهم عز وجل – وهو أعلم منهم – ما يقول عبادي؟ قال: "تقول: يسبحونك ويكبرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال "فيقول: هل رأوني ؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوك قال: فيقول: كيف لو رأوني ؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا، قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يقولون: يسألونك الجنة، قال: يقول: وهل رأوها؟ قال يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: وماذا لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلباً، وأعظم فيها رغبة، قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار قال: يقول: وهل رأوها، قال: فيقولون: لا والله يا رب ما رأوها ؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فراراً وأشد لها مخافة، قال: أشهدكم أني قد غفرت لهم: قال: يقول ملك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة، قال: هم الجلساء لا يشقى جليسهم" صحيح البخاري.
فإن كان هذا حال الذين ذكرهم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسأل الله عنهم ملائكته، فإلى أي حال وصل المتسحرون على موائد الرقص وأي الفريقين أحق بالأمن؟
هل نسوي بين هؤلاء وهؤلاء ؟
وهل نسوي بين من ينفقون أموالهم على الراقصات وبين من ينفقونها في وجوه الخير فيجعلها الله في ميزان حسناتهم وأعمالهم؟
أو نسوي بين من يعرفون قيمة الوقت وبين من يخدعون أنفسهم وهم لا يشعرون؟!
إن السحور ليس من ضروب الترف والطرف، ولكنه عبادة وسنة ينبغي احترامها والدفاع عنها، إنكم مسلمون وإخوة في الدين؛ ومن أجل الله ثم لحبنا لكم نقول عودوا إلى الله ثم أعيدوا للسحور قدسيته
للكاتب محمود إسماعيل شل
واخيراً
المفضلات