ضع إعلانك هنا



صفحة 4 من 15 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 19 إلى 24 من 87

الموضوع: السيرة النبوية

  1. #19
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    من الهجرة الى بدر

    سرية سيف البحر



    (الشبكة الإسلامية)

    بعد نزول قوله تعالى : { أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ } (الحج:39) ، ثم الإذن بالقتال ، أخذ رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه في إعداد العدة وتجهيز القوة لمواجهة الكفر وأهله ، وأراد المسلمون توجيه رسالة قوية إلى قريش من خلال حصارها سياسياً واقتصادياً .


    وانطلاقاً من هذا فقد بعث الرسول صلى الله عليه وسلم أول سرية "سرية سيف البحر" في رمضان من السنة الأولى للهجرة ، وكانت في ثلاثين رجلاً من المهاجرين ، بقيادة حمزة بن عبدالمطلب ، وكان ذلك أول لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بهدف اعتراض عيرٍ لقريش جاءت من الشام ، فيها أبو جهل بن هشام ، فالتقى المسلمون والمشركون عند سيف البحر من ناحية العيص -موضع على ساحل البحر الأحمر بطريق قريش إلى الشام - ، واصطفوا للقتال لولا تدخل مُجدي بن عمرو الجهني ، وحيلولته دون ذلك ؛ حيث إنه كان حليفاً للفريقين ، فانفض الفريقان دون لقاء .


    وعاد المسلمون بعد ذلك إلى المدينة دون خسائر والحمد لله ، ولكنهم كسبوا المهارة , والدربة لسرايا وغزوات أخرى قادمة ، وكانت هذه السرية في جملتها تهيئة للمسلمين ، وإعداداً ، وتمهيداً مهماً لغزوة بدر الكبرى.

    الثلاثاء:01/07/2003

  2. #20
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    من الحديبية الى تبوك

    غزوة الطائف



    (الشبكة الإسلامية)

    بعد أن كتب الله النصر للمؤمنين في غزوة حنين ، توجه رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال عام 8هـ قاصداً الطائف يريد فتحها ، وانتدب لتلك المهمة خالد بن الوليد رضي الله عنه ؛ حيث جعله على مقدمة الجيش ، وطلب منه أن يسير أولاً لمحاصرتها .


    وكانت قبيلة ثقيف - وهم أهل الطائف- قد حصنت مواقعها ، وأعدت عدتها ، وتهيأت للقتال ، والدفاع عن أرضها.


    ولما وصل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الطائف نزل قريباً من الحصن ، وأقام معسكره فيه ، فانتهزت ثقيف الفرصة ، وأخذت توجه سهامها إلى معسكر المسلمين ، فأصابت منهم اثنا عشر رجلاً ، كان منهم : عبدالله بن أبي بكر رضي الله عنه الذي استشهد على أثر رمية أصابت منه مقتلاً.


    واستمر حصار رسول الله صلى الله عليه وسلم للطائف قرابة أربعين يوماً ، تخللها العديد من المناوشات بين المسلمين والمشركين ، ورغبة في إضعاف معنويات ثقيف ، أخذ المسلمون في تحريق نخلهم ، فناشدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدعها لله وللرحم ، فاستجاب لهم ، ثم نادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أيما عبد نزل من الحصن وخرج إلينا فهو حر" ، فخرج منهم بضعة عشر رجلاً ، فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ودفع كل رجلٍ منهم إلى رجلٍ من المسلمين ليقوم بشأنه واحتياجاته.


    ولما طال الحصار ، وأصيب عدد من المسلمين استشار الرسول صلى الله عليه وسلم بعض القوم ، ثم قرر رفع الحصار والرحيل ، فعن عبد الله بن عمرو قال :حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف ، فلم ينل منهم شيئا ، فقال : ( إنا قافلون إن شاء الله ، قال أصحابه : نرجع ولم نفتتحه ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : اغدوا على القتال ، فغدوا عليه فأصابهم جراح ، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم : إنا قافلون غدا ، فأعجبهم ذلك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم )رواه البخاري ومسلم

    .
    وتروي كتب السير أن بعض الصحابة أتوا رسول الله وقت الحصار ، وقالوا : يا نبي الله ، ادعُ الله على ثقيف ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( اللهم اهد ثقيفاً وأت بهم ).
    ثم أذن مؤذن رسول الله بالرحيل ، فرحل الجيش وهم يقولون : ( آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون ) .


    وهكذا عاد المسلمون من غزوة الطائف ، منتصرين وإن لم يفتحوا الحصن ، منتصرين بإيمانهم ، وثباتهم ، وصبرهم ، إضافة لما حصل من استسلام بعض أهل الطائف وإسلامهم .


    ومما يستفاد من هذه الغزوة سرعة استجابة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فبعد غزوة حنين مباشرة ساروا مع الرسول صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لنشر دعوتهم ، ومواجهة المعارضين لها ، والواقفين في سبيلها .
    ويستفاد أيضاً ضرورة الأخذ بالوسائل الحربية ، والاستراتيجية ، والخطط النافعة ، كما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم ؛ حيث استخدم المنجنيق ، وكان أول ما رمي به في الإسلام.


    ويستفاد أيضاً ضرورة التشاور وخاصة وقت المحن والشدائد ، وعدم التفرد باتخاذ القرار ، فالرسول صلى الله عليه وسلم شاور في فك الحصار ، وذلك لبيان أهمية هذا المبدأ العظيم مبدأ الشورى .


    وقبل هذا وذاك نستفيد من أحداث هذه الغزوة ما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم من رحمة وشفقة بالآخرين ، ولو لم يكونوا مسلمين ، لأن مهمته تتمثل في هداية الآخرين وليس النيل منهم والكيد بهم ، وفي دعوته صلى الله عليه وسلم لثقيف -وليس الدعاء عليهم- أبلغ دليل على ما ذكرنا .


    نسأل الله أن يوفقنا للصواب في أعمالنا وأقوالنا ، وأن يجعلنا دعاة حق لدينه ، والله الموفق ، والحمد لله رب العالمين.

    الثلاثاء:01/07/2003

  3. #21
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    من الحديبية الى تبوك

    فتح مكة



    (الشبكة الإسلامية)

    لما كان من بنود صلح الحديبية أن من أراد الدخول في حلف المسلمين دخل ، ومن أراد الدخول في حلف قريش دخل ، دخلت خزاعة في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم ، ودخلت بنو بكر في عهد قريش ، وقد كانت بين القبيلتين حروب وثارات قديمة ، فأراد بنو بكر أن يصيبوا من خزاعة الثأر القديم ، فأغاروا عليها ليلاً ، فاقتتلوا ، وأصابوا منهم ، وأعانت قريش بني بكر بالسلاح والرجال ، فأسرع عمرو بن سالم الخزاعي إلى المدينة ، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بغدر قريش وحلفائها .

    وأرادت قريش تفادي الأمر ، فأرسلت أبا سفيان إلى المدينة لتجديد الصلح مع المسلمين ، ولكن دون جدوى ؛ حيث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين بالتهئ والاستعداد ، وأعلمهم أنه سائر إلى مكة ، كما أمر بكتم الأمر عن قريش من أجل مباغتتها في دارها .

    وفي رمضان من السنة الثامنة للهجرة غادر الجيش الإسلامي المدينة إلى مكة ، في عشرة آلاف من الصحابة بقيادة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن استخلف على المدينة أبا ذر الغفاري رضي الله عنه .

    ولما كان بالجحفة لقيه عمه العباس بن عبدالمطلب ، وكان قد خرج بأهله وعياله مسلماً مهاجراً .

    وركب العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء ، يبحث عن أحد يبلغ قريشاً لكي تطلب الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخل مكة .

    وكان أبو سفيان ممن يخرج يتجسس الأخبار ، فوجده العباس ، فنصحه بأن يأتي معه ليطلب له الأمان من رسول الله ، فجاء به راكباً معه ، حتى أدخله على رسول الله ، فقال له الرسول : (ويحك يا أبا سفيان ، ألم يأن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ ....ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله) ، فقال العباس : ويحك أسلم ، فأسلم وشهد شهادة الحق ، ثم أكرمه الرسول فقال : (من دخل دار أبي سفيان فهو آمن)رواه الإمام مسلم .

    ولما تحرك الجيش لدخول مكة أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم العباس أن يحبس أبا سفيان بمضيق الوادي ،حتى تمر به جنود الله فيراها ، فمرّت القبائل على أبي سفيان ، والعباس يخبره بها ، حتى مر رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء ، فيها المهاجرون والأنصار ، فقال أبو سفيان : سبحان الله ؟ ما لأحد بهؤلاء قبل ولا طاقة . ثم أسرع إلى قومه ، وصرخ بأعلى صوته : يا معشر قريش ، هذا محمد ، قد جاءكم فيما لا قبل لكم به ، فتفرق الناس إلى دورهم ، وإلى المسجد .
    ودخل رسول الله مكة متواضعاً لله الذي أكرمه بالفتح ، وكان قد وزع جيشه إلى مجموعات ، أو كتائب احتياطاً لأي مواجهة .

    ودخل الجيش الإسلامي كل حسب موضعه ومهامه ، وانهزم من أراد المقاومة من قريش ، ولم يستطع الصمود أمام القوى المؤمنة ، ثم دخل رسول الله المسجد الحرام والصحابة معه ، فأقبل إلى الحجر الأسود ، فاستلمه ، وكان حول البيت ثلاثمائة وستون صنماً ، فجعل يطعنها بقوس في يده ، ويكسرها ، ويقول : {جاء الحق وزهق الباطل ، إن الباطل كان زهوقاً}( الإسراء :81 ) ، {قل جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد} (سبأ : 49) ، والأصنام تتساقط على وجوهها ، ثم طاف بالبيت .

    ثم دعا عثمان بن طلحة ، فأخذ منه مفتاح الكعبة ، فأمر بها ففتحت ، فدخلها فرأى فيها الصور فمحاها ، وصلى بها ، ثم خرج وقريش صفوفاً ينتظرون ما يصنع ، فقال : يا معشر قريش ، ما ترون أني فاعل بكم ؟ قالوا : أخ كريم وابن أخ كريم ، قال : فإني أقول لكم كما قال يوسف لإخوانه : {لا تثريب عليكم اليوم } اذهبوا فأنتم الطلقاء .

    وأعاد المفتاح لعثمان بن طلحة ، ثم أمر بلالاً أن يصعد الكعبة فيؤذن ، وأهدر رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ دماء تسعة نفر من أكابر المجرمين ، وأمر بقتلهم وإن وجدوا تحت أستار الكعبة .

    وفي اليوم الثاني قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وألقى خطبته المشهورة ، وفيها :
    ( إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض ، فهي حرام بحرام الله إلى يوم القيامة ،لم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي ، ولم تحلل لي قط إلا ساعة من الدهر ، لا ينفر صيدها ، ولا يعضد شوكها ، ولا يختلى خلاها ، ولا تحل لقطتها إلا لمنشد)رواه البخاري .

    وخاف الأنصار بعد الفتح من إقامة الرسول بمكة ، فقال لهم : (معاذ الله ، المحيا محياكم ، والممات مماتكم)رواه مسلم .

    ثم بايع الرجال والنساء من أهل مكة على السمع والطاعة ، وأقام بمكة تسعة عشر يوماً ، يجدد معالم الإسلام ، ويرشد الناس إلى الهدى ، ويكسر الأصنام .

    وبهذا الفتح حصل خير كثير ، فبه أعز الله الإسلام وأهله ، ودحر الكفر وأصحابه ، وبه استنقذ مكة المكرمة ، والبيت العتيق من أيدي الكفار والمشركين ، وبه دخل الناس في دين الله أفواجاً ، وأشرقت الأرض بنور الهداية ، وهكذا يفعل الإسلام في أتباعه، ومع أعدائه ، فهو دين الرحمة ، فهل يوجد دين يماثله ، في قيمه ومبادئه وتعاليمه في السلم والحرب ، إن الإسلام هو دين الإنسانية جمعاء ، وهي تحتاجه اليوم أكثر من أي وقت مضى .

    الثلاثاء:01/07/2003

  4. #22
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    من الحديبية الى تبوك

    غزوة الغابة



    (الشبكة الإسلامية)

    تعقب القراصنة ، ومطاردتهم ، وإيقافهم عند حدهم ، أمر لا بد منه لاستتاب الأمن ونشر السلام ، وهذا ما كان يسعى إليه النبي صلى الله عليه وسلم ، وخاصة مع الأعراب ، والقبائل التي اعتادت القرصنة والاعتداء على حقوق الآخرين .

    فكان سبب هذه الغزوة كما ذكر ابن القيم في زاد المعاد ، أنّ عيينة بن حصن الفزاري أغار في خيل من غَطفان على إبل للنبي صلى الله عليه وسلم كانت ترعى بالغابة -موضع قرب المدينة من ناحية الشام- فأخذها ، وقتل راعيها ، وهو رجل من غفار ، واحتملوا امرأته.

    فلما بلغ الخبر رسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، تأهب هو وأصحابه للجهاد ، ونودي يا خيل الله اركبي ، وكان أول ما نودي بها ، فكانت هذه الغزوة ، وهي أول غزوة بعد الحديبية وقبل خيبر .

    وركب رسول الله مقنعاً في الحديد ، فكان أول من قدم إليه المقداد بن عمرو في الدرع والمغفر ، فعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء في رمحه ، وقال امض حتى تلحقك الخيول ، إنا على أثرك ، واستخلف رسول الله ابن أم مكتوم على المدينة .

    وأدرك سلمة بن الأكوع قوم غطفان -على رجليه- وهم يستقون الماء ، فجعل يرميهم بالنبل ، وكان رامياً ، ويقول : " خذها وأنا ابن الأكوع ، واليوم يوم الرضع " يعني : واليوم يوم هلاك اللئام ، حتى انتهى إلى ذي قرد ، وقد استنقذ منهم بعض الإبل ، وثلاثين بردة .

    ثم لحق الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه سلمة بن الأكوع في المساء ، واستمر مجئ الإمداد من المدينة ، ولم تزل الخيل تأتي والرجال على أقدامهم وعلى الإبل ، حتى انتهوا إلى رسول الله بذي قرد - وهو موضع ماء على مسافة يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان- ، فلما رآهم القوم فروا هاربين ، واستعاد المسلمون الإبل كلها ، كما ثبت في الصحيحين .

    وأثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة على بعض أصحابه كما في صحيح مسلم ، فقال : (خير فرساننا اليوم أبوقتادة ، وخير رجالتنا سلمة) ، وأعطى سلمة سهمين ، سهم الفارس وسهم الراجل ، وأردفه وراءه على العضباء في الرجوع إلى المدينة ، وذلك لما امتاز به سلمة رضي الله عنه في هذه الغزوة .

    ويستفاد من هذه الغزوة عدة دروس ، أبرزها : شجاعة الرسول صلى الله عليه وسلم ، وسرعة نجدته ، ومبادرة الصحابة عند النداء للجهاد ، إضافة إلى تفانيهم في ذلك حتى إنّ بعضهم طارد القراصنة على قدمه ، ومن الدروس إكرام الرسول لأصحاب الهمم العالية ، والتضحيات البارزة ، وكان ذلك قولاً وفعلاً ، ويؤخذ منها تأييد الرسول للتسابق بين أصحابه ؛ حيث طلب سلمة مسابقة أحد الأنصار في طريق عودتهم إلى المدينة فأجابه .

    الثلاثاء:01/07/2003

  5. #23
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

    رحمته بالخلق صلى الله عليه وسلم



    (الشبكة الإسلامية)

    جمع الله سبحانه وتعالى في نبيه محمد صلى الله عليه وسلم صفات الجمال والكمال البشري، وتألّقت روحـه الطاهرة بعضيم الشمائـل والخِصال، وكريم الصفات والأفعال، حتى أبهرت سيرته القريب والبعيد، وتملكت هيبتهُ العدوّ والصديق، وقد صوّر لنا هذه المشاعر الصحابي الجليل حسان بن ثابت رضي الله عنه أبلغ تصوير حينما قال :
    وأجمل منك لم ترَ قط عيني وأكمل منك لم تلد النساء
    خُلقت مبرأً من كل عيب كأنك قد خُلقت كما تشاء

    فمن سمات الكمال ما تحلى به - صلى الله عليه وسلم - من خلق الرحمة والرأفة بالغير، كيف لا ؟ وهو المبعوث رحمة للعالمين، قال الله تعالى في حقّه : { وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين } ( الأنبياء: 107 )، وهذا شأن من خصّه ربه بالعناية والتأديب، فوهبه الله قلباً حيّاً، يرقّ للضعيف، ويحنّ على المسكين، ويعطف على الخلق أجمعين، وصارت الرحمة له سجيّة، حتى شملت الصغير والكبير، والقريب والبعيد، والمؤمن والكافر، فنال بذلك رحمة الله، والتي أشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحديث : ( الراحمون يرحمهم الرحمن ، ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) رواه أحمد .

    وللرحمة مظاهر تجلّت في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم العطرة ، فلنتعرف على بعضٍ من جوانب هذا الخلق الرفيع عند أكرم الخلق أجمعين.

    رحمته بالأطفال
    كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رأى ولده إبراهيم رضي الله عنه يأخذه فيقبله ويشمّه، كما روى ذلك الإمام البخاري ، وجاءه أعرابي فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يُقبّل الحسن بن علي رضي الله عنهما فتعجب الأعرابي وقال : " تقبلون صبيانكم ؟ فما نقبلهم " فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم قائلاً : ( أو أملك أن نزع الله من قلبك الرحمة ؟ ) رواه البخاري ، وأورد البخاري و مسلم أنه لما مات حفيده صلى الله عليه وسلم فاضت عيناه فقال سعد بن عبادة - رضي الله عنه : " يا رسول الله ما هذا؟ " فأجابه قائلا : ( هذه رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء ) .

    رحمته بالنساء
    لمّا كان من طبيعة النساء الضعف وقلة التحمل، كانت العناية والرفق بهنّ أكثر من غيرهنّ، وقد تجلّى ذلك في خلقه وسيرته على أكمل وجه، وذلك في حثّه صلى الله عليه وسلم على حسن رعاية البنات ورحمتهنّ، فقد قال : ( من ولي من البنات شيئاً فأحسن إليهن كن له سترا من النار ) رواه البخاري و مسلم ، بل إنه شدّد في الوصية بحق الزوجة والاهتمام بشؤونها فقال : ( ألا واستوصوا بالنساء خيرا فإنما هن عوان عندكم ليس تملكون منهن شيئا غير ذلك ، إلا أن يأتين بفاحشة مبينة ) رواه أحمد و الترمذي و ابن ماجة ، وقد ضرب الرسول صلى الله عليه وسلم في ذلك المثل الأعلى، وكان من أمر تلطّفه بأهله عجباً، حتى إنه كان يجلس عند بعيره فيضع ركبته وتضع صفية رضي الله عنها رجلها على ركبته حتى تركب البعير، كما روى ذلك الإمام البخاري ، وكان عندما تأتيه ابنته فاطمة رضي الله عنها يأخذ بيدها ويقبلها، ويجلسها في مكانه الذي يجلس فيه .

    رحمته بالضعفاء عموماً
    هذه الفئة من المجتمع قد نالت حظاً وافراً من رحمته صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك ما وجّه به أصحابه من الاهتمام بالخدم والأرقاء ، فعن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( هم إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم ، فمن جعل الله أخاه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس ، ولا يكلفه من العمل ما يغلبه ) ، ومن مظاهر الرحمة بهم كذلك ما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم : ( إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه، ثم جاءه به وقد ذهب حرّه ودخانه ، فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطعام قليلاً ، فليضع في يده منه أكلة أو أكلتين ) رواه مسلم .

    ولم ينس النبي صلى الله عليه وسلم حق اليتامى والأرامل، فحثّ الناس على كفالة اليتامى بقوله : ( أنا وكافل اليتيم كهاتين في الجنة ، وأشار بالسبابة والوسطى ) ، وجعل الساعي على الأرملة والمسكين كالمجاهد في سبيل الله ، وكالذي يصوم النهار ويقوم الليل ، واعتبر وجود الضعفاء في الأمة ، والعطف عليهم سبباً من أسباب النصر على الأعداء ، فقد قال صلى الله عليه وسلم : ( أبغوني الضعفاء ؛ فإنما تنصرون وتُرزقون بضعفائكم ) رواه أصحاب السنن إلا ابن ماجـة .

    رحمته بالبهائم
    جاءت الكثير من النصوص النبوية تحثّ الناس على الرحمة بالبهائم والرفق بها، فمن ذلك ما رواه مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ، وليحد أحدكم شفرته، فليرح ذبيحته ) ، فالأمر النبوي في الحديث واضح في الحث على إراحة الذبيحة حتى لا يطول عذابها، إنها الرحمة بالحيوانات تتجلى في أبهى صورها، فالإسلام دين الرحمة، ودين الرأفة، حتى إنه دخل مرة بستاناً لرجل من الأنصار، فإذا فيه جَمَل ، فلما رأى الجملُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم ذرفت عيناه، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح عليه حتى سكن ، فقال : ( لمن هذا الجمل؟ ) فجاء فتى من الأنصار فقال: لي يا رسول الله ، فقال له: ( أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها ؛ فإنه شكا لي أنك تجيعه وتتعبه ) .

    رحمته بالجمادات
    تروي كتب السير حادثة عجيبة تدل على ذلك، ألا وهي : حادثة حنين الجذع، والمقصود به ذلك الجذع الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يستند إليه عندما يقف في الناس خطيباً في مسجده، وكان قد اتّخذه بعد أن شقّ عليه طول القيام، ثم ما لبث أن صُنع له منبر، فتحول إليه وترك ذلك الجذع، فحنّ الجذع إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى سمع الصحابة رضي الله عنهم له صوتاً كصوت البعير، فأسرع إليه النبي صلى الله عليه وسلم فاحتضنه حتى سكن، ثم التفت إلى أصحابه فقال لهم : ( لو لم أحتضنه لحنّ إلى يوم القيامة ) رواه أحمد ، لقد امتدّت رحمته صلى الله عليه وسلم حتى شملت هذا الجذع ، والذي حنّ شوقا إلى سماع الذكر ، وألماً من فراق النبي صلى الله عليه وسلم .

    رحمته بالأعداء حرباً وسلماً
    على الرغم من تعدد أشكال الأذى الذي ذاقه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من الكفار في العهد المكي، إلا أنه صلى الله عليه وسلم قد ضرب المثل الأعلى في التعامل معهم، وليس أدلّ على ذلك من قصة إسلام الصحابي الجليل ثمامة بن أثال رضي الله عنه، وذلك لما أسره المسلمون وأتوا به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فربطوه بسارية من سواري المسجد، ومكث على ذلك الحال ثلاثة أيام وهو يرى المجتمع المسلم عن قرب، حتى دخل الإيمان قلبه، ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإطلاقه، فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل، ثم دخل المسجد فقال : " أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله، يا محمد : والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب الوجوه إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك، فأصبح دينك أحب الدين إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد إلي "، وصدق الله إذا قال : { ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم } ( فصلت : 34 )، وسرعان ما تغير حال ثمامة فانطلق إلى قريش يهددها بقطع طريق تجارتهم ، وصار درعاً يدافع عن الإسلام والمسلمين .

    وتتجلّى رحمته أيضاً في ذلك الموقف العظيم ، يوم فتح مكة وتمكين الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم، حينما أعلنها صريحةً واضحةً : ( اليوم يوم المرحمة ) ، وكان محقّاً فيما قاله فقد أعلن عفوه العام عن قريش التي لم تدّخر وسعاً في إلحاق الأذى بالمسلمين، وكان ذلك تفضّلاً منه ورحمةً .

    هذه قبسات من أنوار رحمته صلى الله عليه وسلم؛ ذكرناها كي تكون نبراساً يضيئ لنا الطريق، فنقتفي أثره، ونسير على هديه، نسأل الله تعالى أن يجمعنا وإياه في مستقرّ رحمته؛ إنه جواد كريم .


    الإثنين :19/04/2004

  6. #24
    عضو مميز
    تاريخ التسجيل
    23 - 3 - 2004
    المشاركات
    490
    معدل تقييم المستوى
    735

    افتراضي

    شمائل الرسول صلى الله عليه وسلم

    فضائل النبي صلى الله عليه وسلم



    (الشبكة الإسلامية)

    أكرم الله نبيه صلى الله عليه وسلم بفضائل جمّة ، وصفات عدة، فأحسن خلْقَه وأتم خُلقه، حتى وصفه تعالى بقوله:{ وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ } (القلم:4)، ومنحه جل وعلا فضائل عديدة، وخصائص كثيرة، تميز بها صلى الله عليه وسلم عن غيره، فضلاً عن مكانة النبوة التي هي أشرف المراتب، ونتناول في الأسطر التالية شيئاً من فضائله صلى الله عليه وسلم:

    فمنها أنه خليل الرحمن فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ألا إني أبرأ إلى كل خل من خله، ولو كنت متخذاً خليلاً، لاتخذت أبا بكر خليلا، إن صاحبكم خليل الله ) رواه مسلم . وهذه الفضيلة لم تثبت لأحد غير نبينا وإبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام.

    ومن فضائله أنه شهيد وبشير، فعن عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوماً، فصلى على أهل أُحد صلاته على الميت، ثم انصرف إلى المنبر، فقال: ( إني فرط لكم - أي سابقكم - ، وأنا شهيد عليكم، وإني والله لأنظر إلى حوضي الآن، وإني أُعطيت مفاتيح خزائن الأرض، أو مفاتيح الأرض، وإني والله ما أخاف عليكم أن تشركوا بعدي، ولكن أخاف عليكم أن تنافسوا فيها ) متفق عليه.

    ومن فضائله أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قال تعالى: { النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ } (الأحزاب:6).
    قال الشوكاني في تفسيره "فتح القدير" : "فإذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم لشيء، ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدموا ما دعاهم إليه، ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه ، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم، وتطلبه خواطرهم".

    ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه سيد ولد بني آدم، فقد ثبت عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: ( كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في دعوة، فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه، فنهس منها نهسة، وقال أنا سيد القوم يوم القيامة ) متفق عليه.

    وهو صلى الله عليه وسلم أمان لأمته، حيث جاء في الحديث الصحيح ( النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبتُ أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون ) رواه مسلم .

    ومن فضائله صلى الله عليه وسلم أنه أول من تنشق عنه الأرض، وأول من يشفع ، فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أنا سيد ولد آدم يوم القيامة، وأول من ينشق عنه القبر، وأول شافع، وأول مشفع ) رواه مسلم ، وهو صاحب المقام المحمود ففي حديث ابن عمر رضي الله عنهما ( إن الناس يصيرون يوم القيامة جثا - أي جالسين على ركبهم -، كل أمة تتبع نبيها، يقولون يا فلان اشفع، يا فلان اشفع، حتى تنتهي الشفاعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود ) رواه البخاري .

    تلك هي بعض فضائل نبينا الكريم، ورسولنا العظيم، الذي اختاره الله ليكون خاتم الرسل المكرمين ورحمة للخلق أجمعين، نسأل الله أن يجمعنا به، ويدخلنا مُدخله، وألا يحرمنا شفاعته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .



    الأحد :04/04/2004

صفحة 4 من 15 الأولىالأولى ... 2345614 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
هذا الموقع برعاية
شبكة الوتين
تابعونا