الثروة القوميّة إلى أين ..؟؟

نادى السلطان وزيره الأول ذات يوم وقال له:
-أرى أنّنا أثقلنا على الرعيّة بما نجبيه منهم من الضرائب والمكوس وأخشى أن يصل الضغط عليهم إلى حدّ الانفجار، فقد بدأت تأتيني تقارير عن وجود تململ في أوساط الرعيّة، لذلك استدعيتك كي أستشيرك بأمر.

-طوع أمرك يا مولاي.
-أفكّر بصرف مبلغ عشرين درهمًا لكلّ فرد في الرعيّة، علّ ذلك يخفّف من معاناتهم ويبرّد غليانهم فما رأيك؟
-هل أقول رأيي بصراحة يا مولاي؟
-بالتأكيد، وإلّا فما فائدة مشورتك؟!

-أرى أنّ عشرين درهمًا مبلغ كبير.
-هل نجعلها خمسة عشر؟
-كثير أيضًا.
-عشرة؟
-ولا عشرة.
-خمسة؟
-ولا حتّى خمسة.
-هل هذه أحجية؟
-ليست أحجية يا مولاي، وأرجو أن تصبر عليّ قليلًا حتى أكمل فكرتي.
-قل ما عندك.

-صرف مبلغ للرعية مهما صغر سيكلّف الخزينة، لكن عندي حلّ سيخفّف احتقان الشعب، وفي الوقت نفسه يجعله يدفع الضرائب وهو راضٍ دون أن ننفق قرشًا واحدًا.

-ما ذلك الحلّ السحري؟ قل بسرعة.
- الحمار.
-الحمار؟!
أيّ حمار؟!

-سنربط حمارًا عند باب القصر، وسيصدر فخامتكم فرمانًا بأنّ كلّ مواطن عليه أن يأتي ويشتم الحمار، ومن ينجح في إغضاب الحمار نعفيه من الضرائب، وبذلك نكون قد ضربنا عصفورين بحجر واحد: خفّفنا من احتقان الشعب الذي سينفّس عن غضبه بشتم الحمار،

وفي الوقت نفسه يقتنع بأنّ فشله في إغضاب الحمار هو السبب في عدم وضع الضرائب عنه، وهذا سيجعله يوجّه غضبه تجاه نفسه وفشله بدل أن يوجّهه تجاه الحكومة.

-حلٌّ عبقريّ أيّها الوزير الماكر، فعلًا أنت داهية.
-لم أكمل بعد يا مولاي.
-وهل بقي شيء؟
-نعم.. كلّ من يفشل في إغضاب الحمار سنغرّمه مبلغًا من المال نظير وقوف الحمار الساعات الطوال لسماع الشتائم، وهذا سيتطلّب علفًا ورعاية صحيّة ونفقات أخرى على الذي يشتم أن يتحمّل نصيبه منها، وبذا نحقّق إيرادًا مجزيًا للخزينة يا مولاي.

-لكن مهلًا.. ماذا إن غضب الحمار؟ ما الحل عندئذٍ؟
-مع أنّ هذا لن يحدث، لكنّ الحلّ سهل..نستبدله بحمار آخر.
بعد النجاح الباهر لفكرة الوزير..

أنشأ السلطان محميّة خاصّة للحمير في قصره، وأصدر فرمانًا بأنّ الحمير ثروة قوميّة
لا يجوز المساس بها أو التعدّي عليها..
ولكم تحيات
ماجد البلوي