تقول الحكاية إن محسنا اشترى بقرة حلوبا على أساس ألا تباع وأن يكون لبنها وقفا يسقى منه من يحتاج إليه من الناس، ولكن جاره الموسر طمع في البقرة فأخذها منه عنوة وظل سنين طويلة يستفيد من لبنها ويربح مما تلد من عجول، حيث كانت تلك البقرة تلد في كل عام عجلا صغيرا فيريبه الرجل الموسر ثم يربح من بيعه ثلاثة آلاف درهم، أي نصف ثمن البقرة التي كان ثمنها عندما استولى عليها الرجل الموسر ستة آلاف درهم، وقد حاول جاره المحسن إيقاظ ضميره ونصحه بإعادة البقرة الحلوب إليه لتظل وقفا يستفيد من لبنها المحتاجون ولكن الموسر أبى وظل يماطل ويدعي أن البقرة أصبحت من أملاكه التي في حوزته أن من حقه الاستفادة من لبنها ومن صغارها من العجول، فلم يجد الرجل المحسن من وسيلة سوى أن يقدم شكوى ضد الذي سرق البقرة وربح من بيع صغارها وشرب من لبنها حتى انتفخت أوداجه، وخلال فترة المرافعة بين الطرفين قام الرجل الموسر ببيع البقرة على أحد أقاربه بثمن عال يزيد عن ثمنها في الوقت الذي استولى عليها عدة أضعاف وأخذ الثمن واستثمره في السوق فزاد أكثر وظل يواصل استثماره ثمن البقرة حتى صدر ضده حكم بأن عليه إرجاع البقرة لصاحبها الرجل المحسن حتى تظل وقفا كما أراد لها صاحبها، ولأن البقرة لم تعد موجودة في حوزته فقد سأل عن ثمن مثلها في السوق فوجد أن ثمن البقرة الحلوب تسعة عشرة ألف درهم فسلم الرجل المحسن المبلغ ولكنه نسي أو تناسى ما سبق له أخذه من أرباح وفيرة نتيجة استفادته من لبن البقرة عدة أعوام وما باعه من صغارها من العجول وما أخذ من ثمن البقرة بما يقدر مجموعة بما يزيد عن ستين ألف درهم واكتفى بدفع أقل من ثلث المبلغ المستحق عليه فأصبح من الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا، وهذه الحكاية الرمزية يحصل مثلها على أرض الواقع فعندما يأخذ إنسان ظالم ما ليس له فيه حق ويظل يستفيد ويربح مما أخذه فإن وصل إلى طريق مسدود أعاد ما سرقه وادعى أنه قد سدد ما عليه متناسيا ما دخل جوفه من أرباح ناتجة عن المال أو العين التي أخذها بغير وجه حق.