تكريم الإنسان في الإسلام






من طبائع الأشياء أن تحمل الصنعةُ صفةَ الصانع، وتعالى الله عن أن تحكمَه فهوم البشر وتصوُّراتهم، لكنه سبحانه أخبر عن نفسه بأنه القادر الحكيم الخبير، فجاء خَلقُه يحمل سرَّه وأمره، فلن تجد في عالم الخلق بكل ما يحوي من الذرة إلى المجرة، لن تجد إلا ما أخبر به سبحانه عن خلقِه وإحكام صنعته، من تقدير وتنظيم واتزان وترتيب وإحكام، وفي كل هذا يلمس العقلُ السليم أثرَ رحمة الله بعد قدرته، وما حاوله العلمُ خلال رحلته الطويلة في استكشاف بعضِ قوانين هذا الكون، إنما جاء دليلًا جديدًا على صدق ما جاء به القرآن الكريم ونزل على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم منذ أربعة عشر قرنًا من الزمان[1].




وهذه بعض الآيات التي تتحدث عن خلق الله، يقول سبحانه: ? إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَر ? [القمر: 49].


? وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا ? [الفرقان: 2].


? وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ ? [الرعد: 8].


? صُنْعَ اللَّهِ الَّذِي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ ? [النمل: 88].


? الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ? [السجدة: 7].


? مَا تَرَى فِي خَلْقِ الرَّحْمَنِ مِنْ تَفَاوُتٍ ? [الملك: 3].






وهذه الآيات تُؤكِّد أن خلق الله للأشياء محكومٌ بقضائه هو وتقديره سبحانه، وأن الصفة الغالبة والحاكمة لوصف كل مخلوقات الله هي الإحكام والإبداع والإتقان، بما تتناسب مع هذه المعاني وقدرة الذات الإلهية وحكمتها وإحاطتها بكل شيء علمًا.






فإذا جاء القرآن بعد إثبات هذه الحقيقة ليُقرِّرُ تكريمًا صريحًا للإنسان في خلقه، وفي تسخير الكون له، وفي هدايته بالرسل، حتى لا يضلَّ العقل أو يشقى الإنسان، أقول: حين يقصد القرآن إلى هذا قصدًا، فإنما هو التكريم الإلهيُّ للإنسان الذي يتطلب شكرًا وبصرًا بما من أجله كان هذا التكريمُ.






وقد تناوَلَ القرآنُ هذا التكريمَ في مناسبات عدة، وبأساليب متنوعة، وكلها تعطي دلالة أكيدة لمركز هذا الكائن ومسؤوليته في الحياة.






فقد جاء التكريم باللفظ العربيِّ الدال على ذلك، مقرونًا بلفظ التفضيل على كثير من خلق الله، يقول سبحانه: ? وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ? [الإسراء: 70].






ويبرز في الآية ? كَرَّمْنَا ? تضعيفُ كرم؛ أي: جعلنا لهم شرفًا وفضلًا؛ كما يقول القرطبي، وهذا هو كرَمُ نفيِ النقصان، لا كرم المال، وهذه الكرامة يدخل فيها خلقهم على هذه الهيئة في امتداد القامة، وحسن الصورة، وحَمْلهم في البر والبحر، مما لا يصح لحيوانٍ سوى بني آدم أن يكون متحملًا بإرادته وقصده وتدبيره، وتخصيصهم بما خصهم من المطاعم والشراب.






ويذكر القرطبي مناحيَ للتكريم ذهب إليها العلماء والمفسِّرون؛ كالنطق والتمييز، واعتدال القامة وامتدادها، وحسن الصورة، وتسليطهم على سائر الخلق وتسخيرها لهم، والكلام والخط، والفهم والتمييز، وغير هذا من مظاهر التكريم التي رأى فيها هذا المعنى.






ثم يقول: "والصحيح الذي يعوَّل عليه أن التفضيل إنما كان بالعقل الذي هو عمدة التكليف، وبه يُعرَف الله ويفهم كلامه، ويوصل إلى نعيمه، وتصديق رسله، إلا أنه لما لم ينهض بكل المراد من العبد، بُعثت الرسل وأُنزلت الكتب، فمثال الشرع الشمس، ومثال العقل العين، فإذا فتحت وكانت سليمة رأَتِ الشمس وأدركت تفاصيل الأشياء"[2].




اسماء مسلسلات رمضان المصرية 2018 قصة مسلسل رسايل 2018 قصة مسلسل الواق واق 2018 قصة مسلسل بني يوسف 2018 قصة مسلسل ترجمان الأشواق 2018 قصة مسلسل وحدن 2018 قصة مسلسل رحيم 2018 قصة مسلسل العاصوف 2018 كم عدد حلقات مسلسل ارطغرل 2018 اسماء مسلسلات رمضان السورية 2018 اسماء مسلسلات رمضان الخليجية 2018 اسماء مسلسلات رمضان الكويتية 2018 اسماء مسلسلات رمضان السعودية 2018 احدث عروض كارفور لشهر رمضان 2018 قصة مسلسل فوق السحاب 2018 قصة مسلسل منطقة محرمة قصة مسلسل تانغو 2018 قصة مسلسل سك على أخواتك قصة مسلسل اختفاء 2018 قصة مسلسل قانون عمر


وإذا كان الإمام القرطبي يُركِّز على العقل؛ لأنه سر التكليف، فإن الحق أن النص يتَّسِع لكل ألوان التكريم التي أشار إليها المفسرون، بدليل الآيات التي تفصل القول فيما ذهبنا إليه، ببيانِ صور عديدة للتكريم كما سيجئ إن شاء الله.






ولا يُنهي الإمام القرطبي تفسيرَه لهذه الآية حتى يبيِّن أنه ليس بلازمٍ من الآية تفضيل الملائكة على الإنسان؛ لأنهم خارجون أساسًا من الكثير المفضول، والآية تعدِّد نِعَم الله على بني آدم مما اختصهم به دون سائر الحيوانات، وأما الجن، فهو الكثير المفضول: ? وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا ? [الإسراء: 70].






من هنا كان الإنسان بجنسه مخلوقًا مُكرَّمًا على سائر الخلائق في الأرض، مستخلَفًا من الله، محفوفًا بالرعاية وتهيئة الحياة له، "ومِن ثَم فليست هناك قيمة مادية في هذه الأرض تعلو على قيمة هذا الإنسان، أو تهدد من أجلها قيمته"[3].






وإذا كنا نرى عمومَ التكريم كما جاء به اللفظ القرآنيُّ، فإنا من خلال نصوص القرآن نرى أن مظاهر هذا التكريم تبدَّت في مكونات الإنسان ذاته؛ وهي تشمل: الخلق والتسوية، والعقل، والإرادة الحرة، كما تبدَّت في تهيئة الحياة للإنسان وتيسيرها لأدائه دوره، وفوق كل ذلك كان التكريم بإرسال الرسل لترشيدِ مسيرة الإنسان وتعامله مع هذا الكون.